samedi 15 juin 2013

مقالة متميزة للأستاذ الوردي حكيم : تؤرخ لفترة لمعاناة القضاة بالدارالبيضاء



صورةمع الاستاذ حكيم الوردي والثانية  لرئيس المكتب الجهوي للدار البيضاء في يوم الزيارة التضامنية امام محكمة النقض 



صمود وسط الاعصار
تحتفظ ذاكرة قضاة الدار البيضاء للمستشار محمد عنبر بمواقف بطولية، وقرارات رجولية، يرويها مجايلوه ممن حظوا بشرف الاشتغال برفقته بداية التسعينات بكثير من الزهو والفخر، وبمزيد من الإكبار والاعجاب،.
فقبل أن يحصل أغلبنا من مرتادي هذه الصفحة على شهادة الباكلوريا، كان المستشار قد رسم لنفسه خطا ممانعا لتيار جارف ووحيد كان يرخي بكلكله على ليل القضاء البهيم، وعرف بين القضاة والمسؤولين والمتقاضين والمحامين بمن فيهم وزير العدل ذ الرميد، بالأستاذ عنبر طاهر اليد، نقي الذمة، العصي على الترويض، ذي التكوين القانوني المثين، وعرف أساسا بأنه لا يخشى أحدا غير خالقه،
ولم يكن المستشار ممن يهوى النضال اللفظي، أو المزايدات الشفوية، بل كان شعاره الدائم: أقرب طريق للقول هي الفعل، وأن الحق لا يعرف بعدد الأتباع، وأنه لا يهم من نكص عن هذا الدرب وتكالب على غيره،
وطيلة أزيد من ربع قرن من الممارسة، ظل رابط الجأش، قابضا على الجمر، صادما في قول الحق، ولم يستطيع أي مسؤول أن يفرض عليه رأيا لم يكن مقتنعا به، كما لم تفلح أية قوة أو تيار في ثنيه عن التراجع عما كان يؤمن به،
يحكى أن عنبر عندما كان قاضيا بالمحكمة الإدارية بالدارالبيضاء، كان يترأسها وقتذاك شخص بلغت به السطوة بحكم عضويته في المجلس أن خلق اتجاها تابعا له من القضاة الذين كانوا يحجون لزيارته من كل فج عميق ويدينون له بولاء ما بعده ولاء، وكل من خالف أوامره كان مصيره الترحيل إلى الأقاصي والتخوم، وفي عز صولة هذا المسؤول عارضه عنبر أشد المعارضة وأسمعه من صريح الكلام ما أفقده النطق عن الكلام، وشاعت همسا بين القضاة آنذاك بأن عنبر سخر من هبل، وأنه فتح على نفسه باب جهنم، ....ولم يصبه شيء
يحكى أن عنبر عندما كان نائبا لوكيل الملك بابتدائية الفداء مرس السلطان لم يكن الوكيل الذي هو الآن رئيسا أولا لمحكمة استثنائية، يجرأ على إلزامه باعتقال شخص أو متابعته في حالة سراح، ولم يكن يستطيع وهو رئيسه التسلسلي أن يفرض عليه ما لا يتوافق مع قناعته المستخلصة من وقائع القضية بكل حياد، وحين يشتد الضغط كان عنبر يلقي بالمسطرة في وجه المسؤول،
يحكى أن مسؤولا هو الآن على رأس هرم النيابة العامة أعطى تعليماته للشرطة القضائية بإحالة مسطرة معينة على عنبر الذي كان في الديمومة، فرفض عنبر تسلمها من الشرطة بدعوى احترام الاختصاص الترابي، ونودي على نائب آخر من أجل البت فيها، ورغم الوعد والوعيد رفض تمديد الحراسة بعد التقديم،
وعندما حلت انتخابات مكتب الودادية التي كانت تتم بالمبايعة، رفض التصويت بل وصدع بٍرأي أفتقد الجرأة لنقله عن راويه،
يحكى الكثير عن نزاهة الرجل، وشجاعته، وهوسه الشديد باستقلاليته، في زمن لم يكن يجرؤ أحد على الكلام خارج النطق بالإجراءات في قاعة الجلسات،
أحيانا أشعر بخجل شديد، وأنا أرى من يزايد على المستشار بل ويتجرؤ عليه، مسفها رأيه، فألتمس لنفسي ولغيري الأعذار فنحن ولجنا بالأمس مهنة القضاء، لا نعرف تاريخ رجالاته الأفذاذ، لم تلفحنا شمس الجبروت الذي كان مسلطا على الرقاب، لم نعرف للقمع والترهيب من معنى بعدما انتهى زمنه منذ سنين، ونحسب أن منسوب الحرية الذي ننعم به الآن جاء من فراغ،
لقد صمد المستشار زمن الحصار الحقيقي وقد كان وحيدا وما هزموه، فهل سيفلحون في ذلك الآن وقد غدا رمزا لتحرر جيل من القضاة.....كلنا باستطاعته صياغة الجواب

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire