mardi 31 juillet 2012

مداخلة الاستاذ محمد عنبر رئيس غرفة بمحكمة النقض ونائب رئيس نادي قضاة المغرب في اليوم الدراسي المنظم من طرف الفريق الفدرالي للوحدة والديموقراطية بمجلس المستشارين يوم الخميس 05يوليوز 2012 حول : ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية :أي دور للقضاء المغربي ؟ موضوع المداخلة : دور الجمعيات المهنية والقضائية في حماية حقوق المواطنين


بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله وحده .
تمهـــيد
بادئ ذي بدء أود أن أشكر السيد رئيس الفريق الفدرالي للوحدة والديموقراطية بمجلس المستشارين ، على دعوته لنادي قضاة المغرب لهذا اليوم الدراسي المتعلق بدور القضاء في التنمية الاقتصلدية والاجتماعية  ، ويبدوا ان هذه البادرة الاولي لمؤسسة عمومية بمجلس المستشارين ، في التواصل وتنزيل مقتضيات الدستور خاصة الفصل[1]13 و14ونتمى ان تتواصل وتحدوا حدوها باقي الفرق البرلمانية .
ودور الجمعيات المهنية والقضائية هي اصلا لحماية حريات وحقوق المواطنين ،وهي صلة وصل بين المواطن العادي الذي يعيش مشاكله اليومية مع الخدمات المقدمة إليه من طرف القائمين على المرافق العمومية ،وبين النخبة المثقفة التي تتواجد بمؤسسات  القضاء والتشريع والتنفيذ،حتى تقرب الفجوة بين هذين الطرفين ووجهات نظرهم للأمور وكيفية إيجاد حلول ملائمة لها ،كما ان هذه الجمعيات المهنية هي منصبة اصلا للدفاع أولا على مصالح اعضائها،ونحن في نادي القضاة أدرجنا نصا ( المادة الرابعة من القانون الاساسي لجمعية نادي قضاة المغرب ) وهي تتعلق بالدفاع على حقوق وحريات المواطنين المنصوص عليها بالدستور الجديدلسنة 2011.
وحتى لايتم الإجهاض على ماجاء به من الحقوق وحريات ،والركوب عليه ممن ينتفعون من الوضع الحالي للعدالة المغربية ،ويقاومون بكل ما  أوتوا من قوة وكيدوحقد ،لكل بادرة من أجل التفعيل الصحيح والسليم للدستور ،فلايجب أن ننتظر أن تقدم إلينا الحلول في طبق من ذهب ،فعلينا أن ننهض الهمم وندعوا إلى مشاركة كل من مكانته في تنزيل الدستور كما يريده الشعب المغربي  ،والوقوف ضد كل من ينتهكه ،فالسكوت على التجاوزات للقوانين مهما كانت درجتها يخلق لنا طغاة من العيار الكبير ومابالك مقتضيات الدستور ،فهبوا ياحماة العدالة والقانون إلى إنقاذ عدالتكم وجعلها تتبوء المكانة العليا التي هي جديرة بها .
والدستور الجديد والذي جاء بمقتضيات عامة جديدة لم تألفها المؤلفات القانونية المغربية ،وان كانت صياغته العامة والشمولية تقتضي عدة تاويلات مما يفرض تقسيم هذه المذاخلة إلى نقطتين اساسيتن : الأولى تشخيص حالة القضاء التي وصل إليها حاليا ،وثانيا المساهمة بإعطاء تصور لتطبيقات نصوص الدستور الجديد على النظام الاساسي لرجال السلطة القضائية المرتقب .
المبحث الاول : تشخيص حالة القضاء ببلادنا ودرالجمعيات المهنية في تخليق الحياة القضائية  
وأود ان اشير إلى كون مصطلح (الاصلاح القضائي ) هو مصطلح مستفز شأنه شان  مصطلح ( الأمن القضائي )أو ( القضاء الأمني )ّ،وقد خلق عدة إشكالات كانت موضوع إهتمام ومناقشة من طرف وسائل الاعلام والراي العام ،فهل عندما نتحدث عن القضاء والقضاة هل نستعمل مصطلح الاصلاح ام مصطلح الفساد مع مايثيره  هذا الاخير من احتجاجات من الهيئات المعنية ؟، فالمصطلح الأول (الاصلاح) يعني ان هناك حالة فساد تابثة يتعين استئصالها ،ولنا ان نتسائل أولا قبل العلاج عن مصدر هذا الداء الذي تم تشخيصه  ،عمن أفسد العدالة والقضاء ؟،لايخرج الأمر هنا عن الالتفاف على استقلال القضاء ،وجعله في خدمة النزوات والمصالح بدل تحقيق العدل ،إذن الداء الذي يعاني منه القضاء بالمغرب هو عدم إستقلاليته ،الشيء الذي ادى الى إنعدام ثقة المواطن  ، كما ان الفلسفة التي كانت سائدة في التعامل مع القضاة كانت ترمي إلى زرع التفرقة والحقد والكراهية بين القضاة وذلك بعدم إحترام معايير موضوعية للتعينات والترقيات و الانتقالات(يعني الريع القضائي )تستفيذ منه فئة معينة منذ سنين بآليات المحسوبية والزبونية والولاءات ) ،مما ادى إلى احباط عدة قضاة وتنيهم عن الاجتهاد والابتكار ،كما جعل العلاقة بين القاضي والمواطن يسودها الشك والريبة وعدم الثقة بين الطرفين مما خلق نوع من العزوف والسخط واشعاع عدم الثقة لدى المواطن ،وبالمقابل التعالي وعدم مد يد المساعدة من طرف القاضي للمواطن ،وقد  تم معالجة هذه الآفة بالاجهاز ايضا على مصطلح الثقة ،وتم استبداله بالأمن القضائي أو القضاء الأمني،وكأن الأمور تعالج من بباب الخوف والتخويف ،فإستعمال بعض المصطلاحات تكون لها دلالتها في ذهن المتلقي فيخلق لديه شعور بالعزوف وعدم الاهتمام والاحباط ، وهذا ماتسعى له الجماعات المستفيذة من تدني خدمات العدالة ،وتساهم في تقويضها وتمييع عملها كما هو الشأن في كافة الميادين منها مثلا عبارة( التفتيش ).وأعطي مثلا بسيطا من جملة العديد من الامثلة فالمناهضين لإستقلال القضاء يروجون بكون القضاة يريدون من الاستقلال فعل كل شيء بدون رقابة ولا محاسبة ،وهو تبخيس لمطالبهم وتسفيهها مادام ان السلطة الوحيدة التي تحمل في طياتها وسائل الرقابة المعلنة ولاتعرفها باقي السلطات ، من علنية المرافعات وحق الطعن للاطراف على درجتين في الموضوع ،وطعن قانوني امام محكمة النقض وطعون في صلاحيات القضاة بالتجريح وغيرها من المخالفات القانونية وطعون في المحكمة بالتشكك المشروع وطلبات الاحالة ،إلى آخر الوسائل التي يمكن سلوكها والمنصوص عليها قانونا .فالحرية التي يجب ان تكون من بين المبادئ التي تحكم تاسيس السلطة القضائية يقابلها الالتزام وهي المسؤولية والمحاسبة وهو مانص عليه الدستور الجديد.
فحديثنا عن استقلال القضاء هو شان يهم الشعب ،الذي له الحق ( بل من حقوقه الأساسية ) أن يكون له قضاء مستقل، وبالتالي فشان القضاء ليس شأن يتعلق بالقضاة ،مما جعل الحقوقيين المغاربة يدافعون على ان لايبقى المجلس الاعلى للسلطة القضائية حكرا على رجال القضاء بل لابد من تطعيمه من شخصيات المجتمع المدني حتى تكون هناك مراقبة شعبية لأعماله ،وليس في ذلك ادنى تسييس للقضاء لأن الرقابة في كافة مناحي الدولة هي أصلا موكولة للشعب .
ولن نجد في القضاة من يعارض في استقلال القضاء ،وكل ما في الامر ان من تهدد مصالحه من الاستقلال يقاوم هذا التغيير بكل قواه لأنه لامحالة ستمس  مصالحه من طرف القضاء المستقل، .فحذاري من الاختراق من طرف جيوب مقاومة التغيير والقيام بحرب إستباقية بوضع الموالين لهم في مراكز القرار، مادام انه لم يتم  القطع مع الماضي وكما جاء في رسالة العلامة اليوسي شيخ العرب دفين مدينة صفرو والتي وجهها للسلطان المولى إسماعيل ،(.....كيف يزيل الظلم من كان يفعله ؟......).
وإستقلال القضاء لايخرج عن امر واحد ،ولنقل مبدئ يجب ان يبنى عليه ،وهو منح القضاة والعاملين في مجال القضاء الحرية يعني حق الاختيار ،وهذا لايعني حرية مطلقة بل فقط حق التعبير للعلن عما يعانوه في فترات إخراج قراراتهم للعلن ،وهنا توقفني عبارة في الدستور الفصل 111 ((... للقضاة الحق في حرية التعبير ،بما يتلائم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية ...........)) ماذا تعني هذه الازدواجية في بسط الحقوق ،مثلا اريد ان أبوح لكم  بأنه هناك ثأثير قوي يمارس علي لإصدار قرار في إتجاه معين، فهل أقول ذلك مجردا عن رقم الملف ؟ وإذا ذكرت رقم الملف سأكون قد أفشيت سرية اسماء الاطراف والمحامين وسرية المداولات ،ولم أثبت حالة التأثير على إستقلاليتي ،لأنه يصعب علي ذلك بل يستحيل ذلك مادام ان المداولات لاتسجل بالصوت والصورة ذاخل قاعة المداولة ؟فكيف سيعالج الامر وممارسة هذا الحق بطريقة معقولة ؟ ودون تعرضي لعقوبة مقنعة مادام ان القانون الاساسي لرجال القضاء يمنع علي إفشاء سرية المداولات ،فالثأثير لايكون إلا بوسائل غير مشروعة وخفية تحملها النصوص القانونية في طياتها ،مثلا إذا لم  أخضع لثأثير ،يمكن نقلي لأبعد منطقة تحت ستار الترقية مع النقل المنصوص عليها بالفصل 55من النظام الاساسي لرجال القضاء  ((يمكن ان يعين قضاة الاحكام رعيا لتخصص كل واحد منهم في مناصب جديدة بطلب منهم او على إثر ترقية .....))
فعمومية فصول النظام الاساسي لرجال القضاة تسهل مهمة التأثير عليهم من طرف المناهضين لإستقلال القضاء وهناك عدة فصول لاتعطي اية ضمانة للقضاة وهي غير كامنة فقط في النظام الاساسي بل باقي القوانين الاخرى التي يعمل بها في ميدان العدالة مما يتعين ملائمتها للدستور الجديد والفلسفة التي يقوم عليها ، فمثلا في التاذيب يمكن ان يعتبر ممارسة حقي الدستوري بالتعبير عن المس بإستقلاليتي إخلالا بواجباتي المهنية لعموميتها و لعدم تحديدها حصرا وإخلالا بواجب التحفظ الذي جاء به الدستور الجديد،كما يزيد من استفحال الامر إتفاق اللاشخاص المكونة للمؤسسات التأذيبية على خرق وتفسير القانون الاساسي لرجال القضاء في إتجاه إسكات صوت القاضي ،ليعجزعن فضح المتدخلين والمأثرين في قراراته ،واعطي مثلا واقعيا للخروج من ازمة الفصل 111 من الدستور أنه يجب التنصيص في  القانون الاساسي لرجال القضاء او القوانين الشكلية المسطرة المدنية والجنائية  ،أن للقاضي المقرر أو الذي يخالف رأيه رأي الهيئة ،الحق في ان تكتب وجهة نظره في القرار في حالة عدم موافقة الهيئة عليها ،وهذا الاجراء سيحد من الاتفاقات السرية التي تجرى قبل المداولة إن كانت ،ويبين شفافية العمل القضائي ويسمح بمراقبته ،ويمكن إتخاذ هذه الوسيلة لتقييم عمل رؤوساء الهيئات في قدرتهم على تأطير المداولات ،وكذا ابراز الحدس القانوني لدى المستشارين ،ويتم الارتقاء بالعمل القضائي .
مثال الآخر يطلق يد المؤسسة التأذيبية على القضاة متمثل في الفصل 62 من النظام الاساسي لرجال القضاء (( يمكن توقيف القاضي حالا عن مزاولة مهامه بقرار لوزير العدل إذا توبع جنائيا أو إرتكب خطأ خطيرا ))فعبارة خطا خطير فضفاضة يمكن ان تدخل فيها أي شيء(( رغم انها صغير كسم الخياط يمكن ان تدخل فيها جمل )) وهنا يمكن ان تسثنى صراحة من عبارة خطير التعبير عن الضغوط والتأثيرات التي تمارس على القاضي ،هذا وان الجمعية المهنية التي أنشأت حديثا ( نادي قضاة المغرب  ) وضعت تصورا لإصلاح النظام الاساسي لرجال القضاء في عدة توصيات خرج بها مجلسها الوطني الأول المنعقد بتاريخ 26و27 نوفمبر  2011 وهذه التوصيات تشمل إبتداء من مرحلة ولوج المعهد العالي للقضاء بل وقبل بوضع معايير موضوعية لإختيار اللجنة الساهرة على الامتحان مرورا بالتكوين والتكوين المستمر إلى نهاية المسار بالتقاعد .
وسابسط بعض التوصيات ،لابد من أن تنشأ لجنة من القضاة تتوفر فيهم معايير معينة ( الاقدمية ،والكفاءة ،والنزاهة ،والشجاعة ،والتجرد )ينتخبون من بين قضاة المملكة على صعيد كل محكمة من طرف الجمعية العمومية بعد حصر لائحة المرشحين المتوفرين على المعايير المذكورة طبعا ) هذه اللجنة يعهد إليها بالاشراف على إمتحانات ولوج القضاء بدأ من إختيار الاساتذة الذين سيشرفون على العملية إلى حين إعطاء النتائج ،كما يعهد لها بوضع منهج التكوين ومساره للقضاة  الراغبين في التكوين في مادة معينة وان يعطى لهذه البادرة طابع التحفيز حين تؤخذ في الترقي السريع فكلما زادت ايام التكوين كلما إرتفعت حظوظ القاضي في الترقية مع تعويض مشرف عن ايام التكوين وبالنسبة ايضا  للقضاة  المبتدئين (مثلا نوع المواد المدرسة ،ونوع التداريب ومدته في المؤسسات الادارية والقضائية ،مع تدريس مادة خاصة حول الحقوق وواجبات القضاة إزاء مختلف العاملين في حقل القضاء من رؤساء ومحامون وخبراء وموثقين وكتابة الضبط ،تحديد مدة التدريب بمحكمة النقض قبل التخرج لاتقل عن سنة تعهد إليهم تهيئ مشاريع قرارات محكمة النقض تحت إشراف المستشارين المقررين  والمحامون العامون إلى آخر ذلك .ويجب ان تحدد مهمة هذه اللجنة في فترة زمنية  كل إستحقاقات عامة ولايجب ان يجدد الترشيح إليها لترك الفرصة لباقي القضاة القادميين .
كما أنه يجب التركيز على المقتضيات القانونية المنظمة للجمعية العمومية والتي تم الالتفاف عليها واصبح دورها منعدما مع انها هي الفاعل الاساسي في المحاكمة العادلة ،واصبح القضاة يعنون للقضايا بدل تعيين القضايا لدى القضاة ،وهذه المقتضيات هي مربط الفرس في إصلاح العدالة ويتعين إخرجها من الرفوف ،وتفعيل الجمعيات العمومية بآليات تعمل طيلة السنة تكون مؤلفة من رئيس المحكمة ووكيل الملك لديها واقدم قاضيين في المحكمة واحد من الرئاسة ووالاخر من النيابة العامة ورئيس كتابة الضبط واحدث كاتب الضبط ،واحدث قاضيين ايضا مع مراعاة التمثيل النسوي .وكذا الجمعيات المهنية ،وعلى هذه اللجنة ان تضع خطط للعمل لمدة سنة بإقتراحات تعرض على الجمعية العمومية لإقرارها بالتصويت بعد المناقشة .
مثال آخر يجعلني في حيرة من امري حول الفصل 110 من الدستور (( لايلزم قضاة الاحكام إلا بتطبيق القانون ،ولا تصدر احكام القضاء إلا على اساس التطبيق العادل للقانون .
يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون .كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادر عن السلطة التي يتبعون لها .))
فالحيرة تتمثل في كون الدستور يخاطب شخص القاضي بكونه ملزم بتطبيق القانون ،وكل مخالفة لذلك ستؤدي لمسائلته ،وفي الفقرة الثانية يخاطب القضاء كمؤسسة يتعين عليها أن تصدر الاحكام على اساس التطبيق العادل للقانون ،هذا يعني ان القاضي وإن كان عليه إلتزام بتطبيق القانون ،فإن اصدار الاحكام العادلة هو موكول للمؤسسات التي يعمل ضمنها وهي الاجتهادات القضائية الصادرة عن  المحاكم ومحكمة النقض على إختلافات الهيئات الصادرة عنها .وهي الموكول لها توحيد الاجتهاد القضائي بالمملكة .
 واتوفر على إحصائيات من محكمة النقض  تتعلق بقرار إحالة الملفات على غرفتين للبت فيها ،وهذا الاجراء نص عليه الفصل 371من ق.م.م. للمراقبة اولا لقرارات محكمة النقض وثانيا لتوحيد الاختلافات التي تكون بين الغرف في مسأ لة قانونية ،لكن الملاحظ ان اغلب  القرارت التي تصدر بالاحالة على غرفتين هي صادرة من طرف الرئيس الاول وهذه الامكانية اعطيت للرئيس الاول في حالة التجريح في مستشار معين اورئيس إذ غالبا لاتعلل هذه القرارت ولاتتضمن  توضيح النقط الخلافية التي ستبت فيها الغرفتان مجتمعتان ،وكذا الشأن بالنسبة لقرار الغرفة الصادر عن الهيئة فهي لاتتضمن اية إشارة للنقطة الخلافية التي يجب على الغرفتين التداول بشأنها وكذا القرارات بإلاحالة على جميع الغرف جميعها لاتتضمن النقطة الخلافية التي يجب الحسم فيها إذ قد تحال القضية على جميع الغرف وسيصدر بشأنها قرار بعدم القبول لخلل شكلي .مما يتعين معه تعديل مقتضيات المسطرة بهذا الشأن وإلتنصيص على ضرورة تضمين قرارات الاحالة على غرفتين النقط التي سيتم التداول بشأنها والتي ستشكل إجتهاد له قوة ملزمة لغرف محكمة النقض والمحاكم الدنيا .
فتطبيق القانون كما قلت  كفكرة ومبدأ هو التزام على القاضي ،وإصدار الاحكام كواقع وتسجيدا  للقانون يجب ان يتسم بالعادلة وهو موكول للقضاء كمؤسسة ،وقضاة النيابة العامة هم ملزمون كذلك بمبدأ وفكرة تطبيق القانون ،لكن كملائمة للواقع فهم ملزمون بالتعليمات الكتابية والتي يتعين ان تكون مطابقة لروح القانون والصادرة عن السلطة التي يتبعون لها  ، هذا يعني انهم لايطبقون تعليمات سلطة اخرى غير السلطة القضائية ،لكن حين يتضارب مبدأ تطبيق القانون من طرف شخص قاضي النيابة العامة مع مبدأ التطبيق العادل او التعليمات الكتابية القانونية ما هو الحل ؟
 مثلا القانون ينص على متابعة كل من قام بالإعتداء بالضرب والجرح على شخص تسبب له في عجز يفوق 21 يوما ،لاندخل هنا في التفريعات والتفاصيل المهم ان قاضي النيابة العامة  يبقى حائرا بوضع الشخص تحت الاعتقال ام لا ويقدر ذلك الامر ،فلو جاءته تعليمات كتابية من رئيسه بالاعتقال او العكس فهل يكون ملزما بتطبيقها ؟ رغم تقديره بكونها غير عادلة وانها لن تحقق العدل مثلا او العكس كأن إن كان هناك سوء التقدير ،فهل تتم مسائلته في حالة المخالفة ؟ .
الواقع ان نص الدستور لم يعطي للنائب وكيل الملك صلاحيات تقدير الواقع بل ألزمه بمبدأ معنوي وكفكرة ،وان تجسيد العدالة كواقع أعطاها للتعليمات الكتابية القانونية ،وفي هذا تركيز وإحتكار لمركزية القرار ،ويمكن ان نفسر انه في حالة عدم وجود تعليمات كتابية يمكن ان  تكون  لقاضي النيابة العامة الصلاحية الكاملة في اتخاذ القرار ،ويتحمل مسؤوليته مع الجهة التابع لها وفي حالة وجود تعليمات كتابية قانونية تحد صلاحيته في تقدير الامور تتحمل مسؤوليتها السلطة مصدرة للتعليمات الكتابية  إن كانت غير عادلة والحقت ضررا لكن من هي الجهة التي سيرفع لها الطعن في هذه الحالة  ،مع ان مسألة العدالة نسبية تختلف في الزمان والمكان؟ .
بعد تشخيص وضعية القضاء في هذه النقط البسيطة والقليلة، إذ الحيز الزمني  المخصص لايسمح ببسط وتشريح الحالة كلها ،وسأتطرق لتصورات حول معالجة بعض النصوص المتعلقة بإصلاح النظام الاساسي لرجال السلطة القضائية إنطلاقا من الدستور و القوانين الاخرى .
المبحث الثاني : المساهمة بإعطاء تصور لتطبيقات نصوص الدستور الجديد على النظام الاساسي لرجال السلطة القضائية المرتقب وفق تصور الجمعية المهنية لقضاة المغرب .

نص الدستورالجديد في الفصل 128 منه على ان  ((تعمل الشرطة القضائية تحت سلطة قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق ،في كل مايتعلق بالأبحاث والتحريات الضرورية بخصوص الجرائم وضبط مرتكبيها ولإثبات الحقيقة ))هذا النص خلق إشكالا في ذهن بعض المتتبعين حول تضمينة في القانون الاسمى الدستور مع ان نفس الفصل تم النص عليه بقانون المسطرة الجنائية(( المواد 16و17و18 وبعده )) وجاء كآخر فصل في الباب المتعلق بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية ، فكيف تم الرقي بالرقابة القضائية لعمل الضايطة  القضائية  الى مؤسسة دستورية ؟هذا الامر ليس إعتباطا ولا ترفا من  المشرع الدستوري بالنص على مجمل الحقوق والرقي بها فقط إلى مستوى الحقوق الدستورية دون تنزيلها تنزيلا صحيحا على ارض الواقع .
فالواقع أن اي حدث يقع على ارض الواقع (لنقل فعل مجرم ) تكون هناك فترة زمنية تتدخل فيها عدة فرق للأمن من الامن العمومي إلى عناصر الشرطة القضائية ،وتمر فترة من الزمن بين الواقعة والبدأ في البحث القانوني ،كل هذه الفترة تكون خارجة عن أية مراقبة شرعية مما يؤدي إلى تعسفات تبدأ من إهانة المواطن إلى الإخفاء القصري والقتل وإخفاء الجثة ،الشيء الذي أدى إلى إحتكاكات ومطالبات حقوقية محلية ودولية بتطبيق المحاكمة العادلة والكشف ومحاسبة المسؤولين على التجاوزات ومنح تعويضات من اموال دافعي الضرائب عن تجاوزات لبعض الاشخاص ،وهذا العبئ الضخم كله الذي أتقل كاهل الدولة كان في فترة زمنية وجيزة كانت خارج تغطية المراقبة والشفافية ،لذا فالمشرع يدفع بالحقوقيين إلى المطالبة بإحداث إدارة عامة للشرطة القضائية مستقلة على الادارة العامة للأمن العمومي التابعة للسلطة التنفيذية ،والادارة العامة للشرطة القضائية تكون تابعة أو تحت سلطة رئيس السلطة القضائية والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض سواء في يخص المؤسسة او الاشخاص ويعينون من طرف السلطة القضائية ويعفون من طرفها ويتعين تنزيل قانون تنظيمي لها وسنقترح عدة قوانين لتفعيل هذا النص على ارض الواقع، منها ان يكون إجراء البحث في اية مسطرة قضائية بحضور محامي تبدامن إشعاره بالحدث  الواقع خارج إدارة الشرطة القضائية وبحضوره لكافة الفترة الزمنية إلى حين تقديم او إخلاء سراح المعني بالامر المواطن (ولما إحداث تأمين الدفاع خارج المحكمة  بمبالغ زهيدة للمواطنين المغربة مع هيئات المحامين لتضمن حضور محامي لكل حالة تتدخل فيها الشرطة (سواء الامن العمومي او الشرطة القضائية ) ويتم النص على انه لايتم الاستماع الى اي شخص الابحضور محاميه )،كما أنه يتعين أن يعمل قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق بمقرات الشرطة القضائية (هنا سيتم إحصاء وتحديد ومعرفة كل المخافر والمعتقلات ويتحمل مسؤوليته من يتوفر على معتقلات سرية غير خاضعة للإشراف القضاة  والنيابة العامة )،ويعمل بعض عناصر الشرطة القضائية بمقرات المحاكم بالنيابة العامة وقضاة التحقيق ،وهذا طبعا مع إعتبار فترة الديمومة بإصدار مرسوم وزاري يحدد تعويضات محترمة وتحفيزية لعناصر الشرطة القضائية وكتاب الضبط والقضاة عن فترات العمل الاضافية تصرف فورا من صندوق كل محكمة على ان تسترجع من الميزانية العامة المخصصة للسلطة القضائية ،يضاف ايضا تعديل مقتضيات المصاريف القضائية ،وجعل اتعاب المحامي تدخل ضمن المصاريف القضائية ويحدد سعر معين لكل إجراء ،وهكذا يمكن ان ياخذ محامي مبتدأ مبلغا ماليا محترما في اليوم إذا ما تحرك لحضوره إلى مؤازة شخص تم توقيفه من طرف الشرطة إلى الاستماع إليه وكلما إرتفع عدد الاجراءات التي واكبها منذ بداية الواقعة الى نهاية البحث إلا وارتفع دخله وبالمقابل تكون عملية البحث وتوقيف الافراد تحت مراقبة المحامي وهو جزء من الشعب .
خاتمة : ولن أطيل على مسامعكم نظرا لضيق الوقت  فلذينا  إقتراحات  فعالة لعمل الشرطة القضائية والنيابة العامة وقضاة التحقيق وكذا عمل النيابة العامة على مستوى محكمة النقض ولما على مستوى مجلس الدولة المرتقب إنشاءه. ونتركها إلى حين التعديلات التي يمكن ان تناقش مستقبلا على مستوى محكمة النقض التي هي قاطرة القضاء المغربي ووجهه في الخارج  ،واخير لإنه يتعين على جميع الحقوقين والفاعلين الجمعويين ان يساهموا بجدية في تنزيل نصوص الدستور المتعلقة بالسلطة القضائية التزيل الحقوقي والواقعي السليم حتى لايتم الالتفاف عليها مادام ان نصوص الدستور الجديدة جاءت عامة وسهلة  لعدة تاويلات ،وخير دليل على ذلك هو عبارة واجب التحفظ التي بدأ احد القضاة الغير الممارسين بمحكمة النقض يلوح بها (كتهديد)في الندوة الاخيرة التي عقدت بالعهد العالي للقضاء يوم الجمعة 09مارس 2012 حين  تم فضح بعض الممارسات المتعلق بالثأثير على القضاة داخل المداولة .وحتى لايتم تهميش وإقصاء بعض الفااعيل والعامليين في حقل القضاء والذي يجري حالياوهو وجه من وجوه الخوف التي اصبحت تقض مضجع المنتفعين من الوضع الحالي للقضاء ،فإن عبد ربه لما عايشه من فعالية وجدية لعدة جمعيات  ،ونضالها في تحقيق المحاكمة العادلة للمواطنين فإني  أطلب منها ان تكثل جهودها وتتضافر من اجل التنزيل الصحيح للدستور في كافة المجالات ،
وشكرا على إهتمامكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.






























                          


[1]   ينص الفصل 13 من الدستور ((تعمل السلطات العمومية على احداث هيئات للتشاور ،قصد اشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين ،في اعداد االسياات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها ))
الفصل 14للمواطنات والمواطنين ،ضمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي ، الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع .))

dimanche 29 juillet 2012


بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله وحده .
تمهـــيد
بادئ ذي بدء أود أن أشكر السيد رئيس الفريق الفدرالي للوحدة والديموقراطية بمجلس المستشارين ، على دعوته لنادي قضاة المغرب لهذا اليوم الدراسي المتعلق بدور القضاء في التنمية الاقتصلدية والاجتماعية  ، ويبدوا ان هذه البادرة الاولي لمؤسسة عمومية بمجلس المستشارين ، في التواصل وتنزيل مقتضيات الدستور خاصة الفصل[1]13 و14ونتمى ان تتواصل وتحدوا حدوها باقي الفرق البرلمانية .
ودور الجمعيات المهنية والقضائية هي اصلا لحماية حريات وحقوق المواطنين ،وهي صلة وصل بين المواطن العادي الذي يعيش مشاكله اليومية مع الخدمات المقدمة إليه من طرف القائمين على المرافق العمومية ،وبين النخبة المثقفة التي تتواجد بمؤسسات  القضاء والتشريع والتنفيذ،حتى تقرب الفجوة بين هذين الطرفين ووجهات نظرهم للأمور وكيفية إيجاد حلول ملائمة لها ،كما ان هذه الجمعيات المهنية هي منصبة اصلا للدفاع أولا على مصالح اعضائها،ونحن في نادي القضاة أدرجا نصا ( المادة الرابعة من القانون الاساسي لجمعية نادي قضاة المغرب ) وهي تتعلق بالدفاع على حقوق وحريات المواطنين المنصوص عليها بالدستور الجديدلسنة 2011.
وحتى لايتم الإجهاض على ماجاء به من الحقوق وحريات ،والركوب عليه ممن ينتفعون من الوضع الحالي للعدالة المغربية ،ويقاومون بكل ما  أوتوا من قوة وكيدوحقد ،لكل بادرة من أجل التفعيل الصحيح والسليم للدستور ،فلايجب أن ننتظر أن تقدم إلينا الحلول في طبق من ذهب ،فعلينا أن ننهض الهمم وندعوا إلى مشاركة كل من مكانته في تنزيل الدستور كما يريده الشعب المغربي  ،والوقوف ضد كل من ينتهكه ،فالسكوت على التجاوزات للقوانين مهما كانت درجتها يخلق لنا طغاة من العيار الكبير ومابالك مقتضيات الدستور ،فهبوا ياحماة العدالة والقانون إلى إنقاذ عدالتكم وجعلها تتبوء المكانة العليا التي هي جديرة بها .
والدستور الجديد والذي جاء بمقتضيات عامة جديدة لم تألفها المؤلفات القانونية المغربية ،وان كانت صياغته العامة والشمولية تقتضي عدة تاويلات مما يفرض تقسيم هذه المذاخلة إلى نقطتين اساسيتن : الأولى تشخيص حالة القضاء التي وصل إليها حاليا ،وثانيا المساهمة بإعطاء تصور لتطبيقات نصوص الدستور الجديد على النظام الاساسي لرجال السلطة القضائية المرتقب .
المبحث الاول : تشخيص حالة القضاء ببلادنا ودرالجمعيات المهنية في تخليق الحياة القضائية  
وأود ان اشير إلى كون مصطلح (الاصلاح القضائي ) هو مصطلح مستفز شأنه شان  مصطلح ( الأمن القضائي )أو ( القضاء الأمني )ّ،وقد خلق عدة إشكالات كانت موضوع إهتمام ومناقشة من طرف وسائل الاعلام والراي العام ،فهل عندما نتحدث عن القضاء والقضاة هل نستعمل مصطلح الاصلاح ام مصطلح الفساد مع مايثيره  هذا الاخير من احتجاجات من الهيئات المعنية ؟، فالمصطلح الأول (الاصلاح) يعني ان هناك حالة فساد تابثة يتعين استئصالها ،ولنا ان نتسائل أولا قبل العلاج عن مصدر هذا الداء الذي تم تشخيصه  ،عمن أفسد العدالة والقضاء ؟،لايخرج الأمر هنا عن الالتفاف على استقلال القضاء ،وجعله في خدمة النزوات والمصالح بدل تحقيق العدل ،إذن الداء الذي يعاني منه القضاء بالمغرب هو عدم إستقلاليته ،الشيء الذي ادى الى إنعدام ثقة المواطن  ، كما ان الفلسفة التي كانت سائدة في التعامل مع القضاة كانت ترمي إلى زرع التفرقة والحقد والكراهية بين القضاة وذلك بعدم إحترام معايير موضوعية للتعينات والترقيات و الانتقالات(يعني الريع القضائي )تستفيذ منه فئة معينة منذ سنين بآليات المحسوبية والزبونية والولاءات ) ،مما ادى إلى احباط عدة قضاة وتنيهم عن الاجتهاد والابتكار ،كما جعل العلاقة بين القاضي والمواطن يسودها الشك والريبة وعدم الثقة بين الطرفين مما خلق نوع من العزوف والسخط واشعاع عدم الثقة لدى المواطن ،وبالمقابل التعالي وعدم مد يد المساعدة من طرف القاضي للمواطن ،وقد  تم معالجة هذه الآفة بالاجهاز ايضا على مصطلح الثقة ،وتم استبداله بالأمن القضائي أو القضاء الأمني،وكأن الأمور تعالج من بباب الخوف والتخويف ،فإستعمال بعض المصطلاحات تكون لها دلالتها في ذهن المتلقي فيخلق لديه شعور بالعزوف وعدم الاهتمام والاحباط ، وهذا ماتسعى له الجماعات المستفيذة من تدني خدمات العدالة ،وتساهم في تقويضها وتمييع عملها كما هو الشأن في كافة الميادين منها مثلا عبارة( التفتيش ).وأعطي مثلا بسيطا من جملة العديد من الامثلة فالمناهضين لإستقلال القضاء يروجون بكون القضاة يريدون من الاستقلال فعل كل شيء بدون رقابة ولا محاسبة ،وهو تبخيس لمطالبهم وتسفيهها مادام ان السلطة الوحيدة التي تحمل في طياتها وسائل الرقابة المعلنة ولاتعرفها باقي السلطات ، من علنية المرافعات وحق الطعن للاطراف على درجتين في الموضوع ،وطعن قانوني امام محكمة النقض وطعون في صلاحيات القضاة بالتجريح وغيرها من المخالفات القانونية وطعون في المحكمة بالتشكك المشروع وطلبات الاحالة ،إلى آخر الوسائل التي يمكن سلوكها والمنصوص عليها قانونا .فالحرية التي يجب ان تكون من بين المبادئ التي تحكم تاسيس السلطة القضائية يقابلها الالتزام وهي المسؤولية والمحاسبة وهو مانص عليه الدستور الجديد.
فحديثنا عن استقلال القضاء هو شان يهم الشعب ،الذي له الحق ( بل من حقوقه الأساسية ) أن يكون له قضاء مستقل، وبالتالي فشان القضاء ليس شأن يتعلق بالقضاة ،مما جعل الحقوقيين المغاربة يدافعون على ان لايبقى المجلس الاعلى للسلطة القضائية حكرا على رجال القضاء بل لابد من تطعيمه من شخصيات المجتمع المدني حتى تكون هناك مراقبة شعبية لأعماله ،وليس في ذلك ادنى تسييس للقضاء لأن الرقابة في كافة مناحي الدولة هي أصلا موكولة للشعب .
ولن نجد في القضاة من يعارض في استقلال القضاء ،وكل ما في الامر ان من تهدد مصالحه من الاستقلال يقاوم هذا التغيير بكل قواه لأنه لامحالة ستمس  مصالحه من طرف القضاء المستقل، .فحذاري من الاختراق من طرف جيوب مقاومة التغيير والقيام بحرب إستباقية بوضع الموالين لهم في مراكز القرار، مادام انه لم يتم  القطع مع الماضي وكما جاء في رسالة العلامة اليوسي شيخ العرب دفين مدينة صفرو والتي وجهها للسلطان المولى إسماعيل ،(.....كيف يزيل الظلم من كان يفعله ؟......).
وإستقلال القضاء لايخرج عن امر واحد ،ولنقل مبدئ يجب ان يبنى عليه ،وهو منح القضاة والعاملين في مجال القضاء الحرية يعني حق الاختيار ،وهذا لايعني حرية مطلقة بل فقط حق التعبير للعلن عما يعانوه في فترات إخراج قراراتهم للعلن ،وهنا توقفني عبارة في الدستور الفصل 111 ((... للقضاة الحق في حرية التعبير ،بما يتلائم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية ...........)) ماذا تعني هذه الازدواجية في بسط الحقوق ،مثلا اريد ان أبوح لكم  بأنه هناك ثأثير قوي يمارس علي لإصدار قرار في إتجاه معين، فهل أقول ذلك مجردا عن رقم الملف ؟ وإذا ذكرت رقم الملف سأكون قد أفشيت سرية اسماء الاطراف والمحامين وسرية المداولات ،ولم أثبت حالة التأثير على إستقلاليتي ،لأنه يصعب علي ذلك بل يستحيل ذلك مادام ان المداولات لاتسجل بالصوت والصورة ذاخل قاعة المداولة ؟فكيف سيعالج الامر وممارسة هذا الحق بطريقة معقولة ؟ ودون تعرضي لعقوبة مقنعة مادام ان القانون الاساسي لرجال القضاء يمنع علي إفشاء سرية المداولات ،فالثأثير لايكون إلا بوسائل غير مشروعة وخفية تحملها النصوص القانونية في طياتها ،مثلا إذا لم  أخضع لثأثير ،يمكن نقلي لأبعد منطقة تحت ستار الترقية مع النقل المنصوص عليها بالفصل 55من النظام الاساسي لرجال القضاء  ((يمكن ان يعين قضاة الاحكام رعيا لتخصص كل واحد منهم في مناصب جديدة بطلب منهم او على إثر ترقية .....))
فعمومية فصول النظام الاساسي لرجال القضاة تسهل مهمة التأثير عليهم من طرف المناهضين لإستقلال القضاء وهناك عدة فصول لاتعطي اية ضمانة للقضاة وهي غير كامنة فقط في النظام الاساسي بل باقي القوانين الاخرى التي يعمل بها في ميدان العدالة مما يتعين ملائمتها للدستور الجديد والفلسفة التي يقوم عليها ، فمثلا في التاذيب يمكن ان يعتبر ممارسة حقي الدستوري بالتعبير عن المس بإستقلاليتي إخلالا بواجباتي المهنية لعموميتها و لعدم تحديدها حصرا وإخلالا بواجب التحفظ الذي جاء به الدستور الجديد،كما يزيد من استفحال الامر إتفاق اللاشخاص المكونة للمؤسسات التأذيبية على خرق وتفسير القانون الاساسي لرجال القضاء في إتجاه إسكات صوت القاضي ،ليعجزعن فضح المتدخلين والمأثرين في قراراته ،واعطي مثلا واقعيا للخروج من ازمة الفصل 111 من الدستور أنه يجب التنصيص في  القانون الاساسي لرجال القضاء او القوانين الشكلية المسطرة المدنية والجنائية  ،أن للقاضي المقرر أو الذي يخالف رأيه رأي الهيئة ،الحق في ان تكتب وجهة نظره في القرار في حالة عدم موافقة الهيئة عليها ،وهذا الاجراء سيحد من الاتفاقات السرية التي تجرى قبل المداولة إن كانت ،ويبين شفافية العمل القضائي ويسمح بمراقبته ،ويمكن إتخاذ هذه الوسيلة لتقييم عمل رؤوساء الهيئات في قدرتهم على تأطير المداولات ،وكذا ابراز الحدس القانوني لدى المستشارين ،ويتم الارتقاء بالعمل القضائي .
مثال الآخر يطلق يد المؤسسة التأذيبية على القضاة متمثل في الفصل 62 من النظام الاساسي لرجال القضاء (( يمكن توقيف القاضي حالا عن مزاولة مهامه بقرار لوزير العدل إذا توبع جنائيا أو إرتكب خطأ خطيرا ))فعبارة خطا خطير فضفاضة يمكن ان تدخل فيها أي شيء(( رغم انها صغير كسم الخياط يمكن ان تدخل فيها جمل )) وهنا يمكن ان تسثنى صراحة من عبارة خطير التعبير عن الضغوط والتأثيرات التي تمارس على القاضي ،هذا وان الجمعية المهنية التي أنشأت حديثا ( نادي قضاة المغرب  ) وضعت تصورا لإصلاح النظام الاساسي لرجال القضاء في عدة توصيات خرج بها مجلسها الوطني الأول المنعقد بتاريخ 26و27 نوفمبر  2011 وهذه التوصيات تشمل إبتداء من مرحلة ولوج المعهد العالي للقضاء بل وقبل بوضع معايير موضوعية لإختيار اللجنة الساهرة على الامتحان مرورا بالتكوين والتكوين المستمر إلى نهاية المسار بالتقاعد .
وسابسط بعض التوصيات ،لابد من أن تنشأ لجنة من القضاة تتوفر فيهم معايير معينة ( الاقدمية ،والكفاءة ،والنزاهة ،والشجاعة ،والتجرد )ينتخبون من بين قضاة المملكة على صعيد كل محكمة من طرف الجمعية العمومية بعد حصر لائحة المرشحين المتوفرين على المعايير المذكورة طبعا ) هذه اللجنة يعهد إليها بالاشراف على إمتحانات ولوج القضاء بدأ من إختيار الاساتذة الذين سيشرفون على العملية إلى حين إعطاء النتائج ،كما يعهد لها بوضع منهج التكوين ومساره للقضاة  الراغبين في التكوين في مادة معينة وان يعطى لهذه البادرة طابع التحفيز حين تؤخذ في الترقي السريع فكلما زادت ايام التكوين كلما إرتفعت حظوظ القاضي في الترقية مع تعويض مشرف عن ايام التكوين وبالنسبة ايضا  للقضاة  المبتدئين (مثلا نوع المواد المدرسة ،ونوع التداريب ومدته في المؤسسات الادارية والقضائية ،مع تدريس مادة خاصة حول الحقوق وواجبات القضاة إزاء مختلف العاملين في حقل القضاء من رؤساء ومحامون وخبراء وموثقين وكتابة الضبط ،تحديد مدة التدريب بمحكمة النقض قبل التخرج لاتقل عن سنة تعهد إليهم تهيئ مشاريع قرارات محكمة النقض تحت إشراف المستشارين المقررين  والمحامون العامون إلى آخر ذلك .ويجب ان تحدد مهمة هذه اللجنة في فترة زمنية  كل إستحقاقات عامة ولايجب ان يجدد الترشيح إليها لترك الفرصة لباقي القضاة القادميين .
كما أنه يجب التركيز على المقتضيات القانونية المنظمة للجمعية العمومية والتي تم الالتفاف عليها واصبح دورها منعدما مع انها هي الفاعل الاساسي في المحاكمة العادلة ،واصبح القضاة يعنون للقضايا بدل تعيين القضايا لدى القضاة ،وهذه المقتضيات هي مربط الفرس في إصلاح العدالة ويتعين إخرجها من الرفوف ،وتفعيل الجمعيات العمومية بآليات تعمل طيلة السنة تكون مؤلفة من رئيس المحكمة ووكيل الملك لديها واقدم قاضيين في المحكمة واحد من الرئاسة ووالاخر من النيابة العامة ورئيس كتابة الضبط واحدث كاتب الضبط ،واحدث قاضيين ايضا مع مراعاة التمثيل النسوي .وكذا الجمعيات المهنية ،وعلى هذه اللجنة ان تضع خطط للعمل لمدة سنة بإقتراحات تعرض على الجمعية العمومية لإقرارها بالتصويت بعد المناقشة .
مثال آخر يجعلني في حيرة من امري حول الفصل 110 من الدستور (( لايلزم قضاة الاحكام إلا بتطبيق القانون ،ولا تصدر احكام القضاء إلا على اساس التطبيق العادل للقانون .
يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون .كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادر عن السلطة التي يتبعون لها .))
فالحيرة تتمثل في كون الدستور يخاطب شخص القاضي بكونه ملزم بتطبيق القانون ،وكل مخالفة لذلك ستؤدي لمسائلته ،وفي الفقرة الثانية يخاطب القضاء كمؤسسة يتعين عليها أن تصدر الاحكام على اساس التطبيق العادل للقانون ،هذا يعني ان القاضي وإن كان عليه إلتزام بتطبيق القانون ،فإن اصدار الاحكام العادلة هو موكول للمؤسسات التي يعمل ضمنها وهي الاجتهادات القضائية الصادرة عن  المحاكم ومحكمة النقض على إختلافات الهيئات الصادرة عنها .وهي الموكول لها توحيد الاجتهاد القضائي بالمملكة .
 واتوفر على إحصائيات من محكمة النقض  تتعلق بقرار إحالة الملفات على غرفتين للبت فيها ،وهذا الاجراء نص عليه الفصل 371من ق.م.م. للمراقبة اولا لقرارات محكمة النقض وثانيا لتوحيد الاختلافات التي تكون بين الغرف في مسأ لة قانونية ،لكن الملاحظ ان اغلب  القرارت التي تصدر بالاحالة على غرفتين هي صادرة من طرف الرئيس الاول وهذه الامكانية اعطيت للرئيس الاول في حالة التجريح في مستشار معين اورئيس إذ غالبا لاتعلل هذه القرارت ولاتتضمن  توضيح النقط الخلافية التي ستبت فيها الغرفتان مجتمعتان ،وكذا الشأن بالنسبة لقرار الغرفة الصادر عن الهيئة فهي لاتتضمن اية إشارة للنقطة الخلافية التي يجب على الغرفتين التداول بشأنها وكذا القرارات بإلاحالة على جميع الغرف جميعها لاتتضمن النقطة الخلافية التي يجب الحسم فيها إذ قد تحال القضية على جميع الغرف وسيصدر بشأنها قرار بعدم القبول لخلل شكلي .مما يتعين معه تعديل مقتضيات المسطرة بهذا الشأن وإلتنصيص على ضرورة تضمين قرارات الاحالة على غرفتين النقط التي سيتم التداول بشأنها والتي ستشكل إجتهاد له قوة ملزمة لغرف محكمة النقض والمحاكم الدنيا .
فتطبيق القانون كما قلت  كفكرة ومبدأ هو التزام على القاضي ،وإصدار الاحكام كواقع وتسجيدا  للقانون يجب ان يتسم بالعادلة وهو موكول للقضاء كمؤسسة ،وقضاة النيابة العامة هم ملزمون كذلك بمبدأ وفكرة تطبيق القانون ،لكن كملائمة للواقع فهم ملزمون بالتعليمات الكتابية والتي يتعين ان تكون مطابقة لروح القانون والصادرة عن السلطة التي يتبعون لها  ، هذا يعني انهم لايطبقون تعليمات سلطة اخرى غير السلطة القضائية ،لكن حين يتضارب مبدأ تطبيق القانون من طرف شخص قاضي النيابة العامة مع مبدأ التطبيق العادل او التعليمات الكتابية القانونية ما هو الحل ؟
 مثلا القانون ينص على متابعة كل من قام بالإعتداء بالضرب والجرح على شخص تسبب له في عجز يفوق 21 يوما ،لاندخل هنا في التفريعات والتفاصيل المهم ان قاضي النيابة العامة  يبقى حائرا بوضع الشخص تحت الاعتقال ام لا ويقدر ذلك الامر ،فلو جاءته تعليمات كتابية من رئيسه بالاعتقال او العكس فهل يكون ملزما بتطبيقها ؟ رغم تقديره بكونها غير عادلة وانها لن تحقق العدل مثلا او العكس كأن إن كان هناك سوء التقدير ،فهل تتم مسائلته في حالة المخالفة ؟ .
الواقع ان نص الدستور لم يعطي للنائب وكيل الملك صلاحيات تقدير الواقع بل ألزمه بمبدأ معنوي وكفكرة ،وان تجسيد العدالة كواقع أعطاها للتعليمات الكتابية القانونية ،وفي هذا تركيز وإحتكار لمركزية القرار ،ويمكن ان نفسر انه في حالة عدم وجود تعليمات كتابية يمكن ان  تكون  لقاضي النيابة العامة الصلاحية الكاملة في اتخاذ القرار ،ويتحمل مسؤوليته مع الجهة التابع لها وفي حالة وجود تعليمات كتابية قانونية تحد صلاحيته في تقدير الامور تتحمل مسؤوليتها السلطة مصدرة للتعليمات الكتابية  إن كانت غير عادلة والحقت ضررا لكن من هي الجهة التي سيرفع لها الطعن في هذه الحالة  ،مع ان مسألة العدالة نسبية تختلف في الزمان والمكان؟ .
بعد تشخيص وضعية القضاء في هذه النقط البسيطة والقليلة، إذ الحيز الزمني  المخصص لايسمح ببسط وتشريح الحالة كلها ،وسأتطرق لتصورات حول معالجة بعض النصوص المتعلقة بإصلاح النظام الاساسي لرجال السلطة القضائية إنطلاقا من الدستور و القوانين الاخرى .
المبحث الثاني : المساهمة بإعطاء تصور لتطبيقات نصوص الدستور الجديد على النظام الاساسي لرجال السلطة القضائية المرتقب وفق تصور الجمعية المهنية لقضاة المغرب .

نص الدستورالجديد في الفصل 128 منه على ان  ((تعمل الشرطة القضائية تحت سلطة قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق ،في كل مايتعلق بالأبحاث والتحريات الضرورية بخصوص الجرائم وضبط مرتكبيها ولإثبات الحقيقة ))هذا النص خلق إشكالا في ذهن بعض المتتبعين حول تضمينة في القانون الاسمى الدستور مع ان نفس الفصل تم النص عليه بقانون المسطرة الجنائية(( المواد 16و17و18 وبعده )) وجاء كآخر فصل في الباب المتعلق بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية ، فكيف تم الرقي بالرقابة القضائية لعمل الضايطة  القضائية  الى مؤسسة دستورية ؟هذا الامر ليس إعتباطا ولا ترفا من  المشرع الدستوري بالنص على مجمل الحقوق والرقي بها فقط إلى مستوى الحقوق الدستورية دون تنزيلها تنزيلا صحيحا على ارض الواقع .
فالواقع أن اي حدث يقع على ارض الواقع (لنقل فعل مجرم ) تكون هناك فترة زمنية تتدخل فيها عدة فرق للأمن من الامن العمومي إلى عناصر الشرطة القضائية ،وتمر فترة من الزمن بين الواقعة والبدأ في البحث القانوني ،كل هذه الفترة تكون خارجة عن أية مراقبة شرعية مما يؤدي إلى تعسفات تبدأ من إهانة المواطن إلى الإخفاء القصري والقتل وإخفاء الجثة ،الشيء الذي أدى إلى إحتكاكات ومطالبات حقوقية محلية ودولية بتطبيق المحاكمة العادلة والكشف ومحاسبة المسؤولين على التجاوزات ومنح تعويضات من اموال دافعي الضرائب عن تجاوزات لبعض الاشخاص ،وهذا العبئ الضخم كله الذي أتقل كاهل الدولة كان في فترة زمنية وجيزة كانت خارج تغطية المراقبة والشفافية ،لذا فالمشرع يدفع بالحقوقيين إلى المطالبة بإحداث إدارة عامة للشرطة القضائية مستقلة على الادارة العامة للأمن العمومي التابعة للسلطة التنفيذية ،والادارة العامة للشرطة القضائية تكون تابعة أو تحت سلطة رئيس السلطة القضائية والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض سواء في يخص المؤسسة او الاشخاص ويعينون من طرف السلطة القضائية ويعفون من طرفها ويتعين تنزيل قانون تنظيمي لها وسنقترح عدة قوانين لتفعيل هذا النص على ارض الواقع، منها ان يكون إجراء البحث في اية مسطرة قضائية بحضور محامي تبدامن إشعاره بالحدث  الواقع خارج إدارة الشرطة القضائية وبحضوره لكافة الفترة الزمنية إلى حين تقديم او إخلاء سراح المعني بالامر المواطن (ولما إحداث تأمين الدفاع خارج المحكمة  بمبالغ زهيدة للمواطنين المغربة مع هيئات المحامين لتضمن حضور محامي لكل حالة تتدخل فيها الشرطة (سواء الامن العمومي او الشرطة القضائية ) ويتم النص على انه لايتم الاستماع الى اي شخص الابحضور محاميه )،كما أنه يتعين أن يعمل قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق بمقرات الشرطة القضائية (هنا سيتم إحصاء وتحديد ومعرفة كل المخافر والمعتقلات ويتحمل مسؤوليته من يتوفر على معتقلات سرية غير خاضعة للإشراف القضاة  والنيابة العامة )،ويعمل بعض عناصر الشرطة القضائية بمقرات المحاكم بالنيابة العامة وقضاة التحقيق ،وهذا طبعا مع إعتبار فترة الديمومة بإصدار مرسوم وزاري يحدد تعويضات محترمة وتحفيزية لعناصر الشرطة القضائية وكتاب الضبط والقضاة عن فترات العمل الاضافية تصرف فورا من صندوق كل محكمة على ان تسترجع من الميزانية العامة المخصصة للسلطة القضائية ،يضاف ايضا تعديل مقتضيات المصاريف القضائية ،وجعل اتعاب المحامي تدخل ضمن المصاريف القضائية ويحدد سعر معين لكل إجراء ،وهكذا يمكن ان ياخذ محامي مبتدأ مبلغا ماليا محترما في اليوم إذا ما تحرك لحضوره إلى مؤازة شخص تم توقيفه من طرف الشرطة إلى الاستماع إليه وكلما إرتفع عدد الاجراءات التي واكبها منذ بداية الواقعة الى نهاية البحث إلا وارتفع دخله وبالمقابل تكون عملية البحث وتوقيف الافراد تحت مراقبة المحامي وهو جزء من الشعب .
خاتمة : ولن أطيل على مسامعكم نظرا لضيق الوقت  فلذينا  إقتراحات  فعالة لعمل الشرطة القضائية والنيابة العامة وقضاة التحقيق وكذا عمل النيابة العامة على مستوى محكمة النقض ولما على مستوى مجلس الدولة المرتقب إنشاءه. ونتركها إلى حين التعديلات التي يمكن ان تناقش مستقبلا على مستوى محكمة النقض التي هي قاطرة القضاء المغربي ووجهه في الخارج  ،واخير لإنه يتعين على جميع الحقوقين والفاعلين الجمعويين ان يساهموا بجدية في تنزيل نصوص الدستور المتعلقة بالسلطة القضائية التزيل الحقوقي والواقعي السليم حتى لايتم الالتفاف عليها مادام ان نصوص الدستور الجديدة جاءت عامة وسهلة  لعدة تاويلات ،وخير دليل على ذلك هو عبارة واجب التحفظ التي بدأ احد القضاة الغير الممارسين بمحكمة النقض يلوح بها (كتهديد)في الندوة الاخيرة التي عقدت بالعهد العالي للقضاء يوم الجمعة 09مارس 2012 حين  تم فضح بعض الممارسات المتعلق بالثأثير على القضاة داخل المداولة .وحتى لايتم تهميش وإقصاء بعض الفااعيل والعامليين في حقل القضاء والذي يجري حالياوهو وجه من وجوه الخوف التي اصبحت تقض مضجع المنتفعين من الوضع الحالي للقضاء ،فإن عبد ربه لما عايشه من فعالية وجدية لعدة جمعيات  ،ونضالها في تحقيق المحاكمة العادلة للمواطنين فإني  أطلب منها ان تكثل جهودها وتتضافر من اجل التنزيل الصحيح للدستور في كافة المجالات ،
وشكرا على إهتمامكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.






























                          


[1]   ينص الفصل 13 من الدستور ((تعمل السلطات العمومية على احداث هيئات للتشاور ،قصد اشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين ،في اعداد االسياات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها ))
الفصل 14للمواطنات والمواطنين ،ضمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي ، الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع .))

دور الجمعيات في حماية الحريات العامة


بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين

والحمد لله وحده .

تمهـــيد
بادئ ذي بدء أود أن أشكر السيد رئيس الفريق الفدرالي للوحدة والديموقراطية بمجلس المستشارين ، على دعوته لنادي قضاة المغرب لهذا اليوم الدراسي المتعلق بدور القضاء في التنمية الاقتصلدية والاجتماعية  ، ويبدوا ان هذه البادرة الاولي لمؤسسة عمومية بمجلس المستشارين ، في التواصل وتنزيل مقتضيات الدستور خاصة الفصل[1]13 و14ونتمى ان تتواصل وتحدوا حدوها باقي الفرق البرلمانية .
ودور الجمعيات المهنية والقضائية هي اصلا لحماية حريات وحقوق المواطنين ،وهي صلة وصل بين المواطن العادي الذي يعيش مشاكله اليومية مع الخدمات المقدمة إليه من طرف القائمين على المرافق العمومية ،وبين النخبة المثقفة التي تتواجد بمؤسسات  القضاء والتشريع والتنفيذ،حتى تقرب الفجوة بين هذين الطرفين ووجهات نظرهم للأمور وكيفية إيجاد حلول ملائمة لها ،كما ان هذه الجمعيات المهنية هي منصبة اصلا للدفاع أولا على مصالح اعضائها،ونحن في نادي القضاة أدرجا نصا ( المادة الرابعة من القانون الاساسي لجمعية نادي قضاة المغرب ) وهي تتعلق بالدفاع على حقوق وحريات المواطنين المنصوص عليها بالدستور الجديدلسنة 2011.
وحتى لايتم الإجهاض على ماجاء به من الحقوق وحريات ،والركوب عليه ممن ينتفعون من الوضع الحالي للعدالة المغربية ،ويقاومون بكل ما  أوتوا من قوة وكيدوحقد ،لكل بادرة من أجل التفعيل الصحيح والسليم للدستور ،فلايجب أن ننتظر أن تقدم إلينا الحلول في طبق من ذهب ،فعلينا أن ننهض الهمم وندعوا إلى مشاركة كل من مكانته في تنزيل الدستور كما يريده الشعب المغربي  ،والوقوف ضد كل من ينتهكه ،فالسكوت على التجاوزات للقوانين مهما كانت درجتها يخلق لنا طغاة من العيار الكبير ومابالك مقتضيات الدستور ،فهبوا ياحماة العدالة والقانون إلى إنقاذ عدالتكم وجعلها تتبوء المكانة العليا التي هي جديرة بها .
والدستور الجديد والذي جاء بمقتضيات عامة جديدة لم تألفها المؤلفات القانونية المغربية ،وان كانت صياغته العامة والشمولية تقتضي عدة تاويلات مما يفرض تقسيم هذه المذاخلة إلى نقطتين اساسيتن : الأولى تشخيص حالة القضاء التي وصل إليها حاليا ،وثانيا المساهمة بإعطاء تصور لتطبيقات نصوص الدستور الجديد على النظام الاساسي لرجال السلطة القضائية المرتقب .
المبحث الاول : تشخيص حالة القضاء ببلادنا ودرالجمعيات المهنية في تخليق الحياة القضائية  
وأود ان اشير إلى كون مصطلح (الاصلاح القضائي ) هو مصطلح مستفز شأنه شان  مصطلح ( الأمن القضائي )أو ( القضاء الأمني )ّ،وقد خلق عدة إشكالات كانت موضوع إهتمام ومناقشة من طرف وسائل الاعلام والراي العام ،فهل عندما نتحدث عن القضاء والقضاة هل نستعمل مصطلح الاصلاح ام مصطلح الفساد مع مايثيره  هذا الاخير من احتجاجات من الهيئات المعنية ؟، فالمصطلح الأول (الاصلاح) يعني ان هناك حالة فساد تابثة يتعين استئصالها ،ولنا ان نتسائل أولا قبل العلاج عن مصدر هذا الداء الذي تم تشخيصه  ،عمن أفسد العدالة والقضاء ؟،لايخرج الأمر هنا عن الالتفاف على استقلال القضاء ،وجعله في خدمة النزوات والمصالح بدل تحقيق العدل ،إذن الداء الذي يعاني منه القضاء بالمغرب هو عدم إستقلاليته ،الشيء الذي ادى الى إنعدام ثقة المواطن  ، كما ان الفلسفة التي كانت سائدة في التعامل مع القضاة كانت ترمي إلى زرع التفرقة والحقد والكراهية بين القضاة وذلك بعدم إحترام معايير موضوعية للتعينات والترقيات و الانتقالات(يعني الريع القضائي )تستفيذ منه فئة معينة منذ سنين بآليات المحسوبية والزبونية والولاءات ) ،مما ادى إلى احباط عدة قضاة وتنيهم عن الاجتهاد والابتكار ،كما جعل العلاقة بين القاضي والمواطن يسودها الشك والريبة وعدم الثقة بين الطرفين مما خلق نوع من العزوف والسخط واشعاع عدم الثقة لدى المواطن ،وبالمقابل التعالي وعدم مد يد المساعدة من طرف القاضي للمواطن ،وقد  تم معالجة هذه الآفة بالاجهاز ايضا على مصطلح الثقة ،وتم استبداله بالأمن القضائي أو القضاء الأمني،وكأن الأمور تعالج من بباب الخوف والتخويف ،فإستعمال بعض المصطلاحات تكون لها دلالتها في ذهن المتلقي فيخلق لديه شعور بالعزوف وعدم الاهتمام والاحباط ، وهذا ماتسعى له الجماعات المستفيذة من تدني خدمات العدالة ،وتساهم في تقويضها وتمييع عملها كما هو الشأن في كافة الميادين منها مثلا عبارة( التفتيش ).وأعطي مثلا بسيطا من جملة العديد من الامثلة فالمناهضين لإستقلال القضاء يروجون بكون القضاة يريدون من الاستقلال فعل كل شيء بدون رقابة ولا محاسبة ،وهو تبخيس لمطالبهم وتسفيهها مادام ان السلطة الوحيدة التي تحمل في طياتها وسائل الرقابة المعلنة ولاتعرفها باقي السلطات ، من علنية المرافعات وحق الطعن للاطراف على درجتين في الموضوع ،وطعن قانوني امام محكمة النقض وطعون في صلاحيات القضاة بالتجريح وغيرها من المخالفات القانونية وطعون في المحكمة بالتشكك المشروع وطلبات الاحالة ،إلى آخر الوسائل التي يمكن سلوكها والمنصوص عليها قانونا .فالحرية التي يجب ان تكون من بين المبادئ التي تحكم تاسيس السلطة القضائية يقابلها الالتزام وهي المسؤولية والمحاسبة وهو مانص عليه الدستور الجديد.
فحديثنا عن استقلال القضاء هو شان يهم الشعب ،الذي له الحق ( بل من حقوقه الأساسية ) أن يكون له قضاء مستقل، وبالتالي فشان القضاء ليس شأن يتعلق بالقضاة ،مما جعل الحقوقيين المغاربة يدافعون على ان لايبقى المجلس الاعلى للسلطة القضائية حكرا على رجال القضاء بل لابد من تطعيمه من شخصيات المجتمع المدني حتى تكون هناك مراقبة شعبية لأعماله ،وليس في ذلك ادنى تسييس للقضاء لأن الرقابة في كافة مناحي الدولة هي أصلا موكولة للشعب .
ولن نجد في القضاة من يعارض في استقلال القضاء ،وكل ما في الامر ان من تهدد مصالحه من الاستقلال يقاوم هذا التغيير بكل قواه لأنه لامحالة ستمس  مصالحه من طرف القضاء المستقل، .فحذاري من الاختراق من طرف جيوب مقاومة التغيير والقيام بحرب إستباقية بوضع الموالين لهم في مراكز القرار، مادام انه لم يتم  القطع مع الماضي وكما جاء في رسالة العلامة اليوسي شيخ العرب دفين مدينة صفرو والتي وجهها للسلطان المولى إسماعيل ،(.....كيف يزيل الظلم من كان يفعله ؟......).
وإستقلال القضاء لايخرج عن امر واحد ،ولنقل مبدئ يجب ان يبنى عليه ،وهو منح القضاة والعاملين في مجال القضاء الحرية يعني حق الاختيار ،وهذا لايعني حرية مطلقة بل فقط حق التعبير للعلن عما يعانوه في فترات إخراج قراراتهم للعلن ،وهنا توقفني عبارة في الدستور الفصل 111 ((... للقضاة الحق في حرية التعبير ،بما يتلائم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية ...........)) ماذا تعني هذه الازدواجية في بسط الحقوق ،مثلا اريد ان أبوح لكم  بأنه هناك ثأثير قوي يمارس علي لإصدار قرار في إتجاه معين، فهل أقول ذلك مجردا عن رقم الملف ؟ وإذا ذكرت رقم الملف سأكون قد أفشيت سرية اسماء الاطراف والمحامين وسرية المداولات ،ولم أثبت حالة التأثير على إستقلاليتي ،لأنه يصعب علي ذلك بل يستحيل ذلك مادام ان المداولات لاتسجل بالصوت والصورة ذاخل قاعة المداولة ؟فكيف سيعالج الامر وممارسة هذا الحق بطريقة معقولة ؟ ودون تعرضي لعقوبة مقنعة مادام ان القانون الاساسي لرجال القضاء يمنع علي إفشاء سرية المداولات ،فالثأثير لايكون إلا بوسائل غير مشروعة وخفية تحملها النصوص القانونية في طياتها ،مثلا إذا لم  أخضع لثأثير ،يمكن نقلي لأبعد منطقة تحت ستار الترقية مع النقل المنصوص عليها بالفصل 55من النظام الاساسي لرجال القضاء  ((يمكن ان يعين قضاة الاحكام رعيا لتخصص كل واحد منهم في مناصب جديدة بطلب منهم او على إثر ترقية .....))
فعمومية فصول النظام الاساسي لرجال القضاة تسهل مهمة التأثير عليهم من طرف المناهضين لإستقلال القضاء وهناك عدة فصول لاتعطي اية ضمانة للقضاة وهي غير كامنة فقط في النظام الاساسي بل باقي القوانين الاخرى التي يعمل بها في ميدان العدالة مما يتعين ملائمتها للدستور الجديد والفلسفة التي يقوم عليها ، فمثلا في التاذيب يمكن ان يعتبر ممارسة حقي الدستوري بالتعبير عن المس بإستقلاليتي إخلالا بواجباتي المهنية لعموميتها و لعدم تحديدها حصرا وإخلالا بواجب التحفظ الذي جاء به الدستور الجديد،كما يزيد من استفحال الامر إتفاق اللاشخاص المكونة للمؤسسات التأذيبية على خرق وتفسير القانون الاساسي لرجال القضاء في إتجاه إسكات صوت القاضي ،ليعجزعن فضح المتدخلين والمأثرين في قراراته ،واعطي مثلا واقعيا للخروج من ازمة الفصل 111 من الدستور أنه يجب التنصيص في  القانون الاساسي لرجال القضاء او القوانين الشكلية المسطرة المدنية والجنائية  ،أن للقاضي المقرر أو الذي يخالف رأيه رأي الهيئة ،الحق في ان تكتب وجهة نظره في القرار في حالة عدم موافقة الهيئة عليها ،وهذا الاجراء سيحد من الاتفاقات السرية التي تجرى قبل المداولة إن كانت ،ويبين شفافية العمل القضائي ويسمح بمراقبته ،ويمكن إتخاذ هذه الوسيلة لتقييم عمل رؤوساء الهيئات في قدرتهم على تأطير المداولات ،وكذا ابراز الحدس القانوني لدى المستشارين ،ويتم الارتقاء بالعمل القضائي .
مثال الآخر يطلق يد المؤسسة التأذيبية على القضاة متمثل في الفصل 62 من النظام الاساسي لرجال القضاء (( يمكن توقيف القاضي حالا عن مزاولة مهامه بقرار لوزير العدل إذا توبع جنائيا أو إرتكب خطأ خطيرا ))فعبارة خطا خطير فضفاضة يمكن ان تدخل فيها أي شيء(( رغم انها صغير كسم الخياط يمكن ان تدخل فيها جمل )) وهنا يمكن ان تسثنى صراحة من عبارة خطير التعبير عن الضغوط والتأثيرات التي تمارس على القاضي ،هذا وان الجمعية المهنية التي أنشأت حديثا ( نادي قضاة المغرب  ) وضعت تصورا لإصلاح النظام الاساسي لرجال القضاء في عدة توصيات خرج بها مجلسها الوطني الأول المنعقد بتاريخ 26و27 نوفمبر  2011 وهذه التوصيات تشمل إبتداء من مرحلة ولوج المعهد العالي للقضاء بل وقبل بوضع معايير موضوعية لإختيار اللجنة الساهرة على الامتحان مرورا بالتكوين والتكوين المستمر إلى نهاية المسار بالتقاعد .
وسابسط بعض التوصيات ،لابد من أن تنشأ لجنة من القضاة تتوفر فيهم معايير معينة ( الاقدمية ،والكفاءة ،والنزاهة ،والشجاعة ،والتجرد )ينتخبون من بين قضاة المملكة على صعيد كل محكمة من طرف الجمعية العمومية بعد حصر لائحة المرشحين المتوفرين على المعايير المذكورة طبعا ) هذه اللجنة يعهد إليها بالاشراف على إمتحانات ولوج القضاء بدأ من إختيار الاساتذة الذين سيشرفون على العملية إلى حين إعطاء النتائج ،كما يعهد لها بوضع منهج التكوين ومساره للقضاة  الراغبين في التكوين في مادة معينة وان يعطى لهذه البادرة طابع التحفيز حين تؤخذ في الترقي السريع فكلما زادت ايام التكوين كلما إرتفعت حظوظ القاضي في الترقية مع تعويض مشرف عن ايام التكوين وبالنسبة ايضا  للقضاة  المبتدئين (مثلا نوع المواد المدرسة ،ونوع التداريب ومدته في المؤسسات الادارية والقضائية ،مع تدريس مادة خاصة حول الحقوق وواجبات القضاة إزاء مختلف العاملين في حقل القضاء من رؤساء ومحامون وخبراء وموثقين وكتابة الضبط ،تحديد مدة التدريب بمحكمة النقض قبل التخرج لاتقل عن سنة تعهد إليهم تهيئ مشاريع قرارات محكمة النقض تحت إشراف المستشارين المقررين  والمحامون العامون إلى آخر ذلك .ويجب ان تحدد مهمة هذه اللجنة في فترة زمنية  كل إستحقاقات عامة ولايجب ان يجدد الترشيح إليها لترك الفرصة لباقي القضاة القادميين .
كما أنه يجب التركيز على المقتضيات القانونية المنظمة للجمعية العمومية والتي تم الالتفاف عليها واصبح دورها منعدما مع انها هي الفاعل الاساسي في المحاكمة العادلة ،واصبح القضاة يعنون للقضايا بدل تعيين القضايا لدى القضاة ،وهذه المقتضيات هي مربط الفرس في إصلاح العدالة ويتعين إخرجها من الرفوف ،وتفعيل الجمعيات العمومية بآليات تعمل طيلة السنة تكون مؤلفة من رئيس المحكمة ووكيل الملك لديها واقدم قاضيين في المحكمة واحد من الرئاسة ووالاخر من النيابة العامة ورئيس كتابة الضبط واحدث كاتب الضبط ،واحدث قاضيين ايضا مع مراعاة التمثيل النسوي .وكذا الجمعيات المهنية ،وعلى هذه اللجنة ان تضع خطط للعمل لمدة سنة بإقتراحات تعرض على الجمعية العمومية لإقرارها بالتصويت بعد المناقشة .
مثال آخر يجعلني في حيرة من امري حول الفصل 110 من الدستور (( لايلزم قضاة الاحكام إلا بتطبيق القانون ،ولا تصدر احكام القضاء إلا على اساس التطبيق العادل للقانون .
يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون .كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادر عن السلطة التي يتبعون لها .))
فالحيرة تتمثل في كون الدستور يخاطب شخص القاضي بكونه ملزم بتطبيق القانون ،وكل مخالفة لذلك ستؤدي لمسائلته ،وفي الفقرة الثانية يخاطب القضاء كمؤسسة يتعين عليها أن تصدر الاحكام على اساس التطبيق العادل للقانون ،هذا يعني ان القاضي وإن كان عليه إلتزام بتطبيق القانون ،فإن اصدار الاحكام العادلة هو موكول للمؤسسات التي يعمل ضمنها وهي الاجتهادات القضائية الصادرة عن  المحاكم ومحكمة النقض على إختلافات الهيئات الصادرة عنها .وهي الموكول لها توحيد الاجتهاد القضائي بالمملكة .
 واتوفر على إحصائيات من محكمة النقض  تتعلق بقرار إحالة الملفات على غرفتين للبت فيها ،وهذا الاجراء نص عليه الفصل 371من ق.م.م. للمراقبة اولا لقرارات محكمة النقض وثانيا لتوحيد الاختلافات التي تكون بين الغرف في مسأ لة قانونية ،لكن الملاحظ ان اغلب  القرارت التي تصدر بالاحالة على غرفتين هي صادرة من طرف الرئيس الاول وهذه الامكانية اعطيت للرئيس الاول في حالة التجريح في مستشار معين اورئيس إذ غالبا لاتعلل هذه القرارت ولاتتضمن  توضيح النقط الخلافية التي ستبت فيها الغرفتان مجتمعتان ،وكذا الشأن بالنسبة لقرار الغرفة الصادر عن الهيئة فهي لاتتضمن اية إشارة للنقطة الخلافية التي يجب على الغرفتين التداول بشأنها وكذا القرارات بإلاحالة على جميع الغرف جميعها لاتتضمن النقطة الخلافية التي يجب الحسم فيها إذ قد تحال القضية على جميع الغرف وسيصدر بشأنها قرار بعدم القبول لخلل شكلي .مما يتعين معه تعديل مقتضيات المسطرة بهذا الشأن وإلتنصيص على ضرورة تضمين قرارات الاحالة على غرفتين النقط التي سيتم التداول بشأنها والتي ستشكل إجتهاد له قوة ملزمة لغرف محكمة النقض والمحاكم الدنيا .
فتطبيق القانون كما قلت  كفكرة ومبدأ هو التزام على القاضي ،وإصدار الاحكام كواقع وتسجيدا  للقانون يجب ان يتسم بالعادلة وهو موكول للقضاء كمؤسسة ،وقضاة النيابة العامة هم ملزمون كذلك بمبدأ وفكرة تطبيق القانون ،لكن كملائمة للواقع فهم ملزمون بالتعليمات الكتابية والتي يتعين ان تكون مطابقة لروح القانون والصادرة عن السلطة التي يتبعون لها  ، هذا يعني انهم لايطبقون تعليمات سلطة اخرى غير السلطة القضائية ،لكن حين يتضارب مبدأ تطبيق القانون من طرف شخص قاضي النيابة العامة مع مبدأ التطبيق العادل او التعليمات الكتابية القانونية ما هو الحل ؟
 مثلا القانون ينص على متابعة كل من قام بالإعتداء بالضرب والجرح على شخص تسبب له في عجز يفوق 21 يوما ،لاندخل هنا في التفريعات والتفاصيل المهم ان قاضي النيابة العامة  يبقى حائرا بوضع الشخص تحت الاعتقال ام لا ويقدر ذلك الامر ،فلو جاءته تعليمات كتابية من رئيسه بالاعتقال او العكس فهل يكون ملزما بتطبيقها ؟ رغم تقديره بكونها غير عادلة وانها لن تحقق العدل مثلا او العكس كأن إن كان هناك سوء التقدير ،فهل تتم مسائلته في حالة المخالفة ؟ .
الواقع ان نص الدستور لم يعطي للنائب وكيل الملك صلاحيات تقدير الواقع بل ألزمه بمبدأ معنوي وكفكرة ،وان تجسيد العدالة كواقع أعطاها للتعليمات الكتابية القانونية ،وفي هذا تركيز وإحتكار لمركزية القرار ،ويمكن ان نفسر انه في حالة عدم وجود تعليمات كتابية يمكن ان  تكون  لقاضي النيابة العامة الصلاحية الكاملة في اتخاذ القرار ،ويتحمل مسؤوليته مع الجهة التابع لها وفي حالة وجود تعليمات كتابية قانونية تحد صلاحيته في تقدير الامور تتحمل مسؤوليتها السلطة مصدرة للتعليمات الكتابية  إن كانت غير عادلة والحقت ضررا لكن من هي الجهة التي سيرفع لها الطعن في هذه الحالة  ،مع ان مسألة العدالة نسبية تختلف في الزمان والمكان؟ .
بعد تشخيص وضعية القضاء في هذه النقط البسيطة والقليلة، إذ الحيز الزمني  المخصص لايسمح ببسط وتشريح الحالة كلها ،وسأتطرق لتصورات حول معالجة بعض النصوص المتعلقة بإصلاح النظام الاساسي لرجال السلطة القضائية إنطلاقا من الدستور و القوانين الاخرى .
المبحث الثاني : المساهمة بإعطاء تصور لتطبيقات نصوص الدستور الجديد على النظام الاساسي لرجال السلطة القضائية المرتقب وفق تصور الجمعية المهنية لقضاة المغرب .

نص الدستورالجديد في الفصل 128 منه على ان  ((تعمل الشرطة القضائية تحت سلطة قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق ،في كل مايتعلق بالأبحاث والتحريات الضرورية بخصوص الجرائم وضبط مرتكبيها ولإثبات الحقيقة ))هذا النص خلق إشكالا في ذهن بعض المتتبعين حول تضمينة في القانون الاسمى الدستور مع ان نفس الفصل تم النص عليه بقانون المسطرة الجنائية(( المواد 16و17و18 وبعده )) وجاء كآخر فصل في الباب المتعلق بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية ، فكيف تم الرقي بالرقابة القضائية لعمل الضايطة  القضائية  الى مؤسسة دستورية ؟هذا الامر ليس إعتباطا ولا ترفا من  المشرع الدستوري بالنص على مجمل الحقوق والرقي بها فقط إلى مستوى الحقوق الدستورية دون تنزيلها تنزيلا صحيحا على ارض الواقع .
فالواقع أن اي حدث يقع على ارض الواقع (لنقل فعل مجرم ) تكون هناك فترة زمنية تتدخل فيها عدة فرق للأمن من الامن العمومي إلى عناصر الشرطة القضائية ،وتمر فترة من الزمن بين الواقعة والبدأ في البحث القانوني ،كل هذه الفترة تكون خارجة عن أية مراقبة شرعية مما يؤدي إلى تعسفات تبدأ من إهانة المواطن إلى الإخفاء القصري والقتل وإخفاء الجثة ،الشيء الذي أدى إلى إحتكاكات ومطالبات حقوقية محلية ودولية بتطبيق المحاكمة العادلة والكشف ومحاسبة المسؤولين على التجاوزات ومنح تعويضات من اموال دافعي الضرائب عن تجاوزات لبعض الاشخاص ،وهذا العبئ الضخم كله الذي أتقل كاهل الدولة كان في فترة زمنية وجيزة كانت خارج تغطية المراقبة والشفافية ،لذا فالمشرع يدفع بالحقوقيين إلى المطالبة بإحداث إدارة عامة للشرطة القضائية مستقلة على الادارة العامة للأمن العمومي التابعة للسلطة التنفيذية ،والادارة العامة للشرطة القضائية تكون تابعة أو تحت سلطة رئيس السلطة القضائية والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض سواء في يخص المؤسسة او الاشخاص ويعينون من طرف السلطة القضائية ويعفون من طرفها ويتعين تنزيل قانون تنظيمي لها وسنقترح عدة قوانين لتفعيل هذا النص على ارض الواقع، منها ان يكون إجراء البحث في اية مسطرة قضائية بحضور محامي تبدامن إشعاره بالحدث  الواقع خارج إدارة الشرطة القضائية وبحضوره لكافة الفترة الزمنية إلى حين تقديم او إخلاء سراح المعني بالامر المواطن (ولما إحداث تأمين الدفاع خارج المحكمة  بمبالغ زهيدة للمواطنين المغربة مع هيئات المحامين لتضمن حضور محامي لكل حالة تتدخل فيها الشرطة (سواء الامن العمومي او الشرطة القضائية ) ويتم النص على انه لايتم الاستماع الى اي شخص الابحضور محاميه )،كما أنه يتعين أن يعمل قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق بمقرات الشرطة القضائية (هنا سيتم إحصاء وتحديد ومعرفة كل المخافر والمعتقلات ويتحمل مسؤوليته من يتوفر على معتقلات سرية غير خاضعة للإشراف القضاة  والنيابة العامة )،ويعمل بعض عناصر الشرطة القضائية بمقرات المحاكم بالنيابة العامة وقضاة التحقيق ،وهذا طبعا مع إعتبار فترة الديمومة بإصدار مرسوم وزاري يحدد تعويضات محترمة وتحفيزية لعناصر الشرطة القضائية وكتاب الضبط والقضاة عن فترات العمل الاضافية تصرف فورا من صندوق كل محكمة على ان تسترجع من الميزانية العامة المخصصة للسلطة القضائية ،يضاف ايضا تعديل مقتضيات المصاريف القضائية ،وجعل اتعاب المحامي تدخل ضمن المصاريف القضائية ويحدد سعر معين لكل إجراء ،وهكذا يمكن ان ياخذ محامي مبتدأ مبلغا ماليا محترما في اليوم إذا ما تحرك لحضوره إلى مؤازة شخص تم توقيفه من طرف الشرطة إلى الاستماع إليه وكلما إرتفع عدد الاجراءات التي واكبها منذ بداية الواقعة الى نهاية البحث إلا وارتفع دخله وبالمقابل تكون عملية البحث وتوقيف الافراد تحت مراقبة المحامي وهو جزء من الشعب .
خاتمة : ولن أطيل على مسامعكم نظرا لضيق الوقت  فلذينا  إقتراحات  فعالة لعمل الشرطة القضائية والنيابة العامة وقضاة التحقيق وكذا عمل النيابة العامة على مستوى محكمة النقض ولما على مستوى مجلس الدولة المرتقب إنشاءه. ونتركها إلى حين التعديلات التي يمكن ان تناقش مستقبلا على مستوى محكمة النقض التي هي قاطرة القضاء المغربي ووجهه في الخارج  ،واخير لإنه يتعين على جميع الحقوقين والفاعلين الجمعويين ان يساهموا بجدية في تنزيل نصوص الدستور المتعلقة بالسلطة القضائية التزيل الحقوقي والواقعي السليم حتى لايتم الالتفاف عليها مادام ان نصوص الدستور الجديدة جاءت عامة وسهلة  لعدة تاويلات ،وخير دليل على ذلك هو عبارة واجب التحفظ التي بدأ احد القضاة الغير الممارسين بمحكمة النقض يلوح بها (كتهديد)في الندوة الاخيرة التي عقدت بالعهد العالي للقضاء يوم الجمعة 09مارس 2012 حين  تم فضح بعض الممارسات المتعلق بالثأثير على القضاة داخل المداولة .وحتى لايتم تهميش وإقصاء بعض الفااعيل والعامليين في حقل القضاء والذي يجري حالياوهو وجه من وجوه الخوف التي اصبحت تقض مضجع المنتفعين من الوضع الحالي للقضاء ،فإن عبد ربه لما عايشه من فعالية وجدية لعدة جمعيات  ،ونضالها في تحقيق المحاكمة العادلة للمواطنين فإني  أطلب منها ان تكثل جهودها وتتضافر من اجل التنزيل الصحيح للدستور في كافة المجالات ،
وشكرا على إهتمامكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.






























                          


[1]   ينص الفصل 13 من الدستور ((تعمل السلطات العمومية على احداث هيئات للتشاور ،قصد اشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين ،في اعداد االسياات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها ))
الفصل 14للمواطنات والمواطنين ،ضمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي ، الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع .))

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله وحده .
تمهـــيد
بادئ ذي بدء أود أن أشكر السيد رئيس الفريق الفدرالي للوحدة والديموقراطية بمجلس المستشارين ، على دعوته لنادي قضاة المغرب لهذا اليوم الدراسي المتعلق بدور القضاء في التنمية الاقتصلدية والاجتماعية  ، ويبدوا ان هذه البادرة الاولي لمؤسسة عمومية بمجلس المستشارين ، في التواصل وتنزيل مقتضيات الدستور خاصة الفصل[1]13 و14ونتمى ان تتواصل وتحدوا حدوها باقي الفرق البرلمانية .
ودور الجمعيات المهنية والقضائية هي اصلا لحماية حريات وحقوق المواطنين ،وهي صلة وصل بين المواطن العادي الذي يعيش مشاكله اليومية مع الخدمات المقدمة إليه من طرف القائمين على المرافق العمومية ،وبين النخبة المثقفة التي تتواجد بمؤسسات  القضاء والتشريع والتنفيذ،حتى تقرب الفجوة بين هذين الطرفين ووجهات نظرهم للأمور وكيفية إيجاد حلول ملائمة لها ،كما ان هذه الجمعيات المهنية هي منصبة اصلا للدفاع أولا على مصالح اعضائها،ونحن في نادي القضاة أدرجا نصا ( المادة الرابعة من القانون الاساسي لجمعية نادي قضاة المغرب ) وهي تتعلق بالدفاع على حقوق وحريات المواطنين المنصوص عليها بالدستور الجديدلسنة 2011.
وحتى لايتم الإجهاض على ماجاء به من الحقوق وحريات ،والركوب عليه ممن ينتفعون من الوضع الحالي للعدالة المغربية ،ويقاومون بكل ما  أوتوا من قوة وكيدوحقد ،لكل بادرة من أجل التفعيل الصحيح والسليم للدستور ،فلايجب أن ننتظر أن تقدم إلينا الحلول في طبق من ذهب ،فعلينا أن ننهض الهمم وندعوا إلى مشاركة كل من مكانته في تنزيل الدستور كما يريده الشعب المغربي  ،والوقوف ضد كل من ينتهكه ،فالسكوت على التجاوزات للقوانين مهما كانت درجتها يخلق لنا طغاة من العيار الكبير ومابالك مقتضيات الدستور ،فهبوا ياحماة العدالة والقانون إلى إنقاذ عدالتكم وجعلها تتبوء المكانة العليا التي هي جديرة بها .
والدستور الجديد والذي جاء بمقتضيات عامة جديدة لم تألفها المؤلفات القانونية المغربية ،وان كانت صياغته العامة والشمولية تقتضي عدة تاويلات مما يفرض تقسيم هذه المذاخلة إلى نقطتين اساسيتن : الأولى تشخيص حالة القضاء التي وصل إليها حاليا ،وثانيا المساهمة بإعطاء تصور لتطبيقات نصوص الدستور الجديد على النظام الاساسي لرجال السلطة القضائية المرتقب .
المبحث الاول : تشخيص حالة القضاء ببلادنا ودرالجمعيات المهنية في تخليق الحياة القضائية  
وأود ان اشير إلى كون مصطلح (الاصلاح القضائي ) هو مصطلح مستفز شأنه شان  مصطلح ( الأمن القضائي )أو ( القضاء الأمني )ّ،وقد خلق عدة إشكالات كانت موضوع إهتمام ومناقشة من طرف وسائل الاعلام والراي العام ،فهل عندما نتحدث عن القضاء والقضاة هل نستعمل مصطلح الاصلاح ام مصطلح الفساد مع مايثيره  هذا الاخير من احتجاجات من الهيئات المعنية ؟، فالمصطلح الأول (الاصلاح) يعني ان هناك حالة فساد تابثة يتعين استئصالها ،ولنا ان نتسائل أولا قبل العلاج عن مصدر هذا الداء الذي تم تشخيصه  ،عمن أفسد العدالة والقضاء ؟،لايخرج الأمر هنا عن الالتفاف على استقلال القضاء ،وجعله في خدمة النزوات والمصالح بدل تحقيق العدل ،إذن الداء الذي يعاني منه القضاء بالمغرب هو عدم إستقلاليته ،الشيء الذي ادى الى إنعدام ثقة المواطن  ، كما ان الفلسفة التي كانت سائدة في التعامل مع القضاة كانت ترمي إلى زرع التفرقة والحقد والكراهية بين القضاة وذلك بعدم إحترام معايير موضوعية للتعينات والترقيات و الانتقالات(يعني الريع القضائي )تستفيذ منه فئة معينة منذ سنين بآليات المحسوبية والزبونية والولاءات ) ،مما ادى إلى احباط عدة قضاة وتنيهم عن الاجتهاد والابتكار ،كما جعل العلاقة بين القاضي والمواطن يسودها الشك والريبة وعدم الثقة بين الطرفين مما خلق نوع من العزوف والسخط واشعاع عدم الثقة لدى المواطن ،وبالمقابل التعالي وعدم مد يد المساعدة من طرف القاضي للمواطن ،وقد  تم معالجة هذه الآفة بالاجهاز ايضا على مصطلح الثقة ،وتم استبداله بالأمن القضائي أو القضاء الأمني،وكأن الأمور تعالج من بباب الخوف والتخويف ،فإستعمال بعض المصطلاحات تكون لها دلالتها في ذهن المتلقي فيخلق لديه شعور بالعزوف وعدم الاهتمام والاحباط ، وهذا ماتسعى له الجماعات المستفيذة من تدني خدمات العدالة ،وتساهم في تقويضها وتمييع عملها كما هو الشأن في كافة الميادين منها مثلا عبارة( التفتيش ).وأعطي مثلا بسيطا من جملة العديد من الامثلة فالمناهضين لإستقلال القضاء يروجون بكون القضاة يريدون من الاستقلال فعل كل شيء بدون رقابة ولا محاسبة ،وهو تبخيس لمطالبهم وتسفيهها مادام ان السلطة الوحيدة التي تحمل في طياتها وسائل الرقابة المعلنة ولاتعرفها باقي السلطات ، من علنية المرافعات وحق الطعن للاطراف على درجتين في الموضوع ،وطعن قانوني امام محكمة النقض وطعون في صلاحيات القضاة بالتجريح وغيرها من المخالفات القانونية وطعون في المحكمة بالتشكك المشروع وطلبات الاحالة ،إلى آخر الوسائل التي يمكن سلوكها والمنصوص عليها قانونا .فالحرية التي يجب ان تكون من بين المبادئ التي تحكم تاسيس السلطة القضائية يقابلها الالتزام وهي المسؤولية والمحاسبة وهو مانص عليه الدستور الجديد.
فحديثنا عن استقلال القضاء هو شان يهم الشعب ،الذي له الحق ( بل من حقوقه الأساسية ) أن يكون له قضاء مستقل، وبالتالي فشان القضاء ليس شأن يتعلق بالقضاة ،مما جعل الحقوقيين المغاربة يدافعون على ان لايبقى المجلس الاعلى للسلطة القضائية حكرا على رجال القضاء بل لابد من تطعيمه من شخصيات المجتمع المدني حتى تكون هناك مراقبة شعبية لأعماله ،وليس في ذلك ادنى تسييس للقضاء لأن الرقابة في كافة مناحي الدولة هي أصلا موكولة للشعب .
ولن نجد في القضاة من يعارض في استقلال القضاء ،وكل ما في الامر ان من تهدد مصالحه من الاستقلال يقاوم هذا التغيير بكل قواه لأنه لامحالة ستمس  مصالحه من طرف القضاء المستقل، .فحذاري من الاختراق من طرف جيوب مقاومة التغيير والقيام بحرب إستباقية بوضع الموالين لهم في مراكز القرار، مادام انه لم يتم  القطع مع الماضي وكما جاء في رسالة العلامة اليوسي شيخ العرب دفين مدينة صفرو والتي وجهها للسلطان المولى إسماعيل ،(.....كيف يزيل الظلم من كان يفعله ؟......).
وإستقلال القضاء لايخرج عن امر واحد ،ولنقل مبدئ يجب ان يبنى عليه ،وهو منح القضاة والعاملين في مجال القضاء الحرية يعني حق الاختيار ،وهذا لايعني حرية مطلقة بل فقط حق التعبير للعلن عما يعانوه في فترات إخراج قراراتهم للعلن ،وهنا توقفني عبارة في الدستور الفصل 111 ((... للقضاة الحق في حرية التعبير ،بما يتلائم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية ...........)) ماذا تعني هذه الازدواجية في بسط الحقوق ،مثلا اريد ان أبوح لكم  بأنه هناك ثأثير قوي يمارس علي لإصدار قرار في إتجاه معين، فهل أقول ذلك مجردا عن رقم الملف ؟ وإذا ذكرت رقم الملف سأكون قد أفشيت سرية اسماء الاطراف والمحامين وسرية المداولات ،ولم أثبت حالة التأثير على إستقلاليتي ،لأنه يصعب علي ذلك بل يستحيل ذلك مادام ان المداولات لاتسجل بالصوت والصورة ذاخل قاعة المداولة ؟فكيف سيعالج الامر وممارسة هذا الحق بطريقة معقولة ؟ ودون تعرضي لعقوبة مقنعة مادام ان القانون الاساسي لرجال القضاء يمنع علي إفشاء سرية المداولات ،فالثأثير لايكون إلا بوسائل غير مشروعة وخفية تحملها النصوص القانونية في طياتها ،مثلا إذا لم  أخضع لثأثير ،يمكن نقلي لأبعد منطقة تحت ستار الترقية مع النقل المنصوص عليها بالفصل 55من النظام الاساسي لرجال القضاء  ((يمكن ان يعين قضاة الاحكام رعيا لتخصص كل واحد منهم في مناصب جديدة بطلب منهم او على إثر ترقية .....))
فعمومية فصول النظام الاساسي لرجال القضاة تسهل مهمة التأثير عليهم من طرف المناهضين لإستقلال القضاء وهناك عدة فصول لاتعطي اية ضمانة للقضاة وهي غير كامنة فقط في النظام الاساسي بل باقي القوانين الاخرى التي يعمل بها في ميدان العدالة مما يتعين ملائمتها للدستور الجديد والفلسفة التي يقوم عليها ، فمثلا في التاذيب يمكن ان يعتبر ممارسة حقي الدستوري بالتعبير عن المس بإستقلاليتي إخلالا بواجباتي المهنية لعموميتها و لعدم تحديدها حصرا وإخلالا بواجب التحفظ الذي جاء به الدستور الجديد،كما يزيد من استفحال الامر إتفاق اللاشخاص المكونة للمؤسسات التأذيبية على خرق وتفسير القانون الاساسي لرجال القضاء في إتجاه إسكات صوت القاضي ،ليعجزعن فضح المتدخلين والمأثرين في قراراته ،واعطي مثلا واقعيا للخروج من ازمة الفصل 111 من الدستور أنه يجب التنصيص في  القانون الاساسي لرجال القضاء او القوانين الشكلية المسطرة المدنية والجنائية  ،أن للقاضي المقرر أو الذي يخالف رأيه رأي الهيئة ،الحق في ان تكتب وجهة نظره في القرار في حالة عدم موافقة الهيئة عليها ،وهذا الاجراء سيحد من الاتفاقات السرية التي تجرى قبل المداولة إن كانت ،ويبين شفافية العمل القضائي ويسمح بمراقبته ،ويمكن إتخاذ هذه الوسيلة لتقييم عمل رؤوساء الهيئات في قدرتهم على تأطير المداولات ،وكذا ابراز الحدس القانوني لدى المستشارين ،ويتم الارتقاء بالعمل القضائي .
مثال الآخر يطلق يد المؤسسة التأذيبية على القضاة متمثل في الفصل 62 من النظام الاساسي لرجال القضاء (( يمكن توقيف القاضي حالا عن مزاولة مهامه بقرار لوزير العدل إذا توبع جنائيا أو إرتكب خطأ خطيرا ))فعبارة خطا خطير فضفاضة يمكن ان تدخل فيها أي شيء(( رغم انها صغير كسم الخياط يمكن ان تدخل فيها جمل )) وهنا يمكن ان تسثنى صراحة من عبارة خطير التعبير عن الضغوط والتأثيرات التي تمارس على القاضي ،هذا وان الجمعية المهنية التي أنشأت حديثا ( نادي قضاة المغرب  ) وضعت تصورا لإصلاح النظام الاساسي لرجال القضاء في عدة توصيات خرج بها مجلسها الوطني الأول المنعقد بتاريخ 26و27 نوفمبر  2011 وهذه التوصيات تشمل إبتداء من مرحلة ولوج المعهد العالي للقضاء بل وقبل بوضع معايير موضوعية لإختيار اللجنة الساهرة على الامتحان مرورا بالتكوين والتكوين المستمر إلى نهاية المسار بالتقاعد .
وسابسط بعض التوصيات ،لابد من أن تنشأ لجنة من القضاة تتوفر فيهم معايير معينة ( الاقدمية ،والكفاءة ،والنزاهة ،والشجاعة ،والتجرد )ينتخبون من بين قضاة المملكة على صعيد كل محكمة من طرف الجمعية العمومية بعد حصر لائحة المرشحين المتوفرين على المعايير المذكورة طبعا ) هذه اللجنة يعهد إليها بالاشراف على إمتحانات ولوج القضاء بدأ من إختيار الاساتذة الذين سيشرفون على العملية إلى حين إعطاء النتائج ،كما يعهد لها بوضع منهج التكوين ومساره للقضاة  الراغبين في التكوين في مادة معينة وان يعطى لهذه البادرة طابع التحفيز حين تؤخذ في الترقي السريع فكلما زادت ايام التكوين كلما إرتفعت حظوظ القاضي في الترقية مع تعويض مشرف عن ايام التكوين وبالنسبة ايضا  للقضاة  المبتدئين (مثلا نوع المواد المدرسة ،ونوع التداريب ومدته في المؤسسات الادارية والقضائية ،مع تدريس مادة خاصة حول الحقوق وواجبات القضاة إزاء مختلف العاملين في حقل القضاء من رؤساء ومحامون وخبراء وموثقين وكتابة الضبط ،تحديد مدة التدريب بمحكمة النقض قبل التخرج لاتقل عن سنة تعهد إليهم تهيئ مشاريع قرارات محكمة النقض تحت إشراف المستشارين المقررين  والمحامون العامون إلى آخر ذلك .ويجب ان تحدد مهمة هذه اللجنة في فترة زمنية  كل إستحقاقات عامة ولايجب ان يجدد الترشيح إليها لترك الفرصة لباقي القضاة القادميين .
كما أنه يجب التركيز على المقتضيات القانونية المنظمة للجمعية العمومية والتي تم الالتفاف عليها واصبح دورها منعدما مع انها هي الفاعل الاساسي في المحاكمة العادلة ،واصبح القضاة يعنون للقضايا بدل تعيين القضايا لدى القضاة ،وهذه المقتضيات هي مربط الفرس في إصلاح العدالة ويتعين إخرجها من الرفوف ،وتفعيل الجمعيات العمومية بآليات تعمل طيلة السنة تكون مؤلفة من رئيس المحكمة ووكيل الملك لديها واقدم قاضيين في المحكمة واحد من الرئاسة ووالاخر من النيابة العامة ورئيس كتابة الضبط واحدث كاتب الضبط ،واحدث قاضيين ايضا مع مراعاة التمثيل النسوي .وكذا الجمعيات المهنية ،وعلى هذه اللجنة ان تضع خطط للعمل لمدة سنة بإقتراحات تعرض على الجمعية العمومية لإقرارها بالتصويت بعد المناقشة .
مثال آخر يجعلني في حيرة من امري حول الفصل 110 من الدستور (( لايلزم قضاة الاحكام إلا بتطبيق القانون ،ولا تصدر احكام القضاء إلا على اساس التطبيق العادل للقانون .
يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون .كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادر عن السلطة التي يتبعون لها .))
فالحيرة تتمثل في كون الدستور يخاطب شخص القاضي بكونه ملزم بتطبيق القانون ،وكل مخالفة لذلك ستؤدي لمسائلته ،وفي الفقرة الثانية يخاطب القضاء كمؤسسة يتعين عليها أن تصدر الاحكام على اساس التطبيق العادل للقانون ،هذا يعني ان القاضي وإن كان عليه إلتزام بتطبيق القانون ،فإن اصدار الاحكام العادلة هو موكول للمؤسسات التي يعمل ضمنها وهي الاجتهادات القضائية الصادرة عن  المحاكم ومحكمة النقض على إختلافات الهيئات الصادرة عنها .وهي الموكول لها توحيد الاجتهاد القضائي بالمملكة .
 واتوفر على إحصائيات من محكمة النقض  تتعلق بقرار إحالة الملفات على غرفتين للبت فيها ،وهذا الاجراء نص عليه الفصل 371من ق.م.م. للمراقبة اولا لقرارات محكمة النقض وثانيا لتوحيد الاختلافات التي تكون بين الغرف في مسأ لة قانونية ،لكن الملاحظ ان اغلب  القرارت التي تصدر بالاحالة على غرفتين هي صادرة من طرف الرئيس الاول وهذه الامكانية اعطيت للرئيس الاول في حالة التجريح في مستشار معين اورئيس إذ غالبا لاتعلل هذه القرارت ولاتتضمن  توضيح النقط الخلافية التي ستبت فيها الغرفتان مجتمعتان ،وكذا الشأن بالنسبة لقرار الغرفة الصادر عن الهيئة فهي لاتتضمن اية إشارة للنقطة الخلافية التي يجب على الغرفتين التداول بشأنها وكذا القرارات بإلاحالة على جميع الغرف جميعها لاتتضمن النقطة الخلافية التي يجب الحسم فيها إذ قد تحال القضية على جميع الغرف وسيصدر بشأنها قرار بعدم القبول لخلل شكلي .مما يتعين معه تعديل مقتضيات المسطرة بهذا الشأن وإلتنصيص على ضرورة تضمين قرارات الاحالة على غرفتين النقط التي سيتم التداول بشأنها والتي ستشكل إجتهاد له قوة ملزمة لغرف محكمة النقض والمحاكم الدنيا .
فتطبيق القانون كما قلت  كفكرة ومبدأ هو التزام على القاضي ،وإصدار الاحكام كواقع وتسجيدا  للقانون يجب ان يتسم بالعادلة وهو موكول للقضاء كمؤسسة ،وقضاة النيابة العامة هم ملزمون كذلك بمبدأ وفكرة تطبيق القانون ،لكن كملائمة للواقع فهم ملزمون بالتعليمات الكتابية والتي يتعين ان تكون مطابقة لروح القانون والصادرة عن السلطة التي يتبعون لها  ، هذا يعني انهم لايطبقون تعليمات سلطة اخرى غير السلطة القضائية ،لكن حين يتضارب مبدأ تطبيق القانون من طرف شخص قاضي النيابة العامة مع مبدأ التطبيق العادل او التعليمات الكتابية القانونية ما هو الحل ؟
 مثلا القانون ينص على متابعة كل من قام بالإعتداء بالضرب والجرح على شخص تسبب له في عجز يفوق 21 يوما ،لاندخل هنا في التفريعات والتفاصيل المهم ان قاضي النيابة العامة  يبقى حائرا بوضع الشخص تحت الاعتقال ام لا ويقدر ذلك الامر ،فلو جاءته تعليمات كتابية من رئيسه بالاعتقال او العكس فهل يكون ملزما بتطبيقها ؟ رغم تقديره بكونها غير عادلة وانها لن تحقق العدل مثلا او العكس كأن إن كان هناك سوء التقدير ،فهل تتم مسائلته في حالة المخالفة ؟ .
الواقع ان نص الدستور لم يعطي للنائب وكيل الملك صلاحيات تقدير الواقع بل ألزمه بمبدأ معنوي وكفكرة ،وان تجسيد العدالة كواقع أعطاها للتعليمات الكتابية القانونية ،وفي هذا تركيز وإحتكار لمركزية القرار ،ويمكن ان نفسر انه في حالة عدم وجود تعليمات كتابية يمكن ان  تكون  لقاضي النيابة العامة الصلاحية الكاملة في اتخاذ القرار ،ويتحمل مسؤوليته مع الجهة التابع لها وفي حالة وجود تعليمات كتابية قانونية تحد صلاحيته في تقدير الامور تتحمل مسؤوليتها السلطة مصدرة للتعليمات الكتابية  إن كانت غير عادلة والحقت ضررا لكن من هي الجهة التي سيرفع لها الطعن في هذه الحالة  ،مع ان مسألة العدالة نسبية تختلف في الزمان والمكان؟ .
بعد تشخيص وضعية القضاء في هذه النقط البسيطة والقليلة، إذ الحيز الزمني  المخصص لايسمح ببسط وتشريح الحالة كلها ،وسأتطرق لتصورات حول معالجة بعض النصوص المتعلقة بإصلاح النظام الاساسي لرجال السلطة القضائية إنطلاقا من الدستور و القوانين الاخرى .
المبحث الثاني : المساهمة بإعطاء تصور لتطبيقات نصوص الدستور الجديد على النظام الاساسي لرجال السلطة القضائية المرتقب وفق تصور الجمعية المهنية لقضاة المغرب .

نص الدستورالجديد في الفصل 128 منه على ان  ((تعمل الشرطة القضائية تحت سلطة قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق ،في كل مايتعلق بالأبحاث والتحريات الضرورية بخصوص الجرائم وضبط مرتكبيها ولإثبات الحقيقة ))هذا النص خلق إشكالا في ذهن بعض المتتبعين حول تضمينة في القانون الاسمى الدستور مع ان نفس الفصل تم النص عليه بقانون المسطرة الجنائية(( المواد 16و17و18 وبعده )) وجاء كآخر فصل في الباب المتعلق بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية ، فكيف تم الرقي بالرقابة القضائية لعمل الضايطة  القضائية  الى مؤسسة دستورية ؟هذا الامر ليس إعتباطا ولا ترفا من  المشرع الدستوري بالنص على مجمل الحقوق والرقي بها فقط إلى مستوى الحقوق الدستورية دون تنزيلها تنزيلا صحيحا على ارض الواقع .
فالواقع أن اي حدث يقع على ارض الواقع (لنقل فعل مجرم ) تكون هناك فترة زمنية تتدخل فيها عدة فرق للأمن من الامن العمومي إلى عناصر الشرطة القضائية ،وتمر فترة من الزمن بين الواقعة والبدأ في البحث القانوني ،كل هذه الفترة تكون خارجة عن أية مراقبة شرعية مما يؤدي إلى تعسفات تبدأ من إهانة المواطن إلى الإخفاء القصري والقتل وإخفاء الجثة ،الشيء الذي أدى إلى إحتكاكات ومطالبات حقوقية محلية ودولية بتطبيق المحاكمة العادلة والكشف ومحاسبة المسؤولين على التجاوزات ومنح تعويضات من اموال دافعي الضرائب عن تجاوزات لبعض الاشخاص ،وهذا العبئ الضخم كله الذي أتقل كاهل الدولة كان في فترة زمنية وجيزة كانت خارج تغطية المراقبة والشفافية ،لذا فالمشرع يدفع بالحقوقيين إلى المطالبة بإحداث إدارة عامة للشرطة القضائية مستقلة على الادارة العامة للأمن العمومي التابعة للسلطة التنفيذية ،والادارة العامة للشرطة القضائية تكون تابعة أو تحت سلطة رئيس السلطة القضائية والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض سواء في يخص المؤسسة او الاشخاص ويعينون من طرف السلطة القضائية ويعفون من طرفها ويتعين تنزيل قانون تنظيمي لها وسنقترح عدة قوانين لتفعيل هذا النص على ارض الواقع، منها ان يكون إجراء البحث في اية مسطرة قضائية بحضور محامي تبدامن إشعاره بالحدث  الواقع خارج إدارة الشرطة القضائية وبحضوره لكافة الفترة الزمنية إلى حين تقديم او إخلاء سراح المعني بالامر المواطن (ولما إحداث تأمين الدفاع خارج المحكمة  بمبالغ زهيدة للمواطنين المغربة مع هيئات المحامين لتضمن حضور محامي لكل حالة تتدخل فيها الشرطة (سواء الامن العمومي او الشرطة القضائية ) ويتم النص على انه لايتم الاستماع الى اي شخص الابحضور محاميه )،كما أنه يتعين أن يعمل قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق بمقرات الشرطة القضائية (هنا سيتم إحصاء وتحديد ومعرفة كل المخافر والمعتقلات ويتحمل مسؤوليته من يتوفر على معتقلات سرية غير خاضعة للإشراف القضاة  والنيابة العامة )،ويعمل بعض عناصر الشرطة القضائية بمقرات المحاكم بالنيابة العامة وقضاة التحقيق ،وهذا طبعا مع إعتبار فترة الديمومة بإصدار مرسوم وزاري يحدد تعويضات محترمة وتحفيزية لعناصر الشرطة القضائية وكتاب الضبط والقضاة عن فترات العمل الاضافية تصرف فورا من صندوق كل محكمة على ان تسترجع من الميزانية العامة المخصصة للسلطة القضائية ،يضاف ايضا تعديل مقتضيات المصاريف القضائية ،وجعل اتعاب المحامي تدخل ضمن المصاريف القضائية ويحدد سعر معين لكل إجراء ،وهكذا يمكن ان ياخذ محامي مبتدأ مبلغا ماليا محترما في اليوم إذا ما تحرك لحضوره إلى مؤازة شخص تم توقيفه من طرف الشرطة إلى الاستماع إليه وكلما إرتفع عدد الاجراءات التي واكبها منذ بداية الواقعة الى نهاية البحث إلا وارتفع دخله وبالمقابل تكون عملية البحث وتوقيف الافراد تحت مراقبة المحامي وهو جزء من الشعب .
خاتمة : ولن أطيل على مسامعكم نظرا لضيق الوقت  فلذينا  إقتراحات  فعالة لعمل الشرطة القضائية والنيابة العامة وقضاة التحقيق وكذا عمل النيابة العامة على مستوى محكمة النقض ولما على مستوى مجلس الدولة المرتقب إنشاءه. ونتركها إلى حين التعديلات التي يمكن ان تناقش مستقبلا على مستوى محكمة النقض التي هي قاطرة القضاء المغربي ووجهه في الخارج  ،واخير لإنه يتعين على جميع الحقوقين والفاعلين الجمعويين ان يساهموا بجدية في تنزيل نصوص الدستور المتعلقة بالسلطة القضائية التزيل الحقوقي والواقعي السليم حتى لايتم الالتفاف عليها مادام ان نصوص الدستور الجديدة جاءت عامة وسهلة  لعدة تاويلات ،وخير دليل على ذلك هو عبارة واجب التحفظ التي بدأ احد القضاة الغير الممارسين بمحكمة النقض يلوح بها (كتهديد)في الندوة الاخيرة التي عقدت بالعهد العالي للقضاء يوم الجمعة 09مارس 2012 حين  تم فضح بعض الممارسات المتعلق بالثأثير على القضاة داخل المداولة .وحتى لايتم تهميش وإقصاء بعض الفااعيل والعامليين في حقل القضاء والذي يجري حالياوهو وجه من وجوه الخوف التي اصبحت تقض مضجع المنتفعين من الوضع الحالي للقضاء ،فإن عبد ربه لما عايشه من فعالية وجدية لعدة جمعيات  ،ونضالها في تحقيق المحاكمة العادلة للمواطنين فإني  أطلب منها ان تكثل جهودها وتتضافر من اجل التنزيل الصحيح للدستور في كافة المجالات ،
وشكرا على إهتمامكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.






























                          


[1]   ينص الفصل 13 من الدستور ((تعمل السلطات العمومية على احداث هيئات للتشاور ،قصد اشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين ،في اعداد االسياات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها ))
الفصل 14للمواطنات والمواطنين ،ضمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي ، الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع .))