mardi 2 juillet 2013

مقالة الاستاذ رشيد مشقاقة بمجلة (الغد العدد الخامس شتاء 2012 ) الاصلاح القضائي : مكامن الخلل وسبل العلاج

ضمن سلسة قرأت لكم مقالة متميزة عن كيفية تدبير المسار المهني للقاضي المغربي والحقائق الصادمة التي وضع عليها الاستاذ رشيد مشقاقة اصابعه مقالة منشورة بالعدد الخامس لمجلة الغد (شتاء
2012)


الاصلاح القضائي : مكامن الخلل وسبل العلاج ذ/ رشيد مشقاقة
مقدمة : يحجم عدد لايستهان به من القضاة عن الخوض في موضوع إصلاح القضاء لاقتناعهم بأن حديثهم مجرد سمر ليلي للإستهلاك فقط .. وأن وزارة العدل تعتبر وجهات النظر المدلى بها مجرد تشويش وبلبلة لابد من التصدي لها بكافة الطرق ، وعلى راسها التأثير على المسار المهني للقاضي من خلال وضع قشور الموز والحفر والوعيد حتى ينصرف عما يفكر فيه ويؤؤدي عمله الطبيعي كقاض جالس أو واقف . إن السباحة الحرة في بحر النظريات المتلاطم الأمواج بهدف إرساء سفينة الإصلاح القضائي على مرفإ آمن ليس فكرة صائبة ...فما يحتاج إليه إصلاح القضاء ليس النقد اليدوي بقدر ما يحتاج إلى الحذف الفوري للعديد من التقاليد التي سار عليها القضاء منذ إنشاء وزارة العدل ...آن الأوان للتفكير في وضع اسس موضوعية موحدة في كل شاذة وفاذة ذات صلة بقطاع العدل بوجه عام والقضاء بوجه خاص ،ولكي نقف بالقارئ على مكامن الخلل نقترح في هذه العجالة ان نكشف الداء وفي ذات الفقرة نورد سبل العلاج الذي نستنسبه ، ملفتين الانتباه إلى اننا لسنا في حاجة لأية مراجع فقهية أو قضائية للخوض في هذا الموضوع بقدر ما نجد في ممارستنا العملية لأزيد من ربع قرن منهلا خصبا ورافدا هاما لبناء ما نعتبره قضاء متين البنيان.
ولأجل هذه الغاية سوف نقسم الموضوع إلى عدة فقرات كالآتي :
الفقرة الأولى : طريقة اختيار القاضي غير سليمة
بصرف النظر عن موضوع السن التي تسمح بولوج مبارة اختيار القضاة ،والتي لانعتقد انها تشكل عائقا عن الممارسة الامثل للمهنة....فإن اشتراط حصول المترشح على ميزة معينة خلال الاربع او ثلاث سنوات من سنوات الاجازة ،أو الحصول على شهادة الماستر او ما يوازي ذلك هو الذي يشكل العائق ويحرم العديد من ذوي الكفاات على الاشتغال بمهنة القضاء ،بل ويساهم بصورة مباشرة في خلق اجواء الاحتقان واليأس ،فعندما يعرف الطالب الذي حصل على ميزة مقبول في السنة الأولى من الدراسة الجامعية أنه لن يكون قاضيا في المستقبل وقد يكون ذا موهبة فإن هذا الاحساس بالفشل يؤثر سلبا على مسيرته العملية ،وبالمقابل ذلك فإن الجامعات المغربية ليست على درجة واحدة من الموضوعية ،ويروج في الوسط الجامعي اخبار عن التجارة في النتائج والميزات ...بل إن شخص الاستاذ الجامعي يختلف من جامعة لأخرى ،داخل الحرم الجامعي ذاته ،وبالتالي فإن اقصاء عدد لايستهان به من الطلبة الراغبين في مزاولة مهنة القضاء ليس حلا مقبولا ،بل إن فتح الباب امام من يجيدون فن الغش او الوساطة او مايصب في ذات المحصلة يفرز في الحقل القضائي عينة من منعدمي الضمائر الذين تتاح لهم استقبالا حرفة تولي مهام جسيمة ومن شأن ذلك ان يؤثر سلبا على العملية القضائية السليمة .
لافرق بين من حصل على ميزة مقبول وميزة مستحسن او حسن ، هذه الميزات لاتعكس الموضوعية ، ولاتعبر عن مقدرة وكفاءة صاحبها ،وما نقوله هو واقع ملموس ولي سخيالا او افتراضا ...إن رسوب من حصل على ميزة مستحسن في اختبار الملحقين القضائيين وتفوق من حصل على ميزة مقبول يبرر الطريقة غير السليمة التي يتم تنقيط الطلبة خلال المرحلة الجامعية والعديد منهم متذمرون من هذه الوضعية بل إن الحصول على شهادة الماستر اصبح سهلا إذ لايتجاوز فترة امتحان المرشح لها عشلرة دقائق بالتمام والكمال ،وقبول لجنة الامتحان هذه الشهادة تفتح الباب لهذا النوع من المترشحين ، المباراة ويخلف استياء عارما وقلقا للطالب غير المقبول وذويه مما ينبغي معه ضرورة اعادة النظر في طريقة منح هذه الشواهد بل والتفكير في مراقبة ذلك عن كثب ،وقد علق احد القضاة على ذلك قائلا في فترة الثمانينات كانت سبورة نتيجة دبلوم الدراسات العليا تعلن : نجاح طالب واحد أو لاأحد ) اما اليوم فعدد المعتبرين في عداد الناجحين اكثر بكثير من عدد الراسبين ، هذه ظاهرة مرضية واجبة العلاج إذا كان الحل في نظرنا هو اخضاع المجازين جميعا لمباراة موحدة قصد ولوج المعهد العالي للقضاء،فإن الوقوف الفعلي على كفاءة المترشح يقتضي انتقاء اللجان المشهود لها بالكفاءة والموضوعية والاستقامة وحب الوطن واستبعاد كل من يرغب في جلوس افراد عائلته على كراسي القضاء ضدا على الشرعية واهدار ا للشفافية والطاقات الفكرية . للكفاءات ..يستغرب الطلبة احيانا عندما يشيرون اصابع الاتهام إلى نجاح زملاء أو زميلات لهم في الدراسة لايفقهون شيئا ولإصلاح القضاء لابد من القضاء الفوري والعاجل على مثل هذه الاجواء التي تضر وتمس بالجهاز القضائي بأكمله ، ليس مستحيلا ان يختبر ـ بداية ـ المترشحين ـ شفويا على قدراتهم الفكرية ، فالقضاة المؤهلون لاختبار ذلك ، يمكن فسح المجال امام الاختبار الكتابي شريطة تسليط العقاب على كل عملية غش ، فالمترشح للقضاء الذي يغش في الاختبارين الشفوي والكتابي هو مشروع مرتشي أو منحرف في اقرب الآجال .
وفي نفس السياق فإن تفعيل المقتضيات القانونية التي تسمح بولوج مهنة القضاء للعاملين بكتابة الضبط او المحامين او الاساتذة الجامعيين يقتضي ان يعتمد التفعيل كفاءة هذه الفئات بعيدا عن اية مجاملة او مزايدة او انتقاء تعسفي ..نعم قد تكون فائدة القطاع من هذه الفئات ايجابية بالنظر إلى طول تجربتهم ودرايتهم بالعملية القضائية ...لكن ان يجعل من اختبارات هذه الفئات مجرد اشكالية شكلية دون التأكد من كفاءتهم واستعدادهم لتحمل المهمة القضائية ، أو اعتماد معيار حزبي لولوج افراد معينين إلى فضاء القضاء من شأنه أن يلحق ضررا فادحا بالقضاء..وقد أثبتت التجربة ان عدد من هؤلاء ممن يمارسون بمحاكم الموضوع أو محكمة القانون لم يضيفوا للقضاء شيئا بقدر ما اضافوا لوضعيتهم المادية تحسنا ملموسا ،هذا دون ان ننكر على البعض منهم المقدرة العلمية والعملية التي إستفاد منها القضاء فعلا ولذلك نرى كوجهة نظر أن يتم الاختبار في هذا الشأن من قبل لجنة مشهود لها بالكفاءة والموضوعية والنزاهة ،يقول احد القضاة إن اكتفاء كاتب الضبط بوضع بذلة القاضي بمكتبه الكبير دون ممارسة عملية فعلية لايخدم المصلحة القضائية ولذلك فإن نبد كل اسباب المحاباة والمجاملة لإصطفاء القضاة من هذه الفئات يقتضي ان يكون المؤهل لهذه المهمة هم كبار القضاة من ذوي الكفاة والاتزان وليس اية جهة إدارية لادراية لها بالمهمة القضائية .
لاينبغي ان نستهين بخطورة هذا الذي نعتبره مجرد تحسين لوضعية الموظف ،او الممتهن مهنة حرة ،إن مهمة القاضي سامية ....وتبعات الاختبار السيء هي التي تؤثر استقبالا على نجاعة وصمود القرار القضائي ، وتفتح الباب للإعلام كي يوجه سهام النقد للعديد من الممارسات التي لاتليق برجال القضاء .
قال احد اعضاء لجنة الامتحان الشفوي الخاص باختبار القضاة وهو استاذ جامعي مبرز انه سمع جوابا غريبا من مترشح فلم يفهم : قال المترشح ((( العمل قرينة على الزنا )))كرر عليه الممتحن السؤال : ماذا تعني بذلك ،فأصر المترشح على القول (( العمل قرينة على الزنا )) فما كان من الممتحن إلا ان يطلب منه موافاته بالمرجع الذي قرأ فيه هذا الكلام ، وكم كانت خيبة الممتحن بادية عندما وجد بالدفتر الذي امامه الجملة الصحيحة وهي (( الحمل قرينة على الزنا )) وقد قرأها المترشح هكذا حفظا بليدا ...واضاف الحاكي هذا الذي قال العمل قرينة على الزنا هذا الذي قال العمل قرينة على الزنا يتولى منصبا قضائيا مرموقا بدون وجه حق ....
من بين هذه المسام المرضية والثغرات اللا فتة للانتباه تمرق فئات لاتملك اقل شروط القاضي المتعارف عليها وهي العقل فبالاحرى ان تنشأهذا الفصل موهبة
خصصنا ههذه الفقرة لطريقة اختيار القاضي ،وفي ذات الوقت ينبغي العمل على تغيير لجنة الاختبار وعدم تكرار نفس الاسماء اقتداء بالنهج القويم المشبع بالشفافية والنزاهة .
نحن نحب هذا البلد ....ونحرص على المصلحة العامة ومن المصلحة العامة أن لاتتكرر نفس الاسماء في لجنة الامتحان ونفس الاسماء في المترشحين ونفس الاسماء في المسؤولين داخل المغرب وخارجه ...في هذه العملية نوع من الاجهاز على حقوق الطلبة المحرومين من ذوي الاسر الفقيرة الذين ينتظرون بشغف ان يصبح ابنهم قاضيا في حين يغصب منه المنصب من لاسلطان له سوى من الغش والحيلة .
دون الخوض في التفاصيل ،فان طريقة التدريس بالمعهد العالي للقضاء تفتقد الضوابط المتعارف عليها في مجال التعليم وأولها انعدام اية وسيلة لانتقاء المدرسين ...ولهذا السبب ،يتم ابتكار وسائل ارتجالية لهذا الغرض ،ولاتخرج هذه الوسائل عما يلي :
أـ تكليف بعض المسؤولين القضائيين بمهمة التدريس ،ويستمرون فيها ما استمروا يحملون تلك الصفة ويتم الاستغناء عنهم متى تقرر اعفائهم منها
ب ـ الاستغناء عن بعض القضاة العاملين بالمجلس الاعلى واحالتهم على المعهد العالي للقضاء فيصبحون بعد ذلك اطر للرياضة ،بل تم تكوين فرقة لكرة القدم والدخول في اقصائيات للفوز بالبطولة،ولاتختلف فترة التدريب بالمعهد العالي للقضاء عن مثيلتها بالمحاكم فهذه الأخيرة لاتتوفر على قاعات خاصة بالملحقين القضائيين الوافدين عليها وقد تستغل الخزانة او قاعات الاجتماعات لهذا الغرض كما ان البرنامج الذي يتم وضعه باعتبار المجالات الواجب التدريب فيها لايقع احترامه مضمونا ،وانما من حيث الشكل ....ويحرص الملحقون القضائيون على ضرورة الحضور المادي مخافة تسجيل الغياب وترتيب أثره عند النعيين ...كما لايجد القضاة المتدربون الفرصة الكافية لابداء الراي والاستفادة لسببين اثنين : اولهما حرص بعض المسؤولين القضائين على تكليف من يعطفون عليهم من القضاة للقيام بمهمة التكوين وهؤلاء لايفيدون في شيء عملا بمبدأ فاقد الشيء لايعطيه ،بل إن هؤلاء المكونين يعتبرون اختيارهم من طرف المسؤول القضائي ميزة وترقية تجعلهم متفوقين عن غيرهم ، ويسلك هؤلاء المكونين طرق الدماثة والمدح المجاني للملحقين القضائين وغض الطرف عن حضورهم وابداء نظريات فارغة في حقهم لضمان بقائهم المكونين الدائمين لهؤلاء الملحقين القضائيين ،اما السبب الثاني ،فان الراغبين فعلا في تكوين هؤلاء الملحقين القضائيين لاتتاح لهم من جهة الفرصة لذلك ،كما ان وقت التدريب يتزامن مع تاريخ الجلسات والمداولات مما يتعذر فعلا القيام بهذه المهمة .
ان الاصلاح القضائي المنشود يقضي اعادة النظر في طريقة تدريب القاضي المتدرب ....فالمعهد العالي للقضاء مدرسة للتدريب فينبغي ان تكون اطر التدريس العاملة به خاضعة لمقاييس موضوعية عامة ومجردة مؤسسة على ضوابط ..وليست اجراءات وقتية عارضة تزول بزوال الصلة التي تم بها اختيار المدرس للقيام بمهمة التكوين .
وعلاج ذلك يقتضي وضع استراتيجية محدة المعالم بمقتضاها يتم انتقاء المدرسين على غرار ماهو معمول به في انظمة التعليم في الدول المقارنة كا ان مايتم تلقينه للقضاة الجدد يجب ان يخضع للمراقبة وللتتبع حفاظا من جهة على قدسية مهنة القضاء وصحة المعلومات المقدمة وكذا الوقت الثمين ....ويمكن في هذا الباب خلق باب التفرغ للتدريس لمن يرغب في ذلك ...مع اجراء امتحان لنيل شهادة مدرس بالمعهد العالي للقضاء ..بحيث لايعقل ان يختار بعض النافدين ذويه للتدريس او من لهم به مصلحة ،فمثل هذا السلوك يساهم في تعطل الملكة القضائية لدى الملحقين القضائيين بل يساهم في انتشار اسباب التذمر .
أضف إلى ذلك أن الطريقة البيداغوجية في التدريس يفتقدها عدد لايستهان به من المكونين ...وهذه الطريقة ليست وحيا يوحى ،بل هي مرحلة يجب ان يصلها من يرغب في الادارة او التدريس بالمعهد العالي للقضاء ،فزرع اسباب الخوف والفزع والهلع في قلوب قضائية طرية من شأنه ان يعصف بملكتها ويطوح بها ،ان القاضي المتدرب يفقد اهم شروط القاضي الكفء وهي الشجاعة الادبية والثقة متى ارتعدت فرائصه كلما مر بجواره اطار اداري بالمعهد العالي للقضا ،يجب لتفكير جيدا في عدم اسناد مثل هذه المهام الجليلة لمن يفتقدون هذا الشرط وهو التكوين النفسي والسيكولوجي ،يضاف الى ذلك انه متى بلغ الى علم القضاة المتدربين انه وقع الاستغناء عن قاضي معين لسبب ادبي واحيل على المعهد العالي للقضاء من اجل التدريس فحتما لن يحظى بقبولهم .ان المعهد العالي للقضاء منارة علمية لايلجه سوى القضاة الناجحين من رجال القانون ،فاذا انتقلنا من مرحلة التدريب بالمعهد العالي للقضاء الى الفترة المخصصة لزيارة المؤسسات نجدها تحمل طابعا كرنفاليا لايستفيذ منه الملحقون القضائيون لقصر المدة من جهة ...ولحرص جهة الاستقبال على تلميع هذه الفترة بما لايستطيعمعه المتدربون ان يصلوا للغاية التي يسعون اليها ،وغالبا ما لايرجع القضاة المتدربون خلال فترة العمل الفعلي بالمحاكم إلى ماتم تحصيله خلال هذه الفترة لانعدام الجدوى ...اما الحل فيقتضي ان يتم ادماج هذه الفترة داخل مدة التدريب بالمعهد العالي للقضاء حتى يربط القاضي المتدرب بين المؤسسة التي يزورها والمختبر العلمي الذي يتواجد به بالمعهد بحضور مسؤول تلك المؤسسات من ابناك او مؤسسات عمومية اخرى .. ويتم تقييم هذه المرحلة بل اخضاع القضاة المتدربين لاختبارات كتابية او شفوية للوقوف على مدى الاستفادة الفعلية حتى لاتقف هذه الفترة عند حدود النزهة الشيقة لهذه المؤسسات .
إن فترة انتقال الملحق القضائي للتدريب بالمحاكم تفقد معناها متى لم يجد القاضي مكانا مخصصا لايداع بذلته بحيث نجد كل الملحقين القضائيين يحملون بذلتهم في الشارع وبالمقاهي ،وقد ينساها بعضهم بمطعم او مقهى ...واحيانا نجد القضاة المتدربون تائهين بأجنحة المحكمة ...يقفون بباب قاض لن يحضر أو هو غارق في ملفات المداولة أو بالجلسة حيث يضيع وقت المتدربين سدى ..
إن التدريب بالمحكمة يقتضي ان يخصص جناح بها للملحقين القضائيين ،يتوفر على مكاتب وأدوات العمل ...وأن تكون فترة التدريب موصولة ومنظمة ومراقبة ..تطبعها المواظبة والجدية وان يتم ملأ خانات التدريب بطريقة موضوعية بعيدة عن المجاملة لأنها بصدد تكوين قاضي ، ومتى احس هذا القاضي ان طابع الارتجال او المجاملات أو التفاهة هي السبب الوحيد أو الاوحد في مرحلته تلك ،فقد بوصلة الامان ، بل وشغل باله بأفكار سوداء تؤثر على قطاع القضاء وتصيبه في مقتل ...
لقد داب عدد كبير من القضاة المتدربين على حمل رزم من ملفات التحرير ليس للإستفادة منها بل لرفع العبء عن القاضي .. ويقاس سلوك القاضي المتدرب ومجهوده بمدى قبوله أو موافقته على تحرير الاحكام ،ويعتبر عنصرا مرفوض ا ومعقدا من لايرغب في ذلك ... وهذه بدعة تنم عن رغبة ملحة في استغلال الملحقين القضائيين بل و التأثير السلبي على مشوارهم في التدريب ، لذلك يجب التدخل بقوة لوضع حد لمثل هذه الانماط من السلوك بل وقد يترتب عن هذه العملية نتائج سلبية تهدد مستقبل القاضي من بينها :
1 ـ ضياع الملفات
2 تسريب معطيات النوازل
3ـ اكتفاء القضاة المقررين بما دونه الملحقون القضائيون دون مراجعة
4ـ تقييم عمل الملحق القضائي بمدى قبوله مبدأ تحرير الأحكام او لا
إن علاج فترة التدريب في جميع مراحلها تعد من الاصلاح القضائي وقد بينا كيفية العلاج ،بعد ان عرضنا لمكمنالداء
الفقرة الثالثة : كيف يتم ترقية القاضي :
بصرف النظر عن المدة التي تؤهل القاضي للترقية من درجة إلى درجة ، إذ ان طولها يعكس تذمرا ملحوظا لدى القضاة ...فإن الفلتات التي تمرق منها عدة ترقيات دون وجه حق تزيد هذا الاحتقان تأججا ..ففي غياب منهجية موضوعية وموحدة لترقية القضاة ،بل وفي غياب منهجية قارة ودائمة تنسل من افواج القضاة فئات تقع ترقيتها رغم ان منمثلهم في مدة العمل وتفوقهم في الكفاءة والنزاهة والاستقامة لايستفدون من الترقية ... إن مكمن الداء في هذا الشق من الموضوع يكمن في مسطرة الارتجال والمزاجية والمجاملة في اغلب الحالات من هنا يعلو صوت تذمر عدد ملحوظ من القضاة ،بل وينعكس ذلك على مردوديتهم واحيانا يؤدي بهم الإهمال واللام بالات إلى عدم قيامهم بعملهم على الوجه الاكمل مما ييسر الطريق نحو المجلس التأديبي
غن الاسباب التي تقف وراء الترقية اليدوية غير المبنية على معيار الكفاة والاستقامة يمكن اجمالها في مايلي :
1ـ  لجوء بعض مسؤولي المحاكم إلى التنقيط الموحدة للقضاة بدون تمييز بين الكف منهم وعدم الكفء ، مما يساعد من لايستحق الترقية الى القفز فوق الحواجز لبلوغها ،فقد لايكون عدد المناصب المالية كافيا ، ويفوز من لايستحق بالترقية إلى درجة اعلى ويقبع زميله المجد في طابور المنتظرين ، ويبرر بعض مسؤولي المحاكم هذا التنقيط العفوي البعيد كل البعد عن روح المسؤولية الى عدم رغبته في عرقلة مسيرة القاضي ،وهو بذلك يلحق ضررا فادحا بالقضاة الجادين ...وللعلم فإن القاضي غير الآبه بعمله والمعتمد على الوساطة في كل سكنة أو حركة من عمله يستفيد من هذا التنقيط الموحد ليحصل على مناصب مهمة وحساسة ومصيرية في السلم القضائي ،بل إن بعض المسؤولين القضائيين يلذ لهم ان يفتخروا بين زملائهم انهم يعاملون القضاة بطريقة موحدة ولايمسون ملفاتهم الادارية بأدنى سوء ...فيستوي العامل والخامل على حد سواء ... قد تكون نية هذا المسؤول سليمة ، لكن ان يسوى بين زيد وعمر رغم الفارق فهذا سلوك غير محمود وقياس مع الفارق .
2ـ المحاباة : يحرص بعض القضاة على التزلف والتملق وأداء الخدمة للعاملين في قطاع العدل ممن يفوقهم درجة أو مسؤولية ... ويجدون دوما آذان صاغية من نظريات جيدة واعتمادات بل واقتراحات الى مناصب اعلى ...ويجد القضاة انفسهم غير قادرين بتاتا على التصدي لهذا الوضع الرديئ مما يخلق تذمرا واحتقانا واحيانا اصطداما عنيفا بين القضاة والمسؤولين واحيانا فيما بينهم ،ولأن وسائل التملق والتزلف والمحاباة غير ذات حصر فإن القضاة من هذه الفئة يبحثون عن اية وسيلة لإرضاء من بيدهم سلطة لاتخاذ القرار ، وبالتالي فإنهم يعرفون سلفا انهم سيحققون مايصبو اليه بدون بذل اي مجهود اللهم المجهود الذي يبذلونه في خداع المسؤولين والتقرب إليهم ، وكم تكون صدمة هؤلاء قاتلة عندما يحالون على التقاعد او يعفون من مسؤولياتهم ، فلا يكلف القاضي المنعم عليه سلفا نفسه السؤال عن من سعى إلى ترقيته بل انه يحرص على تفادي اللقاء به ... وهذه الظاهرة شائعة وبامتياز في المحاكم ....
وهي تخلق اجواء مشحونة بالحنق بين القضاة الذين يتكلمون علانية عن فلان وفلان بقولهم ان ترقيته يقف من ورائها فلان او ان خطأه الفادح غفره له فلان أو فلان ... ولايمكن لأي إصلاح قضائي فعلي ان يتحقق بهذه الوسيلة التي تضرب الكفاءة والاستقامة في الصميم ويدخل في باب الوسائل التي تسيل لعاب القائمين على ترقية القضاة مايلي :
ـ الزيارات المتكررة لهم في كل مناسبة
ـ تقديم الهدايا الباهضة في المناسبات ، هدايا تبدو غير عادية بالمقارنة مع طبيعة المناسبة ازدياد مولود زواج ..حج .. مرض
ـ ايجاد حل لمشكل عرضي سفر ـ علاج ـ اقتناءسيارة
ـ المدح المجاني في المناسبات وأمام الملأ للمسؤول طمعا في الترقية او تولي لمنصب هام
ـ المظاهر الخادعة كادعاء التدين او الاخلاق الفاضلة او ما شابه ذلك .
إن هذه الطريقة غير السوية في تزكية قاض لايستحق الترقية او المسؤولية تفت في عضد النجاعة المطلوبة في عمل القاضي ...فالذي يبلغ هدفه بهذه الوسيلة لاجرم انه سوف يؤدي عمله بنفس الطريقة مع من هم تحت امرته فلا تتحقق الغاية
3 الشكايات الكيدية :
في إحدى المحاكم المملكة ،تم ضبط كاتب عمومي يلجأ إليه ذوي المصلحة من اجل شكايات كيدية مجهولة ضد القضاة .... ويستوي في الامر ان يكون الكاتب الفعلي للشكاية قاض او مواطن .. ونظرا لتجربة هذا الكاتب ،فإنه يعرف المصادر التي ينبغي ان تصل اليها هذه الشكايات لتتحرك عجلة التفتيش وتؤتي أكلها في اقرب الآجال يعرف القائمون بهذه الافعال الدنيئة ان الشكاية سوف تضم إلأى الملف الاداري للقاضي وقد تنتشر نسخها بين ديوان وزير العدل وكتابة المجلس الاعلى للقضاء ، فيصاب القاضي المعني بالشكاية بالذهول عندما تتعطل ترقييه بل ويشار إليه بأصابع الاتهام من زملائه بل واسرته ،خاصة عندما تقع ترقية من هو اقل منه مستوى ....والدهى والأمر ان المشتغلين على هذه الشكايات يعطونها ما تستحق من العناية والاثر قبل ان ينتظروا نتيجتها فحتى لو حفظت او رفضت فإن طول المدة وعدم انصاف القاضي ورد اعتباره يؤدي إلى تذمر فعلي حقيقي.
إن ذوي التجربة العامليين في باب كتابة الشكايات المجهولة والكيدية بمساعدة ممن يحقدون على القاضي المعني بتلك الشكاية يتفنون في صياغة اخبار التهويل واحيانا اضافة ما يرونه كفيلا بزعزعة كيان القاضي والمس بكرامته ...إن هذا النوع من الشكايات لايمس في الغالب من الحالات إلا القضاة الجادين وتأتي صيغة الشكاية كالتالي :
ـ إن الناس متذمرون من سلوك القاضي الفلاني بحيث اصبح الكل ينعته بأبشع النعوت لذلك نلتمس التعجيل بوضع حد لنعته وبطشه .
ـ عاين فاعل خير بالمكان الفلاني القاضي فلان يجلس مع متقاضين معينين وعند انتهاء اللقاء سلم للقاضي ظرف معين .
ـ إن المسؤول القضائي الفلاني يحرص على تعيين من لايخالفونه الراي في القضايا المهمة .
ـ إن زوجة القاضي الفلانية تستغل نفوذ زوجها وتتدخل في القضايا
ـ إن القاضي الفلاني سكير عربيد له صاحبة بالشقة الفلانية .
هذا النوع من الصياغة قد يكون مرعبا ومخيفا إذتبث الفعل حقيقة ،وقد لايكون كذلك ، متى وقف من ورائه ضمير دنئ يصطاد في الماء العكر ....ونظرا لحساسية منصب القاضي فإن مثل هذه الشكايات أو الضرب تحت الحزام تؤثر نفسيا على عمله ، إن التعامل بطريقة إرتجالية مع هذه البدع وترتيب الأثر الفوري عنها قبل التمحيص فيها يؤدي إلى نتائج وخيمة .
إن مالايقبله القاضي ان يكون المشتكى به نموذج للقاضي المنحرف  ولكن تقع ترقيته بالاسبقية عن زملائه مما يؤدي فعلا إلأى احتقان حقيقي وظاهر .
في فترة ما تم التفكير في طريقة للترقية لدرجة الاستثنائية فقيل ان الترقية للدرجة يستحقها القضاة الذين لاتوجد بملفهم الاداري شكاية فهم قضاة استثنائيون حسب الفهم المفاجأة انه لم يتم احترام هذا المعيار اذ تمت ترقية قضاة للدرجة الاستثنائية سبق ان احيلو ا على المجلس التأديبي وصدرت عقوبات في حقهم .
وبذلك فإن اصلاح القضاء يقتضي الثبات والاستقرار على معيار موضوعي ونبذ كل اسباب الترقية اليدوية المبنية على معايير غير موضوعية .
4ـ الفصل 26 من القانون الاساسي لرجال القضاء :
سمح هذا الفصل للمجلس الاعلى للقضاء او بمعنى اصح لوزير العدل ان تكون له السلطة التقديرية لتعيين القاضي في اي محكمة ...وعلى خلاف الترتيب المنطقي العادي المنسجم مع عدد السنوات التي يقضيها القاضي في العمل ....اصبح مضطرا للعمل في محكمة اقل درجة مما كان فيها او في نفس المحكمة مع انه رقي الى درجة اعلى ..حيث نشأعن هذا القصور في التدبير الاداري وجود وضعيات شاذة ،كان رئيس المحكمة او غيره لديها في الدرجة الثانية والقاضي او النائب يكون من الدرجة الاولى او الاستثنائية ،بل احيانا لايجد القاضي اي طعم في ترقيته وابقائه في نفس المحكمة ، وقد فسر احد الذين اشتغلوا بالادارة المركزية ،ان الترقية لم يعد لها الهدف منها سوى تحسين الوضعية المادية للقاضي لاغير فلا ارتباط لها بالكفاءة او شي من هذا القبيل ،وقد ساهم هذا النوع من السلوك على الاحتقان والسأم والملل ،وعلى مستوى جودة الاحكام اصبح سائغا ان تلغي محكمة الاستئناف مكونة من ثلاثة قضاة من الدرجة الثانية حكم اصدره قاض من الدرجة الأولى أو الاستثنائية وقد قال احد المتهكمين عن هذا الوضع المائل يجب التفكير في تقديم الدعاوي في مرحلة اولى امام محاكم الاستئناف ليتم تدارك ما وقع في احكامها من خطأقانوني امام المحاكم الابتدائية مادامت هذه تتوفر على قضاة ونواب من الدرجة الاعلى ...إن طريق الطعن معناه ان ينعقد الاختصاص الى هيئة اعلى من حيث الكفاءة والاقدمية ،والترقية هي عنوان ذلك اما القول بأن الترقية هي فقط سبيل لتحسين الوضع المادي مثل هذا القول له اثر وخيم على العملية القضائية في مجموعها ،ويعرف المجلس الاعلى بدوره قضاة من الدرجة الأولى بل الدرجة الثانية إلى الثالثة .. وهم مستعدون للنظر في قرارات اصدرها قضاة الدرجة الاستثنائية ، وقد روى احد رؤساء المحكمة ان احد القضاة الذي كان مقررا بهذه المحكمة اصبح يلغي احكام هذه الغرفة عندما التحق بالمجلس الاعلى ،إن هذا الوضع غير سليم بالمرة ويتسبب في غالب الاحيان في عدة نتائج سلبية اهمها :
1ـ عدم امتثال او احترام القاضي او نائب وكيل الملك الاعلى درجة للمسؤول الاقل منها
2ـ التذمر والاهمال والتضايق من العمل بسبب هذه الوضعية .
3ـ اصابع الاتهام التي توجه لهذه الفئة من طرف العاملين في الحقل القضائي والمتقاضين الذين يتهامسون فيما بينهم بالقول ان القاضي الفلاني تم تأديبه وغير ذلك من الأقاويل .
4ـ حرص هذه الفئة على انتشال نفسها من هذا الوضع وعزوفهم عن الرغبة في العمل .
إن هذه الوضعية المتأزمة تضرب  في الصميم الاصلاح القضائي ،إن ترقية القاضي مؤسسة على مدة العمل وكفاءة القاضي وسلوكه ،وبالتالي فإن الحفاظ على الوضع العادي والغاء الفصل 26 من القانون الاساسي لرجال القضاء كفيل بتحقيق الفائدة ،فيكون الهرم القضائي على الشكل التالي :
المحاكم الابتدائية : قضاة الدرجة الثالثة وقضاة الدرجة الثانية وتؤخد بعين الاعتبار اسناد ورؤساء الغرف لهذه الفئة وانتقاء المسؤولين القضائيين من الدرجة الأولى
محاكم الاستئناف قضاة الدرجة الاولى وقضاة الدرجة الاستثنائية وتؤخد بعين الاعتبار اسناد مهمة رؤساء الغرف لقضاة الدرجة الاستثنائية ، ولابد ان كون مسؤولي المحكمة من الدرجة الاستثنائية مع الاخذ بمعيار الاقدمية والكفاءة .
قضاة المجلس الاعلى : جميع القضاة من الدرجة الاستثنائية .

إنه حل مؤقت في انتظار تشريع قانون يعيد صياغة الدرجات بالشكل الذي يخلق نتائج ايجابية ، لاقاض من الدرجة الثالثة بالمجلس الاعلى وقاض من الدرجة ىلاستثنائية بالمحكمة الابتدائية .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire