mardi 16 juillet 2013

تعليق حول إنشغالات المادية والمعنوية للقاضي

العلم عدد 21970 الاربعاء 6شوال 1431الموافق 15شتنبر 2010
تعليق حول إنشغالات المادية والمعنوية للقاضي

جدبني إلى هذا الموضوع ، حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (( لايقضي القاضي وهو غضبان ولاجوعان ...)) فالقاضي تتنازعه ضرورتان ،الأولى تتعلق بالرقابة البيولوجية لحالته النفسية ،والثانية بالرقابة المادية لحالته الجسدية ووضعيته المعيشية ،وعدم جلوسه للقضاء وهو جوعان ،لايعني جوع البطن فقط ، بل إنه قد يجلس للقضاء وهو صائم ،فمعنى الجوع هنا اعم واشمل ويدخل فيه جوع الفؤاد واتباع هوى النفس ((قال عز وجل في كتابه الحكيم سورة ص الآية 26 ((...يا داود إنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب )) صدق الله العظيم ،وذلك لمنزلة يريد بلوغها ولدنيا يسعى للحصول عليها .
كما ان هذه الرقابة البيولوجية للقاضي أثيرت مؤخرا من طرف المحكمة الأوروبية حين بتها في إحدى الطعون المقدمة ضد قرارات محكمة النقض الفرنسية في قضية جنائية استمر الاستنطاق فيها والاستماع للمتهم والشهود الى ساعة متأخرة من الليل ،حيث اعطيت الكلمة لدفاع المتهم للمرافعة إلا ان هذا الاخير التمس تأخير الملف لجلسة أخرى لكون التعب بلغ مبلغه بالنسبة لكافة الأطراف (الهيئة الحاكمة وهيئة الدفاع ) إلا ان المحكمة رفضت ملتمس الدفاع الرامي إلى التأخير وبتت في القضية ،وأثيرت هذه النقطة أمام محكمة النقض الفرنسية باعتبار ان القاضي لم يكن في حالة بيولوجية عادية لاستمراره في مناقشة القضية ، وهو ما ينطبق ايضا على الدفاع والمتهم وتم رفض الطعن من قبل محكمة النقض ،إلا ان المحكمة الاوروبية ألغت الحكم وقضت ببطلان القرار استجابة لما أثاره دفاع المتهم من كون القاضي لم يكن في ظروف عادية تسمح له بمتابعة مناقشة القضية .
إذن إن الحالة النفسية والمادية لأي قاضي يبت في النزاعات المعروضة عليه يكون لها تأثير قوي في توجيه الفصل في القضية ،وبالتالي لابد ان تتوفر لكل قضية بين يدي القضاء الظروف الملائمة للبت فيها ،وإلا ستكون جودة الخدمات التي ينتجها مرفق القضاء رديئة وتنعكس على حياة المتاقضين ، وبالتالي تمتد إلى المجتمع وهذين العاملين المتحكمين في العدالة هما بين يدي مؤسسة دستورية ،ونعني بذلك المجلس الاعلى للقضاء ،إذ بمجرد وصول مشارف شهري نوفمبر وماي من كل سنة إلا تتجه افئدة القضاة لتتبع جلسات هذه المؤسسة بل اكثر من ذلك تتبع حركات اعضائها ونبرات الفاظهم التي تروج داخل تلك المؤسسة ،سواء كانت للدفاع عن قاضي او لإدانته .
وهكذا تحدث حالة نفسية لدى المتتبعين ملئها اما الحمد والشكر لله او الخوف عن المصير والاحباط ،ولم يسبق ان اجريت او نشرت احصائيات على مستوى البت في القضايا المعروضة على المحاكم في الفترات التي يعلن فيها انعقاد المجلس الاعلى للقضاء ((مع الاشارة إلى كون هذه الاحصائيات تبقى دائما سرية ،ولا تنشر حتى يتمكن الباحثون والمهتمون من دراستها )).
ويصاب القاضي في الفترة الممتدة بين انعقاد المجلس وانهاء اشغاله ، وخروج النتائج بحالة انشغال وشرود لكون مصلحة من مصالحه سيبت فيها المجلس الاعلى للقضاء ، مما يؤثر على تركيزه واهتمامه بالقضايا التي بين يديه ،وقد يؤدي الأمر لنتائج وخيمة تؤثر على اصحاب القضايا التي بين يديه ،والذين ينتظرون احكام وقرارات مقنعة وقانونية ، وبعملية حسابية بسيطة يمكن اجراؤها ،فإذا كان معدل ما ينتجه كل قاضي من احكام او قرارات في السنة هو 1500قضية فإن إنشغاله بما يروج في المجلس الاعلى للقضاء قد يخفض من انتاجيته،  هذا بالنسبة للكم ،اما بالنسبة للكيف فلا يمكن تحديد (( نسبة الاخطاء)).
واهتمام القاضي بما يتعلق بانشغالاته النفسية والمعيشية ،هي مسألة عادية ولايمكن ان ترتب أية تبعات واعتباره عضوا في الكتلة الناخبة لأعضاء المجلس الاعلى للقضاء غير الدائمين فإنه يمارس رقابته وتتبعه لأشغال من انتخبهم ،خاصة فيما يتعلق بالاستجابة لطلبات الترقية وتقلد المسؤولية ،والانتقال إلى مكان افضل ،و العضو المنتخب يجد نفسه مضطرا لتلبية رغبات الفاعلين فقط (في العملية الانتخابية ) من القضاة الذين انتخبوا عليه ،وهكذا تحاكي مؤسسة المجلس باقي مثيلاتها من المؤسسات المنتخبة بتلبية اغلبيةرغبات منتخبيها ، الا ان هذه الوضعية والتي لها تأثيرات سلبية على القضاء ومكانته في النفوس لابد من الحد منها ،بايجاد حلول تكون حاجزا امام بعض الانانيات وكذا الحد من(( الانفلاتات))
التي ماهي إلا تعبير عن عدم الرضى عن اشغال المجلس ،ولايمكن ان يعاملوا بطريقة التنقية وتفضيل بعضهم على بعض إلا بالاقدمية ........
وهنا بعض الاقتراحات يمكن تعدادها كحلول لهذه الاشكاليات :
1ـ لايمكن ان يعين القضاة الجدد بالمحاكم إلا بناء على نسبة درجة استحقاق كل واحد منهم في نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء ،وباختيار كل قاض وبرضاه عن المكان الذي يريد العمل به .
2ـ لايمكن ترقية القاضي إلى درجة أعلى إلا بمعيار واحد هو الاقدمية فقط ،وهو معيار موضوعي يجعل التراتبية هي الاساس .
3ـ تبسيط مسطرة الانتقالات وجعلها بيد أمين سر كتابة المجلس الاعلى للقضاء مباشرة ،يبت فيها في فترة تمتد طول السنة ،بناء على رغبة القاضي ،ودون شكليات ادارية او احالة الطلب على المجلس ،شان طلبات تثبيت صفة قاضي في نشر مقالات قانونية ،مع اعتبار الخريطة القضائية وتوزيع القضاة بمحاكم المملكة دون اي عنصر آخر .
4ـ اسناد المسؤوليات على اساس ومعيار واحد هو الاقدمية فقط دون  أي اعتبار آخر ،مع تجديد المسؤولين قبيل كل استحقاقات انتخابية عامة في البلاد ،ويتم هذا التجديد مرة واحدة حنى تترك الفرصة لقضاة آخرين لتولي المسؤولية .
5ـ إعفاء من المسؤولية كل من بلغ سن التقاعد ،وفسح المجال للشباب الذين يليهم في الاقدمية ((كلما تعلق الامر بمحاكم الموضوع )).
6ـ اجراء مسطرة الصلح مع القضاة المنسوبة اليهم افعال مخلة بالمهنة حسب درجة كل واحدة ،حفاظا على سمعة القضاء ووضع القاضي امام مسؤوليته بإختيار التدبير المناسب حسب درجة الفعل المنسوب والتابت في حقه (( هذا طبعا بعد اعطاءالفرصة للمعني بالامر ان يدافع عن نفسه فيما نسب إليه )).
لابد ان هذه الاقتراحات المتواضعة ستحل اشكالية كبرى لعدد كبير من اسر القضاة وستعيد الامور إلى نصابها ،ويزرول الاحراج على اعضاء المجلس الاعلى للقضاء ،وسيقل الاهتمام بأشغال هذه المؤسسة من طرف القضاة ، لكون المعيار الموضوعي (( الاقدمية ،والتراتبية )) يطمئن كل قاضي ، وتزول الاعتبارات الاخرى غير الموضوعية ، والتي تمس حقوق القضاة ،فلا يمكن القفز على مكتسبات الاقدمية ،واسناد الترقية والمسؤولية والانتقال لمن قضوا فترة اقل من زملائهم القدامى والله ولي التوفيق .

من إنجاز محمد عنبر باحث 

vendredi 5 juillet 2013

المجلس الاعلى يحسم في المساهمة المالية المفروضة لولوج مهنة المحاماة ((دراسة من انجاز محمد عنبر رئيس غرفة بمحكمة النقض ))

جريدة العلم صفحة المجتمع والقانون  العدد 21682الاربعاء 18جمادى الثانية 1431الموافق 2يونيو 2010 من ضمن سلسلة قرأت لكم موضوع :
للمناقشة : المجلس الاعلى يحسم في المساهمة المالية المفروضة لولوج مهنة المحاماة
أصدر المجلس الاعلى يوم 06أبريل2010القرار عدد 499في الملف المدني عدد55/6/1/2008بين الوكيل العام للملك ومجلس هيئة المحامين ، والذي حسم لأول مرة حسب علمنا في موضوع فرض واجبات الانخراط لهيئة المحامين للمرشحين لولوج مهنة المحاماة لكون المادتين 5و 85 من قانون المحاماة لاتسعف .
لاشك ان هذا القرار سيثير جدلا ،ونستهل التعليق عليه بمقالة للأستاذ محمد عنبر .
نص الدستور المغربي في فصله الخامس على ان جميع المغاربة سواسية أمام القانون ،واكد الفصل 13 على ان التربية والشغل حق للمواطنين على السوا ،فهل هذا الحق مطلق ان انه نسبي تحد بعض القوانين التنظيمية من مداه ؟وإن كانت القوانين لم تشرع من اجل كل مواطني الدولة أو الذين يتواجدون في إقليمها ،بل للمجموعات والافراد المنتمين للمنهة التي يمارسونها ،فإن مفهوم المساواة بين الافرادالذي اسس عليه القانون اصبح مغلفا بعنصر جديد هو مفهوم المهنية .
إن التطور الذي يعرفه مفهوم حق الفرد في ممارسة اي عمل ادى إلى ظهور عدة اشكالات سواء على مستوى جودة العمل الممارس ورضى الزبناء على تلك الخدمة ،او على مستوى وضع الضمانات المالية ومدى اهميتها في حماية كيان المهنة ، مما اصبحت معه الكفاءة التي تمثل اهم الضمانات المعنوية لاتكفي إذ السرعة التي تسير بها الامور في الوقت الحاضر تؤدي الى فقدان الكفاءة لدى الفرد وذلك لسرعة تحول العالم المحيط به .
إذ لمزاولة اية مهنة منظمة قانونا لايستغرب الشخص إذ طلبت منه شهادة محددة لقبوله كعضو ينتمي لها ((الطب الهندسة ،التوثيق ، الخبرة الحسابية وغيرها ....))بل غن بعض المهن اصبحت تفرض شروطا متعددة تجعل الفرد يتسائل حول الحق في ممارسة اي عمل هل هو اصل ام تحول إلأى إستثناء؟
في هذا المضمار صدر قرار عدد 1499 عن المجلس الاعلى بتاريخ 6/4/2010في الملف المدني عدد 55/1/6/2010 والمتعلق بالطعن الذي قدم من طرف الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب..... في قرار احد مجالس هيئات المحامين بالمملكة المغربية والمتعلق بمراجعة ((واجبات الانخراط ))ي الهيئة المذكورة ،واسس الطعن على المبالغة في الرفع من (واجب الانخراط ) الذي من شأنه ان يخلق حاجزا امام الراغبين في ولوج المهنة ممن تتوفر فيهم الشروط المتطلبة قانونا ،وان تسد الباب في وجه العديد ممن تتوفر فيهم شروط الانضمام الى مهنة المحاماة ،أو المحامين (( مغاربة او اجانب )) منتقلين من هيئات اخرى .
وبالتالي هل المبالغ التي تؤدى عند ولوج المهنة تفرض كوسيلة لحماية مهنة المحاماة،وتشكل ضمانة عينية لتغطية ما يمكن ان يقضى به لفائدة المتقاضين من الاخطاء المهنية لبعض المحامين ؟ أم لتغطية مصاريف التسيير والمسائل الاجتماعية لأعضاء الهيئة ؟ او لأسباب تبقى مجهولة .
للجواب عن هذا التساؤل لابد من وضع الاطار القانوني لهذه المبالغ وبالفعل اجابت هيئة المحامين التي طعن في قرارها بان المشرع المغربي منحها تلك الصلاحية صراحة في المادة 85 من ظهير 10/08/1996 وبالرجوع إلى الفصل المذكور توقفنا عدة عبارات لها دلالات خاصة ((........1 للنظر في كل مايتعلق بممارسة مهنة المحاماة .....2 حماية حقوق المحامين ...3 وضع النظام الداخلي للهيئة ....4 تحديد رتبة المحامين .....5 إدارة أموال الهيئة وتحديد واجبات الاشتراك وابرام عقود التأمين عن المسؤولية المهنية لأعضائها ....6 إنشاء وإدارة مشاريع اجتماعية لفائدة اعضاء )).
إن واجبات الاشتراك التي تتحدث عنها الفقرة 5 من المادة المذكورة ،تتعلق بالاعضاء المنتمين للهيئة مما يعني ان ملفهم قدم للهيئة وتمت دراسته وتم التاكد من توافره على شروط الانتماء وتم قبوله كعضو ،فلابد من ان تفرض عليهم واجبات الاشتراك .
وقد اجاب المجلس الاعلى عن هذه النقطة في قراره موضوع هذا التعليق بكون المادة 85 من الظهير المنظم لمهنة المحاماة تقضي بأن يتولى مجلس الهيئة زيادة على الاختصاصات المسندة إليه للنظر في كل ما يتعلق بممارسة مهنة المحاماة المهام التالية ((...الفقرة الخامسة : إدارة اموال الهيءة وتحديد واجبات الاشتراك وابرام عقود التامين عن المسؤولية المهنية لأعضائها مع مؤسسة مقبولة للتأمين ،وان واجب الاشتراك هو المبلغ المالي او الخدمات التي تحددها الجمعية أو النقابة لمساهمة اعضائها في تحمل اعباء تسييرها ،بينما نازلة الحال لاتتعلق بعضو ينتمي إلى الهيئة وإنما بشخص أجنبي عنها يطالب بالانخراط فيها ، وان المبالغ المشار إليها في المقرر المطعون فيه تتعلق بشروط القبول في التسجيل في الهيئة وهي لاتندرج ضمن مقتضيات الفقرة المذكورة وان المادة 5 من الظهير المذكور لاتشترط سوى تسعة شروط ليس فيها ولا في المادة 85 المذكورة ما يعطي لمجلس الهيئة فرض رسم الانخراط على المرشح لمهنة المحاماة وفق مقررمجلس الهيئة .
إن بادرة الطعن في قرار محكمة الاستئناف الذي اقر مداولات مجلس النقابة وعلى الخصوص في هذه النقطة التي أثيرت لأول مرة في القضاء المغربي ، من طرف الوكيل العام للملك أسست على وسيلتين هما إنعدام التعليل وسوء تطبيق القانون المتجليين في رفع ( واجبات الانخراط ) في الهيئة دون توضيح أدنى سبب يوجب ذلك .
كما ان القرار الاستئنافي لم يوضح المدلول القانوني لمقتضيات المادة 85؟ وكيف استخلص القرار احقية مجلس الهيئة في اصدار هذا القرار بصورة مطلقة ، خاصة وان طعن الوكيل العام للملك انصب اساسا على مقتضيات هذه المادة سيما وان قرار الهيئة تعمد اخفاء الموجبات المفضية الى الرفع من قيمة (واجبات الانخراط ) في الهيئة دون توضيح هكذا وردت اسباب النقض لعريضة الوكيل العام للملك بتلخيص ، فجوهرها هو المنازعة في رفع الوجيبة بدون تبرير ،مسلما بكون المادة 85تعطي لمجلس هيئة المحامين الحق في فرضها لكن عند رفع قيمتها يتعين تبرير ذلك ، في حين ان المجلس الاعلى تجاوز ذلك وهذا من صلاحياته ،مادام الامر يتعلق بالنظام العام ،إذ لايمكن للنظام الداخلي للهيئة ان يخالف الظهير المنظم للمهنة ويضيف شرط جديدا الذي هو من صلاحيات المشرع ولذلك اعتبر المجلس الاعلى في قراره ان فرض المبلغ لولوج المهنة بالنسبة للمرشح لمهنة المحاماة لاوجود له في نص المادة 5 ولا المادة 85 من القانون المنظم لمهنة المحاماة ،فهل يجوز لمجلس الهيئة بعد هذا القرارأن  يتداول اولا في طلب قبول المرشح ثم بعد ذلك يتداول في فرض ( واجب الانخراط ) حتى يتخلص من مسألة عدم الانتماء للمهنة ؟
الواقع ان هذا الامر يجري العمل به في بعض الهيئات فيتم الزام  بعض المرشحين لولوج المهنة بالالتزام بأداء الواجبات على اقساط في آجال معينة ،وهذا الامر حسم فيه المجلس الأعلى ،ولايمكن استخلاص هذه الواجبات إلا بنص تشريعي يتدخل فيه المشرع لفرض مثل هذه الواجبات إلا بنص تشريعي يتدخل فيه المشرع لفرض مثل هذه الواجبات ،كما هو بالنسبة لأقدم مهنة منظمة في المغرب ((في فرنسا فرض أو الضمانات المالية على سماسرة الاوراق المالية بمقتضى قرار 30يونيو 1898الجريدة الرسمية المؤرخة في 30يونيو 1898،ص 4005 ))والتي فرضت على مزاوليها ضمانة مالية هي مهنة الموثقين المنظمة بظهير 4ماي 1925 والذي نص في فصله 39بالفقرة الثانية في الباب الخامس المتعلق بالتأديب والمسؤولية .
((... ويؤسس صندوق ضمان مالي يعد لكفالة الموثق أو نائبه المؤقت في حال عجزه عن الوفاء ،حيث تؤدى منه المبالغ المحكوم بها لمن تكبد بسببهم ضررا او خسارة من اجور الوثائق التي يدفعها الموثقون لخزينة الدولة ,,,))ـ في التعديل المرتقب لقانون الموثقين الذي صادق عليه مجلس الحكومة بتاريخ 9ابريل 2009 (( مشروع قانون رقم 09ـ32) اصبح ـهذا الصندوق بمقتضى القسم السادس من المشروع تحت عنوان (( صندوق ضمان الموثقين ) المادة 94 ـيتمتع بالشخصية المعنوية ويديره مجلس ويسيره صندوق الايداع والتدبير ويتدخل في حالة عسر الموثق أو نائبه وعدم كفاية المبلغ المؤدى من طرف شركة التامين او عند انعدام التامين )).
هذا إذا كانت الغاية من فرض واجب الانخراطحماية اعضاء المهنة والمتقاضين ممن يحتمل انهم يتعرضون له من اخطاء مهنية ،قد يعجز المحامي عن تعويضها ،اما إذا كانت غاية هذا الفرض لاعتبارات لاعلاقة لها بالمهنة فإن ذلك سيمس حتما بقدسيتها إن عدم تدخل المشرع بتحديد سلطةمجلس النقابة في تحديد مبلغ الولوج لمهنة المحاماة ،وذلك بوضع معايير موضوعية تحدد حسب التغييرات التي تعرفها الظروف الاقتصادية ، وذلك بتحديد سقف لكافة مجالس هيئات المحامين ،وترك سلطة تقديرية لتجاوزها شريطة تعدليل ذلك ، واعطاء فرصة لكل من تضررت مصلحته من ذلك للطعن فيه ،واما ترك المجال مفتوحا قد يؤدي إلأى التعسف والمسبحرية ممارسة اي عمل ،كما هو الشان في عدم تدخل المشرع لجعل اتعاب المحامي تدخل ضمن المصاريف القضائية ،وتركها لإرادة المتعاقدين فلو تم تحديد اتعاب بعض القضايا البسيطة ((القانون المنظم لمهنة المفوظين القضائيين حدد اتعاب المفوض القضائي بنسبة محددة لكل نوع من الاجراءات ،مما جعل بعض المكاتب حسب مجهودات كل مفوض قضائي ،تكون لها مداخيل محترمة تضمن كرامة هذه المهنة)) .التي ترفض بعض المكاتب المتخصصة الخوض فيها وجعلها تدخل ضمن المصاريف القضائية لتمكن بعض المحامين الشباب الذين لايجدون مداخيل لتغطية مصاريف كرا وتسيير مكاتبهم الاستفادة من هذه القضايا ،وتركز ذنهم على ان تكون مقالاتهم وطعونهم في جودة عالية ،وفي مستوى العدالة المتوخاة وترقى بقدسية هذه المهنة حتى لايصبح المحامي جزءا من القضاء فقط بل شريكا للقضاء في تحقيق العدالة والله ولي التوفيق .

ملاحظة : صدر بتاريخ 1/11/2012 قرار عن محكمة النقض تحت عدد 544 بعد صدور قرار عن محكمة الاستئناف بإلغاء قرار هيئة المحامين لمراجعة واجب الاشتراك والذي طعنت في الهيئة بالنقض فرفض طلبها .

jeudi 4 juillet 2013

مقالة الاستاذ سعيد اولعربي باحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية (( المزاولة الفعلية للقضاء المادة 7من القانون التنظيمي لمجلس النواب )) منشورة بمجلة الغد العدد الخامس شتاء 2012

ضمن سلسة قرأت لكم مقالة حول المزاولة الفعلية للقضاء المادة 7 من القانون التنظيمي لمجلس النواب للأستاذ سعيد اولعربي باحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية

المزاولة الفعلية للقضاء
المادة 7 من القانون التنظيمي لمجلس النواب
د/ سعيد اولعربي
باحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية
في إطار تقديم الترشيحات للانتخابات المتعلقة بمجلس النواب رفضت إحدى الجهات الادارية المختصة في تلقي الترشيحات ترشيحا تقدم به احد المواطنين بدعوى ان هذا الاخير لم يمض سنة عن تاريخ عزله عن سلك القضاء استنادا إلى المادة 7 من القانون التنظيمي رقم 11.27 المتعلق بمجلس النواب ، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5987بتاريخ 17اكتوبر 2011 ،والتي تنص على التالي :
(( لايؤهل للعضوية في مجلس النواب في مجموع انحاء المملكة ، الاشخاص الذين يزاولون بالفعل الوظائف المبنية اعلاه أو الذين انتهوا من مزاولتها منذ اقل من سنة من تاريخ الاقتراع :
ـ القضاة
ـ قضاة المجلس الاعلى للحسابات وقضاة المجالس الجهوية للحسابات ،..........))
وإذا كانت الجهة الادارية المعنية قد تمسكت بفهم إنهاء مزاولة القضاء من تاريخ سريان قرار العزل ،فإن ثمة رأي قائل بأن هذه المادة لاتنطبق على قضية صاحب الشأن بالارتكاز على واقعة توقفه عن مزاولة العمل القضائي منذ ما يزيد على السنة باحتساب مدة توقيف المؤقت عن العمل السابق لقرار عزله .
وتحصل من ذلك نقاش قانوني بالغ الاهمية حول ما اذا كان من السائغ اعتبار مدة التوقيف المؤقت عن العمل ، التي يعقبها قرار العزل ،في حكم مزاولة القضاء أم أن الموقوف عن النشاط يعتبر في حكم الخارج من سلك القضاء منذ تاريخ تبليغه قرار التوقيف المؤقت عن العمل .
ومن جراء ما تفاعل عن الموضوع من نقاشات سياسية تغيب دقته القانونية ،فإن هذه المساهمة تتوخى تسليط الضوء عليه بمقترب قانوني صرف يستحضر ضرورة تقريب نص المادة 7 المذكورة مع معطيات المادة الادارية سيما القانون التأديبي للقضاة ليتأتى استخلاص الناتج القانوني بحكم ان نصوص القانون تشكل وحدة عضوية متكاملة يفهم الجزء منها في السياق العام للنصوص ذات الصلة
يجد التوقيف المؤقت عن العمل بالنسبة للقضاة مرجعيته في الفصل 62 من النظام الاساسي للقضاة ، الذي يماثل الفصل 73 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية .
هذا ، ويعتبر التوقيف المؤقت عن العمل تدبيرا وقتيا وإجراء احتيا طيا وفق ما استقر عليه اجتهاد القضاء الاداري المغربي والمقارن ، وتتخذ الجهة المختصة الاجراء عند ارتكاب القاضي لمخالفة مهنية جسيمة او عند متابعته جنائيا ، وذلك إ‘لأى حين جلاء الموقف ليتأتى اتخاذ للسلطة المالكة لحق التأديب القرار النهائي حسبما تمليه حيثيات القضية .
وتختلف مدة التوقيف المؤقت عن العمل حسب الاسباب المستند عليها في قرار التوقيف حيث لاينبغي ان تتجاوز اربعة اشهر إذا بني القرار الاداري على ارتكاب خطأ مهني غير مقرون بمتابعة قضائية في حين يستمر الايقاف المرتكز على المتابعة الجنائية ،الى ان يصدر حكم غير قابل للطعن .
وترتيبا على المعطيات المتقدم بيانها ،فإن قرار التوقيف لايؤدي الى فصم الرابطة المهنية القائمة بين القاضي وسلك القضاء بدليل احتفاظه بالتعويضات العائلية وقيام امكانية الاستفادة من المرتب جزئيا أو كليا فضلا عن لزوم تقيده بما تفرضه واجبات المهنة اثناء فترة التوقيف عن العمل مالم تنته هذه العلاقة النظامية بصدور قرار العزل .
واستحضار الفقرة الرابعة من المادة 62 من النظام الاساسي للقضاة يزيد في البرهنة على احتفاظالقاضي الموقوف بصفة الانتساب إلى جسم القضاء حيث ورد فيها انه في حالة ما إذا انتهت المتابعة التأديبية بعدم المؤاخذة أو بصدور جزاء الانذار أوالتوبيخ كما في حالة انقضاء اجل اربعة اشهر من تاريخ التوقيف دون اتخاذ اي اجراء ،فغن القاضي الموقوف يعود بقوة القانون إلى عمله مع الكفالة حقه في استرجاع اي مبلغ مقتطع من اجرته .كما ان قرار العزل الذي يصدر بعد التوقيف المؤقت عن العمل يرتب آثاره القانونية في فصم العلاقة المهنية بأثر فوري يسري اعتبارا من تاريخ تبليغه بعد تاريخ الصدور بمعنى أنه لايرتب أثرا رجعيا ، وبالتالي لاتنسحب أثره إلى الفترة التي استغرقها قرار التوقيف المؤقت عن العمل ، مع التنويه في هذا السياق إلى ان الحالة الفريدة لامكانية ترتيب الاثر الرجعي تقتصر على حالة القاضي المعزول بناء على واقعة ترك الوظيفة  حيث القرار ينتج أثره من يوم تسجيل واقعة ترك القاضي لعمله كما هو صريح الفقرة الثانية من الفصل 62 من القانون الأساسي للقضاة .
ومما سبق تخلص هذه المساهمة إلى القول ان انتهاء علاقة القاضي بسلك القضاء فيما نحن بصدده ، تتحدد من تاريخ سريان مفعول قرار العزل دون جواز التمسك بتاريخ التوقيف المؤقت عن العمل .
وللزيادة في الوضوح ، يمكن طرح الفرضية التالية : لنفترض ان قاضيا ،موقوفا عن العمل بصفة مؤقتة لمدة تزيد عن السنة ، لوجود متابعة جنائية جارية في حقه ،اراد تقديم ترشيحه للإنتخابات البرلمانية او الجماعية على اساس عدم مزاولته القضاء لمدة تزيد عن السنة بفعل قرار التوقيف المتخذ بشأن مركزه القانوني ، فهل يستقيم القول باهليته في الترشيح للانتخاب ؟
بخصوص الانتخابات المتعلقة بانتخاب اعضاء مجلس النواب ،فان الجواب يكون بالنفي ارتكازا الى صريح المقطع الأول من المادة 7 من القانون التنظيمي لمجلس النواب في اتصال هذا المعطى القانوني مع واقعة التوقف التي لاتنفي انتماء القاضي الموقوف الى جسم القضاء،كما ان وضعيته مفتوحةامام احتمال عودته الى استئناف عمله واسترجاع حقوقه على ضوء ما قد يتقرر في المتابعة الجنائية .
والقول بخلاف دلك يفضي الى ترتيب نتائج قانونية غير مستساغة بمقاييس المنطق والقانون ،ذلك ان القاضي المرشح ـ في واقع افتراضي دائما ـ للانتخابات الجماعية قد يحالفه الحظ ويفوز بالانتخابات ، وبعده قد تنهى المتابعة الجنائية الجارية في حقه بصدور قرار البراءة ، وقد تترتب عليه في الشق الاداري عدم مؤاخدته مع ما يستتبع ذلك رجوعه الى وظيفته مع انه عضو في جماعة محلية ، فهل يستقيم الجمع بين مهمة انتخابية في جماعة محلية وبين ممارسة القضاء ؟
وخلاصة ماتقدم يفيد ان الاثر الذي احدثه قرار التوقيف المؤقت في المركز القانوني لم يبلغ مبلغ الغاء الرابطة المهنية التي كانت قائمة بين القاضي ومهنة القضاء وبالمقابل فان قرار العزل كقرار قائم الذات بني على ركن المحل او الموضوع الذي انصرف الى تغييره مركز قانوني عن طريق الغاء مزاولة القاضي لمهنة القضاء مادام ان الاثر المحدث يتمثل في فصم العلاقة المهنية بين القاضي المعزول بأثر متسم بصفة الفورية .
ولما كانت الرابطة النظامية قائمة إلى حين إنهائها بقرار العزل ، فإنه ن السائغ قانونا القول بأن القاضي الموقوف عن العمل ظل في حكم المزاو ل لمهنة القضاء إلى تاريخ بداية مفعول قرار العزل ،وبالتالي تكون الجهة الادارية ، الرافضة لقبول الترشيح في نازلة الحال ، قد صادفت الصواب فيما انتهت اليه من خلال ارتكازها على هذا المعيار في اعمال المادة 7من القانون التنظيمي لمجلس النواب .


mardi 2 juillet 2013

مقالة الاستاذ رشيد مشقاقة بمجلة (الغد العدد الخامس شتاء 2012 ) الاصلاح القضائي : مكامن الخلل وسبل العلاج

ضمن سلسة قرأت لكم مقالة متميزة عن كيفية تدبير المسار المهني للقاضي المغربي والحقائق الصادمة التي وضع عليها الاستاذ رشيد مشقاقة اصابعه مقالة منشورة بالعدد الخامس لمجلة الغد (شتاء
2012)


الاصلاح القضائي : مكامن الخلل وسبل العلاج ذ/ رشيد مشقاقة
مقدمة : يحجم عدد لايستهان به من القضاة عن الخوض في موضوع إصلاح القضاء لاقتناعهم بأن حديثهم مجرد سمر ليلي للإستهلاك فقط .. وأن وزارة العدل تعتبر وجهات النظر المدلى بها مجرد تشويش وبلبلة لابد من التصدي لها بكافة الطرق ، وعلى راسها التأثير على المسار المهني للقاضي من خلال وضع قشور الموز والحفر والوعيد حتى ينصرف عما يفكر فيه ويؤؤدي عمله الطبيعي كقاض جالس أو واقف . إن السباحة الحرة في بحر النظريات المتلاطم الأمواج بهدف إرساء سفينة الإصلاح القضائي على مرفإ آمن ليس فكرة صائبة ...فما يحتاج إليه إصلاح القضاء ليس النقد اليدوي بقدر ما يحتاج إلى الحذف الفوري للعديد من التقاليد التي سار عليها القضاء منذ إنشاء وزارة العدل ...آن الأوان للتفكير في وضع اسس موضوعية موحدة في كل شاذة وفاذة ذات صلة بقطاع العدل بوجه عام والقضاء بوجه خاص ،ولكي نقف بالقارئ على مكامن الخلل نقترح في هذه العجالة ان نكشف الداء وفي ذات الفقرة نورد سبل العلاج الذي نستنسبه ، ملفتين الانتباه إلى اننا لسنا في حاجة لأية مراجع فقهية أو قضائية للخوض في هذا الموضوع بقدر ما نجد في ممارستنا العملية لأزيد من ربع قرن منهلا خصبا ورافدا هاما لبناء ما نعتبره قضاء متين البنيان.
ولأجل هذه الغاية سوف نقسم الموضوع إلى عدة فقرات كالآتي :
الفقرة الأولى : طريقة اختيار القاضي غير سليمة
بصرف النظر عن موضوع السن التي تسمح بولوج مبارة اختيار القضاة ،والتي لانعتقد انها تشكل عائقا عن الممارسة الامثل للمهنة....فإن اشتراط حصول المترشح على ميزة معينة خلال الاربع او ثلاث سنوات من سنوات الاجازة ،أو الحصول على شهادة الماستر او ما يوازي ذلك هو الذي يشكل العائق ويحرم العديد من ذوي الكفاات على الاشتغال بمهنة القضاء ،بل ويساهم بصورة مباشرة في خلق اجواء الاحتقان واليأس ،فعندما يعرف الطالب الذي حصل على ميزة مقبول في السنة الأولى من الدراسة الجامعية أنه لن يكون قاضيا في المستقبل وقد يكون ذا موهبة فإن هذا الاحساس بالفشل يؤثر سلبا على مسيرته العملية ،وبالمقابل ذلك فإن الجامعات المغربية ليست على درجة واحدة من الموضوعية ،ويروج في الوسط الجامعي اخبار عن التجارة في النتائج والميزات ...بل إن شخص الاستاذ الجامعي يختلف من جامعة لأخرى ،داخل الحرم الجامعي ذاته ،وبالتالي فإن اقصاء عدد لايستهان به من الطلبة الراغبين في مزاولة مهنة القضاء ليس حلا مقبولا ،بل إن فتح الباب امام من يجيدون فن الغش او الوساطة او مايصب في ذات المحصلة يفرز في الحقل القضائي عينة من منعدمي الضمائر الذين تتاح لهم استقبالا حرفة تولي مهام جسيمة ومن شأن ذلك ان يؤثر سلبا على العملية القضائية السليمة .
لافرق بين من حصل على ميزة مقبول وميزة مستحسن او حسن ، هذه الميزات لاتعكس الموضوعية ، ولاتعبر عن مقدرة وكفاءة صاحبها ،وما نقوله هو واقع ملموس ولي سخيالا او افتراضا ...إن رسوب من حصل على ميزة مستحسن في اختبار الملحقين القضائيين وتفوق من حصل على ميزة مقبول يبرر الطريقة غير السليمة التي يتم تنقيط الطلبة خلال المرحلة الجامعية والعديد منهم متذمرون من هذه الوضعية بل إن الحصول على شهادة الماستر اصبح سهلا إذ لايتجاوز فترة امتحان المرشح لها عشلرة دقائق بالتمام والكمال ،وقبول لجنة الامتحان هذه الشهادة تفتح الباب لهذا النوع من المترشحين ، المباراة ويخلف استياء عارما وقلقا للطالب غير المقبول وذويه مما ينبغي معه ضرورة اعادة النظر في طريقة منح هذه الشواهد بل والتفكير في مراقبة ذلك عن كثب ،وقد علق احد القضاة على ذلك قائلا في فترة الثمانينات كانت سبورة نتيجة دبلوم الدراسات العليا تعلن : نجاح طالب واحد أو لاأحد ) اما اليوم فعدد المعتبرين في عداد الناجحين اكثر بكثير من عدد الراسبين ، هذه ظاهرة مرضية واجبة العلاج إذا كان الحل في نظرنا هو اخضاع المجازين جميعا لمباراة موحدة قصد ولوج المعهد العالي للقضاء،فإن الوقوف الفعلي على كفاءة المترشح يقتضي انتقاء اللجان المشهود لها بالكفاءة والموضوعية والاستقامة وحب الوطن واستبعاد كل من يرغب في جلوس افراد عائلته على كراسي القضاء ضدا على الشرعية واهدار ا للشفافية والطاقات الفكرية . للكفاءات ..يستغرب الطلبة احيانا عندما يشيرون اصابع الاتهام إلى نجاح زملاء أو زميلات لهم في الدراسة لايفقهون شيئا ولإصلاح القضاء لابد من القضاء الفوري والعاجل على مثل هذه الاجواء التي تضر وتمس بالجهاز القضائي بأكمله ، ليس مستحيلا ان يختبر ـ بداية ـ المترشحين ـ شفويا على قدراتهم الفكرية ، فالقضاة المؤهلون لاختبار ذلك ، يمكن فسح المجال امام الاختبار الكتابي شريطة تسليط العقاب على كل عملية غش ، فالمترشح للقضاء الذي يغش في الاختبارين الشفوي والكتابي هو مشروع مرتشي أو منحرف في اقرب الآجال .
وفي نفس السياق فإن تفعيل المقتضيات القانونية التي تسمح بولوج مهنة القضاء للعاملين بكتابة الضبط او المحامين او الاساتذة الجامعيين يقتضي ان يعتمد التفعيل كفاءة هذه الفئات بعيدا عن اية مجاملة او مزايدة او انتقاء تعسفي ..نعم قد تكون فائدة القطاع من هذه الفئات ايجابية بالنظر إلى طول تجربتهم ودرايتهم بالعملية القضائية ...لكن ان يجعل من اختبارات هذه الفئات مجرد اشكالية شكلية دون التأكد من كفاءتهم واستعدادهم لتحمل المهمة القضائية ، أو اعتماد معيار حزبي لولوج افراد معينين إلى فضاء القضاء من شأنه أن يلحق ضررا فادحا بالقضاء..وقد أثبتت التجربة ان عدد من هؤلاء ممن يمارسون بمحاكم الموضوع أو محكمة القانون لم يضيفوا للقضاء شيئا بقدر ما اضافوا لوضعيتهم المادية تحسنا ملموسا ،هذا دون ان ننكر على البعض منهم المقدرة العلمية والعملية التي إستفاد منها القضاء فعلا ولذلك نرى كوجهة نظر أن يتم الاختبار في هذا الشأن من قبل لجنة مشهود لها بالكفاءة والموضوعية والنزاهة ،يقول احد القضاة إن اكتفاء كاتب الضبط بوضع بذلة القاضي بمكتبه الكبير دون ممارسة عملية فعلية لايخدم المصلحة القضائية ولذلك فإن نبد كل اسباب المحاباة والمجاملة لإصطفاء القضاة من هذه الفئات يقتضي ان يكون المؤهل لهذه المهمة هم كبار القضاة من ذوي الكفاة والاتزان وليس اية جهة إدارية لادراية لها بالمهمة القضائية .
لاينبغي ان نستهين بخطورة هذا الذي نعتبره مجرد تحسين لوضعية الموظف ،او الممتهن مهنة حرة ،إن مهمة القاضي سامية ....وتبعات الاختبار السيء هي التي تؤثر استقبالا على نجاعة وصمود القرار القضائي ، وتفتح الباب للإعلام كي يوجه سهام النقد للعديد من الممارسات التي لاتليق برجال القضاء .
قال احد اعضاء لجنة الامتحان الشفوي الخاص باختبار القضاة وهو استاذ جامعي مبرز انه سمع جوابا غريبا من مترشح فلم يفهم : قال المترشح ((( العمل قرينة على الزنا )))كرر عليه الممتحن السؤال : ماذا تعني بذلك ،فأصر المترشح على القول (( العمل قرينة على الزنا )) فما كان من الممتحن إلا ان يطلب منه موافاته بالمرجع الذي قرأ فيه هذا الكلام ، وكم كانت خيبة الممتحن بادية عندما وجد بالدفتر الذي امامه الجملة الصحيحة وهي (( الحمل قرينة على الزنا )) وقد قرأها المترشح هكذا حفظا بليدا ...واضاف الحاكي هذا الذي قال العمل قرينة على الزنا هذا الذي قال العمل قرينة على الزنا يتولى منصبا قضائيا مرموقا بدون وجه حق ....
من بين هذه المسام المرضية والثغرات اللا فتة للانتباه تمرق فئات لاتملك اقل شروط القاضي المتعارف عليها وهي العقل فبالاحرى ان تنشأهذا الفصل موهبة
خصصنا ههذه الفقرة لطريقة اختيار القاضي ،وفي ذات الوقت ينبغي العمل على تغيير لجنة الاختبار وعدم تكرار نفس الاسماء اقتداء بالنهج القويم المشبع بالشفافية والنزاهة .
نحن نحب هذا البلد ....ونحرص على المصلحة العامة ومن المصلحة العامة أن لاتتكرر نفس الاسماء في لجنة الامتحان ونفس الاسماء في المترشحين ونفس الاسماء في المسؤولين داخل المغرب وخارجه ...في هذه العملية نوع من الاجهاز على حقوق الطلبة المحرومين من ذوي الاسر الفقيرة الذين ينتظرون بشغف ان يصبح ابنهم قاضيا في حين يغصب منه المنصب من لاسلطان له سوى من الغش والحيلة .
دون الخوض في التفاصيل ،فان طريقة التدريس بالمعهد العالي للقضاء تفتقد الضوابط المتعارف عليها في مجال التعليم وأولها انعدام اية وسيلة لانتقاء المدرسين ...ولهذا السبب ،يتم ابتكار وسائل ارتجالية لهذا الغرض ،ولاتخرج هذه الوسائل عما يلي :
أـ تكليف بعض المسؤولين القضائيين بمهمة التدريس ،ويستمرون فيها ما استمروا يحملون تلك الصفة ويتم الاستغناء عنهم متى تقرر اعفائهم منها
ب ـ الاستغناء عن بعض القضاة العاملين بالمجلس الاعلى واحالتهم على المعهد العالي للقضاء فيصبحون بعد ذلك اطر للرياضة ،بل تم تكوين فرقة لكرة القدم والدخول في اقصائيات للفوز بالبطولة،ولاتختلف فترة التدريب بالمعهد العالي للقضاء عن مثيلتها بالمحاكم فهذه الأخيرة لاتتوفر على قاعات خاصة بالملحقين القضائيين الوافدين عليها وقد تستغل الخزانة او قاعات الاجتماعات لهذا الغرض كما ان البرنامج الذي يتم وضعه باعتبار المجالات الواجب التدريب فيها لايقع احترامه مضمونا ،وانما من حيث الشكل ....ويحرص الملحقون القضائيون على ضرورة الحضور المادي مخافة تسجيل الغياب وترتيب أثره عند النعيين ...كما لايجد القضاة المتدربون الفرصة الكافية لابداء الراي والاستفادة لسببين اثنين : اولهما حرص بعض المسؤولين القضائين على تكليف من يعطفون عليهم من القضاة للقيام بمهمة التكوين وهؤلاء لايفيدون في شيء عملا بمبدأ فاقد الشيء لايعطيه ،بل إن هؤلاء المكونين يعتبرون اختيارهم من طرف المسؤول القضائي ميزة وترقية تجعلهم متفوقين عن غيرهم ، ويسلك هؤلاء المكونين طرق الدماثة والمدح المجاني للملحقين القضائين وغض الطرف عن حضورهم وابداء نظريات فارغة في حقهم لضمان بقائهم المكونين الدائمين لهؤلاء الملحقين القضائيين ،اما السبب الثاني ،فان الراغبين فعلا في تكوين هؤلاء الملحقين القضائيين لاتتاح لهم من جهة الفرصة لذلك ،كما ان وقت التدريب يتزامن مع تاريخ الجلسات والمداولات مما يتعذر فعلا القيام بهذه المهمة .
ان الاصلاح القضائي المنشود يقضي اعادة النظر في طريقة تدريب القاضي المتدرب ....فالمعهد العالي للقضاء مدرسة للتدريب فينبغي ان تكون اطر التدريس العاملة به خاضعة لمقاييس موضوعية عامة ومجردة مؤسسة على ضوابط ..وليست اجراءات وقتية عارضة تزول بزوال الصلة التي تم بها اختيار المدرس للقيام بمهمة التكوين .
وعلاج ذلك يقتضي وضع استراتيجية محدة المعالم بمقتضاها يتم انتقاء المدرسين على غرار ماهو معمول به في انظمة التعليم في الدول المقارنة كا ان مايتم تلقينه للقضاة الجدد يجب ان يخضع للمراقبة وللتتبع حفاظا من جهة على قدسية مهنة القضاء وصحة المعلومات المقدمة وكذا الوقت الثمين ....ويمكن في هذا الباب خلق باب التفرغ للتدريس لمن يرغب في ذلك ...مع اجراء امتحان لنيل شهادة مدرس بالمعهد العالي للقضاء ..بحيث لايعقل ان يختار بعض النافدين ذويه للتدريس او من لهم به مصلحة ،فمثل هذا السلوك يساهم في تعطل الملكة القضائية لدى الملحقين القضائيين بل يساهم في انتشار اسباب التذمر .
أضف إلى ذلك أن الطريقة البيداغوجية في التدريس يفتقدها عدد لايستهان به من المكونين ...وهذه الطريقة ليست وحيا يوحى ،بل هي مرحلة يجب ان يصلها من يرغب في الادارة او التدريس بالمعهد العالي للقضاء ،فزرع اسباب الخوف والفزع والهلع في قلوب قضائية طرية من شأنه ان يعصف بملكتها ويطوح بها ،ان القاضي المتدرب يفقد اهم شروط القاضي الكفء وهي الشجاعة الادبية والثقة متى ارتعدت فرائصه كلما مر بجواره اطار اداري بالمعهد العالي للقضا ،يجب لتفكير جيدا في عدم اسناد مثل هذه المهام الجليلة لمن يفتقدون هذا الشرط وهو التكوين النفسي والسيكولوجي ،يضاف الى ذلك انه متى بلغ الى علم القضاة المتدربين انه وقع الاستغناء عن قاضي معين لسبب ادبي واحيل على المعهد العالي للقضاء من اجل التدريس فحتما لن يحظى بقبولهم .ان المعهد العالي للقضاء منارة علمية لايلجه سوى القضاة الناجحين من رجال القانون ،فاذا انتقلنا من مرحلة التدريب بالمعهد العالي للقضاء الى الفترة المخصصة لزيارة المؤسسات نجدها تحمل طابعا كرنفاليا لايستفيذ منه الملحقون القضائيون لقصر المدة من جهة ...ولحرص جهة الاستقبال على تلميع هذه الفترة بما لايستطيعمعه المتدربون ان يصلوا للغاية التي يسعون اليها ،وغالبا ما لايرجع القضاة المتدربون خلال فترة العمل الفعلي بالمحاكم إلى ماتم تحصيله خلال هذه الفترة لانعدام الجدوى ...اما الحل فيقتضي ان يتم ادماج هذه الفترة داخل مدة التدريب بالمعهد العالي للقضاء حتى يربط القاضي المتدرب بين المؤسسة التي يزورها والمختبر العلمي الذي يتواجد به بالمعهد بحضور مسؤول تلك المؤسسات من ابناك او مؤسسات عمومية اخرى .. ويتم تقييم هذه المرحلة بل اخضاع القضاة المتدربين لاختبارات كتابية او شفوية للوقوف على مدى الاستفادة الفعلية حتى لاتقف هذه الفترة عند حدود النزهة الشيقة لهذه المؤسسات .
إن فترة انتقال الملحق القضائي للتدريب بالمحاكم تفقد معناها متى لم يجد القاضي مكانا مخصصا لايداع بذلته بحيث نجد كل الملحقين القضائيين يحملون بذلتهم في الشارع وبالمقاهي ،وقد ينساها بعضهم بمطعم او مقهى ...واحيانا نجد القضاة المتدربون تائهين بأجنحة المحكمة ...يقفون بباب قاض لن يحضر أو هو غارق في ملفات المداولة أو بالجلسة حيث يضيع وقت المتدربين سدى ..
إن التدريب بالمحكمة يقتضي ان يخصص جناح بها للملحقين القضائيين ،يتوفر على مكاتب وأدوات العمل ...وأن تكون فترة التدريب موصولة ومنظمة ومراقبة ..تطبعها المواظبة والجدية وان يتم ملأ خانات التدريب بطريقة موضوعية بعيدة عن المجاملة لأنها بصدد تكوين قاضي ، ومتى احس هذا القاضي ان طابع الارتجال او المجاملات أو التفاهة هي السبب الوحيد أو الاوحد في مرحلته تلك ،فقد بوصلة الامان ، بل وشغل باله بأفكار سوداء تؤثر على قطاع القضاء وتصيبه في مقتل ...
لقد داب عدد كبير من القضاة المتدربين على حمل رزم من ملفات التحرير ليس للإستفادة منها بل لرفع العبء عن القاضي .. ويقاس سلوك القاضي المتدرب ومجهوده بمدى قبوله أو موافقته على تحرير الاحكام ،ويعتبر عنصرا مرفوض ا ومعقدا من لايرغب في ذلك ... وهذه بدعة تنم عن رغبة ملحة في استغلال الملحقين القضائيين بل و التأثير السلبي على مشوارهم في التدريب ، لذلك يجب التدخل بقوة لوضع حد لمثل هذه الانماط من السلوك بل وقد يترتب عن هذه العملية نتائج سلبية تهدد مستقبل القاضي من بينها :
1 ـ ضياع الملفات
2 تسريب معطيات النوازل
3ـ اكتفاء القضاة المقررين بما دونه الملحقون القضائيون دون مراجعة
4ـ تقييم عمل الملحق القضائي بمدى قبوله مبدأ تحرير الأحكام او لا
إن علاج فترة التدريب في جميع مراحلها تعد من الاصلاح القضائي وقد بينا كيفية العلاج ،بعد ان عرضنا لمكمنالداء
الفقرة الثالثة : كيف يتم ترقية القاضي :
بصرف النظر عن المدة التي تؤهل القاضي للترقية من درجة إلى درجة ، إذ ان طولها يعكس تذمرا ملحوظا لدى القضاة ...فإن الفلتات التي تمرق منها عدة ترقيات دون وجه حق تزيد هذا الاحتقان تأججا ..ففي غياب منهجية موضوعية وموحدة لترقية القضاة ،بل وفي غياب منهجية قارة ودائمة تنسل من افواج القضاة فئات تقع ترقيتها رغم ان منمثلهم في مدة العمل وتفوقهم في الكفاءة والنزاهة والاستقامة لايستفدون من الترقية ... إن مكمن الداء في هذا الشق من الموضوع يكمن في مسطرة الارتجال والمزاجية والمجاملة في اغلب الحالات من هنا يعلو صوت تذمر عدد ملحوظ من القضاة ،بل وينعكس ذلك على مردوديتهم واحيانا يؤدي بهم الإهمال واللام بالات إلى عدم قيامهم بعملهم على الوجه الاكمل مما ييسر الطريق نحو المجلس التأديبي
غن الاسباب التي تقف وراء الترقية اليدوية غير المبنية على معيار الكفاة والاستقامة يمكن اجمالها في مايلي :
1ـ  لجوء بعض مسؤولي المحاكم إلى التنقيط الموحدة للقضاة بدون تمييز بين الكف منهم وعدم الكفء ، مما يساعد من لايستحق الترقية الى القفز فوق الحواجز لبلوغها ،فقد لايكون عدد المناصب المالية كافيا ، ويفوز من لايستحق بالترقية إلى درجة اعلى ويقبع زميله المجد في طابور المنتظرين ، ويبرر بعض مسؤولي المحاكم هذا التنقيط العفوي البعيد كل البعد عن روح المسؤولية الى عدم رغبته في عرقلة مسيرة القاضي ،وهو بذلك يلحق ضررا فادحا بالقضاة الجادين ...وللعلم فإن القاضي غير الآبه بعمله والمعتمد على الوساطة في كل سكنة أو حركة من عمله يستفيد من هذا التنقيط الموحد ليحصل على مناصب مهمة وحساسة ومصيرية في السلم القضائي ،بل إن بعض المسؤولين القضائيين يلذ لهم ان يفتخروا بين زملائهم انهم يعاملون القضاة بطريقة موحدة ولايمسون ملفاتهم الادارية بأدنى سوء ...فيستوي العامل والخامل على حد سواء ... قد تكون نية هذا المسؤول سليمة ، لكن ان يسوى بين زيد وعمر رغم الفارق فهذا سلوك غير محمود وقياس مع الفارق .
2ـ المحاباة : يحرص بعض القضاة على التزلف والتملق وأداء الخدمة للعاملين في قطاع العدل ممن يفوقهم درجة أو مسؤولية ... ويجدون دوما آذان صاغية من نظريات جيدة واعتمادات بل واقتراحات الى مناصب اعلى ...ويجد القضاة انفسهم غير قادرين بتاتا على التصدي لهذا الوضع الرديئ مما يخلق تذمرا واحتقانا واحيانا اصطداما عنيفا بين القضاة والمسؤولين واحيانا فيما بينهم ،ولأن وسائل التملق والتزلف والمحاباة غير ذات حصر فإن القضاة من هذه الفئة يبحثون عن اية وسيلة لإرضاء من بيدهم سلطة لاتخاذ القرار ، وبالتالي فإنهم يعرفون سلفا انهم سيحققون مايصبو اليه بدون بذل اي مجهود اللهم المجهود الذي يبذلونه في خداع المسؤولين والتقرب إليهم ، وكم تكون صدمة هؤلاء قاتلة عندما يحالون على التقاعد او يعفون من مسؤولياتهم ، فلا يكلف القاضي المنعم عليه سلفا نفسه السؤال عن من سعى إلى ترقيته بل انه يحرص على تفادي اللقاء به ... وهذه الظاهرة شائعة وبامتياز في المحاكم ....
وهي تخلق اجواء مشحونة بالحنق بين القضاة الذين يتكلمون علانية عن فلان وفلان بقولهم ان ترقيته يقف من ورائها فلان او ان خطأه الفادح غفره له فلان أو فلان ... ولايمكن لأي إصلاح قضائي فعلي ان يتحقق بهذه الوسيلة التي تضرب الكفاءة والاستقامة في الصميم ويدخل في باب الوسائل التي تسيل لعاب القائمين على ترقية القضاة مايلي :
ـ الزيارات المتكررة لهم في كل مناسبة
ـ تقديم الهدايا الباهضة في المناسبات ، هدايا تبدو غير عادية بالمقارنة مع طبيعة المناسبة ازدياد مولود زواج ..حج .. مرض
ـ ايجاد حل لمشكل عرضي سفر ـ علاج ـ اقتناءسيارة
ـ المدح المجاني في المناسبات وأمام الملأ للمسؤول طمعا في الترقية او تولي لمنصب هام
ـ المظاهر الخادعة كادعاء التدين او الاخلاق الفاضلة او ما شابه ذلك .
إن هذه الطريقة غير السوية في تزكية قاض لايستحق الترقية او المسؤولية تفت في عضد النجاعة المطلوبة في عمل القاضي ...فالذي يبلغ هدفه بهذه الوسيلة لاجرم انه سوف يؤدي عمله بنفس الطريقة مع من هم تحت امرته فلا تتحقق الغاية
3 الشكايات الكيدية :
في إحدى المحاكم المملكة ،تم ضبط كاتب عمومي يلجأ إليه ذوي المصلحة من اجل شكايات كيدية مجهولة ضد القضاة .... ويستوي في الامر ان يكون الكاتب الفعلي للشكاية قاض او مواطن .. ونظرا لتجربة هذا الكاتب ،فإنه يعرف المصادر التي ينبغي ان تصل اليها هذه الشكايات لتتحرك عجلة التفتيش وتؤتي أكلها في اقرب الآجال يعرف القائمون بهذه الافعال الدنيئة ان الشكاية سوف تضم إلأى الملف الاداري للقاضي وقد تنتشر نسخها بين ديوان وزير العدل وكتابة المجلس الاعلى للقضاء ، فيصاب القاضي المعني بالشكاية بالذهول عندما تتعطل ترقييه بل ويشار إليه بأصابع الاتهام من زملائه بل واسرته ،خاصة عندما تقع ترقية من هو اقل منه مستوى ....والدهى والأمر ان المشتغلين على هذه الشكايات يعطونها ما تستحق من العناية والاثر قبل ان ينتظروا نتيجتها فحتى لو حفظت او رفضت فإن طول المدة وعدم انصاف القاضي ورد اعتباره يؤدي إلى تذمر فعلي حقيقي.
إن ذوي التجربة العامليين في باب كتابة الشكايات المجهولة والكيدية بمساعدة ممن يحقدون على القاضي المعني بتلك الشكاية يتفنون في صياغة اخبار التهويل واحيانا اضافة ما يرونه كفيلا بزعزعة كيان القاضي والمس بكرامته ...إن هذا النوع من الشكايات لايمس في الغالب من الحالات إلا القضاة الجادين وتأتي صيغة الشكاية كالتالي :
ـ إن الناس متذمرون من سلوك القاضي الفلاني بحيث اصبح الكل ينعته بأبشع النعوت لذلك نلتمس التعجيل بوضع حد لنعته وبطشه .
ـ عاين فاعل خير بالمكان الفلاني القاضي فلان يجلس مع متقاضين معينين وعند انتهاء اللقاء سلم للقاضي ظرف معين .
ـ إن المسؤول القضائي الفلاني يحرص على تعيين من لايخالفونه الراي في القضايا المهمة .
ـ إن زوجة القاضي الفلانية تستغل نفوذ زوجها وتتدخل في القضايا
ـ إن القاضي الفلاني سكير عربيد له صاحبة بالشقة الفلانية .
هذا النوع من الصياغة قد يكون مرعبا ومخيفا إذتبث الفعل حقيقة ،وقد لايكون كذلك ، متى وقف من ورائه ضمير دنئ يصطاد في الماء العكر ....ونظرا لحساسية منصب القاضي فإن مثل هذه الشكايات أو الضرب تحت الحزام تؤثر نفسيا على عمله ، إن التعامل بطريقة إرتجالية مع هذه البدع وترتيب الأثر الفوري عنها قبل التمحيص فيها يؤدي إلى نتائج وخيمة .
إن مالايقبله القاضي ان يكون المشتكى به نموذج للقاضي المنحرف  ولكن تقع ترقيته بالاسبقية عن زملائه مما يؤدي فعلا إلأى احتقان حقيقي وظاهر .
في فترة ما تم التفكير في طريقة للترقية لدرجة الاستثنائية فقيل ان الترقية للدرجة يستحقها القضاة الذين لاتوجد بملفهم الاداري شكاية فهم قضاة استثنائيون حسب الفهم المفاجأة انه لم يتم احترام هذا المعيار اذ تمت ترقية قضاة للدرجة الاستثنائية سبق ان احيلو ا على المجلس التأديبي وصدرت عقوبات في حقهم .
وبذلك فإن اصلاح القضاء يقتضي الثبات والاستقرار على معيار موضوعي ونبذ كل اسباب الترقية اليدوية المبنية على معايير غير موضوعية .
4ـ الفصل 26 من القانون الاساسي لرجال القضاء :
سمح هذا الفصل للمجلس الاعلى للقضاء او بمعنى اصح لوزير العدل ان تكون له السلطة التقديرية لتعيين القاضي في اي محكمة ...وعلى خلاف الترتيب المنطقي العادي المنسجم مع عدد السنوات التي يقضيها القاضي في العمل ....اصبح مضطرا للعمل في محكمة اقل درجة مما كان فيها او في نفس المحكمة مع انه رقي الى درجة اعلى ..حيث نشأعن هذا القصور في التدبير الاداري وجود وضعيات شاذة ،كان رئيس المحكمة او غيره لديها في الدرجة الثانية والقاضي او النائب يكون من الدرجة الاولى او الاستثنائية ،بل احيانا لايجد القاضي اي طعم في ترقيته وابقائه في نفس المحكمة ، وقد فسر احد الذين اشتغلوا بالادارة المركزية ،ان الترقية لم يعد لها الهدف منها سوى تحسين الوضعية المادية للقاضي لاغير فلا ارتباط لها بالكفاءة او شي من هذا القبيل ،وقد ساهم هذا النوع من السلوك على الاحتقان والسأم والملل ،وعلى مستوى جودة الاحكام اصبح سائغا ان تلغي محكمة الاستئناف مكونة من ثلاثة قضاة من الدرجة الثانية حكم اصدره قاض من الدرجة الأولى أو الاستثنائية وقد قال احد المتهكمين عن هذا الوضع المائل يجب التفكير في تقديم الدعاوي في مرحلة اولى امام محاكم الاستئناف ليتم تدارك ما وقع في احكامها من خطأقانوني امام المحاكم الابتدائية مادامت هذه تتوفر على قضاة ونواب من الدرجة الاعلى ...إن طريق الطعن معناه ان ينعقد الاختصاص الى هيئة اعلى من حيث الكفاءة والاقدمية ،والترقية هي عنوان ذلك اما القول بأن الترقية هي فقط سبيل لتحسين الوضع المادي مثل هذا القول له اثر وخيم على العملية القضائية في مجموعها ،ويعرف المجلس الاعلى بدوره قضاة من الدرجة الأولى بل الدرجة الثانية إلى الثالثة .. وهم مستعدون للنظر في قرارات اصدرها قضاة الدرجة الاستثنائية ، وقد روى احد رؤساء المحكمة ان احد القضاة الذي كان مقررا بهذه المحكمة اصبح يلغي احكام هذه الغرفة عندما التحق بالمجلس الاعلى ،إن هذا الوضع غير سليم بالمرة ويتسبب في غالب الاحيان في عدة نتائج سلبية اهمها :
1ـ عدم امتثال او احترام القاضي او نائب وكيل الملك الاعلى درجة للمسؤول الاقل منها
2ـ التذمر والاهمال والتضايق من العمل بسبب هذه الوضعية .
3ـ اصابع الاتهام التي توجه لهذه الفئة من طرف العاملين في الحقل القضائي والمتقاضين الذين يتهامسون فيما بينهم بالقول ان القاضي الفلاني تم تأديبه وغير ذلك من الأقاويل .
4ـ حرص هذه الفئة على انتشال نفسها من هذا الوضع وعزوفهم عن الرغبة في العمل .
إن هذه الوضعية المتأزمة تضرب  في الصميم الاصلاح القضائي ،إن ترقية القاضي مؤسسة على مدة العمل وكفاءة القاضي وسلوكه ،وبالتالي فإن الحفاظ على الوضع العادي والغاء الفصل 26 من القانون الاساسي لرجال القضاء كفيل بتحقيق الفائدة ،فيكون الهرم القضائي على الشكل التالي :
المحاكم الابتدائية : قضاة الدرجة الثالثة وقضاة الدرجة الثانية وتؤخد بعين الاعتبار اسناد ورؤساء الغرف لهذه الفئة وانتقاء المسؤولين القضائيين من الدرجة الأولى
محاكم الاستئناف قضاة الدرجة الاولى وقضاة الدرجة الاستثنائية وتؤخد بعين الاعتبار اسناد مهمة رؤساء الغرف لقضاة الدرجة الاستثنائية ، ولابد ان كون مسؤولي المحكمة من الدرجة الاستثنائية مع الاخذ بمعيار الاقدمية والكفاءة .
قضاة المجلس الاعلى : جميع القضاة من الدرجة الاستثنائية .

إنه حل مؤقت في انتظار تشريع قانون يعيد صياغة الدرجات بالشكل الذي يخلق نتائج ايجابية ، لاقاض من الدرجة الثالثة بالمجلس الاعلى وقاض من الدرجة ىلاستثنائية بالمحكمة الابتدائية .