mardi 26 mars 2013

المجلس الوطني الثالث لنادي قضاة المغرب المنعقد يوم 23مارس 2013بالرباط وصف موضوعي دقيق للأستاذ الفاضل حكيم الوردي نائب اول لوكيل الملك بالدارالبيضاء الكبرى


المجلس الوطني لنادي القضاة من تحصين الذات إلى تقوية الأداة
انعقد المجلس الوطني لنادي القضاة في ظل أجواء داخلية مطبوعة بنضج الرؤية ووضوح الأهداف، وفي سياق منفلت نسبيا عن ضغط الإيقاع المتأزم لواقع السلطة القضائية.فالنادي كجمعية مهنية للقضاة لم يعد في حاجة إلى لفت انتباه الرأي العام القضائي إليه أو انتزاع اعتراف المركز بوجوده. بعدما استطاع في ظرف قياسي أن يصبح جزءا أساسيا من تركيبة المشهد القضائي بما راكمه من مواقف، وما اجترحه من أسئلة، وما حققه من إنجازات على الأرض.
لقد وجد النادي نفسه منذ النشأة في مجابهة المنع، وأكره على تبني خط نضالي شاق ومعقد، ورسم لنفسه هوية فكرية تستجيب لتطلعات المرحلة في بناء سلطة قضائية حقيقية. وخلال هذا المسار المشرف والصعب كان من الطبيعي أن تؤجل أسئلة التنظيم الداخلي إلى حين هدوء العاصفة.
وينبغي الاعتراف أن أجهزة النادي التقريرية والتنفيذية تمكنت من تدبير المرحلة بكثير من الجرأة والمسؤولية، كما تفوقت مؤسسة الرئاسة في تجاوز التناقضات الداخلية المرحلية، الشيء الذي نتج عنه إجبار الإدارة المركزية بالجلوس إلى طاولة الحوار من جهة، وعقد مجلس وطني برهانات تنظيمية صرفة من جهة أخرى.
ولعل المتأمل في جدول أعمال المجلس وما تمخض عنه من قرارات لا يملك إلا أن يخرج بخلاصة أساسية محورها استيعاب أجهزة النادي لدوره كجمعية مهنية مسؤولة، تمزج بين الانخراط في تحصين الذات بالإعلان الواضح عن رفض كل مظاهر الانحراف داخل الجسم القضائي والمطالبة باحترام القانون في التصدي لها بعيدا عن الأسلوب التشهير والدعاية، مع إعطاء القدوة بتصريح كافة مسيري النادي وطنيا وجهويا بممتلكاتهم وديونهم. وبين تقوية الأداة التنظيمية بتوزيع البطائق وتشكيل اللجان وتحديد اختصاصتها، والانكباب على تنقيح مشروع النظام الداخلي، فضلا عن تحقيق إنجاز مهم يتمثل في إعداد تصور شامل حول طرق أجرأة استقلال السلطة القضائية. والحسم في منع الترشح عن أعضاء الأجهزة التقريرية لعضوية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وأدا لأي هاتف داخلي باتخاذ النادي مطية لتحقيق طموحات شخصية.
ومثلما أثبت النادي أنه قوة احتجاجية ضاربة داخل الجسم القضائي، فقد أثبت أنه قوة اقتراحية تعكس الهموم الحقيقية للقضاة التي تم بسطها في إطار الحوار المفتوح مع وزير العدل، وتلقى وعودا في شأن بعضها، مثلما تمكن من تحقيق بعض الاختراقات المهمة بخصوص بعضها الآخر لاسيما ما تعلق بإصدار دوريتين على قدر من الأهمية الرمزية مهنيا أولهما تذكر بوجوب الانضباط للقانون بالنسبة للجمعية العمومية، وثانيهما تؤكد على حق قضاة النيابة العامة والتحقيق والأحداث في التعويض عن الديمومة والساعات الإضافية بأيام الراحة في انتظار صدور مشروع مرسوم محدد للتعويضات المادية وهو المشروع الذي أحيل على النادي لإبداء الرأي بخصوصه.
إن حجم الانتظارات داخل صفوف القضاة، هي من السعة بحيث قد تبدوا الجهود المبذولة من طرف أجهزة النادي قاصرة على الإحاطة بها، بيد أن المتأمل الحصيف والملاحظ الموضوعي لا يملك إلا أن ينوه بما تم تحقيقه لحد الساعة، فلقد أصبح للقضاة صوت حقيقي يعبر عنهم، وأفق فكري يوحدهم، والمستقبل يعد بالكثير ، فالنادي لم ينشأ للدفاع عن مطلب مادي آني، أو لتحقيق أهداف فئوية ضيقة، وإنما هو تعبير عن مشروع فكري عميق ممتد في الزمن لمصالحة المغاربة مع عدالتهم، ومنحهم سلطة قضائية تحمي حقوقهم وتصون حرياتهم. مشروع تشبع به قضاة يتملكهم وعي شقي بحب الوطن، ويتوجسون خيفة من أن يخطئوا موعدهم مع التاريخ.
فتحية لكل من آمن بالنادي أداة لخدمة الوطن، ولأولئك الذين خرجوا من اجتماعهم الماراطوني أكثر لحمة وأرسخ قدما.
مقالة الاستاذ الفاضل حكيم الوردي عضو بنادي قضاة المغرب 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire