dimanche 31 mars 2013

تفصيل الخطاب العجيب في استقلال قضاة النيابة العامة عن الوزير


تفصيل الخطاب العجيب في استقلال  قضاة النيابة العامة عن الوزير

مقدمة :
 الامر رهين بكفالة وضمانة الوزير من المسائلة والمحاسبة ،فمازال بعض مناهضي استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية  بعد الدستور الجديد ،يوزعون صكوك الغفران المستخرجة من صخرة (عفا الله عما سلف) ،فهؤلاء السياسيين  ومن يدور في فلكهم يرهنون استقلالية قضاة النيابة العامة من حجر السلطة التنفيذية  ،بخوف و صعوبة واستحالة مسائلتها ومسؤوليتها ( توظيف الخطاب الإلهي الوارد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ) لتسيير توجهات بعض السياسيين ( الجنة والنعيم مقابل العذاب والعقاب )بل إن موجة الاسقاطات هي التي تحاول تبرير بعض السلوكيات الغير المنسجمة مع بنية السلطة بالمغرب ،وذلك عندما يتوجه مسؤولنا بالسؤال لبعض الدبلوماسيين الاجانب ،هل وزير العدل عندكم يعطي تعليماته لقضاة النيابة العامة ؟فيتلقى وزيرنا بانشراح شديد الجواب بالإيجاب ،متناسيا ان هؤلاء الاجانب قد وضعوا آليات متعددة لمراقبة عمل عضو الحكومة في العدل وان اي خطأ صادر من طرفه قد يزج بالحكومة وأعضائها للسقوط والمسائلة (مثلا عند خرق الدستور او توجيه تعليمات انتقائية ضيقة ) أو عندما يبررون الاقتطاعات للموظفين من اجورهم بكون امريكا وألمانيا تفعل ذلك ،الأجر مقابل العمل متناسيين ان ميزانية اضعف نقابة بتلك الدول تساوي ميزانية المغرب لسنة لمدة عشرات المرات اواكثر وهي عندما تقرر الاضراب للأيام تشعر المنتمين لها بكونها ستتكفل بتعويض ايام الاضراب ، وهذا الخطاب لايجب ان يستعمل في مجال تدبير الشؤون العامة للدولة ،وخاصة مع السلطة القضائية التي هي اساس الملك و العمران وهذا يذكرنا  بباقي العبارات التي كانت تستعمل منذ زمان ((تحمل مسؤوليتك ،هاذشي خطير وجد خطير،او ان الملف مازال مفتوح )، بل يجب وضع منهجية واضحة لاتبتغي الترهيب ولا ترغيب ،اما المسائلة فهي لامحالة ستصل من يدوس على مقدسات الدولة وأولها الدستور (الخروقات للدستور والنظام الاساسي لرجال القضاء والتشهير بالقضاة وسبهم وجعلهم مختلين عقليا ) ،إذا كنا ننطلق من مبدأ الاتهام بدل المعالجة والتصدي للمشكلات ،وهكذا نجد خطاب السياسيين السائدين هو التخويف والاتهام في عدة مجالات، منها اولا محاربة نادي قضاة المغرب وإقصائه في التحاور في شأن من شؤونه ورفض التحاور معه والاستجابة لمطالبه المشروعه ،وتحريك مساطر إنتقائية وكيدية ضد اعضائه ،مواجهته بتبخيس مواقفه وإستفزاز اعضائه في عدة تصريحات علنية تنم على اسلوب (الاجهزة السابقة )بالسب والشتم والتبخيس والتقزيم لمواقفه وخير مثال عند خروج نادي القضاة للشارع امام محكمة النقض ورفع شعارات منها (( لاللرشوة )) وما تعرض له من سب وشتم في بيانات رسمية مكتوبة ، رغم ان رفع النادي  لتلك الشعارت لم تكن إتهامية بل فقط تحسيسية ،وإعطاء التعليمات للمسؤولين الجهويين بتمزيق الاعلانات التي تحمل عبارة ((لاللرشوة )) ثم العودة أخيرا لتبني الحملة التحسيسية التي قادها نادي قضاة المغرب، ولكن بحدة أقل تنجسم مع المبدأ الفلسفي الذي فرضته التحالفات وهو((عفاالله عما سلف )) على وزن  ((إياكم والرشوة )) .
والدستور نص في الفصل122 على حق المواطن في التعويض عن الخطا القضائي ،فكيف سيتتم  حماية قضاة النيابة العامة من تعليمات خاطئة اعطاها لهم  عضو السلطة التنفيذية اضرت بمواطن ؟
الأساس الدستوري لاستقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية
وهذا ماتم الترويج له في احد البرامج الاعلامية إذ توجهت الآلة السياسية ومن يدور في فلكها من بعض المنتسبين للسلطة القضائية والذين يتمسكون بالسياسي الذي اضر بالقضاء لإبتغاء مصالح ضيقة تخص فئة معينة اكثر ما ترمي إلى تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية .وهكذا تم  التمسك بالفصل الأول من الدستور الذي ينص ((نظام الحكم بالمغرب ...........وربط المسؤولية بالمحاسبة )) مع ان هذا يخص جميع من يتولى سدة الحكم بدون استثناء فليس هناك احد فوق القانون .
 وقد كرست أعمال النيابة العامة في الأيام الماضية ،وضعية منتقدة من المواطنين والمؤسسات والجمعيات ،بسبب لبس وعدم وضوح الرؤيا في معرفة محرك هذه الآلية ومن يوجهها ويعطي تعليمات خارجة عن القانون والشرعية ،مما ترتب عنه عدة إختلالات في الحريات والحقوق ،فكان من ثمرة النضالات الممتدة لعدة سنوات أن تتمخض عنها نصوص في الدستور الجديد تعطي تصورا لما يجب ان تكون عليه النيابة العامة كآلية فاعلة في السلطة القضائية لذا يفرض علينا الموضوع أن نقسمه إلى قسمين : بإعتماد اساسين مهمين أولهما هو الضمانات القانونية لتحصين العمل القضائي من اي عنصر اجنبي ،وثانيهما هو الممارسة الواقعية لتدبير الملفات من طرف عضو السلطة التنفيذية والآلة التحكمية التي بيده .
1ـ الضمانات القانونية لاستقلال السلطة القضائية .
يسير وزير العدل مؤقتا (السلطة القضائية ) في هذه المرحلة الانتقالية قبل تنصيب السلطة القضائية من طرف الملك الفصل 115 من الدستور الذي غيب (وزير العدل) من تشكيلته ،وايضاالفصل 178منه  ونصوص تنظيمية قديمة اصبحت بعض مقتضياتهاغيردستورية(( 55و56و57من النظام الاساسي لرجال القضاء))وبالتالي لايمكن لوزير العدل ان يقوم بتنقيل قاضي النيابة العامة او توقيفه لكونه ليس اصيلا في إتخاذمثل هذا القرار((اقصي من تشكيلة المجلس الاعلى للسلطة القضائية ))  الذي اصبح خاضعا للطعن بمقتضى الدستور الحالي الذي غير صفة الرئيس الأول لمحكمة النقض من نائب الرئيس للمجلس الاعلى (كمحكمة تأديبية للقضاة) ، الى رئيس منتدب يتحمل تبعات قراراته الباتة في الوضعية الفردية للقضاة  ، وهكذا يتعين التمييز بين سلطتين لوزير العدل كما سبق ذكره ،الأولى تتعلق بسلطة الإشراف والتوجيه ((وهذه يمارسها بالمذاكرة مع اعلى رئيس للنيابة العامة حاليا مدير الشؤون الجنائية وليس الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض)) وسلطته لاتخص كل قاضي النيابة العامة بشخصة ولاحتى قضية بعينها (التوجه العام فقط) اما المراقبة والتسيير فهي لرؤساء قضاة النيابة العامة الاعليين ، وهي تختلف عن الثانية وهي سلطة التأذيب وهذه الاخيرة اصبحت معطلة بالنسبة للوزير منذ دخول الدستور حيز التنفيذ لأنه جاء بحقوق فورية يطبقها القضاة (( مثل حرية التعبيروتاسيس جمعيات وحق الطعن في القرارات التي تمس وضعيتهم ))وبالتالي لايمكن المزج بين السلطتين المذكورتين ،وممارسة صلاحياته في التأديب بمقتضى قانون تنظيمي 467/174  بتاريخ 11نونبر1974لايساير الحقوق الجديدة التي بدأ يتمتع بها القضاة وواجبات مثل الدفاع عن استقلاليتهم وواجب التحفظ ،ويتعين ان يصدر بشأنها قانون تنظيمي يحدد مداها وحدودها في انسجام مع الهيئة الدستورية التي ستشكل وتنظر في الخروقات الممكن حصولها من القضاة عند ممارسة الحقوق الجديدة التي نص عليها الدستور الجديد .وهكذا يسعى السياسيون لتمطيط فترة الهيمنة  قصد كسب اكثر المغانم ،(يصارعون الوقت ) فلا يمكن لعضو السلطة التنفيذية ان ينكر أنه يهيمن على مسار القضاة من البداية إلى حين التقاعد  وبعده .كما ان نقصان الضمانات الواردة بالنظام الاساسي لرجال السلطة القضائية تجعل هذا التأثير واضحا وتحصل غايته بدون تدخل مباشرة من الجهة الحكومية المسؤولة مؤقتا على العدالة .
 إستقلال النيابة العامة يؤسسه القضاة الممارسون للقضاء الحكم وقضاء النيابة العامة ليس فقط إستقلال النيابة العامة عن قضاة الحكم بل إستقلال كل قاضي عن زميله حين البناء لوجهة نظره في اية قضية بل إننا نطالب بان يستقل القاضي كيفما كان موقعه على هوى نفسه أولا ،الم يقل الله تعالى في كتابة الحكيم لنبيه داوود عليه السلام  ((ياداوود إنا جعلناك خليفة في الارض........... فلا تتبع الهوى فيضلك عن سبيله ...))وهذا لايعني ان يستقل قاضي النيابة العامة عن زملائه القضاة وكذا رؤساءه ويبقى تابعا للسلطة التنفيذية في شخص وزير العدل ،واالدستور حاليا نص رغم إستقلالية قضاة النيابة العامةعن اية سلطة ،فإن إلزامهم بتطبيق التعليمات القانونيةالمكتوبة  لرؤسائهم الاعليين لايجعلهم غير مستقليين لأنه يبقى لهم حق رفض تنفيذ تلك التعليمات إذا كانت غير قانونية وستؤدي لضرر بالمواطن الذي اصبح له دستوريا الحق في المطالبة بالتعويض عن الخطأ القضائي .
يحاول بعض المنظرين الغير الممارسين للعمل القضائي والذين تخفى عنه تقنيات العمل بالنيابة العامة ان يعطوا لمطلب إستقلال النيابة العامة تصويرا على انه مطلب سطحي وغير عميق،  وان الدستور قصد بعبارة الاستقلالية قضاة الحكم وليس قضاة النيابة العامة، وهؤلاء لايمكن القول بإستقلاليتهم لأنهم يضلوا خاضعين للسلطة التابعين لها وتنفيذ تعليماتها القانونية الكتابية، وهذا لاينسجم مع معنى الاستقلالية ،لكن يرد عليهم بان إلزام الدستور لهذه الفئة من القضاة بتطبيق التعليمات القانونية الكتابية لاينفي حقهم في عدم التنفيذ متى تبين لهم انها غير مطابقة للقانون وستؤدي إلى ضررللمواطن وإلى مسؤوليتهم الشخصية عن القرار القضائي، وهنا الامر لايتعلق بمسؤولية مرفقية تضمنها الدولة ، إذا تبث ان القراراتخذ بناء على هوى نفسي وإنتقائي  لغرض ذاتي فئوي ضيق ،والمصطلحات  المذكور سلفا ممن يناهضون استقلال النيابة العامة  كلها إستفزازية تحيد عن المناقشات القانونية إلى خطابات سياسيوية، فعلا ان مطالب بعض الجمعيات والقضاة بإستقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، هوناتج عن وضعية تم تكريسها منذ الاستقلال وهي عدم تمكن قضاة النيابة العامة  من ضبط عمل الشرطة القضائية، لأنهم يظنون انهم هم من يعطي التعليمات في حين أنهم  هم من يتلقى التعليمات كما يحررها ضباط الشرطة القضائية ، وقانون المسطرة الجنائية يقوى عمل الشرطة القضائية على النيابة العامة ،وحتى على قضاة الحكم عندما يعطي لمحاضرها في الجنح قوة تبوثية تغل يد القضاء والدفاع على إثبات عكسها إلا بالطعن بالتزوير ،وهذا المقتضى اصبح حاليا غير دستوري تبعا للفصل 128 من الدستور الذي جعل مراقبة عمل ضباط الشرطة القضائية مسألة دستورية وهذا يقتضي تنزيلا ديموقراطيا تواكبه عدة تعديلات في هيكلة مصلحة الشرطة القضائية نعطي منها بعض الامثلة ، أولا يجب إنشاء إدارة عامة للشرطة القضائية تابعة للسلطة القضائية من التعيين إلى التقاعد وذلك لتفادي إزدواجية التعليمات من جهات غير تابعة لقضاة النيابة العامة بل للسلطة التنفيذية التي تشرف كذلك على مسار العاملين في سلك الادارة العامة للأمن الوطني ويرجحون تعليمات رؤسائهم الاعليين عن رؤسائهم القضائيين الذين يؤطرون قانونيا وحقوقيا اعمالهم المادية التي يباشرونها ،والتي قد تمس بحريات وحقوق المواطنين  ،ثانيا جعل مقارات لنواب وكيل الملك وقضاة التحقيق في كل المخافر التي يتم فيها وضع المواطن تحت الحراسة النظرية حتى تتم  تفعيل دسترة مراقبة عمل الشرطة القضائية .وهذا الأمر إن كان يقتضي إضافة بعض التعويضات عن العمل خارج الاوقات المحددة قانونا فإن تغطية جميع المخافر إمكانية متاحة لكون القضاة يغطون كافة ربوع المملكة خاصة في الاماكن الموجودة فيها مخافر الاعتقال، كما ان يتعين التنصيص على بطلان اي محضر (ولو تعلق بالاستماع إلى هوية شخص بدون حضور محامي )وغيرذلك من التعديلات لمقتضيات المسطرة الجنائية ، وبالتالي فلايمكن (ضحد هذه الفكرة )بكون تجربات عالمية لم تنجح دون ذكر إسمها بالذات وإثباتها بالحجة .إذن هذه العملية ستحبط المعتقلات السرية فإن تم إكتشاف إحداها فستتحمل الجهة التي تعبث بحريات المواطنين مسوؤولياتها حسبما ينص عليه القانون والمواثيق الدولية .  كما انه إنسجاما مع مقتضيات الدستور الذي يجب ان يؤخذ كوحدة فقد انتقلنا من وضعية (ملائمة المتابعة ) التي كانت تعطي لقضاة النيابة العامة سلطة تقديرية واسعة في الحفظ او المتابعة ،انتقلنا حاليا بواسطة الدستورالجديد إلى مايعرف ((بقانونية المتابعة )) فلاتملك  النيابة العامة ان تحفظ مسطرة  انجزت،وهي تتوفر على كافة مقومتها لتجرى بشأنها محاكمة عادلة وإلا تمت مسائلتها من المتضرر من خطأ قضائي كما يخوله له الدستور  .وهذه نظرة شمولية تأخذ مقتضيات الدستور كبنية واحدة منسجمة بين بعضها وليست في الامر اية اتجاهات فئوية ضيقة، فالقضاة جميعهم يسعون لتطبيق القانون لا ليرضون اي احد سوى الله تعالى فهم ليسوا صناع حلوى يتقبلون التهليل ممن اعجبهم مداقها ويدفعون الغضب من اكتوى بعدم لذتها  .
إن سيادة الدولة يمثلها القضاء بشكل واقعي في التراب الذي يمارس فيه القضاء مهامه وينشر العدل بين مرتفقيه، يعني انه هو من يجسد السيادة نيابة عن باقي السلط ويخلق العدل في ذهن المواطن قبل كل شيء، وان هناك عدة مغالطات سياسيوية في تفسير عبارة السياسة الجنائية او مايسمى بالسياسة القضائية وهنا يجب الوقوف على بعض العبارات (( تنفيذ السياسة )) و((تطبيق القانون )) و((تعاون السلط )) وكل هذه العبارات لاتمس بمبدا فك الارتباط بوزارة العدل وبالسلطة التنفيذية الذي يطالب به القضاة الشرفاء الذين سئموا من التدخل في عملهم .وإفساد السياسي للقضاء وان القاضي هو الذي يصلح السياسي وليس العكس .
2. الممارسة الواقعية لمسائلة قضاة النيابة العامة
إختلاف مسائلة قضاة النيابة العامة ومسائلة الحكومة بشأن تسيير مرفق العدالة ،الأصل ان قضاءالنيابة العامة لايمكن ان يسأل مباشرة من الشعب(المثال السيء الذكر لقضية قاضي التحقيق الفرنسي ديثرو) بل من المرتفقين الذين تضرروا من قرارته وطبيعة هذه المسائلة هي محددة بنص القانون ولايمكن تجاوزها ،وإلاأعتبر ذلك تهديدا ومس بإستقلالية قضاة النيابة العامة .ونجمل وسائل المراقبة الموضوعة بيد المواطن المتضرر من خدمات العدالة أولا حق تقديم الشكاوى امام رؤساء قاضي النيابةالعامة إلى اعلى المراتب بما فيها الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض فهو ليس فوق القانون كما انه ليس معصوم من الخطأ والتسبب في الضرر، كما يمكن تقديم دعاوى تجاوز القضاة لسلطاتهم امام محكمة النقض وكذا رقابة الطعون المقررقانون لكل مواطن((الطعن بالاستئناف والتعرض  والنقض واعادة النظر والمراجعة)) و رقابة التجريح (( النيابة العامة في القضايا التي تكون فيها طرفا رئيسيا لاتجرح ))والتشكك المشروع في القضاة والهيئات، الاحالة على محاكم اخرى ،منع القضاة من رفع الدعوى بمقارات محاكم الاستئناف التي يعملون بها بل عليهم طلب الاذن من الرئيس الأول لمحكمة النقض بتعيين محكمة تبت في طلباتهم خارج الدائرة التي يعملون بها تحت طائلة بطلان الاحكام ، ثم  رقابة الادارة المركزية المكلفة بالتفتيش إلى جانب التشكي امام مؤسسات اخرى نص عليها القانون .
في حين ان مسائلة الحكومة على تنفيذ السياسة القضائية (السياسة الجنائية ) تكون ضمن المسائلة الدستورية المنصوص عليها بالدستور من طرف  السلطة التشريعية وتكون كذلك مسؤولة امام الملك .بل لايمكن للمواطن ان يجرح في احد اعضاء السلطة التنفيذية ويطلب منه عدم البت في ترخيص إداري معين يطلبه من الادارة لكونه له نزاع شخصي مع ذلك العون الاداري الذي سيبت له في طلبه كما ان القضاء يتصدى لمعالجة المشاكل التي تواجه المنتسبين له علنا وبمحاكمات عمومية علنية ، في حين ان الادارة إذا تبين لها عيب في إحدى القرارالادارية فهي تسحبه سريا دون ان يعلم به اي مواطن، وإن تم إعلانه فلايمكن لها ان تتصدى له وتسحبه لكونه سيحدث أثر قانونيا على مراكز الاطراف، والسلطة الوحيدة التي لها إمكانية التصدي له وإلغائه هي السلطة القضائية، وكذلك الشأن بالنسبة للقوانين التي تصدر عن السلطة التشريعية فبعد نشرها لاتملك التراجع عنها وان المحكمة الدستورية(( بواسطة طعون المتضررين بمخالفة القانون للدستور )) هي التي لها وحدها حق التصدي لهذا القانون والتصريح بمخالفته للدستور .
ونستغرب لبعض التوجهات الرسمية في تصريحات للإعلام بالتبرء من بعض الملفات المحالة على العدالة والمتعلقة بسوء تدبير المال العام  بدعوى عدم مساهمة فيها ، وكانما الامر يتعلق  بإرتكاب جرم ،مما ينم على تخوف من الاقتراب لملفات معينة وعدم القدرة على مواجهة الفساد ،كما ان تفسيرالتدخل في القضاء بعبارة أنه يتعين إثبات ذلك لمن إدعاه واستدلال بالآية الكريمة ((هاتوا برهانكم إن كنتم صادقيين )) صدق الله العظيم، ينم على مغالطة في توضيح  الأسس التي ينطلق منها القضاة ،للقول بهيمنة وتدخل السلطة التنفيذية  في خلق القرار القضائي.
ولابد للتطرق هنا  لمسألة المسائلة ومسؤولية النيابة العامة ،فعلا ان القضاة بالمغرب ليسوا منتخبين وإنما هم معيينون بعد توافر شروط التعيين (إجتياز مبارة وقضاء فترة التدريب وغيرها ) في حين ان السلطةالتنفيذية(الحكومة ) هي منتخبة من الشعب وتسأل امامه بواسطة السلطة التشريعية التي هي الممثل المباشر للشعب وان الحكومة هي خارجة من صلبه، وبالتالي تسأل امامه تنفيذا لإرادة الشعب في المسائلة، وهناك محاسبة ثانية وهي صناديق الاقتراع فإذا فشلت الحكومة في سياستها يمكن للشعب ان يعاقبها في صناديق الاقتراع، ويمكن لجمعيات القضاة ان تعقد في كل فترة لإستحققات الانتخابية ندوات ومجالس تدعوا فيها المواطن للتصويت على هذا الحزب او عدم التصويت عليه عقابا له على التجاوزات التي وقف عليها القضاء في الملفات التي كانت معروضة عليه فهي عنصر من عناصر الدعاية ايضا وبإعتبارها تمثل صفوة من ابناء الشعب يهمهم تدبير الشأن العام من طرف الحكومة ،من صحة وتعليم وطرق واقتصاد وقضاء وغيرها من الشؤون المجتمعية .
أما بالنسبة للوقوف على المصطلحات فإنه يتعين التطرق اولا لبعض الفصول كأرضية للنقاش وهي الفصل 48 من قانون المسطرة الجنائية القديمة و الفصل 51 من قانون المسطرة الجنائية الحديثة المطابق للفصل المذكور.
فالفصل 48 القديم ينص ((يمكن لوزير العدل أن يبلغ إلى رئيس النيابة العامة مايصل إلى علمه من مخالفات للقانون الجنائي ويأمره بأن يتابع أو يكلف من يتابع مرتكبيها أو يأمره بأن يرفع كتابة إلى المحكمة المختصة مايراه الوزير ملائما من الالتماسات .))
والفصل 51 من قانون المسطرة الجديدة والذي تضمن لأول مرة إقحامات غير ضروريةلكونها مصطلحات تخص الهيكلة لمؤسسات عمومية تشرف عليها الحكومة (وزارة العدل ) ولايمكن التنصيص عليها  في قانون عادي كالمسطرة الجنائية وجاء بهذه العبارة (( يشرف وزير العدل على تنفيذ السياسة الجنائية ،ويبلغها إلى الوكلاء العاميين للملك الذين يسهرون على تطبيقها .
وله ان يبلغ إلى الوكيل العام للملك مايصل إلى علمه من مخالفات للقانون الجنائي ، وأن يأمره كتابة بمتابعة مرتكبيها أو يكلف من يقوم بذلك ،أو يرفع إلى المحكمة المختصة مايراه الوزير ملائما من ملتمسات كتابية .))
ويتعين الوقوف على عبارة تنفيذ السياسة الجنائية ،والتي يعتبر بعضهم انها مسألة غامضة تدخل في خانة تدبير الغموض مع ان عبارة التدبير تعني دبر العمل يدبره اي قدر عاقبته وتوخى منه نتيجة معينة وبنسبة معينة ،وهكذا فالغموض لانتيجة تتوخى منه ومن تحليله لأنه والعدم سواء ،وسنحاول ان نتطاول على اصحاب السياسة لنحدد عملهم وكيف تدبر الأمور ،فالحكومة المتولية لتدبير الشان العام تكون قد اسسته على منهاج إنتخابي واضح بموجبه  تم إستمالة الناخبين للتصويت عليها وحصولها على الاغلبية ،ولنفترض ان البرنامج يمثل في مسائلة الفاسدين وتشغيل العاطلين وتخفيض نسبة الجرائم ومحاربة الرشوة وإستقلال السلطة القضائية ومحاربة الجريمة والتخفيض من اكتضاض السجناء ،فهذه الافكار النظرية يسوغها مستشاروها القانونين في الادارة وفي البرلمان ويضعونها في قالب قانوني يتم الدفاع عنه للحصول على الاغلبية للتصويت عليه والمصادقة حتى يطبقه القضاة ،وهكذا سيصدر قانون بإنشاء هيئة لمسائلة الفاسدين الاداريين والماليين ،وقانون يشجع المستتمرين لتشغيل العاطلين مع حوافز التخفيض من الضرائب والتمتيع ببعض الامتيازات عند تشغيل نسبة معينة ، كما سيصدر قانون لتحسيس الجميع بخطور الرشوة وتدعيم ذلك ببرامج اعلامية ثم إصدار قوانين زجرية لمعاقبة من يتجار بوظيفته وتدعيم الجمعيات المهنية التي تسعى لتحقيق استقلال السلطة القضائية على باقي السلطة واصدار قوانين تعاقب كل من مس باستقلالها ،ومحاربة الجريمة بإصدار قوانين تعالجها من المهد داخل الاسرة وداخل الحي والمدرسة ،وهكذا تتدخل السلطة التنفيذية في تنفيذ سياستها ولاتتدخل في عمل السلطة القضائية  وصناعة القرار لأنها ليست مؤهلة لتطبيق القانون .
وننتقل لتحليل الفصلين المذكورين سابقا ، إذ لابد من الاشارة ان الفقرة الاولى من المادة 51 لم تكن واردة في قانون المسطرة الجنائية  القديم الفصل 48 ،مما خلق خلطا في ذهن الحقوقيين جعلت من مؤسسة وزير العدل وكذا الادارة المركزية وسيلة شرعية للتدخل في صناعة قرارات قضاة  النيابات العامة بالمملكة المغربية بحجة تنفيذ السياسة الجنائية وذلك راجع للسياق التاريخي الذي اقحمت فيه هذه العبارة ،والذي كان له تأثير قوي على تدخل السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية بذريعة مواجهة موجة ((الإرهاب)) الذي تم المصادقة على قانونه في مرحلة كانت مشحونة بالتدخل لآليات حماية مؤسسات الدولة عندما تكون مهددة من طرف عدوان خارجي، فأصبحت فلسفة قانون المسطرة الجنائية تطغى عليها فكرة التعليمات والانضباط الذي نلمسه في المجال الامني والعسكري  ،وخير دليل ايضا هو مقتضيات المادة 46و48 من قانون المسطرة الجنائية الجديد ،فلزيادة التركيز وضبط عمل قضاة النيابة العامة نصت تلك الفصول على ان وكيل الملك او الوكيل العام للملك إذ حدث له مانع عين النائب الذي يخلفه وهذا مس صريح بإستقلالية قضاة النيابة العامة في حين ان المسطرة الجنائية  القديمة كانت تعطي ضمانات كبيرة لإستقلالية قضاة النيابة العامة حين نصت (المسطرة الجنائية القديمة)  في حالة حدوث مانع لرؤساء النيابة العام ينوب عنهم أقدم قضاة النيابة العامة العاملين في المحاكم التي ينسبون لها ،وعدلت المادة 39ماكان منصوص عليه بالمسطرة الجنائية القديمة الفصل 37 كلمة (إشراف ) حولت (يمارس سلطته ) وهذه الاخيرة تزيد في ضبط قضاة النيابة العامة وجعلهم غير فاعليين يتخذون المبادرة تلقائيا بل لابد من الرجوع للرئيس في كل شادة وفادة وهذا لاينسجم مع المسؤولية الشخصية على القرارات .
ولو تمشاينا مع هذا التوجه فتنفيذ السياسة الجنائية لاتعطي للوزير التدخل في صناعة القرارت بل فقط تنحصر صلاحياته في التبليغ لاالتقرير (( تبليغ السياسة الجنائية ـوتبليغ مايصل إلى علمه )) مع أن تلبيغ السياسة التي ترمي لها الحكومة تتم عن طريق نشر القوانين التي تقدمت بها إلى البرلمان وصادق عليها بالجريدة الرسمية لأن القضاة ملزمون بتطبيق القانون لاالسياسة .
وهكذا جاء الدستور الجديد ليوضح مهمة القضاة فتم الاشارة إلى عبارة تطبيق في كل الفصول التي تهم عمل القضاة خاصة الفصل 110 من الدستور ،فما معنى تنفيذ السياسة الجنائية (المصطلح الغريب الذي اضيف للمسطرة الجنائية لخلق اللبس وفتح المجال لوزير العدل بالتدخل في عمل النيابة العامة )؟ ثم مامعنى تطبيق القانون من طرف النيابة العامة ؟
الوقع العملي ان وزير العدل لايمكنه ان يطالب الهيئات القضائية بالمملكة مباشرة بواسطة دعوى للمطالبة باستصدار حكم أو قرار بل حتى الطعن لفائدة القانون المنصوص عليه بالمسطرة المدنية الفصل382و384و385  والمسطرة الجنائية المواد 558ومابعدها لايقدم وزير العدل طلبه إلا  بواسطة الوكيل العام للملك  لدى محكمة النقض ، وذلك لسبب بسيط لأنه ليس قاضيا بل عضو السلطة التنفيذية ملزم بالتنفيذ فقط، والقضاة ملزمون بتطبيق القانون، وهذا هو الفرق الجوهري الغير المرئي في الاشكالية ،والذي يستغله البعض لمغالطة الحقوقيين المهتمين بالميدان وبالأحرى المواطن العادي  فوزير العدل لايمكنه ان يتدخل في صناعة القرار بداية ويؤثر على القضاة بسلوك إتجاه معين بل إنه ينفذ ويأتي دوره بعد صدور القرار .
لكن عمليا وللنقصان والالتفاف على تلك الضمانات الهزيلة المنصوص عليها بالنظام الاساسي لرجال القضاء التي كانت تنص عليها القوانين التنظيمية السابقة(إنعدام اية ضمانة  للمناصب العليا في السلطة القضائية وبالأحرى للمناصب المحدثة ) ،بل إن واقع خرق القوانين كيفما كانت درجتها لايواكبها المبدأ الدستوري بسيادة القانون ومسائلة من يخرق القوانين سواء الدستورية او القوانين العادية مما يشجع على المزيد من الخرق حتى في ظل الدستور الجديد ،و يساعد على هيمنة مؤسسة الوزير على قرارات المحاكم ولو بدون تدخل مباشر منه ،فالذي يملك حق التعيين والترقي يملك حق التلويح بالنقل التعسفي و بالعزل والإحالة على التقاعد ووضع حد للتمديد والدحرجة الى درجة ادنى ،وهذه كلها امور تمس مسار القضاة وهي من ناحية ذهب المعزلمن يخضع ويداهن ويستجيب ،ومن ناحية اخرى هي سيف المذل مسلط على القضاة (من يساكش ويناقش ويعارض ويرفض )اي الذين يحاولون التفوه بالمطالبة بالاستقلال ،وبالتالي يكون واقع هذه القوانين هو الذي يحكم توجهات القرارت ولو بدون تدخل مباشر من مصالح مؤسسة الوزير او بذاته .
وخير دليل على عدة قرارات صدرت لفائدة المؤسسات العمومية واشخاصها رغم التعسف البين والواضح ورغم عزوفهم حتى على تبيان موقفهم من الدعوى الموجهة ضدهم ،ومع ذلك عجز القضاء على إصدار قرارات تسجل لتاريخ القضاء المغربي، وهذا دليل على هيمنة الجماعات الضاغطة على المسار المهني للقضاة وسلب إستقلاليتهم وهناك عدة امثلة ننأى عن ذكرها حتى لانقلب المواجع ولانقع في محظور واجب التحفظ ،ومادام ان الاحكام والقرارات هي عنوان الحقيقة ولو كانت جائرة إلى ان تلغى  .

تم بحول الله وقوته يوم الجمعة 3جمادى الأولى 1434هجرية الموافق ل 15مارس 2013من انجاز عبدربه : محمد عنبر رئيس غرفة بمحكمة النقض ونائب رئيس نادي قضاة المغرب .

mardi 26 mars 2013

المجلس الوطني الثالث لنادي قضاة المغرب المنعقد يوم 23مارس 2013بالرباط وصف موضوعي دقيق للأستاذ الفاضل حكيم الوردي نائب اول لوكيل الملك بالدارالبيضاء الكبرى


المجلس الوطني لنادي القضاة من تحصين الذات إلى تقوية الأداة
انعقد المجلس الوطني لنادي القضاة في ظل أجواء داخلية مطبوعة بنضج الرؤية ووضوح الأهداف، وفي سياق منفلت نسبيا عن ضغط الإيقاع المتأزم لواقع السلطة القضائية.فالنادي كجمعية مهنية للقضاة لم يعد في حاجة إلى لفت انتباه الرأي العام القضائي إليه أو انتزاع اعتراف المركز بوجوده. بعدما استطاع في ظرف قياسي أن يصبح جزءا أساسيا من تركيبة المشهد القضائي بما راكمه من مواقف، وما اجترحه من أسئلة، وما حققه من إنجازات على الأرض.
لقد وجد النادي نفسه منذ النشأة في مجابهة المنع، وأكره على تبني خط نضالي شاق ومعقد، ورسم لنفسه هوية فكرية تستجيب لتطلعات المرحلة في بناء سلطة قضائية حقيقية. وخلال هذا المسار المشرف والصعب كان من الطبيعي أن تؤجل أسئلة التنظيم الداخلي إلى حين هدوء العاصفة.
وينبغي الاعتراف أن أجهزة النادي التقريرية والتنفيذية تمكنت من تدبير المرحلة بكثير من الجرأة والمسؤولية، كما تفوقت مؤسسة الرئاسة في تجاوز التناقضات الداخلية المرحلية، الشيء الذي نتج عنه إجبار الإدارة المركزية بالجلوس إلى طاولة الحوار من جهة، وعقد مجلس وطني برهانات تنظيمية صرفة من جهة أخرى.
ولعل المتأمل في جدول أعمال المجلس وما تمخض عنه من قرارات لا يملك إلا أن يخرج بخلاصة أساسية محورها استيعاب أجهزة النادي لدوره كجمعية مهنية مسؤولة، تمزج بين الانخراط في تحصين الذات بالإعلان الواضح عن رفض كل مظاهر الانحراف داخل الجسم القضائي والمطالبة باحترام القانون في التصدي لها بعيدا عن الأسلوب التشهير والدعاية، مع إعطاء القدوة بتصريح كافة مسيري النادي وطنيا وجهويا بممتلكاتهم وديونهم. وبين تقوية الأداة التنظيمية بتوزيع البطائق وتشكيل اللجان وتحديد اختصاصتها، والانكباب على تنقيح مشروع النظام الداخلي، فضلا عن تحقيق إنجاز مهم يتمثل في إعداد تصور شامل حول طرق أجرأة استقلال السلطة القضائية. والحسم في منع الترشح عن أعضاء الأجهزة التقريرية لعضوية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وأدا لأي هاتف داخلي باتخاذ النادي مطية لتحقيق طموحات شخصية.
ومثلما أثبت النادي أنه قوة احتجاجية ضاربة داخل الجسم القضائي، فقد أثبت أنه قوة اقتراحية تعكس الهموم الحقيقية للقضاة التي تم بسطها في إطار الحوار المفتوح مع وزير العدل، وتلقى وعودا في شأن بعضها، مثلما تمكن من تحقيق بعض الاختراقات المهمة بخصوص بعضها الآخر لاسيما ما تعلق بإصدار دوريتين على قدر من الأهمية الرمزية مهنيا أولهما تذكر بوجوب الانضباط للقانون بالنسبة للجمعية العمومية، وثانيهما تؤكد على حق قضاة النيابة العامة والتحقيق والأحداث في التعويض عن الديمومة والساعات الإضافية بأيام الراحة في انتظار صدور مشروع مرسوم محدد للتعويضات المادية وهو المشروع الذي أحيل على النادي لإبداء الرأي بخصوصه.
إن حجم الانتظارات داخل صفوف القضاة، هي من السعة بحيث قد تبدوا الجهود المبذولة من طرف أجهزة النادي قاصرة على الإحاطة بها، بيد أن المتأمل الحصيف والملاحظ الموضوعي لا يملك إلا أن ينوه بما تم تحقيقه لحد الساعة، فلقد أصبح للقضاة صوت حقيقي يعبر عنهم، وأفق فكري يوحدهم، والمستقبل يعد بالكثير ، فالنادي لم ينشأ للدفاع عن مطلب مادي آني، أو لتحقيق أهداف فئوية ضيقة، وإنما هو تعبير عن مشروع فكري عميق ممتد في الزمن لمصالحة المغاربة مع عدالتهم، ومنحهم سلطة قضائية تحمي حقوقهم وتصون حرياتهم. مشروع تشبع به قضاة يتملكهم وعي شقي بحب الوطن، ويتوجسون خيفة من أن يخطئوا موعدهم مع التاريخ.
فتحية لكل من آمن بالنادي أداة لخدمة الوطن، ولأولئك الذين خرجوا من اجتماعهم الماراطوني أكثر لحمة وأرسخ قدما.
مقالة الاستاذ الفاضل حكيم الوردي عضو بنادي قضاة المغرب 

lundi 25 mars 2013

الجزء الثاني فيمن عرض عليه القضاء ورفض ( قضاة قرطبة )


قال محمد وكان للا مير الحكم رضى الله عنه قاض بكورة جيان فتظلم اهل الكورة منه فعهد الامير الحكم الى سعيد بن محمد بن لشير قاضي الجماعة بقرطبة ان ينظر على قاضي جيان فان ظهر بريا اقره على قضائه وان ظهر عليه ما رفع الى الامير فيه عزله عن الكورة فنظر قاضي الجماعة فالفاه بريا فقال له انصرف الى قضائك فقال امرأتي طالق وعلى من الايمان كذا وكذا ابر واوفي من ايمان ابيك التي حلف بها لانظرت بين اثنين حتى القى الله وكان محمد بن بشر قد عزله الامير فحلف الايلى القضاء ابدا بطلاق زوجته وعتق رقيقه فلما عزم عليه الامير بعد ذلك في صرفه احنث في ايمانه وطلق زوجته واعتق الرقيق واخلف له الامير كل ذلك اذ اعلمه به
قال محمد وحدثني عثمان بن محمد قال حدثني ابو مروان عبيد الله بن يحيى عن أبيه يحيى قال لما ولى الامير عبد الرحمن بن الحكم رضى الله عنهما الح عليه في القضاء وكان صاحب الرسالة في ذلك طرفة فقلت له المكان الذي أنا به لما تريدون خير لكم انه اذا تظلم الناس من قاض اجلستموني فنظرت عليه وان كنت القاضي فتظلم الناس منى من تجلسون للنظر على من هو اعلم منى او من هو دونى في العلم فقبل ذلك منى وعافى بى
قال محمد قال خالد بن سعيد كان احمد بن خالد يحدث انه لما مات يحيى بن يعمر بقى الناس بلا قاض حتى خطر بهم يوما زرياب راكبا الى البلاك فسألوه ان يخبر الامير عنهم بما هم عليه من سوء الحال اذ ليس لهم قاض فلما دخل زرياب على الامير ذكر ذلك له فقال له الامير يازرياب والله ما منعنى من تولية قاض الا انى لست اجد احدا ارضاه غير رجل قال زرياب فقلت اصلح الله الامير ومن هو قال يحيى بن يحيى غير انه يابى على من ذلك فقال له زرياب فإذ ترضاه للقضاء فسئله ان يدلك على قاض فقال له الامير قلت قولا شديدا فأرسل في يحيى وساله ان يشير بقاض يرضاه اذ لم يقبل هو القضاء في نفسه فاشار بابراهيم بن العباس فولاه الامير
قال محمد قال خالد بن سعد واخبرني بعض اهل العلم ان يحيى ا بى ان يقبل القضاء وابى ان يشير باحد
قال محمد قال خالد بن سعد حدثني من اثق به عن يحيى بن زكرياء عن محمد بن وضاح قال لما عزم الامير على يحيى على تولية القضاء فابى ولج عليه قال فاشر على برجل قال لست افعل لانى ان فعلت شركته في جوره ان جار فاحفظ ذلك الامير عبد الرحمن فأمر صاحب رسايله ان يكون رقيبا على يحيى وغدا به الى الجامع ودفع اليه الديوان وقال للخصوم هذا قاضيكم فلبث في ذلك ثلاثا فلما ضاق الامر على يحيى اشار بابراهيم بن العباس
قال محمد وكان عثمان بن ايوب بن ابي الصلت من اهل العلم بقرطبة وكان ممن بسطت له الدنيا فابى ان يقبلها واعرض عنها قال خالد بن سعد سمعت ابنه اسماعيل يقول عرضت على ابى ولاية القضاء فأبى ان يقبلها واستعفى منها
قال محمد وممن عرض عليه القضاء من شيوخ قرطبة فابى من قبوله ابراهيم بن محمد بن باز وكان السبب في ذلك فيما اخبرني بعض ولاة الاخبار ان الامير رحمه الله محمد بن عبد الرحمن ادخل على نفسه هاشم بن عبد العزيز يوما فقال له ياهاشم كنت ارى رويا عجيبة في رجل لا ادري من هو كنت ارى نفسي في المصارة حتى لقيت اربعة من الرجال ركبانا على دواب لهم لم أر في الرجال اصبح منهم وجوها ولا ابهى منظرا فجعلت اتعجب منهم وانهم طلعوا الى الحرف فتبعتهم فأخذوا على جهة اليمين حتى انتهوا الى مسجد تقابله دار فقرعوا باب تلك الدار فخرج اليهم رجل منها فصافحوه ودعوا له وناجوه ساعة ثم زالوا عنه فقلت من هولاء فقيل لي محمد النبي صلى الله عليه وسلم وابو بكر وعمر وعثمان اتوا لهذا الرجل عائدين في مرضه ثم قال لهاشمي قد عرفتك بالمسجد والدار حتى كانى وقفت بك اليها فاذهب فاعرف من صاحب تلك الدار فقال له هاشم قد عرفتها دون ان اتعرفها هي دار ابراهيم بن محمد ابن باز فقال له الامير عزمت عليك لتذهبن متعرفا بحاله ففعل هاشم ثم اتاه بتصحيح ماقال له من قبل واعلمه ان الرجل مريض فكان ذلك سببا لان عرض عليه الامير قضاء الجماعة وارسل اليه بذلك هاشم بن عبد العزيز فابى من قبولها فأعاد اليه الامير هاشما إذ لم تقبل القضاء فكن احد الداخلين علينا الذين نشاورهم في امورنا فقال ابراهيم لهاشم يا ابا خالد ان الح على الامير في شى من هذا هربت بنفسي عن هذا البلد فاعرض الامير محمد رحمه الله عنه وعن خبره قال لى احمد بن عبادة الرعينى كان المنذر بن محمد اذ كان ولدا هو الذى خاطبه في القضاء فابى من قبوله فكان المنذر يقول لوقبل منى الامير لاكرهته عليه .
قال محمد وممن جاهد بالاصرار على الاباية عن القضاء محمد بن عبد السلام الخشنى فانه امر الامير محمد رحمه الله محمد بن عبد الرحمن ان يبعث في الخشنىويستقضى على كورة جيان فارسل فيه الوزراء وقالوا ان الامير يستقضيك على كورة جيان فابى ونفر من ذلك نفورا شديدا فعولج ولوطف فلم يزدد الانفورا واباية فكتبوا الى الامير بخبرة وانه لج في ان لايقبل  فوقع اليهم الامير توقيعا غليظا معناه ان عاندنا فقد عرض بنفسه ودمه فلما سمع ذلك الخشنى نزع قلنسوة من راسه ومد عنقه وجعل يقول ابيت ابيت كما ابت السماوات والارض اباية اشفاق لااباية عصيان ونفاق فكتبوا الى الامير بلفظه فكتب اليهم ان سللوا امره واخرجوه عن انفسكم فقال له الوزراء تنظر في امرك ليلتك هذه وتستخير الله فيما دعيت اليه وخرج عن القوم
قال محمد قال خالد بن سعد ذكر لي محمد ابن فطيس ان الامير محمد امر الوزراء ان يرسلوا في ابان بن عيسى بن دينار وان يولوه قضاء جيان فلما ارسلوا فيه وعرضوا ذلك عليه استعفى وابى فامر الامير محمد بن عبد الرحمن ان يوكل عليه الحرس حتى يبلغ جيان ويجلس بها مجلس القضاء والحكم بين الناس فوكل عليه الوزراء الحرس وساروا بهو اقعدوه فحكم بين الناس يوما واحدا فلما ءان اليل هرب فاصبح الناس يقولون هرب القاضي فرجع الخبر الى الامير رحمه الله فقال هذا رجل صالح ولاكن يطلب حتى يعرف موضعه فطلب فلما عرف مكانه رضى الامير عنه فلما قدم قرطبة ولاه الامير صلاة الجماعة بقرطبة
قال محمد قال بعض اهل العلم فكان اذا ولى الصلاة ظاهر الخشوع كثير البكاء اذا سلم من صلاة الجمعة لم يلبث ساعة في المسجد اتباعا للسنة
قال محمد كان المنذر بن محمد رحمه الله شديد الاعظام لبقى بن مخلد دخل عليه يوم البروز في المصلى فمنعه من تقبيل يده واجلسه على جانب من فراشه على روس الناس وكان له خاصا وصنيعة قبل ولاية الملك وكان قد قدم اليه بقى بن مخلد البشرى بالخلافة فلما صارت اليه الخلافة وفى له وتمادى على ماكان له من الاجلال والاكرام فلما عزل سليمان بن اسود عن القضاء امر الامير المنذر فى بقى بن مخلد فعرض عليه القضاء فابى من ذلك فذهب الى استكراهه على ذلك فقال له ما هذا جزاء محبتى وانقطاعى فقال المنذر اما اذ ابت فما ترة فيمن اشار به الوزراء فقال ومن هو قال زياد بن محمد بن زياد فقال له نعم الحدث فقال له المنذر فاشر على بقاض ترضاه للمسلمين فقال اشير عليك برجل من ال زياد يعرف بعامر بن معاوية فقبل منه المنذر رحمه الله وارسل فى عامر وولاه قضاء الجماعة بقرطبة 

قال محمد وممن عرض عليه القضاء فابى منه ابو غالب عبد الروف بن الفرج قال لى ابو محمد قاسم بن اصبغ نزل موسى بن حدير على ابى غالب بن كنانة فعرض عليه القضاء عن الامير عبد الله بن محمد رحمه الله فابى من قبوله
قال محمد قال لى بعض اهل العلم لما قدم ابوغالب عبد الروف بن الفرج من الحج سلك طريق التقشف والتنسك والتدين وكان الامير عبد الله بن محمد به معجبا وكان ربما اشتهى رويته من غير ان يدخله على نفسه فتعرض رويته يوم الجمعة من الساباط عند رواحه من الجمعة فذكره الامير وقال لابد من ان نصفه الى الوزارة أو إلى القضاء وكان عبد الله بن محمد بن ابى عبدة اقرب الوزراء من ابى غالب محبة ومكانة فقال للأمير ينبغي ان لا يهجم على الرجل حتى يتعرف ما عنده في ذلك قال سكن الكاتب فارسلنى عبد الله ابن محمد الى ابى غالب فعرضت عليه مراد الامير قال سكن فتلقانى في ذلك بالتضاحك والدعابة حتى اطمعنيى في نفسه وجعل يقول انتم اشح على دنياكم واظن بها من ان تعطوا منها لاحد شيا او تشركوا في شي منها صريقا قال سكن فلما سرت الى الاستقضاء عليه قال لى بالله لئن عاودتنى بهذا او بلغتنى عن الامير فيه عزيمة لاخرجن من الاندلس 

mardi 19 mars 2013

رسالة مودة ومحبة للقضاة الشرفاء



 :
بسم الله الرحمان الرحيم قال تعالى في كتبه الحكيم ((...لايجرمنكم شنآن قوم ألا تعدلوا أعدلوا هو اقرب للتقوى ........)) وقال تعالى كذلك (( ولاتقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا .......)) صدق الله العظيم .أسس نادي قضاة المغرب على عدة مبادئ من بينها الدفاع على حقوق وحريات المواطنين ،فالقضاء هو ميدان رحب يصب فيه المواطن جم غضبه نتيجة (الظلم الذي يتعرض له في كل لحظة ) يعني العنف والعنف المضاد فهو كالمريض الذي يسب و يشتم طبيبه المعالج من شدة الألم ،لذا على القاضي ان يآسي في مجلسه بين الخصوم (بل إن مكتبه هو مجلس للقضاء بالنسبة للنيابة العامة ) فيجب ان يكون صدره متسعا رحبا ولايحشر نفسه في المخاصمة ،فهو آخر ملاذ للمواطن للحصول على مايدعيه من حق فلا يمكن ان يجد المواطن نفسه (كما في سنوات الرصاص حين كان القضاء يخدم (النظام ) )تحت رحمة فلسفة (الذاخل مفقود والخارج مولود ) فالمواطن يسعى لإشباع خدمة من مرفق القضاء وبالتالي لايجب ان يكون طلبه لهذه الخدمة وبال عليه بخلق مشاكل له مع القائميين على مرفق العدالة ،وهذا سينفر المواطن من طلب العدالة ويخلق عدم الثقة والرهبة وبالتالي النفور والعداء ،وهذا يدل على وجود خلل في التواصل بين القائمين على مرفق عمومي والمواطن ، ويتعين الوقوف على هذا الخلل لمعالجته ،هذا من جهة ومن جهة أخرى وبالضبط في هذه الظروف التي يأخذ فيها نادي قضاة المغرب حربا ضروسا مع طغمة المفسدين والمتربصين به ونحن على ابواب إنتظار ذلك المولود (الاخدج ) وانتصابنا لتنزيل إستقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية واستقلال السلطة القضائية بصفة عامة ،يحاول المتربصين ان يسوقوا في ذهن المواطن والمجتمع المغربي صورة نمطية على القضاء كجهاز قمعي يجهز على حريات المواطنين ويزج بهم في السجون لأقل شيء وبالتالي سيكسبون راي جماعي متميز يعارض كل إستقلالية ليس فقط النيابة العامة بل حتى السلطة القضائية لذا أناشد الاخوة القضاة الشرفاء أبناء هذا الوطن والذين يمارسون ثلث النبوة نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خير البشر الذي تعرض للسب والشتم في قضية (قسمة الماء) حين قال له احد الاطراف ((إنك لاتريد بهذه القسمة وجه الله ..)) فلم ينتقم لنفسه بل كان يغضب عندما يمس حق من حقوق الله ،فخذو الاسوة الحسنة من رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم .وتقبلوا فائق التقدير وإحتسبوا الاهانة عند الله سبحانه وتعالى عسى ان يغفر لنا خطايانا وكل شيء يهون في سبيل نادي قضاة المغرب وإستقلال السلطة القضائية والله ولي التوفيق .
وعاش نادي قضاة المغرب .

samedi 16 mars 2013

تاريخ قضاة قرطبة


هدية ذات رمزية عظيمة من القضاة الاسبان إلى قضاة المغرب
إستغربت اول ليلة اهدي لي فيها هذا الكتاب مع باقي اعضاء الوفد القضائي للمجلس الاعلى انذاك ( محكمة النقض حاليا) فتسائلت كيف أنهم يهدون لنا تاريخ اجدادنا في الاندلس ،فهل يريدون ان يرسلوا لنا رسائل ظاهرة بكوننا يتعين علينا ان نأخذ العبرة من التاريخ ومن اجدادنا القضاة الشرفاء ،ونحدوا حدوهم ام انهم يريدون ان يقولوا لنا اننا نعمل عمل اجدادكم فنحن قضاة مستقلين نحتكم فقط لضمائرنا ولاتهمنا سوى العدالة ،ام انهم يريدون ان يقولوا لنا إرجعوا إلى طريق أجدادكم كلها اسئلة مازالت ترن في اذني منذ إهدائي لهذا الكتاب وسأحاول إخوتي القضاة ان انقل لكم كل مرة سمحت بها الظروف مقطع من  هذا المؤلف المكتوب بالحرف العربي القديم والمترجم إلى اللغة الاسبانية (الرسم العربي 207صفحة والرسم اللاثيني 272 ،ويمكن ان نناقش ذلك على الصفحة (نادي القانونيين ) وسأحاول نقل العبارات بأمانة كما حررت في ذلك الوقت والله ولي التوفيق حتى نأخذ العبر ونتبع نهج السلف الصالح .
بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما
حدثنا ابو محمد بن عتاب عن ابيه عن ابي بكر التجبيى
قال ابو عبد الله محمد بن حارث الخشني رحمه الله وصل الله بالأمير الحكم المستنصر رحمه الله ولي عهد المسلمين اسباب السعادة ومد له في مدة العز وزاده من نعمة التوفيق أنه لما حسن ..........الامير ابقاه الله واستحكمت بصيرته سدده الله في حفظ ..العلوم ومطالعة الاخبار ..وفي معرفة النسب وتقييد الآثار ..وفي الاشادة لفضايل السلف ...والتقليد لمناقب الخلق .. وفي التذكير بالمنسي من الأنبأ والاشارة للساكن من القصص وخاصة ما كان في مصره قديما وفي عصره حديثا جعل الله ذلك سببا قويا لحياة القلوب وعلة ظاهرة لنباهة النفوس فتحرك أهل ال.....بما حركهم إليه الامير الموفق فاستحفظوا ما اضاعوا من غرر الاخبار ..وقيدوا ما اهملوا من عيون المعارف واتصلت بجميعهم بركة الامير ابقاه الله فيذلك ..وكذالك خير الفضايل ما سطع نوره وانتشر ذكره ..وكان علة لفضايل وسبب لمفاخر
فالحمد لله الذي جعل الامير أيده الله اماما في الخير ودليلا في طرايق الرشد ومهاديا إلى جميل المذاهب واسوة في الحسنى ومفتاحا إلى حميد الأمور وبابا الى الفضل هناه الله نعمته وادام غبطته و........عليه فضله ووفر من المكارم حظه
فإنه لما أمر الامير ابقاء الله بتأليف كتاب القضاة مقصورا على من قضى للخلفاء رضي الله عنهم بارض المغرب في الحاضرة العظمى قرطبة ذات الفخر الاعظم ولعمالها بها من قبل هززت رواة الاخبار في اخبارهما ..وكاشفت اهل الحفظ عن افعالهم ..وسالت اهل العلم عما تقدم من سيرهم قولا وفعلا  فالفيت من ذلك فصولا تروق المستفهمين .. وقصصا تبهج السامعين ..واخبارا تدل الناظرين المتعقبين على حصافة العقول وسعة العلوم ..وعلى رجاحة الاحلام وثقافة الافهام وعلى صدق البصاير وصحة العزايم .. وعلى ...مال الفضل واستغزار العدل .. وعلى استقامة الطريقة و.........وعلى ما لمن استقضاهم من الخلفاء رضي اللع عنهم ..وعلى اوصاف الرضية في حسن الارتياد وجميل الاخبار ..وفي .........القضاة بجميل العظاة .. وفي ائثار الصدق وتاييد....  ...ذلك جديد بقضاة مثل هذا المصر الاكبر ..بيضة ...  ...ودار الامامة وحاضرة الجماعة ومعدن الفضايل ..ومسكن الافاضل ..وكمين العلوم ومجمع العلماء وقاعدة الارض فادام الله فضلها واكمل حسنها بالامام العادل والملك الفاضل امير المومنين عبد الرحمن اطال الله بقاءه...ثم بالمصطفى لعهده الممتثل لمجده ..جعله الله اماما في الخيرات ... وعلما في الصالحات
قال محمد لما كان القاضي اعظم الولاة خطرا بعد الامام الذي جعله الله زماما للدين وقواما للدنيا لما يتقلده القاضي من تنفيذ القضايا وتخليد الاحكام في الدماء والفروج والاموال والاعراض وما يتصل بذلك من ضروب المنافع ووجوه المضار ..وكانت العقبى من الله في ذلك فظيعة المقام هائلة الموقف مخوفة المطلع اختلف في  ذلك الهمم من عقلا الناس وعلمائهم فقبل كثير منهم القضاء رغبة في شرف العاجلة ورجاء لمعونة الله عليه واتكالا على سعة عفوهفيه ونفر اخرون منه رهبة من مكروه الاجلة وحذارا من الله فيما قد يكون منهم وعلى ايديهم
قال محمد وقد سلف من رجال الاندلس من اهل حاضرتها العظمى رجال دعوا الى القضاء فلم يجيبوا وندبوا اليه فلم ينتدبوا رهبة من .....انفسهم في منتظر العاقبة :. وقدر رايت أن .......ذكرهم ووصف مقاماتهم بين يدى خلفائهم واشفاقهم مما دعاهم اليه أمرأوهم وان اجعل لذلك بابا في صدر الكتاب ثم اصير إلى ذكر ولاة القضاء قاضيا فقاضيا على ما كانت عليه دولهم إن شاء الله واسئل الله جميل المعونة على صواب القول ومحمود الفعل فانه الهادي الى سواء السبيل




باب من عرض عليه القضاء من اهل قرطبة فأبى من قبوله
قال محمد استشار الامير عبد الرحمن بن معاوية رضي الله عنهما اصحابه فيمن يوليه القضاء بقرطبة فأشار عليه ابنه هشام رحمت الله عليه وابن مغيث الحاجب بالمصعب بن عمران فقبل الامير عبد الرحمن رأيهما وأمر بالارسال في مصعب فلما قدم ادخله على نفسه بحضرة ابنه هشام واحمد بن مغيث وجماعة اصحابه فعرض عليه ولاية القضاء فأبى من قبولها وذكر اعذارا له في ذلك فردد عليه الامير عبد الرحمن القول واظهر له العزيمة ولم يوسعه العذر في ترك القبول فأصر على الاباية لها وتمادى على النفور منها فلما يئس الامير عبد الرحمن رحمه الله منه اطرق وجعل يفتل شاربه وكان إذا غضب فتل شاربه فالويل للمغضوب عليه حتى خاف من حضر على مصعب من بادرة تكون من الامير فيه لهول مقامه وجعل بعض الحاضرين ينظر الى هشام بن عبد الرحمن والى احمد بن مغيث كالقائلين لهما ماذا عرضتما بالرجل فرفع الامير راسه فقال لمصعب فعليك كذا وكذا وعلى اللذين اشارا بك ولم يكن من عقوبته له في حميا الغضب اكثر من ذلك وخرج مصعب فلحق بمكانه فلم يزل به حتى افضت الخلافة الى هشام رحمه الله فارسل فيه وعزم عليه في القضاء وسنذكر ذلك مبينا ان شاء الله
قال محمد وذكر ابو مروان عبيد الله بن يحيى عن ابيه الامير هشام اراد زياد بن عبد الرحمن للقضاء فخرج هاربا بنفسه فقال هشام بن عبد الرحمن عند ذلك ليت الناس كزياد حتى اكفى حب اهل الرغبة وامنه فرجع الى مسكنه
قال محمد قال لي عثمان بن محمد سمعت محمد بن غالب يقول لما بعث الوزراء في زياد بن عبد الرحمن وعرضوا عليه القضاء عن الامير هشام رحمه الله قال لهم اما ان اكرهتموني على القضاء فزوجتي طالق ثلاثا لئن اتى بى مدع في شى مما في ايد يكم لاخرجنه عنكم ثم لاجعلنكم فيه مدعين فلماسمعوا ذلك منه عملوا في معافاته
قال محمد واخبرني بعض رواة الاخبار قال لما مات القاضي محمد بن بشير ذكر الامير الحكم القضاء ومن يصلح ان يوليه فقال ما ارى غير فقيه البلد محمد بن عيسى الاعشى وما يغمنى منه غير افراط الدعابة التي فيه وعزم على ذلك من امره فقال له بعض الوزراء لو امتحنت أمره قبل المشافهة كان ذلك رأيا حسنا فأرسل اليه بعض وزرائه فنزل عليه وذاكره الامر وأعلمه بما عابه به الامير من افراط دعابته فقال أما القضاء فإنى والله لاأقبله البتة ولو فعل بى وفعل فلا يحتاج الامير ابقاه الله ان يكشف الى وجهه في ذلك واما الدعابة فعلي بن ابي طالب رضى الله عنه لم يدعها للخلافة اادعاها للقضاء فلما بلغ الامير قوله عافاه ونظر في غيره 

mardi 5 mars 2013

القرار الجنحي الصادر عن محكمة النقض تحت عدد 783 مع تعليق






تعليق على قرار الغرفة الجنائية الصادر بتاريخ 03/10/2012تحت عدد 783/1ملف 7484/2012
من إنجاز محمد عنبر رئيس غرفة بمحكمة النقض
                                         ونائب رئيس نادي قضاة المغرب
مـقدمة
لأول مرة في تاريخ المغرب ونتيجة للتدافع الذي عرفه المجتمع المغربي الذي كان ناتجا عن وضع شمولي للأمة العربية تمثل في طغيان الفساد وإشعاع الظلم والجور، مما ترتب عنه مواجهته بشكل محلي مختلف من بلد لآخر ،والمغرب لم يسلم من هذه المعالجة التي ركزت التدافع على المستوى الواقعي والنظري بين الحقوقيين والمدافعين على بقاء الوضع على ماكان ،وكان من نتائج ذلك صدور دستورجديد صوت عليه اغلبية المغاربة بتاريخ فاتح يوليوز 2011،والذي جاء بعدة نصوص تتصدى للوضع المزري الذي تعرفه البلاد خاصة على مستوى القضاء، قاطرة إصلاح الشأن المجتمعي والتنموي فأصبح على مستوى النصوص الدستورية سلطة قضائية بعد أن كان جهاز تابعا يوجه لخدمة الامن والنظام بدل خدمة المواطن والتنمية ،ونتج عن أول تنزيل لمقتضيات الفصل 111 منه تدافع بين القضاة ومؤسسات الدولة .
الوقائع
صدر اول قرار بعد الدستور مباشرة وبعد نجاح تجربة تأسيس أول جمعية مستقلة للقضاة للتضييق على القضاة المساهمين فيها بنقل أحد قضاة محكمة النقض (رئيس غرفة ) إلى ادنى محكمة إبتدائية بالنيابة العامة ،فتقدم بتظلم ضد القرار إلى المجلس الاعلى لمخالفته مقتضيات الدستور الجديد ولكن لم تتم مراجعة القرار بصورة قانونية وجدية ،فلجأ القاضي المعني إلى تقديم اول شكاية مباشرة جنحية ضد وزير العدل والرئيس الأول لمحكمة النقض والوكيل العام للملك لديهاواسس شكايته المباشرة  
على ما يخوله له القانون الاسمى للأمة المغربية في فصله 108((لايعزل القضاة ولاينقلون إلا بمقتضى القانون)) و من ضرورة دفاعه عن إستقلاليته كقاضى متى كانت مهددة من اية جهة طبقا للفصل 109من الدستور((....يجب على القاضي ،كلما اعتبر أن استقلاله مهدد ....))
....يعاقب القانون كل من حاول التأثير على القاضي بكيفية غير مشروعة .)) .
وكذا المادة الثالثة من قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بممارسة وإمكانية رفع الدعوى العمومية ((........يمكن ان يقيمها الطرف المتضرر طبقا للشروط المحددة في هذا القانون ))ومن هذه الشروط  المادة 265 من قانون المسطرة الجنائية (( إذا كان الفعل منسوبا إلى مستشار لجلالة الملك أو عضو من أعضاء الحكومة أو كاتب الدولة أو نائب كاتب الدولة مع مراعاة مقتضيات الباب الثامن من الدستور (حاليا في الدستور الجديدالباب الخامس ) أو قاض بالمجلس الأعلى أو بالمجلس الاعلى للحسابات أو عضو في المجلس الدستوري أو إلى والي أو عامل أو رئيس أول لمحكمة ا ستئناف عادية أو متخصصة أو وكيل عام للملك لديها ،فإن الغرفة الجنائية بالمجلس الاعلى تأمر ـ عند الاقتضاء ـ .......ولاتقبل أية مطالبة بالحق المدني أمام المجلس الاعلى .))
والفصل 233من القانون الجنائي الذي ينص على أنه ((إذا حصل إتفاق على اعمال مخالفة للقانون ،إما بواسطة اجتماع أفراد أو هيئات تتولى قدرا من السلطة العامة ،وإما بواسطة رسل أو مراسلات ،فإن مرتكبي الجريمة يعاقبون بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر .
ويجوز كذلك أن يحكم عليهم بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40 وبالحرمان من تولي الوظائف أو الخدمات العامة لمدة لاتتجاوز عشر سنين .))
والفصل 40 من القانون الجنائي ((يجوز للمحاكم ،في الحالات التي يحددها القانون ،إذا حكمت بعقوبة جنحية أن تحرم المحكوم عليه ،لمدة تتراوح بين سنة وعشر سنوات ،من ممارسة حق أو عدة حقوق من الحقوق الوطنية أو المدنية أو العائلية المنصوص عليها في الفصل 26.
يجوز أيضا للمحاكم تطبيق مقتضيات الفقرة الأولى من هذا الفصل إذا حكمت بعقوبة جنحية من اجل جريمة إرهابية )).
والفصل 26 من القانون الجنائي (( التجريد من الحقوق الوطنية يشمل :
1.   عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف العمومية وكل الخدمات والأعمال العمومية
2.   حرمان المحكوم عليه من ان يكون ناخبا أو منتخبا وحرمانه بصفة عامة من سائر الحقوق الوطنية والسياسية  ومن حق التحلي بأي وسام ،
3.   عدم الأهلية للقيام بمهمة عضو محلف أو خبير ،وعدم الأهلية لأداء الشهادة في اي رسم من الرسوم أو الشهادة أمام القضاء إلا على سبيل الاخبار فقط ،
4.   عدم اهلية المحكوم عليه لأن يكون وصيا او مشرفا على غيره أولاده ،
5.   الحرمان من حق حمل السلاح ومن الخدمة في الجيش والقيام بالتعليم أو إدارة مدرسة أو العمل في مؤسسة للتعليم كأستاذ أو مدرس أو مراقب .
و التجريد من الحقوق الوطنية عندما يكون عقوبة اصلية ، يحكم به لزجر الجنايات السياسية ولمدة تتراوح بين سنتين وعشر سنوات ما لم تنص مقتضيات خاصة على خلاف ذلك . ))
والفصل 128 من القانون الجنائي الذي ينص على أنه (( يعتبر مساهما في الجريمة من ارتكب شخصيا عملا من أعمال التنفيذ المادي لها )) ،والفصل 129من نفس القانون (( يعتبر مشاركا في الجناية أو الجنحة من لم يساهم مباشرة في تنفيذها ولكنه أتى أحد الأفعال الآتية :
1.   أمر بإرتكاب الفعل او حرض على إرتكابه وذلك بهبة او وعد أو تهديد أو إساءة إستغلال سلطة أو ولاية أو تحايل أو تدليس إجرامي .
2.   قدم أسلحة أو أدوات أو أية وسيلة أخرى استعملت في إرتكاب الفعل ،مع علمه بأنها ستستعمل لذلك .
3.   ساعد أو أعان الفاعل أو الفاعلين للجريمة في الاعمال التحضيرية أو الاعمال المسهلة لإرتكابها ،مع علمه .............))


والفصل 1 و132و133من القانون الجنائي .
نتيجة القرار وعلته

فصدر بتاريخ 03اكتوبر 2012 القرار عدد 783/1 ملف عدد 7484/2012 قضى بعدم قبول (الشكاية المباشرة ) المرفوعة إلى الغرفة الجنائية بمحكمة النقض .
والقرارموضوع التعليق اسس تعليله على المادة 265 من قانون المسطرة الجنائية  ((وحيث يتجلى من هذه الفقرة أن القانون إنما خول الغرفة الجنائية بمحكمة النقض وحدها إمكانية الأمر ،عند الاقتضاء ، بإجراء بحث في الجنايات والجنح التي ينسب إرتكابها إلى احد الاشخاص المذكورين فيها على سبيل الحصر بناء علىملتمس بذلك يقدمه إليها الوكيل العام للملك بنفس المحكمة .
ولاتسمح هذه المقتضيات لمن يرى أنه تضرر من أفعال ما بأن يثير دعوى عمومية بالادعاء المباشر أمام الغرفة الجنائية المذكورة ...)).
مناقشة القرار
نصت المادة الثالثة من قانون المسطرة الجنائية ((تمارس الدعوى العمومية .......يمكن ان يقيمها الطرف المتضررطبقا للشروط المحددة في القانون ....)) الاصل في الدعوى العمومية هي انها ملك للنيابة العامة تثيرها وتمارسها وفق النظم القانونية المحددة لذلك،  إلا ان هناك إستثناء على هذه الممارسة اعطي للموظفين المكلفين بذلك قانون ،وللمتضرر طبقا للشروط المحددة في هذا القانون .
وعبارات المادة المذكورة  جاءت عامة غير مقيدة بصفة او هيئة معينة فالأمر يتعلق بممارسة حق التقاضي ولجوء المواطن لقاضيه الطبيعي ولايحد من ممارسة هذه الحرية إلا الاستثناءات المنصوص عليها صراحة، فالاصل في ممارسة الحقوق  والحريات  هو الاباحة والاستثناء هو المنع ومادام ان المادة 3 من قانون المسطرة الجنائية لم تنص صراحة بمنع ممارسة الادعاء المباشرة ضد أي صفة  لكون المبدأ العام هو سيادة القانون فوق الجميع، وان الكل متساوون امام القانون فلايمكن منع طرف متضرر من التوجه بشكاية مباشرة امام قاضيه الطبيعي الذي حددته إجراءات المسطرة الجنائية والحيلولة دون ولوجه للقضاء،كما انه لايمكن جعل الجهة التي تبحث وتتهم هي التي تحاكم فالقانون خص المشتكى بهم الذين لهم تلك الصفات المذكورة ،بإمتياز المحاكمة امام الغرفة الجنائية بمحكمة النقض لجسامة مهامهم وخوف تعرضهم من الادعاءات الكيدية واعطى الامر لإثارة الدعوى لكل من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ولم يستثني المتضرر إذا كان المشتكى به هو نفسه الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض فالمادة 265 من قانون المسطرة الجنائية تتحدث عن صفة ( عضو من اعضاء الحكومة ..وقاض بالمجلس الاعلى ) وهذه الاخيرة تعني مؤسسة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض والرئيس الأول لمحكمة النقض بإعتبارهما  من ضمن قضاة النقض ،ولايمكن إلزام المشتكي بتوجيه شكايته ضد الوكيل العام للملك نفسه وان يلتمس منه دراستها ومتابعة نفسه من اجل الافعال التي ينسبها إليه المشتكي  (خصم و حكم ) وهذا امر مستحيل ولايستسيغه المنطق القانوني والحقوقي ،وإلا فإن على الغرفة الجنائية التي أصدرت القرار المطعون فيه ان تحدد الجهة القضائية التي يمكن للمشتكي  ان يلتجأ لها من غير مسطرة الادعاء المباشر ،وإلا فإن القرار القاضي بعدم قبول الشكاية يجعل الاطراف المشتكى بها فوق القانون و اشخاص مقدسة ولاتسأل ولا تخضع للمحاسبة لأن الهيئة الوحيدة التي نصت عليها المادة 265 من المسطرة الجنائية هي الغرفة الجنائية التي ترفع إليها القضية لتجري البحث بناء على ملتمس النيابة العامة كمؤسسة وليست كأشخاص مشتكى بهم ،وهذه الاخيرة بإصدارها لهذا القرار قد تخلت عن البحث مع هؤلاء الصنف من المشتكى بهم ومسائلتهم عن قراراتهم وهذا إنكار للعدالة يسأل عنه القاضي .(ملاحظة سبق للغرفة الجنائية أن اجرت بحثا في شكاية قدمت بتاريخ خامس دجنبر 1996 ضد احد الوزراء وصدر بها قرار بجميع الغرف تحت عدد 721بتاريخ 11يونيو 1997الملف الجنحي 19/03/1997 والخلاف الوحيد في الشكاية المباشرة الحالية ـ موضوع هذاالقرار ـ أنها موجهة ضد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض والرئيس الأول لمحكمة النقض) .بإعتبارهما عضوين في دائمين في المؤسسة الدستورية للمجلس الاعلى للقضاء التي تهتم بمسار القضاة من ترقية ونقل وتأديب.
علة القرار المستندة على تفسير المادة 265من قانون المسطرة الجنائية  
القرارموضوع التعليق اسس تعليله على المادة 265 من قانون المسطرة الجنائية  ((وحيث يتجلى من هذه الفقرة أن القانون إنما خول الغرفة الجنائية بحكمة النقض وحدها إمكانية الأمر ،عند الاقتضاء ، بإجراء بحث في الجنايات والجنح التي ينسب إرتكابها إلى احد الاشخاص المذكورين فيها على سبيل الحصر بناء علىملتمس بذلك يقدمه إليها الوكيل العام للملك بنفس المحكمة .
ولاتسمح هذه المقتضيات لمن يرى أنه تضرر من أفعال ما بأن يثير دعوى عمومية بالادعاء المباشر أمام الغرفة الجنائية المذكورة ...)).
فإنه يكون قد فسر وحمل المادة المذكورة ما لا تتحمل وأساء التأويل  حسبما سيتضح تبعا
1ـ أولا : المشتكي  لاينازع في كون الغرفة الجنائية  هي الوحيدة  التي لها صلاحية الامر بإجرا ء البحث فيما ينسب لهذه الفئة من ذوي الصفة المذكور ،وبإطلالة على شكايته  فهو يلتمس من الغرفة الجنائية تعيين أحد مستشاريها للتحقيق والبحث في موضوع الشكاية وإستدعاء المشتكى بهم وكل من يكشف عنه التحقيق والبحث في موضوع الشكاية  .
وإن كان الامرلايقتضي في هذا المقام ان نذكر فقهاء القانون من  قضاة المحكمة العليا ومحاميين وحقوقين بإجراءات تحريك الدعوى العمومية ولجوء المتضررين للإدعاء المباشر، فإننا نستسمح  من أن ن وضح الأمر، مادام ان الغرفة الجنائية نحت هذا المنحى وأضافت ـ  للمادة 265 من قانون المسطرة الجنائية حكما مس صراحة أحد الحقوق الاساسية للمواطن والمنصوص عليها بالدستور  وهو حق اللجوء إلى القضاء وتجاوزت إختصاص السلطة القضائية إلى السلطة التشريعية ، ـ إضافة عبارة (( لاتسمح هذه المقتضيات لمن يرى أنه تضرر ....)) ،فالنيابة العامة كما سلف الذكر هي مالكة الحق في الادعاء العام لمصلحة المجتمع والقانون ،ومادام ان حق تحريك الدعوى العمومية الممنوح لها مستند على مبدأ ملائمة المتابعة وليس قانونيتها ،فقد تلجأ لحفظ الشكاية لعدة اسباب ترى أنها تبرر عدم تحريكها (تعليمات أو تقدير ذاتي ) فإن الاطراف المشتكية التي حفظت شكايتها لها الصلاحية اللجوء إلى قضاء الحكم مباشرة بواسطة الادعاء المباشر، وهو الذي يتولى البحث والتحقيق في الشكاية، وما على النيابة العامة إلا ان تتبناها أو تعارض في الحكم على المشتكى بهم لعدة اسباب تراها قانونية ،ويكون كل ذلك بملتمس كتابي اوشفوي يأتي بعد ان تبلغ لها الشكاية التي لم تقدم لها أصلا ،والمادة 93 من قانون المسطرة الجنائية توضح سير الشكاية المباشرة التي يتقدم بها المتضرر مباشرة لقاضي التحقيق (وهو ما تم في النازلة موضوع التعليق) المادة 93((يأمر قاضي التحقيق بتبليغ الشكاية إلى وكيل الملك أو الوكيل العام للملك لتقديم ملتمساته .....)) فتحريك الدعوى المباشرة لايتم بملتمس من النيابة العام بل بطلب من المتضرر ولايمكن حرمانه من هذا الحق لكون المشتكى به هو الشخص الذي  يشغل منصب الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض او الرئيس الأول لمحكمة النقض، فكلهما قاضيان في محكمة النقض ،والاصل أن الملتمس يأتي بعد وضع قاضي التحقيق للغرفة الجنائية يده على القضية، وليس قبل ذلك لأن مفتاح تحريك الدعوى العمومية إن كان في الاصل يملكه الوكيل العام للملك كمؤسسة، فإنه لايمكن ان يملكه (في الشكاية المباشرة ) كشخص عندما يكون هو المشتكى به ،وبالتالي فإن إضافة عبارة (لاتسمح ) فيها تجاوز للقضاة لسلطاتهم وتشريعهم للقانون، وكذلك  خرق صريح للقانون المسطري ،مع ان  الأصل فيه الاباحة، والاستثناء هو المنع صراحة بالمادة المذكورة .
والمادة 265 في فقرتها الثانية توضح كيفية إجراءمسطرة التحقيق ((.. يجري التحقيق حسب الكيفية المنصوص عليها في القسم الثالث من الكتاب الأول المتعلق بالتحقيق الاعدادي ...))
ومقتضايت المادة 93 المذكورة جاءت بالباب الثالث من القسم الثالث من التحقيق الاعدادي، وإن كان المشرع يريد حرمان المواطن من الادعاء المباشر أمام محكمة النقض ويجعل حق تحريك الدعوى العمومية أمامها يتم بناء على ملتمس الوكيل العام للملك فقط ، لنص صراحة على هذا الاستثناء  واضاف عبارة(( تستثنى من ذلك مقتضيات الباب الثالث من القسم الثالث التحقيق الاعدادي كما نص صراحة بالمادة 265  ((...لاتقبل أية مطالبة بالحق المدني أمام المجلس الاعلى)) (( محكمة النقض))، ومفهوم المخالفة للفقرة المذكورة هو ان الادعاء المباشر أمام الغرفة الجنائية مقبول، لكن لاتقبل المطالبة بالحق المدني .
خاتــمة
وختاما فإن القرار الجنائي موضوع هذا التعليق سيكون لبنة أولى في القضاء المغربي للفلسفة التي بني عليها الدستور المغربي الجديد  في فصله الأول الذي ينص  ((.........وعلى مبادئ الحكامة الجيدة ،وربط المسؤولية بالمحاسبة )) والفصل السادس الذي ينص على ان (( القانون هو اسمى تعبير عن ارادة الامة .والجميع ،اشخاصا ذاتيين واعتباريين ،بما فيهم السلطات العمومية ،متساوون أمامه ،وملزمون بالامتثال له .......))فعل القضاة الشباب ان يتحلو بالجرأة والشجاعة وبعد النظر في التطبيق السليم للقانون غايتهم الفضيلة وإشعاع ثقافة العدالة وسيدة القانون .
والله ولي التوفيق محمد عنبر رئيس غرفة بمحكمة النقض ونائب رئيس نادي قضاة المغرب  
بتاريخ 26فبراير 2013 الرباط