samedi 29 septembre 2012

فـــك الارتباط فيما أختلف فيه بين وزير العدل ونادي القضاة


تم تشخيص الداء الذي يعاني منه جسم القضاء بالمغرب ،وعُرفت بدقة مكونات الجرثومة التي اصابته منذ سنوات وهي( عدم الاستقلالية ) من نوع الجراثيم القاتلة كسم الافعاعي تصيب الجسد بلذغتها فيسري السم في سائر اعضاءه ،ثم تاتي مرحلة إصابته بالشلل فلايقدر على الحركة والعمل ثم بعدها تصل إلى الذماغ فتشل حركة اللسان فيصبح ابكم لايقدر على شيء وتشل بعدها  رجليه ولاتاتي باي خير اينما توجهت ،وهكذا منذ إستقلال المغرب  توالى على وزارة العدل مايزيد عن 30وزيرا كلما امضى منهم أجله تغير مع طاقمه ،دون ان يغير بعض القضاة(الموظفين ) الذين غابوا عن مباشرة قضايا المواطنين مباشرة في الجلسات العمومية وغابت عنهم تقنية عقد تلك الجلسات ،وإنغمسوا في تدبير الملفات القضائية للقضاة وغيرهم من المهنيين المرتبطين بالعدالة واصبحت لهم دراية كبيرة في توجيه العدالة حسب السياسة المتبعة ،من تحرير التقارير الاجتماعية والنفسية والتقارير السياسوية لخدمة جهة معينة ،وطمس جرأة وشجاعة (متهور)وتبخيس عمله،وتشجيع خانع متملق طموح يبني امجاده على هياكل ضحاياه .
بعد هذه المقدمة نرى من الضروري إعطاء إطلالة على مؤسسة وزير العدل ونظرته للقضاة العاملين خارج المصالح المركزية ،ثم نظرة القضاة  العاملين معه والاخرين الخارجين على المصالح المركزية  واوجه الإختلاف حول مصير العدالة بالمغرب بين الفريقين وأخيرا التعجيل بفك الارتباط .
نظرة مؤسسة وزير العدل
كل الوزراء الذين تعاقبوا على الاشراف على القضاء كانوا يعتبرون انفسهم فوق القضاة( وفوق القانون) وانهم هم من يخطط وينفذ سياسية العدالة بالبلاد ،ولم تكن تخطر ببالهم في اية لحظة انهم سيكونوا في يوم من الايام مجبرين على المثول امام القضاة للمسائلة، بل هم من يسائل القضاة مهما كان مركزهم وهم من يختار لهم التعيين والترقية والمهام ، بتواطئ وتوافق مع بعض من اشرفوا على القضاة ( اعضاء المجلس الاعلى للقضاء ) ودليل ذلك انه ليس بالنظام الاساسي او اي قانون يحددمسطرة المحاكمة التاذيبية لوزير العدل والاعضاء الدائمين والاعضاء المنتخبين للمجلس الاعلى للقضاء ،في حالة إرتكاب فعل مخالف للقانون بمناسبة اعمالهم ، ولاأدل على ذلك النقاش القانوني الذي اثاره إحالة عضوين من المجلس الاعلى للقضاء للمحاكمة التاذيبية من طرف زملائهم في نفس المجلس فالوزير دائما مع الاعضاء الدائمين ينصبون أنفسهم (الخصم والحكم ) فهم من يخلق المشاكل ويجد حلولا لها حسب هواهم بل إن تجاوز القانون لايعنيهم بقدر ما يعني القضاة ،ومنذ الدستور الجديد تغيرت الفلسفة التي كانت تحكم العلاقة بين الوزير والقضاة ،في إتجاه الاستقلال وعدم التبعية،وخلق روح التضامن بين القضاة بواسطة تاسيس تجمعات مهنية تدافع عن إستقلالهم ،هذا المبدأ هو الذي يقض مضجع السلطة التنفيذية التي مافتئت تهيمن على السلطة القضائية وتحاول جعلها مسيسة او منتمية لحزب من الاحزاب لتساير توجهاتها ،وتستعملها كما تستعمل الحكومة الوزراء لخدمتها ،في حين ان القضاء هو سلطة عليا وهي التي تحدث التوازنات بين السلطتين ( التنفيذية والتشريعية ) حين حصول إختلالات ولايمكن السيطرة على السلطة القضائية وتوجيهها لتحقيق غايات الاقتصادية او إجتماعية او سياسية لأن تلك الغايات هي التي تخضع لتقييم القضاة وتوجهاتهم وليس العكس ،والسلطة التنفيذية تعمل جاهدة على تقويض مبدأالتضامن الذي يحاول (نادي القضاة) ان يقويه في ذهن القضاة ،إذ انها تسخر بعض العاملين في حقل القضاء والذين يريدون ان يبنوا امجادهم على كاهل القضاة الشرفاء للترويج لدعايات تدعوا إلى عدم التضامن والتفرقة بين الجسد الواحد لأن هذه الحالة تخدم مصالحها التي ترى من مبادئها ليس خدمة الشعب وإنما هي المنصبة لحراسة النظام مع ان النظام له حراسه ،وهي تستعمل مواقعها ضد القضاة الشرفاء ، وتستعمل بعض ابواقها لجعل قضاة النادي من المتمردين والممناعيين وليس من القضاة الذين يدافعون على إستقلاليتهم بكل قوة لأنها حق الشعب في ان يكون له  قضاءمستقل ،وهذه المنهجية تم سلوكها لضرب جمعيات القضاة التي انشئت في العالم العربي ،واشير هنا لفقرة وردت في كتاب (حين تجمع القضاة لزميلنا الاستاذ نزار الصاغي ) وهي تتعلق بجمعية انشأت من طرف قضاة بالستينات بلبنان تحت اسم ( حلقة الدراسات القضائية ) بداية عام 1969بمبادرة من القضاة ( نسيب طربية ) وهو الشخصية الابرز انذاك في القضاء و(يوسف جبران وعبد الله ناصر وعبد الباسط غندور ) واذ ابرز مؤسسوها اهدافا علمية كالقيام بابحاث ودراسات وتنظيم مؤتمرات بشأن القضاء بما يعزز المناخ الصالح للإضطلاع بالرسالة القضائية ))((...والمحاضرة التي القاها القاضي نسيب طريبة حول "التشكيلات القضائية " في سنة 1971 كما عملت على دراسة مشاريع من شأنها تحسين الأوضاع المادية للقضاة ،وإذا أجازت وزارة العدل في بداية السبعينات للجمعية إشغال غرفتين في مبناها ،فإن علاقة الجمعية بالسلطة التنفيذية تأزمت بعد محاضرة " طريبة " حول التشكيلات القضائية ،مما أدى إلى إحالته على المجلس التأذيبي وإلى إبطال عمل الحلقة ،الذي إستمر بشكل محدود دون أي وجه .)) وهذا هو التوجه الذي تسير على نهجه السلطات الرافضة لنادي القضاة .
 لذا يتعين فصل ا لسلطة القضائية عن الحكومة التي تعتمد في سيرها لدواليب الحكم على آلية جهنمية متخصصة في التعدي على الحريات والحقوق والمكونة من نفس الاشخاص الذين كانوا بالامس يعرقلون للأحزاب المكونة حاليا للحكومة ،عملها وحرياتها وتنتج لها مادة خام لدعاية الحزبية والركوب على التجاوزات والانتهاكات لإستقطاب عطف المواطن العادي ،حتى إذا إتخذت تأيده مطية للصعود إلى منصة الحكم ،بدات تستعمل نفس الآلية والاشخاص لإنتقام من القضاة لتشفي غليل المواطن العادي الذي يجهل الكثير عن سير مرفق العدالة وكذا عن خباياه ،وبالمقابل تخسر العديد من الحقوقيين  والقضاة الذين يشمئزون من توجهات الحكومة التي تخالف ما كانت تشيده من قبل حين الحملة الانتخابية ،وهذه العملية تبرر ضرورة الاسراع بفك الارتباط بين السلطة القضائية ووزارة العدل للحد من التعسفات والتجاوزات التي يستخدمها وزير العدل بالآلية التي كان يشتكي وينتقدها بالامس والتي بدأ يستلطف تدبيرها للقضايا والملفات بنفس الطريقة السابقة .
نظرة القضاة لمؤسسةوزير العدل وفك الارتباط
نادي القضاة يرى في وزير العدل عرقلة حقيقية لتحقيق إستقلال القضاء بالمملكة المغربية،وان ذلك ظهر من خلال تدبير بعض الملفات التي طرحت إشكالات قانونية على الساحة القضائية ،والتي ظهر فيها ضعف وعدم الالمام بتداعيات القضايا التي طرحت ،وهكذا كان هاجس الادارة المركزية التابعة للسلطة التنفيذية هو الحفاظ على تبعية النيابة العامة لها مع أن الدستور الجديد جاء في ابعاده ليضع مؤسسة النيابة العامة شأنها شأن أي عمل قضائي مستقلة إستقلالا تاما عن وزير العدل ، و تحت طائلة المسائلة عن الاخطاء القضائية التي يتعرض لها المواطنون ،بل ابعد من ذلك فإن مبدا  ملائمة المتابعة التي كانت تتبناه المسطرة الجنائية قد ألغاء الدستور ليقرر مكانه مبدا المتابعة القانونية والذي يستنتج من مقتضيات الفصل 110 من الدستور في فقرته الاخيرة ((...... يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون ،كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية......... ))، لذا يتعين فك الارتباط مع مؤسسة وزير العدل بشكل عاجل وسريع حتى لايتسرب اليأس للقضاة والشعب ،وقبل أي شيء آخر لأن ذلك ليس مرتبطا لابالحوار ولابنتائجه ،وسياسة التمطيط التي تسلكها السلطة التنفيذية تنم عن عدم رغبتها في التخلي عن القضاء ولتخوفها من نتائج الاستقلال التي ستكون لامحالة هي تطبيق القانون على الجميع ،كما انها تزيد في تسلطها ومد يد جبروتها على القضاة بإتخاذ قرارات غير شرعية ومخالفة للقانون الاسمى  بشكل صريح .
وقرار فك الارتباط واستقلال السلطة القضائية  هو  قرارلن يصدر عن السلطة التنفيذية ( الحكومة ) بل هو قرار سياسي ينم على إرادة الدولة  الحقيقية في استقلال السلطة القضائية ،  وذلك لممارسة مهامهما القضائية الجديدة، وغل يد وزير العدل على التصرف في القضاء وكمثال على ذلك ما صدر عن الحكومة المصرية بمجرد تنصيبها هو إصدار وزير العدل بعد اسبوع من تنصيبه( المتشعب بأفكار نادي قضاة مصر ) قرار  بإلحاق جهاز التفتيش بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية ،وذلك في إنتظار صدور القوانين التنظيمية  للسلطة القضائية .
وان الاسراع بفك الارتباط مع وزارةالعدل ستكون له مزايا حسنة لفائدة السلطة القضائية ،وللعدل ببلادنا وان المطالب الحقوقية لنادي القضاة العاجلة والآنية هي فك الارتباط مع وزارة العدل والاعلان عن انطلاق السلطة القضائية من حجر السياسة .
محمد عنبر رئيس غرفة بمحكمة النقض
نائب رئيس نادي قضاة المغرب
بتاريخ 29رمضان 1433 الموافق 18غشت 2012