lundi 29 octobre 2012

حق الاضراب حق دستوري (تتمة ) الموض ع بالكامل



 مقدمة :
إن تاريخ علاقات الشغل كان دائما مغلفا بعدة نزاعات ،سواء صغير ام كبيرة والتي غالبا ماكان يعبر عنها بشكل إضرابات ،تنتهي إلى تنظيم العمل لمدة من الزمن .
والحركة الاحتجاجية [1] التي يمارسها العمال في شكل إضراب ،إرتبطت بالاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المعاشة [2] . والتي تسعى إلى الوصول بها إلى مستوى أفضل .
وإن كان الاضراب ظاهرة اجتماعية تجسد وسيلة من وسائل احتجاج فئة من المجتمع [3] ، فإنه يصعب ضبط هذه الظاهرة ووضع معيار لتوقع حدوثها أو معرفة مداها ،الشيء الذي جعل المشرع المغربي يتأخر عن إصدار قانون تنظيمي لها منذ التنصيص عليها بأول دستور للمملكة إلى صدور مدونة الشغل الجديدة ،والذي إستقاه من القانون الفرنسي خاصة ( الدستور المؤرخ في 27 أكتوبر 1946) هذا الأخير اعتبر أول مرة الاضراب كحق فعطل بهذا الاعتراف أية مطالبة مدنية عن الاضرار التي يمكن أن تحدث نتيجة الإضراب .
وإن كان حق الاضراب يستمد شرعيته من القانون الاسمى (الدستور ) فإن ممارسته تصطدم بمخالفة إرادة طرفي العلاقة الشغلية ،وذلك بوقف التبعية بصفة مفاجئة مما تؤدي إلى نتائج سيئة (إنتكاس المؤسسة ،تدني القوة الشرائية لليد العاملة ،تفشي البطالة إغلاق المؤسسة ) وكل هذا له تأثير على الوضع الاقتصادي والاجتماعي الشيء الذي أدى إلى المنادات بحل الخلافات الجماعية عن طريق الحوار والتحكيم .
والواقع ان الحكومات المغربية التي توالت على سدة الحكم مافتئت تحاول الإنتقاص من هذه الحرية وإعتبارها حرية فردية تمارس في شكل جماعي ،وليست حرية جماعية تمارس ضمن الحريات العامة مما أدى إلى مسائلة العديد من اعضاء النقابات بنصوص جنائية خاصة الفصل 288 من القانون الجنائي [4]
إلا أن موضوع ممارسة حق الاضراب يفرض البحث قبل كل شيء في اساس مشروعية هذه الممارسة ومدى تطابقها مع باقي القوانين المنظمة للخلافات الجماعية ،تم التطرق لممارسة هذا الحق مع الاشارة إلى أن الاجتهاد القضائي المغربي كان تدخله لتحليل هذه الظاهرة الاجتماعية المعقدة بمناسبة الفصل في النزاعات الفردية ،أو حل الاشكالات الإحتلال للمؤسسات من طرف العمل التي تم تفويتها في إطار مساطر صعوبات المقاولة أو تطبيق المقتضيات الزجري الفصل 288 من القانون الجنائي ،وهذا هو الجديد الذي أتت به مدونة الشغل الجديدة في إطار بسط مراقبة القضاء على الخلافات الجماعية التي ستغني العمل القضائي الذي عليه ان يكون في مستوى المسؤولية لخلق التوازن ) المواد 575و576 ومابعده)
وهكذا تتبين خطة البحث التي ليست إلا تحليل لواقع كما يتضح من عنوان الموضوع حل الخلافات الجماعية من خلال ممارسة حق الاضراب ،وسأتطرق لذلك من خلال محورين :
-       المحور الأول : مشروعية حق الاضراب
-       المحور الثاني : ممارسة الاضراب

أولا : مشروعية حق الاضراب
مقدمة :  
أولى المشرع المغربي للحريات العامة إهتماما كبيرا إبان الحصول على الاستقلال ،وذلك بإعتبار أن الطبقة العمالية كانت حركتها الاحتجاجية لها طابع سياسي أولا وقبل كل شيء وهو الحصول على الاستقلال ،وهكذا تم تنظيم النقابات المهنية بظهير 16يوليوز 1957 الذي نسخته المادة 398 من مدونة الشغل الجديدة ،ويبقى سريانه على نقابات الموظفين وكذا كافة الهيئات التي لايطبق عليها هذا القانون ( المادة 586 من مدونة الشغل الجديدة ) ومرسوم 5فبراير المتعلق بممارسة الحق النقابي من طرف الموظفين [5] إلا انه إستثنى في فصله الخامس ماسماه ( كل توقف عن العمل بصفة مدبرة وكل عمل جماعي أدى إلى عدم الانقياد بصفة بينة يمكن المعاقبة عنه علاوة على الضمانات التأديبية ويعم هذا جميع الموظفين ) مع ان العمل النقابي والاضراب هما وجهان لحق واحد ،وهناك ارتباط قوي بين الحقين على الاقل في المستوى الواقع .
وهكذا اعترف أول دستور للمملكة المغربية بكون ( حق الاضراب مضمون وسيبين قانون تنظيمي الشروط والاجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق ) فالمشروعية تستمد من القانون الأسمى الذي هو تعبير عن إرادة الأمة ،والذي تتعهد فيه الدولة بالالتزام بمواثيق المنظمات الدولية وعلى تشبتها بحقوق الانسان كماهي متعارف عليها عالميا .
والسؤال المطروح بإلحاح هو هل تكريس حق الاضراب على ارض الواقع يؤكد احترام السلطات العامة لمبدأ المشروعية أي الملائمة والموافقة للقانون ؟[6]
الواقع ان الخناق الذي عرفته الفترة السابقة كان يجعل من التطرق لموضوع الاضراب على المستوى النظري من المسائل المحرمة ، وعلى الرغم من هذا الحظر فإن الاضرابات العمالية والطلابية التي عرفها المغرب سنة 1965،والتي كانت سببا في إعلان حالة الاستثناء ،والاضربات لسنة 1981 وما صاحبها من محاكمات وضياع للإقتصاد الوطني كل ذلك جعل المسؤوليين يتدخلون للإعتراف بالاضراب كحق دستوري [7].
لكن كيف يمكن ان نوازي بين ضمان حق الاضراب من طرف الحاكمين وبين عدم عرقلة حرية العمل بالنسبة للمحكومين ؟
لاشك أن تداخل هذين الحقين وعدم ايجاد حد فاصل بينهما يخلق لدى القضاء ورجال القانون خللا في المعادلة الحقوقية [8] اي إشكالية إحترام النص القانوني من جهة ،وتحقيق العادلة من جهة اخرى وهكذا ذهب المجلس الاعلى في قراره المنشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 52 ص201 (( إذا كان حق الاضراب حقا مشروعا بمقتضى القانون فإن الغاية منه هي الدفاع عن الحقوق المشروعة للعمال المضربين ...)).
فأمام غياب قانون تنظيمي يحدد مدى ممارسة حق الاضراب فهل هناك حماية فعالة لمشروعية حق الاضراب بالاستناد على النص الدستوري دون ضرورة وجود تشريع ينظم ممارسة هذا
 الحق ؟
وهل لعب القضاء المغربي دوره في تعريف الاضراب المشروع وتميزه على الاضراب الغير المشروع ؟
ثم ماهو التصور العملي للأطراف المقابلة ( السلطة ،ارباب العمل ، العمال غير المضربين )
لممارسة حق الاضراب كأمر واقع ؟
ثم مامدى دستورية بعض القوانين التي تقييد مباشرة او غير مباشرة لحرية ممارسة الاضراب ؟
فإذا كانت نظرة رب العمل وهو يدافع عن حق الملكية الذي يخول له ممارسة سلطته على العمال أن يتمسك ويدافع عن المشروعية في الحالتين ،فغنه بالمقابل تستغل النقابات مشروعية حق ممارسة الإضراب لتحقيق مطالب الشغيلة ،وهذا التضارب بين الموقفين في فهم وممارسة هذه المشروعية قد يؤدي إلى التضحية بأحد الجانبين لصالح الاخر ،وهنا هل نقول كما كتبه الدكتور عبد الكريم غالي (( فحماية حق دستوري في دولة الحق والقانون أولى من تجريم فعل يرمي في الأصل إلى الدفاع عنه )).
فالمشروعية :
هي الخاصية التي تحدد الفعل أو التصرف الموافق للقانون ،وتحدد أيضا مجموعة القوانين المطبقة في بلد معين في وقت معين ،لدى ينبغي تحليل مشروعية تصرف ما بالقانون في مفهومه الواسع ، فليس الأفراد وحدهم المعنيون بهذا التحليل بل يمتد مبدأ المشروعية إلى جميع سلط الدولة سواء السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية أو القضائية والتي يجب عليها الخضوع لمبدا سيادة القانون .
1.    والسلطة التشريعية : تتقيد في عملها بمبدأ المشروعية الذي يفرض إحترام الدستور والمبادئ العامة للقانون منها إحترام مبادئ الإعلان القانوني للحرية والمساواة الملازمين لمبدأ المشروعية ، والإلتزام بالمبدا الدستوري القاضي بعدم رجعية القوانين وعدم المساس بالحقوق المكتسبة ومن هذا كان مبدأ المشروعية هو اساس عدم المس بالحقوق المكتسبة إضافة إلى إلتزام السلطة التشريعية بتحري الدقة والوضوح في صياغة النصوص ،وأن عموم وغموض النصوص يؤدي إلى التعسف في التأويل واللامساواة عند التطبيق .
2.    أما السلطة التنفيذية : فإحترامها لمبدا المشروعية يقتضي منها أن تكون جميع أعمالها وقراراتها خاضعة للدستور والقانون ،وفي حالة عدم الاحترام أصبحت إمكانية الطعن في مشروعيتها متاحة أمام المحاكم الادارية المحدثة ، إلا أن كل ذلك يبقى رهين بإيمان السلطة التنفيذية بمبدأ فصل السلط .
3.    أما القضاء : فهو الذي ينزع من الدولة جزء من سيادتها ويجعلها خاضعة له وبالاحرى باقي السلط لكن إقرار مبدا المشروعية ،وغل يد القضاء على بسط مراقبته يفرغ المبدا من محتواه فكيف يمكن إقرار حق الاضراب الذي هو بالاساس خلاف جماعي ولايخضع لمراقبة القضاء إلا من حيث تطبيق الجزاء الفصل 288من القانون الجنائي وتبقى السلطة التنفيذية مهيمنة على التدخل في النزاع في جميع مراحله ،بل إن المراقبة القضائية التي أقرتها مدونة الشغل في المواد 575و576بقيت جد محدودة إذ ان مبدأ المشروعية يقتضي كذلك أن تكون اعمال القضاة خاضعة للمراقبة وذلك بممارسة طرق الطعن المقررة قانوناوخضوع القضاة للمسائلة المدنية والجنائية .
وهكذا فإن مبدأ المشروعية هو ان لاتضع الدولة نفسها فوق القواعد القانونية التي تفرضها على مواطنيها وتكون بذلك "دولة تحكمية " " وليست" دولة قانون" وهذا الامر جعل عدة باحثين يتخوفون على غياب مبدأ المشروعية أمام ما يسمى من قانون الطوارئ وحالات الإستثناء التي غالبا ما تأخذ طابعا سياسيا أو إقتصاديا مثل " الوضعية الخطيرة ،ووضعية الأزمة ، ووضعية الاستعجال ، بحيث يسمح للإدارة بالتحرر من إحترام القانون وبالمقابل سجل الفقه إلى كون المحكومين يتخدون موقف اللامبلات من مبدأ المشروعية ويعزفون على اللجوء إلى الطعن في القرارات الادارية بسبب الشطط في استعمال السلطة .
وقبل التطرق إلى المحور الثاني المتعلق بشروط ممارسة الاضراب لابد من التطرق بعجالة لتعريف هذا الحق المرتبط بالمشروعية .
حق الاضراب
إذا كان يسهل التعرف على الاضراب عند إندلاعه ،فإنه يصعب تعريفه هذا ماقاله Guy Caire  وهو بصدد إبراز صفة التعقيد التي تميز حق الاضراب [9] ، ليس كظاهرة قانونية فحسب بل كظاهرة إجتماعية تهتم بسيكولوجية الجماعات وكظاهرة اقتصادية ،ولعل أن أهم عنصر يبرز تعقيد هذه الظاهرة هو مظهر القوة الذي تتجادبه أطراف ذات مصالح متناقضة ( الدولة ،وارباب العمل ،العمال ) الشيء الذي جعل البعض يشبه "بالحرب" التي تنتهي بالحوار والسلم مما جعل البعض يطرح السؤال حول امكانية اخضاع هذه الظاهرة الى القانون مادام ان اغلب التشريعات سكتت عن تنظيم ممارسته.
لذا نجد فريقا من الفقه ركز إهتماماته على اعتبار هذا الحق " مقدسا غير قابل للتجاوز والخرق" كما قال Gilbert Orsni إذ انه يحقق للعمال الإمتيازات الإجتماعية الجديدة في مواجهة الدولة وأرباب العمل لذا فغن بعض الفقه في فرنسا اصبح يسير بإتجاه اعتبار حق الاضراب من الحريات العامة بل " الحرية الأم " بتعبير الأستاذة Helene Siny.
وهكذا يمكن القول بان الاضراب له اهميته بالنسبة :
أولا : للعمال
فهو مؤشر على مدى وعي الطبقة الشغيلة وإبرازها لقوة عملها كوسيلة فعالة في العملية الانتجاية وذات قيمة رفيعة إلى جانب دوره في تربية العمال على التضامن إذ يقبل بالتضحية باجرته لقاء مساندة عمال مؤسسة أخرى في الاضراب التضامني .
ثانيا :النقابات
للإضراب أثر قوي على الحركة النقابية التي تجعله أهم نشاطاتها إذ قد يجعل لها صيتا قويا في الاوساط العمالية ، وكذا لدى ارباب العمل والدولة التي تحسب لها أهمية بالغة عند ماتريد تعديل التشريع العمالي أو تريد المس بأحد الحقوق المكتسبة للشغيلة ،وبالعكس فالنقابات المضادة للإضراب ،فهي لاتقوم بالدور المنوط بها فتضعف ( وهنا نخرج ما يعرف " بإقتصاد الإضراب " أي توقف الإضراب خلال ظرفية اقتصادية وسياسية خاصة )[10].
ثالثا : تشريع العمل
ان للاضراب أثر ايجابي على تطوير وتنظيم علاقة الشغل إذ بفضله عرفت الطبقة الشغيلة كيف تحصل على بعض المكتسبات ،كما انه وسيلة لضغط على ارباب العمل لرفع الاجور ،وكذا على ابرام الاتفاقيات الجماعية التي تتضمن امتيازات جديدة للعمال ، وإن كانت النقابات المهنية في دول العالم الثالث اصبحت في وضع المدافع فقط على الحفاظ عن المكتسبات السابقة من الضياع .
وتطرح مسألة عدم تنظيم ممارسة حق الاضراب تفسيرات متضاربة في الفقه بين المؤيد للتنظيم وبين المعارض لذلك ،وان كان الدستور يحمي مشروعية الاضراب ،فإنه في الواقع يعرف هذا الحق تصدعا من جراء محاولة إفراغه من محتواه إما علة مستوى التشريع بمنعه على بعض الفئات او بفرض اللجوء إلى مساطر الصلح والتحكيم للحد من ممارسة الاضراب وهذا هو موضوع المحور الثاني حول شروط ممارسة الاضراب .
ثانيا : ممارسة الإضراب
مقدمة :
إن الاشكال الوحيد الذي تواجهه النقابات العمالية عند شن الإضراب هو دخولها (لحرب) تجهل نتائجها بسبب غياب نص تنظيمي يحدد شروط ممارسة هذا الحق [11] ويحد من تعسف أرباب العمل والادارة ،ويحدد مجال تدخلها كما يحدد للعمال المسائل التي تدخل في مجال الأخطاء الجسيمة التي ترتكب في الاضراب فكما قالت H Sinay" أن تنظيم الإضراب هو تربية للعمال " .
وهذا  التنظيم سيسهل لامحالة مهام القضاء ،ويحدد مسؤوليته في الاحكام ، بحيث لن يكون هناك مبرر لتضارب في الاحكام حسب الأحداث سواء عادية أو إستثنائية .
وان كان التشريع المغربي غائبا في تحديد مجال ممارسة الاضراب ،فإن الساحةالعمالية كرست بعض التقاليد قبل اللجوء الى الاضراب او بعده ولابد من الاشارة إلى مشروع قانون العمل المصري الذي اقره مجلس الشعب من حيث المبدأ ( في دور الانعقاد العادي 2001ـ2002)وذلك ليحل محل القانون 137لعام 1981والذي يكفل حق الاضراب لجميع العاملين بإستثناء المؤسسات الإستراتيجية ،كهرباء ،ووسائل النقل ، وشركات المياه وكل ما يتعلق بخدمات الجماهير ،أو ما يخص الأمن العام والتي يصدر قرار من رئيس الوزراء بشأنها ( هنا يمكن التساؤل حول سياسية الدولة الحديثة من التخلص من بعض القطاعات التي تشكل لها عبئا وتفويتها إلى الخواص في غطار مايعرف بالخوصصة أو الخصخصة ).
كما انه من المفيد الاشارة التي شهدتها الساحة العمالية ،ويتعلق الأمر بمشروعين قدمتهما الحكومة وصادق عليهما البرلمان بتاريخ 27يناير 1990 ويتعلقان بضبط " المصلحة الدنيا الاجبارية " في عدد من القطاعات كما يحددان عدد من المراحل يجب إتباعها قبل شن الاضراب .
وهكذا وخلال إستجلاء واقع الاضراب ،إستطاع الإجتهاد القضائي خاصة الفرنسي إبراز عناصر الإضراب المشروع لتمييزه عن الاضراب التعسفي وغير المشروع .
1.    واول عنصر هو التوقف الجماعي عن الشغل
وهو أن يتم الإتفاق مسبقا بين عمال المؤسسة على ان يتم التوقف التام عن العمل بشكل جماعي لابشكل فردي ومتقطع أو أن يتم أداء العمل بكيفية بطيئة على غير العادة أو مايسمى بالاضراب المبرقع أو البطئ ،والذي إعتبرته محكمة النقض الفرنسية هو تنفيذ غير سليم للشغل ومخل بالالتزام التعاقدي وخطاجسيم يبرر العقوبات التأذيبية التي يمكن ان تصل إلى الطرد .
في حين ان القضاء المغربي كان شجاعا حينما اعتبر في حكم صادر عن محكمة الاستئناف بمكناس بتاريخ 30مارس 1982 (........وحيث تمسكت الطاعنة منذ المرحلة الابتدائية أن قيام المستأنف عليه بالاضراب البطئ الذي أثر على الانتاج يشكل خطأ جسيما يبرر لها حق ممارسة فسخ عقد الشغل ،لكن حيث إن الفصل السادس من ظهير 23/10/1948بشأن النظام النموذجي ..حينما خول للمؤاجر فسخ عقد الشغل بدون سابق إعلام خوله هذا الحق بالنسبة لما اسماه الظهير في فصله السادس بالخطأ الشنيع ،وحينما مثل على الاخطاء الجسيمة أورد عدة أمثلة لم يذكر من بينها الاضراب ،بل إن الاضراب في نطاق الفصل 14من الدستور حق مشروع بل إن العمل القضائي لم يجعل منه خطأ جسيما يرتب الفسخ ولكن جعل منه حالة توقف عقد الشغل ومن تم لايوصف الاضراب ولاسيما الاضراب البطيء بالخطا الجسيم ولايرتب بالتالي فسخ العقد من جانب واحد ........))
وإن كان الحسم في مشروعية الاضراب المبرع غير ممكنة لعدم وجود إجتهادات متواترة في هذا الصدد.
وهنا لابد ان نشير ان القضاء الفرنسي لم يشترط في التوقف أن يدوم مدة طويلة أو قصيرة أو
متكررة .
إلا انه لايكفي أن يكون التوقف التام عن الشغل لتكتسب حركة عامل واحد صفة الاضراب بل يشترط القضاء أن يكون التوقف جماعيا ،إلا إذا كان إنضمام العامل إلى حركة إحتجاجية خارج مؤسسته فيبقى محميا بحق الاضراب في إطار مايعرف بالاضراب التضامني .
وهنا نتسائل عن تنظيم لفئة من العمال الذي يشتغلون لمؤسسة واحدة ،ولكن عن بعد ولاتربطهم مؤسسة جماعية يمكن ان توحد مطالبهم فهل توقف أحد العاملين او بطئه في إنجاز العمل احتجاجا على وضع معين يمكن اعتباره إضرابا مشروعا ؟
ثم ماهو التشريع العمالي الذي يتعين تطبيقه إذا كانت المؤسسة في بلد غير البلد الذي يؤدي فيه
 العمل ؟
الواقع ان هذا النوع من العمل فرضته ظروف التقدم العلمي وإنتشار الشركات المتعددة الجنسية وهو ما يسمى " بالاضرابات الدولية " والتي غالبا ما تأخذ طابع التضامن االذي يعبر عنه عمال الشركة التابعة ( filiales ) لفائدة عمال" الشركة الأم " وهو ماحدث لعمال مجموعة " akzo" في المانيا وبلجيكا وسويسرا للإحتجاج ضد تسريح 6000من عمال هذه الشركة في هولندا .
وهناك حالة أخرى عرضت على القضاء الفرنسي تتعلق بعامل فرنسي بأمريكا شارك في إضراب عفوي يعتبره القانون الامريكي غير مشروع في حين يعتبره القانون الفرنسي مشروعا ،وظل السؤال المطروح عن القانون الواجب التطبيق هل مكان الإضراب وهو القانون الأمريكي أم مكان عقد الشغل وهو القانون الفرنسي في هذه الحالة ؟
أما المقصود من كون التوقف الجماعي عن العمل متفق عليه أو مدبر يعني ان هناك إرادة حرة وجماعية للتوقف عن الشغل وتستثني من ذلك التوقفات الناتجة عن القوة القاهرة وهكذا إستبعدت محكمة النقض الفرنسية من قواعد الاضراب حالة توقف العمال نتيجة قرار المشغل بإغلاق المؤسسة أو بسبب عدم كفاية وسائل التدفئة بالمؤسسة .
2.وثاني عنصر هو تحقيق مطالب مهنية
يعني انه لخوض الاضراب يجب ان تكون هناك مطالب معينة الشيء الذي قررته محكمة النقض الفرنسية حين ذهبت إلى ان الاجتماع النقابي الاخباري لدراسة مشاكل الزيادة في الاجور او اعداد برنامج مطلبي ليس اضرابا نفس الاتجاه ذهب اليه القضاء المغربي في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 6يناير 1984 "....لكن حيث ان ما اسماه رب الشركة بإفساد جو العمل ماهو في الحقيقة إلا مطالب مادية ومهنية تقدم بها عمال الشركة وحاولوا تحقيقها في اطار نقابي وبوسيلة مشروعة ألا وهو الاضراب "
ولايكفي فقط وجود مطالب بل يشترط القضاء العلم المسبق بها من طرف رب المؤسسة عن طريق الاتصال الرسمي به .
ويشترط أخيرا ان تكون المطالب ذات صلة مهنية وإن كان القضاء الفرنسي يتوسع في ذلك ويعتبر أن الحركة المطلبية ذات المضمون السياسي لها صفة إضراب حقيقي .
وبخصوص الإضراب التضامني سواء داخل المؤسسة الواحدة أو الممتد إلى خارج المؤسسة فإن موقف القضاء الفرنسي بقي غامضا ،في حين ان القضاء المغربي كان واضحا واقر مشروعية الاضراب التضامني وخاصة ذلك الذي يشن إحتجاجا ضد طرداحد العمال مثال حكم محكمة الاستئناف بأكادير الصادر بتاريخ 02/12/1980والذي أيد الحكم الابتدائي القاضي للعمال المطرودين بتعويضات عن طردهم طردا تعسفيا نتيجة إضرابهم التضامني احتجاجا على طرد احد زملائهم في العمل ،هذا على الرغم من احتجاج ( الشركة السياحية للخطوط الملكية المغربية ) الطرف الاخر في الدعوى ان العمال قد شاركوا في اضراب غير مرتكز على سبب مشروع ....لأنه لايتعلق بمطالبات جماعية ..)
إلا انه يستنتج من حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء الصادر بتاريخ 6يناير 1948 أن القضاء المغربي لايعترف بالاضراب التضامني إلا إذا كان محصورا بالمؤسسة الواحدة والذي جاء فيه (( وحيث عن توقف المدعي وزملائه عن العمل يمكن وصفه بأنه إضراب تضامني وهو إضراب مشروع مادام أنه لايخرج عن نطاق المؤسسة أولا ومادام أنه يرمي ثانيا إلى الحماية والحفاظ على احد مكتسباتهم الحيوية والمهنية واستمرارية النشاط النقابي وما رفضهم إقصاء الكاتب العام من منصبه ومن عمله بين بقية  العمال إلا على ذلك )),
آثار ممارسة حق الاضراب
وكما سلف الذكر فإن إحتجاب القانون التنظيمي [12] الذي سيحدد شروط ممارسة حق الاضراب جعل موقف القضاء المغربي شاحبا فيما يخص الآثار المترتبة على الاضراب سواء على مستوى عقد الشغل أو الحقوق الناتجة عنه ،وان القضاء الفرنسي ساهم في إبراز هاته الآثار وإن كان القانون المنظم للحق الدستوري لم ير الوجودكذلك في فرنسا بإستثناء قانون 11فبراير 1950المنظم لأثر الإضراب على عقد الشغل .
وقف عقد الشغل
وإنه لمن المعلوم أن القواعد القانونية العامة تتماشى مع التفسير الذي يذهب إلى كون ممارسة الإضراب المشروع تؤدي إلى وقف عقد الشغل ولا تفسخه فإذا كان النص الدستوري يضفي الشرعية على حق الاضراب ،فلا يمكن للقانون التنظيمي الذي سيأتي أن يمس بمقتضى قانون أسمى ويقرر فسخ عقد الشغل في هذه المرحلة أو يرتب جزاء عنممارسة هذا الحق الدستوري ( إقتطاع الاجر في ايام الاضراب ) ،إضافة إلى ان المشرع إعترف بحق ممارسة العمل النقابي الذي هو الوجه الثاني للحركة الإحتجاجية ( الاضراب ) فلا يعقل أن يتم فصل االمضربين المنخرطين بالنقابة لممارسة
 حقهم .
أما مدونة الشغل فقد حسمت الأمر نهائيا بالفصل 32 الفقرة 6 حينما نصت على أن عقد الشغل يتوقف مدة الاضراب ،إلا  أنه تراجع عن ذلك بالفصل 36 (إن امكن القول بان ذلك تراجع ) حيث لم ينص على كون ممارسة الإضراب لاتعد من المبررات المقبولة لإتخاد العقوبات التأديبية ،(منها خصم اجرة ايام الاضراب من الراتب).
ويتور التساؤل حول إغلاق المؤسسة كوسيلة رد الفعل أعطيت لرئيس المؤسسة عن الاضراب الذي تخوضه أغلبية العاملين هنا يمكن أن نتسائل عن ما مصير عقود الشغل المرتبطة مع العمال الغير المضربين ؟
آثار توقف عقد الشغل أثناء الاضراب  
لاشك أن توقف عقد الشغل مدة الاضراب يحرم الاجير لامحالة من عدة إمتيازات أولها الأجر ، كما يحرم الاقتصاد الوطني من عدة ساعات العمل ونقف هنا على احصائيات اوردها Jean Emmanuel Ray في كتابه Droit du Travail الصفحة 453((عرفت فرنسا تأثرا بالاضرابات ما بين سنوات 1982و 1998عرفت عطالة عن العمل تقدر ب 346000يوم بالقطاعين الخاص والعمومي وفي سنة 1999ب 560000يوم وفي سنة 2000 ب 808000يوم ولإ] سنة 2001 ب 678223يوم .
وعلى العموم فإن من أهم أثار توقف عقد الشغل هو توقف العلاقة التبعية التي تربط الأجير برب المؤسسة فيما يخص التوجيه والاشراف ،كما تتوقف من جهة ثانية السلطة التأديبية للمشغل على الأجير .
خاتمة
إن المشرع المغربي  ما فتئ يحاول المرة تلو الأخرى لسن القانون التنظيمي الذي ينظم الاضراب إلى أنه تراجع عدة مرات والسبب في ذلك هو صعوبة ضبط الظاهرة وتحديد مدها إلا انه آن الوقت للقيام بوضع قانون منظم للإضراب والمؤسسات النقابية بالمغرب للتتماشى أولا مع الاتفاقات الدولية لمنظمة العمل الدولية وثانيا مع متطلبات العولمة والمنافسة الدولية فالمقاولات التجارية في حياتها تعرف عدة خلافات سواء على مستوى المجالس الادارية المسيرة او على مستوى الجمعيات العامة للمساهمين أو على مستوى الأجراء إلا ان هذه الخلافات الأولى هي تسعى دائما إلى حماية المقاولة والرفع من مردودياتها ،لذا يتعين ربط مستقبل الاجراء بمستقبل المقاولة وإشراكهم في مغانمها وخسائرها حتى تكون إحتجاجاتهم تحل بطريقة المصالحة والتحكيم دون التأثير على مسار المؤسسة التجارية وهذا النهج هو الذي سارت عليه مدونة الشغل الحديثة  بالمغرب في فصلها 550الذي نص ((تسوى نزاعات الشغل الجماعية وفق مسطرة التصالح والتحكيم المنصوص عليها في هذا الشأن )).
وكلف جهاز مندوبي الشغل بالقيام بالمصالحة وفي درجة أعلى اللجنة الإقليمية تليها اللجنة الوطنية وإذا لم يتم الصلح للأطراف حق اللجوء إلى التحكيم ،ولايمكن الطعن في قرار التحكيم إلا أمام الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى التي تختص بمهام غرفة تحكيمية تبث في اسباب الطعن المحددة في المادة 576وهي الشطط في استعمال السلطة أو خرق القانون.
وهكذا اصبح القضاء المغربي في واجهة الخلافات الاجتماعية والاقتصادية وعليه أن يلعب دورا جد ايجابي وهو ما اصبح يطلق عليه الفقه اليوم بالقضاء الاقتصادي .((La magistrature economique))
ولعمري ان هذه المؤسسة العتيدة بمسؤوليها واطرها بجميع اصنافهم يحاولون ان يجعلون من العمل القضائي المغربي يتصف بصفة محلية تكرس الهوية الثقافية المغربية ،وان تقييم هذا العمل هو متروك لزملائنا الاجانب ،مادام ان القرن 21الذي نعيشه هو قرن يتميز بشمولية الخطاب الجديد (( تفكير شمولي وعمل محلي)) Think global act local .
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .



[1] الاحتجاج او الاعتراض هو إحدى صور الاختلاف ، والذي عرفه الدكتورطه جابر العلواني في كتابه أدب الاختلاف في الاسلام ((...الاختلاف والمخالفة أن ينهج شخص طريقا مغايرا للآخر في حاله او قوله ،والخلاف أعم من " الضد" لأن كل ضدين مختلفين وليس كل مختلفين ضدين ،ولما كان الاختلافبين الناس في القول قد يفضي إلى التنازع ،استعير ذلك للمنازعة والمجادلة ،قال تعالى في ذكره الحكيم ((..فأختلف الاحزاب بينهم ..)) سورة مريم الآية 37 ((ولايزولون مختلفين.. )) سورة هود الآية 118((..إنكم لفي قول مختلف ...)) سورة الذاريات الآية 8 ((...إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ...))سورة يونس الآية 39 وعلى هذا يمكن القول أن الخلاف والاختلاف يراد به مطلق المغايرة في القول أو الراي أو الحالة أو الهيأة أو الموقف .
[2]  إن التطور الاقتصادي والاجتماعي المهم الذي عرفته بريطانيا دفع الحكومة إلى تعديل الفصول 146إلى 414 من القانون الجنائي بالقانون المؤرخ في 25ماي 1846إد عدل مبدأ منع التجمعات ، بجنحة جديدة وهي المس بحرية العمل بوسائل الضغط كالتأثير أو العنف ،فبدأت المطالبة بإصدار قوانين تنظم حق التحالف لليد العاملة ،مع ان هذا التعديل لم يستطع الحد من الاحتجاجات الجماعية ولو بشكل غير منظم في إطار جمعيات .
ففي فرنسا تجاوزت الجمهورية الثالثة هذا الاتجاه القديم ( المسائلة الجنائية ) وإعترفت بالحريات العامة ( حق التحالف ) ، إلا أنها أبقت على إمكانية المسائلة المدنية ( التعويض في حالة تعرض المؤسسة لأضرار ) وفي هذه الفترة بدأ الإضراب يبرز كوسيلة التحالف الجماعي يتفق على إثره العمال بالتوقف عن العمل (ترجمة عن مجلة ) Que sais-je(Histoire du Droit).
[3]  جاء في مؤلف الاستاذ الدكتور محمود ابوزيد ( علم الاجتماع القانوني الاسس والاتجاهات ) – دار غريب للطباعة – (( فالظاهرة التي يحكمها القانون وهي في جوهرها الارادة الانسانية مما لايمكن السيطرة عليها وإخضاعها بطريقة حاسمة ،ولعل أكبر شاهد على ذلك أن احكام القانون لاتحترم دائما ،وبلغ ذلك حدا دفع إلى القول بأن القانون يلزم ولكنه لايحترم ،وذلك لأن إرادة الانسان تعني بحسب طبيعتها القدرة على الإختيار أي القدرة على القبول او الرفض .

[4]  تقدمت الحكومة في فبراير 2004 بمشروع جديد لفرض مزيد من القيود على حق الإضراب ، وقد ظل التهديد بتقنين الاضراب يشتد ويفتر ،طيلة العقود الثلاثة الأخيرة ،حسب مدى إستعمال العمال لهذا السلاح ففي خريف 1981 أي على إثر أول إضراب عام بعد فترة جمود طويلة صرح الوزير المعطي بوعبيد في مقابلة (بمجلة جون افريك) أن الحكومة أعدت مشروع قانون تنظيمي للإضراب سيعرض على البرلمان ،وكانت تلك اول مرة يعبر فيها عن العزم على تفعيل الفقرة الثانية من الفصل 14 من الدستور التي تنص على إصدار قانون تنظيمي يبين شروط واجراءات ممارسة حق الاضراب كما كان ثمة مشروع لتقنين الإضراب سنة 1983 (حسب إيكونوميست 12فبراير 1999) ولما هز إضراب شغيلة السكك الحديدية الوحدوي سنة 1995حكومة الفيلالي ، فسارعت هذه الى وضع مشروع قانون للإضراب ،وفي فاتح مايو الثاني بعد تشكيل حكومة اليوسفي أعلن خالد عليوة ،وزير الشغل أنذاك أن لديه مشروعا متكاملا وجديدا لتقنين الاضراب سيعلن قريبا وبادرت نقابة ارباب العمل ،المدافعة فعلا عن مصالح أعضائها وطبقتها إلى اقتراح مشروع قانون لتنظيم الاضراب ،وفي اكتوبر 2001 وضعت الحكومة مشروعا كان أول صيغة معروضة على العموم عبر الصحافة (نشرته العلم ) ويتناول الاضراب بالقطاعين الخاص والعام ،والآن بات صدور هذا القانون وشيكا بعد إلحاح الملك عليه في خطاب العرش في يوليوز 2004 حيث دعا إلى ((إيجاد عقد اجتماعي جديد .....)) عن جريدة المناضل ـ ة عدد 1 الجمعة 1اكتوبر 2004 تم تدارس بتاريخ 27/04/2007 بمقر الوزارة الأولى مع الوزير الول إدريس جطو والنقابات الأربعة الممثلة للشغيلة بحضور وزير الشغل وتم .......
[5]  كان  القضاء الاداري المغربي جريئا إذ حاول هدم ما تستند عليه السلطات الحكومية في تبريرها ممارسة الاضراب ،بجعل القرارات السابقة عن الدستور الذي ضمن ممارسة هذا الحق في غياب النص التنظيمي بالرجوع إلى الفصل الخامس من المرسوم لسنة 1958 والتي تقول فيه الحكومة  بان المجلس الاعلى في سنة 1961 إعترف بشرعيته في القرار المعروف بقضية محمد الحيحي ضد وزير التربية الوطنية عندما اعتبر اجراءا تطبيقيا لأحكام ظهير 16يوليوز 1957 حول النقابات مؤكدا عدم وجود تناقض بين هذا المرسوم والظهير المتعلق بالوظيفة العمومية ) والقرار الجريئ الذي اتخذته المحكمة الادارية في مكناس والتي اعتبرت ان الجزاءات التأديبية التي تعرض لها المضربون موسومة بتجاوز السلطة وذلك في قضية محمد شيبان ضد وزير التربية الوطنية حكم عدد 63-2001-3 الصادر بتاريخ 12/07/2001 عن المحكمة الادارية بمكناس  وقد وضع  القضاء الاداري بعض الشروط لممارسة هذا الحق وحتى يعتبر مشروعا :
1-      إخبار السلطات المعنية بالاضراب المراد القيام به وتوقيته
2-      أن يستهدف الاضراب تحقيق مكاسب مهنية أو الدفاع عنها
3-      أن يتم على توجيه من نقابة ذات تمثيلية ومشكلة تشكيلا قانونيا
4-      أن يكون محدد في الزمان
يعني أن الاضراب المفاجئ والاضراب السياسي والاضراب المفتوح في الزمان والاضراب غير المعلن عنه من طرف نقابة قانونية وذات تمثيلية حقيقية كلها تعتبر أنواع غير مشروعة .

[6]  وجاء في اطروحة الاستاذ محمد الشرقاني لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص تحت عنوان (( مدى مشروعية الاضراب العمالي )) جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط السنة الجامعية 1990- 1991 الصفحة 2و 3 ((... يلاحظ أن مبدأ المشروعية بمعنى الملائمة والموافقة للقانون إذا كان قد إحتل مكانه في الفكر الانساني منذ ان بدات المجتمعات في التنظيم ليأخذ بإهتمام الفلاسفة والقانونيين إبتداء من القرن 18 فغن جادبيته كموضوع للبحث والتحليل لم تبرز في نظرنا بشكل واضح ولم تستقطب الاهتمام الخاص للباحثين القانونيين بالمغرب إلا بعد الصرخة التي اطلقها في سنة 1976Jean Deprez  في مقاله الشهير حول معرفة الظاهرة القانونية في الواقع المغربي )).
[7]  مثال (اضرابات عمال المناجم ببريطانيا سنة 1987 حيث هددت رئيسة الحكومة (تاتشر) بإستعمال سلطاتها الاستثنائية ،واضراب نونبر 1987 في فرنسا حين قام العاملون في الملاحة الجوية بالتوقف عن العمل للمطالبة بأن يتم الطيران بثلاثة عاملين عوض إثنين فقط ،والذي صرحت محكمة Bobigny  بعدم مشروعية وهو الاضراب الذي إضطر معه الرئيس F.Mitterand   للتصريح بأن تنظيم ممارسة حق الإضراب يجب أن ترافق وتواكب المبدا الدستوري لحق الاضراب وألا تناقضه ،ونفس الاضراب شنه الربابنة المغاربة سنة 2003 الذي دام مدة طويلة تكبدت معه الخطوط الملكية خسائر مالية جسيمة وانشات لجنة تحقيق برلمانية للبحث في القضية .

[8]  ذهب روسكو في تعريفه للقانون أنه (( علم الهندسة الاجتماعية الذي يتحقق من خلاله تنظيم العلاقات الانسانية في المجتمع المنظم سياسيا ،او انه كما يعبر عنه أحياما أخرى " الضبط الاجتماعي " عن طريق الاستخدام المطرد لقوة المجتمع المنظم سياسيا )) علم الاجتماعي القانوني الاسس والاتجاهات لمؤلفه الدكتور محمود ابوزيد دار غريب للطباعة .
[9]  ذكره الاستاذ محمد شرقاني  في المرجع السابق .
[10]  وأورد مثال عن الازمة النقابية التي حصلت في بداية الاستقلال عند تدشين التعددية النقابية في عهد حكومة عبد الله ابراهيم سنة 1960.
[11]  قدم مشروع قانون تنظيم ممارسة حق الاضراب ،يحتوي على خمسة ابواب تتضمن 30مادة وأن مواد الباب الخامس المتعلقة بالمقتضيات الزجرية بقيت للتدارس مع الاطراف المعنية ( نص المشروع نشرته جريدة رسالة الأمة بعددها 6946ليوم الثلاثاء 24ماي 2005.
[12]  جاء في اسبوعية (Lavie eco) بعددها 4348المؤرخ في 27 يناير إلى 2فبراير 2006بالصفحة 8 أن عدد الاضرابات إنخفض بنسبة 21% ما بين سنتي 2004و2005 إلاأن هذا السلم الاجتماعي لايبرر غياب قانون ينظم الاضراب ،وان إخراج مدونة الشغل الجديدة لحيز الوجود بعدان كانت تعتبر مشكلا كبيرا ،فإن الحوار الاجتماعي المؤرخ في 30أبريل 2003أقر ضرورة إخراج القانون التنظيمي للإضراب لحيز التنفيذ وكان من اولويات هذه الحكومة وأن جهات رسمية ( من إحدى المركزيات النقابية ) أفادت ان مشروع القانون المذكور هو في صيغته الثالثة يتواجد بمصالح وزارة الشغل الشيء الذي صرحت بموجبه مصالح الوزارة المعنية بعدم العلم به مما يجعل أن القانون التنظيمي لم يصبح من الأولويات التي إلتزمت بها هذه الحكومة .

mercredi 24 octobre 2012

حق الاضراب حق دستوري



 مقدمة :
إن تاريخ علاقات الشغل كان دائما مغلفا بعدة نزاعات ،سواء صغير ام كبيرة والتي غالبا ماكان يعبر عنها بشكل إضرابات ،تنتهي إلى تنظيم العمل لمدة من الزمن .
والحركة الاحتجاجية [1] التي يمارسها العمال في شكل إضراب ،إرتبطت بالاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المعاشة [2] . والتي تسعى إلى الوصول بها إلى مستوى أفضل .
وإن كان الاضراب ظاهرة اجتماعية تجسد وسيلة من وسائل احتجاج فئة من المجتمع [3] ، فإنه يصعب ضبط هذه الظاهرة ووضع معيار لتوقع حدوثها أو معرفة مداها ،الشيء الذي جعل المشرع المغربي يتأخر عن إصدار قانون تنظيمي لها منذ التنصيص عليها بأول دستور للمملكة إلى صدور مدونة الشغل الجديدة ،والذي إستقاه من القانون الفرنسي خاصة ( الدستور المؤرخ في 27 أكتوبر 1946) هذا الأخير اعتبر أول مرة الاضراب كحق فعطل بهذا الاعتراف أية مطالبة مدنية عن الاضرار التي يمكن أن تحدث نتيجة الإضراب .
وإن كان حق الاضراب يستمد شرعيته من القانون الاسمى (الدستور ) فإن ممارسته تصطدم بمخالفة إرادة طرفي العلاقة الشغلية ،وذلك بوقف التبعية بصفة مفاجئة مما تؤدي إلى نتائج سيئة (إنتكاس المؤسسة ،تدني القوة الشرائية لليد العاملة ،تفشي البطالة إغلاق المؤسسة ) وكل هذا له تأثير على الوضع الاقتصادي والاجتماعي الشيء الذي أدى إلى المنادات بحل الخلافات الجماعية عن طريق الحوار والتحكيم .
والواقع ان الحكومات المغربية التي توالت على سدة الحكم مافتئت تحاول الإنتقاص من هذه الحرية وإعتبارها حرية فردية تمارس في شكل جماعي ،وليست حرية جماعية تمارس ضمن الحريات العامة مما أدى إلى مسائلة العديد من اعضاء النقابات بنصوص جنائية خاصة الفصل 288 من القانون الجنائي [4]
إلا أن موضوع ممارسة حق الاضراب يفرض البحث قبل كل شيء في اساس مشروعية هذه الممارسة ومدى تطابقها مع باقي القوانين المنظمة للخلافات الجماعية ،تم التطرق لممارسة هذا الحق مع الاشارة إلى أن الاجتهاد القضائي المغربي كان تدخله لتحليل هذه الظاهرة الاجتماعية المعقدة بمناسبة الفصل في النزاعات الفردية ،أو حل الاشكالات الإحتلال للمؤسسات من طرف العمل التي تم تفويتها في إطار مساطر صعوبات المقاولة أو تطبيق المقتضيات الزجري الفصل 288 من القانون الجنائي ،وهذا هو الجديد الذي أتت به مدونة الشغل الجديدة في إطار بسط مراقبة القضاء على الخلافات الجماعية التي ستغني العمل القضائي الذي عليه ان يكون في مستوى المسؤولية لخلق التوازن ) المواد 575و576 ومابعده)
وهكذا تتبين خطة البحث التي ليست إلا تحليل لواقع كما يتضح من عنوان الموضوع حل الخلافات الجماعية من خلال ممارسة حق الاضراب ،وسأتطرق لذلك من خلال محورين :
-       المحور الأول : مشروعية حق الاضراب
-       المحور الثاني : ممارسة الاضراب

أولا : مشروعية حق الاضراب
مقدمة :  
أولى المشرع المغربي للحريات العامة إهتماما كبيرا إبان الحصول على الاستقلال ،وذلك بإعتبار أن الطبقة العمالية كانت حركتها الاحتجاجية لها طابع سياسي أولا وقبل كل شيء وهو الحصول على الاستقلال ،وهكذا تم تنظيم النقابات المهنية بظهير 16يوليوز 1957 الذي نسخته المادة 398 من مدونة الشغل الجديدة ،ويبقى سريانه على نقابات الموظفين وكذا كافة الهيئات التي لايطبق عليها هذا القانون ( المادة 586 من مدونة الشغل الجديدة ) ومرسوم 5فبراير المتعلق بممارسة الحق النقابي من طرف الموظفين [5] إلا انه إستثنى في فصله الخامس ماسماه ( كل توقف عن العمل بصفة مدبرة وكل عمل جماعي أدى إلى عدم الانقياد بصفة بينة يمكن المعاقبة عنه علاوة على الضمانات التأديبية ويعم هذا جميع الموظفين ) مع ان العمل النقابي والاضراب هما وجهان لحق واحد ،وهناك ارتباط قوي بين الحقين على الاقل في المستوى الواقع .
وهكذا اعترف أول دستور للمملكة المغربية بكون ( حق الاضراب مضمون وسيبين قانون تنظيمي الشروط والاجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق ) فالمشروعية تستمد من القانون الأسمى الذي هو تعبير عن إرادة الأمة ،والذي تتعهد فيه الدولة بالالتزام بمواثيق المنظمات الدولية وعلى تشبتها بحقوق الانسان كماهي متعارف عليها عالميا .
والسؤال المطروح بإلحاح هو هل تكريس حق الاضراب على ارض الواقع يؤكد احترام السلطات العامة لمبدأ المشروعية أي الملائمة والموافقة للقانون ؟[6]
الواقع ان الخناق الذي عرفته الفترة السابقة كان يجعل من التطرق لموضوع الاضراب على المستوى النظري من المسائل المحرمة ، وعلى الرغم من هذا الحظر فإن الاضرابات العمالية والطلابية التي عرفها المغرب سنة 1965،والتي كانت سببا في إعلان حالة الاستثناء ،والاضربات لسنة 1981 وما صاحبها من محاكمات وضياع للإقتصاد الوطني كل ذلك جعل المسؤوليين يتدخلون للإعتراف بالاضراب كحق دستوري [7].
لكن كيف يمكن ان نوازي بين ضمان حق الاضراب من طرف الحاكمين وبين عدم عرقلة حرية العمل بالنسبة للمحكومين ؟
لاشك أن تداخل هذين الحقين وعدم ايجاد حد فاصل بينهما يخلق لدى القضاء ورجال القانون خللا في المعادلة الحقوقية [8] اي إشكالية إحترام النص القانوني من جهة ،وتحقيق العادلة من جهة اخرى وهكذا ذهب المجلس الاعلى في قراره المنشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 52 ص201 (( إذا كان حق الاضراب حقا مشروعا بمقتضى القانون فإن الغاية منه هي الدفاع عن الحقوق المشروعة للعمال المضربين ...)).
فأمام غياب قانون تنظيمي يحدد مدى ممارسة حق الاضراب فهل هناك حماية فعالة لمشروعية حق الاضراب بالاستناد على النص الدستوري دون ضرورة وجود تشريع ينظم ممارسة هذا
 الحق ؟
وهل لعب القضاء المغربي دوره في تعريف الاضراب المشروع وتميزه على الاضراب الغير المشروع ؟
ثم ماهو التصور العملي للأطراف المقابلة ( السلطة ،ارباب العمل ، العمال غير المضربين )
لممارسة حق الاضراب كأمر واقع ؟
ثم مامدى دستورية بعض القوانين التي تقييد مباشرة او غير مباشرة لحرية ممارسة الاضراب ؟
فإذا كانت نظرة رب العمل وهو يدافع عن حق الملكية الذي يخول له ممارسة سلطته على العمال أن يتمسك ويدافع عن المشروعية في الحالتين ،فغنه بالمقابل تستغل النقابات مشروعية حق ممارسة الإضراب لتحقيق مطالب الشغيلة ،وهذا التضارب بين الموقفين في فهم وممارسة هذه المشروعية قد يؤدي إلى التضحية بأحد الجانبين لصالح الاخر ،وهنا هل نقول كما كتبه الدكتور عبد الكريم غالي (( فحماية حق دستوري في دولة الحق والقانون أولى من تجريم فعل يرمي في الأصل إلى الدفاع عنه )).
فالمشروعية :
هي الخاصية التي تحدد الفعل أو التصرف الموافق للقانون ،وتحدد أيضا مجموعة القوانين المطبقة في بلد معين في وقت معين ،لدى ينبغي تحليل مشروعية تصرف ما بالقانون في مفهومه الواسع ، فليس الأفراد وحدهم المعنيون بهذا التحليل بل يمتد مبدأ المشروعية إلى جميع سلط الدولة سواء السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية أو القضائية والتي يجب عليها الخضوع لمبدا سيادة القانون .
1.    والسلطة التشريعية : تتقيد في عملها بمبدأ المشروعية الذي يفرض إحترام الدستور والمبادئ العامة للقانون منها إحترام مبادئ الإعلان القانوني للحرية والمساواة الملازمين لمبدأ المشروعية ، والإلتزام بالمبدا الدستوري القاضي بعدم رجعية القوانين وعدم المساس بالحقوق المكتسبة ومن هذا كان مبدأ المشروعية هو اساس عدم المس بالحقوق المكتسبة إضافة إلى إلتزام السلطة التشريعية بتحري الدقة والوضوح في صياغة النصوص ،وأن عموم وغموض النصوص يؤدي إلى التعسف في التأويل واللامساواة عند التطبيق .
2.    أما السلطة التنفيذية : فإحترامها لمبدا المشروعية يقتضي منها أن تكون جميع أعمالها وقراراتها خاضعة للدستور والقانون ،وفي حالة عدم الاحترام أصبحت إمكانية الطعن في مشروعيتها متاحة أمام المحاكم الادارية المحدثة ، إلا أن كل ذلك يبقى رهين بإيمان السلطة التنفيذية بمبدأ فصل السلط .
3.    أما القضاء : فهو الذي ينزع من الدولة جزء من سيادتها ويجعلها خاضعة له وبالاحرى باقي السلط لكن إقرار مبدا المشروعية ،وغل يد القضاء على بسط مراقبته يفرغ المبدا من محتواه فكيف يمكن إقرار حق الاضراب الذي هو بالاساس خلاف جماعي ولايخضع لمراقبة القضاء إلا من حيث تطبيق الجزاء الفصل 288من القانون الجنائي وتبقى السلطة التنفيذية مهيمنة على التدخل في النزاع في جميع مراحله ،بل إن المراقبة القضائية التي أقرتها مدونة الشغل في المواد 575و576بقيت جد محدودة إذ ان مبدأ المشروعية يقتضي كذلك أن تكون اعمال القضاة خاضعة للمراقبة وذلك بممارسة طرق الطعن المقررة قانوناوخضوع القضاة للمسائلة المدنية والجنائية .
وهكذا فإن مبدأ المشروعية هو ان لاتضع الدولة نفسها فوق القواعد القانونية التي تفرضها على مواطنيها وتكون بذلك "دولة تحكمية " " وليست" دولة قانون" وهذا الامر جعل عدة باحثين يتخوفون على غياب مبدأ المشروعية أمام ما يسمى من قانون الطوارئ وحالات الإستثناء التي غالبا ما تأخذ طابعا سياسيا أو إقتصاديا مثل " الوضعية الخطيرة ،ووضعية الأزمة ، ووضعية الاستعجال ، بحيث يسمح للإدارة بالتحرر من إحترام القانون وبالمقابل سجل الفقه إلى كون المحكومين يتخدون موقف اللامبلات من مبدأ المشروعية ويعزفون على اللجوء إلى الطعن في القرارات الادارية بسبب الشطط في استعمال السلطة .
وقبل التطرق إلى المحور الثاني المتعلق بشروط ممارسة الاضراب لابد من التطرق بعجالة لتعريف هذا الحق المرتبط بالمشروعية .
حق الاضراب
إذا كان يسهل التعرف على الاضراب عند إندلاعه ،فإنه يصعب تعريفه هذا ماقاله Guy Caire  وهو بصدد إبراز صفة التعقيد التي تميز حق الاضراب [9] ، ليس كظاهرة قانونية فحسب بل كظاهرة إجتماعية تهتم بسيكولوجية الجماعات وكظاهرة اقتصادية ،ولعل أن أهم عنصر يبرز تعقيد هذه الظاهرة هو مظهر القوة الذي تتجادبه أطراف ذات مصالح متناقضة ( الدولة ،وارباب العمل ،العمال ) الشيء الذي جعل البعض يشبه "بالحرب" التي تنتهي بالحوار والسلم مما جعل البعض يطرح السؤال حول امكانية اخضاع هذه الظاهرة الى القانون مادام ان اغلب التشريعات سكتت عن تنظيم ممارسته.
لذا نجد فريقا من الفقه ركز إهتماماته على اعتبار هذا الحق " مقدسا غير قابل للتجاوز والخرق" كما قال Gilbert Orsni إذ انه يحقق للعمال الإمتيازات الإجتماعية الجديدة في مواجهة الدولة وأرباب العمل لذا فغن بعض الفقه في فرنسا اصبح يسير بإتجاه اعتبار حق الاضراب من الحريات العامة بل " الحرية الأم " بتعبير الأستاذة Helene Siny.
وهكذا يمكن القول بان الاضراب له اهميته بالنسبة :
أولا : للعمال
فهو مؤشر على مدى وعي الطبقة الشغيلة وإبرازها لقوة عملها كوسيلة فعالة في العملية الانتجاية وذات قيمة رفيعة إلى جانب دوره في تربية العمال على التضامن إذ يقبل بالتضحية باجرته لقاء مساندة عمال مؤسسة أخرى في الاضراب التضامني .
ثانيا :النقابات
للإضراب أثر قوي على الحركة النقابية التي تجعله أهم نشاطاتها إذ قد يجعل لها صيتا قويا في الاوساط العمالية ، وكذا لدى ارباب العمل والدولة التي تحسب لها أهمية بالغة عند ماتريد تعديل التشريع العمالي أو تريد المس بأحد الحقوق المكتسبة للشغيلة ،وبالعكس فالنقابات المضادة للإضراب ،فهي لاتقوم بالدور المنوط بها فتضعف ( وهنا نخرج ما يعرف " بإقتصاد الإضراب " أي توقف الإضراب خلال ظرفية اقتصادية وسياسية خاصة )[10].
ثالثا : تشريع العمل
ان للاضراب أثر ايجابي على تطوير وتنظيم علاقة الشغل إذ بفضله عرفت الطبقة الشغيلة كيف تحصل على بعض المكتسبات ،كما انه وسيلة لضغط على ارباب العمل لرفع الاجور ،وكذا على ابرام الاتفاقيات الجماعية التي تتضمن امتيازات جديدة للعمال ، وإن كانت النقابات المهنية في دول العالم الثالث اصبحت في وضع المدافع فقط على الحفاظ عن المكتسبات السابقة من الضياع .
وتطرح مسألة عدم تنظيم ممارسة حق الاضراب تفسيرات متضاربة في الفقه بين المؤيد للتنظيم وبين المعارض لذلك ،وان كان الدستور يحمي مشروعية الاضراب ،فإنه في الواقع يعرف هذا الحق تصدعا من جراء محاولة إفراغه من محتواه إما علة مستوى التشريع بمنعه على بعض الفئات او بفرض اللجوء إلى مساطر الصلح والتحكيم للحد من ممارسة الاضراب وهذا هو موضوع المحور الثاني حول شروط ممارسة الاضراب .
ثانيا : ممارسة الإضراب
مقدمة :
إن الاشكال الوحيد الذي تواجهه النقابات العمالية عند شن الإضراب هو دخولها (لحرب) تجهل نتائجها بسبب غياب نص تنظيمي يحدد شروط ممارسة هذا الحق [11] ويحد من تعسف أرباب العمل والادارة ،ويحدد مجال تدخلها كما يحدد للعمال المسائل التي تدخل في مجال الأخطاء الجسيمة التي ترتكب في الاضراب فكما قالت H Sinay" أن تنظيم الإضراب هو تربية للعمال " .
وهذا  التنظيم سيسهل لامحالة مهام القضاء ،ويحدد مسؤوليته في الاحكام ، بحيث لن يكون هناك مبرر لتضارب في الاحكام حسب الأحداث سواء عادية أو إستثنائية .
وان كان التشريع المغربي غائبا في تحديد مجال ممارسة الاضراب ،فإن الساحةالعمالية كرست بعض التقاليد قبل اللجوء الى الاضراب او بعده ولابد من الاشارة إلى مشروع قانون العمل المصري الذي اقره مجلس الشعب من حيث المبدأ ( في دور الانعقاد العادي 2001ـ2002)وذلك ليحل محل القانون 137لعام 1981والذي يكفل حق الاضراب لجميع العاملين بإستثناء المؤسسات الإستراتيجية ،كهرباء ،ووسائل النقل ، وشركات المياه وكل ما يتعلق بخدمات الجماهير ،أو ما يخص الأمن العام والتي يصدر قرار من رئيس الوزراء بشأنها ( هنا يمكن التساؤل حول سياسية الدولة الحديثة من التخلص من بعض القطاعات التي تشكل لها عبئا وتفويتها إلى الخواص في غطار مايعرف بالخوصصة أو الخصخصة ).
كما انه من المفيد الاشارة التي شهدتها الساحة العمالية ،ويتعلق الأمر بمشروعين قدمتهما الحكومة وصادق عليهما البرلمان بتاريخ 27يناير 1990 ويتعلقان بضبط " المصلحة الدنيا الاجبارية " في عدد من القطاعات كما يحددان عدد من المراحل يجب إتباعها قبل شن الاضراب .
وهكذا وخلال إستجلاء واقع الاضراب ،إستطاع الإجتهاد القضائي خاصة الفرنسي إبراز عناصر الإضراب المشروع لتمييزه عن الاضراب التعسفي وغير المشروع .
1.    واول عنصر هو التوقف الجماعي عن الشغل
وهو أن يتم الإتفاق مسبقا بين عمال المؤسسة على ان يتم التوقف التام عن العمل بشكل جماعي لابشكل فردي ومتقطع أو أن يتم أداء العمل بكيفية بطيئة على غير العادة أو مايسمى بالاضراب المبرقع أو البطئ ،والذي إعتبرته محكمة النقض الفرنسية هو تنفيذ غير سليم للشغل ومخل بالالتزام التعاقدي وخطاجسيم يبرر العقوبات التأذيبية التي يمكن ان تصل إلى الطرد .
في حين ان القضاء المغربي كان شجاعا حينما اعتبر في حكم صادر عن محكمة الاستئناف بمكناس بتاريخ 30مارس 1982 (........وحيث تمسكت الطاعنة منذ المرحلة الابتدائية أن قيام المستأنف عليه بالاضراب البطئ الذي أثر على الانتاج يشكل خطأ جسيما يبرر لها حق ممارسة فسخ عقد الشغل ،لكن حيث إن الفصل السادس من ظهير 23/10/1948بشأن النظام النموذجي ..حينما خول للمؤاجر فسخ عقد الشغل بدون سابق إعلام خوله هذا الحق بالنسبة لما اسماه الظهير في فصله السادس بالخطأ الشنيع ،وحينما مثل على الاخطاء الجسيمة أورد عدة أمثلة لم يذكر من بينها الاضراب ،بل إن الاضراب في نطاق الفصل 14من الدستور حق مشروع بل إن العمل القضائي لم يجعل منه خطأ جسيما يرتب الفسخ ولكن جعل منه حالة توقف عقد الشغل ومن تم لايوصف الاضراب ولاسيما الاضراب البطيء بالخطا الجسيم ولايرتب بالتالي فسخ العقد من جانب واحد ........))
وإن كان الحسم في مشروعية الاضراب المبرع غير ممكنة لعدم وجود إجتهادات متواترة في هذا الصدد.
وهنا لابد ان نشير ان القضاء الفرنسي لم يشترط في التوقف أن يدوم مدة طويلة أو قصيرة أو
متكررة .
إلا انه لايكفي أن يكون التوقف التام عن الشغل لتكتسب حركة عامل واحد صفة الاضراب بل يشترط القضاء أن يكون التوقف جماعيا ،إلا إذا كان إنضمام العامل إلى حركة إحتجاجية خارج مؤسسته فيبقى محميا بحق الاضراب في إطار مايعرف بالاضراب التضامني .
وهنا نتسائل عن تنظيم لفئة من العمال الذي يشتغلون لمؤسسة واحدة ،ولكن عن بعد ولاتربطهم مؤسسة جماعية يمكن ان توحد مطالبهم فهل توقف أحد العاملين او بطئه في إنجاز العمل احتجاجا على وضع معين يمكن اعتباره إضرابا مشروعا ؟
ثم ماهو التشريع العمالي الذي يتعين تطبيقه إذا كانت المؤسسة في بلد غير البلد الذي يؤدي فيه
 العمل ؟
الواقع ان هذا النوع من العمل فرضته ظروف التقدم العلمي وإنتشار الشركات المتعددة الجنسية وهو ما يسمى " بالاضرابات الدولية " والتي غالبا ما تأخذ طابع التضامن االذي يعبر عنه عمال الشركة التابعة ( filiales ) لفائدة عمال" الشركة الأم " وهو ماحدث لعمال مجموعة " akzo" في المانيا وبلجيكا وسويسرا للإحتجاج ضد تسريح 6000من عمال هذه الشركة في هولندا .
وهناك حالة أخرى عرضت على القضاء الفرنسي تتعلق بعامل فرنسي بأمريكا شارك في إضراب عفوي يعتبره القانون الامريكي غير مشروع في حين يعتبره القانون الفرنسي مشروعا ،وظل السؤال المطروح عن القانون الواجب التطبيق هل مكان الإضراب وهو القانون الأمريكي أم مكان عقد الشغل وهو القانون الفرنسي في هذه الحالة ؟
أما المقصود من كون التوقف الجماعي عن العمل متفق عليه أو مدبر يعني ان هناك إرادة حرة وجماعية للتوقف عن الشغل وتستثني من ذلك التوقفات الناتجة عن القوة القاهرة وهكذا إستبعدت محكمة النقض الفرنسية من قواعد الاضراب حالة توقف العمال نتيجة قرار المشغل بإغلاق المؤسسة أو بسبب عدم كفاية وسائل التدفئة بالمؤسسة .
2.وثاني عنصر هو تحقيق مطالب مهنية
يعني انه لخوض الاضرابيجب ان تكون هناك مطالب معينة الشيء الذي قررته محكمة النقض الفرنسية حين ذهبت إلى ان الاجتماع النقابي الاخباري لدراسة مشاكل الزيادة في الاجور او اعداد برنامج مطلبي ليس اضرابا نفس الاتجاه ذهب اليه القضاء المغربي في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 6يناير 1984 "....لكن حيث ان ما اسماه رب الشركة بإفساد جو العمل ماهو في الحقيقة إلا مطالب مادية ومهنية تقدم بها عمال الشركة وحاولوا تحقيقها في اطار نقابي وبوسيلة مشروعة ألا وهو الاضراب "
ولايكفي فقط وجود مطالب بل يشترط القضاء العلم المسبق بها من طرف رب المؤسسة عن طريق الاتصال الرسمي به .
ويشترط أخيرا ان تكون المطالب ذات صلة مهنية وإن كان القضاء الفرنسي يتوسع في ذلك ويعتبر أن الحركة المطلبية ذات المضمون السياسي لها صفة إضراب حقيقي .
وبخصوص الإضراب التضامني سواء داخل المؤسسة الواحدة أو الممتد إلى خارج المؤسسة فإن موقف القضاء الفرنسي بقي غامضا ،في حين ان القضاء المغربي كان واضحا واقر مشروعية الاضراب التضامني وخاصة ذلك الذي يشنإحتجاجا ضد طرداحد العمال مثال حكم محكمة الاستئناف بأكادير الصادر بتاريخ 02/12/1980والذي أيد الحكم الابتدائي القاضي للعمال المطرودين بتعويضات عن طردهم طردا تعسفيا نتيجة إضرابهم التضامني احتجاجا على طرد احد زملائهم في العمل ،هذا على الرغم من احتجاج ( الشركة السياحية للخطوط الملكية المغربية ) الطرف الاخر في الدعوى ان العمال قد شاركوا في اضراب غير مرتكز على سبب مشروع ....لأنه لايتعلق بمطالبات جماعية ..)
إلا انه يستنتج .............تتمة الجزء الثاني فيما قريب .




[1] الاحتجاج او الاعتراض هو إحدى صور الاختلاف ، والذي عرفه الدكتورطه جابر العلواني في كتابه أدب الاختلاف في الاسلام ((...الاختلاف والمخالفة أن ينهج شخص طريقا مغايرا للآخر في حاله او قوله ،والخلاف أعم من " الضد" لأن كل ضدين مختلفين وليس كل مختلفين ضدين ،ولما كان الاختلافبين الناس في القول قد يفضي إلى التنازع ،استعير ذلك للمنازعة والمجادلة ،قال تعالى في ذكره الحكيم ((..فأختلف الاحزاب بينهم ..)) سورة مريم الآية 37 ((ولايزولون مختلفين.. )) سورة هود الآية 118((..إنكم لفي قول مختلف ...)) سورة الذاريات الآية 8 ((...إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ...))سورة يونس الآية 39 وعلى هذا يمكن القول أن الخلاف والاختلاف يراد به مطلق المغايرة في القول أو الراي أو الحالة أو الهيأة أو الموقف .
[2]  إن التطور الاقتصادي والاجتماعي المهم الذي عرفته بريطانيا دفع الحكومة إلى تعديل الفصول 146إلى 414 من القانون الجنائي بالقانون المؤرخ في 25ماي 1846إد عدل مبدأ منع التجمعات ، بجنحة جديدة وهي المس بحرية العمل بوسائل الضغط كالتأثير أو العنف ،فبدأت المطالبة بإصدار قوانين تنظم حق التحالف لليد العاملة ،مع ان هذا التعديل لم يستطع الحد من الاحتجاجات الجماعية ولو بشكل غير منظم في إطار جمعيات .
ففي فرنسا تجاوزت الجمهورية الثالثة هذا الاتجاه القديم ( المسائلة الجنائية ) وإعترفت بالحريات العامة ( حق التحالف ) ، إلا أنها أبقت على إمكانية المسائلة المدنية ( التعويض في حالة تعرض المؤسسة لأضرار ) وفي هذه الفترة بدأ الإضراب يبرز كوسيلة التحالف الجماعي يتفق على إثره العمال بالتوقف عن العمل (ترجمة عن مجلة ) Que sais-je(Histoire du Droit).
[3]  جاء في مؤلف الاستاذ الدكتور محمود ابوزيد ( علم الاجتماع القانوني الاسس والاتجاهات ) – دار غريب للطباعة – (( فالظاهرة التي يحكمها القانون وهي في جوهرها الارادة الانسانية مما لايمكن السيطرة عليها وإخضاعها بطريقة حاسمة ،ولعل أكبر شاهد على ذلك أن احكام القانون لاتحترم دائما ،وبلغ ذلك حدا دفع إلى القول بأن القانون يلزم ولكنه لايحترم ،وذلك لأن إرادة الانسان تعني بحسب طبيعتها القدرة على الإختيار أي القدرة على القبول او الرفض .

[4]  تقدمت الحكومة في فبراير 2004 بمشروع جديد لفرض مزيد من القيود على حق الإضراب ، وقد ظل التهديد بتقنين الاضراب يشتد ويفتر ،طيلة العقود الثلاثة الأخيرة ،حسب مدى إستعمال العمال لهذا السلاح ففي خريف 1981 أي على إثر أول إضراب عام بعد فترة جمود طويلة صرح الوزير المعطي بوعبيد في مقابلة (بمجلة جون افريك) أن الحكومة أعدت مشروع قانون تنظيمي للإضراب سيعرض على البرلمان ،وكانت تلك اول مرة يعبر فيها عن العزم على تفعيل الفقرة الثانية من الفصل 14 من الدستور التي تنص على إصدار قانون تنظيمي يبين شروط واجراءات ممارسة حق الاضراب كما كان ثمة مشروع لتقنين الإضراب سنة 1983 (حسب إيكونوميست 12فبراير 1999) ولما هز إضراب شغيلة السكك الحديدية الوحدوي سنة 1995حكومة الفيلالي ، فسارعت هذه الى وضع مشروع قانون للإضراب ،وفي فاتح مايو الثاني بعد تشكيل حكومة اليوسفي أعلن خالد عليوة ،وزير الشغل أنذاك أن لديه مشروعا متكاملا وجديدا لتقنين الاضراب سيعلن قريبا وبادرت نقابة ارباب العمل ،المدافعة فعلا عن مصالح أعضائها وطبقتها إلى اقتراح مشروع قانون لتنظيم الاضراب ،وفي اكتوبر 2001 وضعت الحكومة مشروعا كان أول صيغة معروضة على العموم عبر الصحافة (نشرته العلم ) ويتناول الاضراب بالقطاعين الخاص والعام ،والآن بات صدور هذا القانون وشيكا بعد إلحاح الملك عليه في خطاب العرش في يوليوز 2004 حيث دعا إلى ((إيجاد عقد اجتماعي جديد .....)) عن جريدة المناضل ـ ة عدد 1 الجمعة 1اكتوبر 2004 تم تدارس بتاريخ 27/04/2007 بمقر الوزارة الأولى مع الوزير الول إدريس جطو والنقابات الأربعة الممثلة للشغيلة بحضور وزير الشغل وتم .......
[5]  كان  القضاء الاداري المغربي جريئا إذ حاول هدم ما تستند عليه السلطات الحكومية في تبريرها ممارسة الاضراب ،بجعل القرارات السابقة عن الدستور الذي ضمن ممارسة هذا الحق في غياب النص التنظيمي بالرجوع إلى الفصل الخامس من المرسوم لسنة 1958 والتي تقول فيه الحكومة  بان المجلس الاعلى في سنة 1961 إعترف بشرعيته في القرار المعروف بقضية محمد الحيحي ضد وزير التربية الوطنية عندما اعتبر اجراءا تطبيقيا لأحكام ظهير 16يوليوز 1957 حول النقابات مؤكدا عدم وجود تناقض بين هذا المرسوم والظهير المتعلق بالوظيفة العمومية ) والقرار الجريئ الذي اتخذته المحكمة الادارية في مكناس والتي اعتبرت ان الجزاءات التأديبية التي تعرض لها المضربون موسومة بتجاوز السلطة وذلك في قضية محمد شيبان ضد وزير التربية الوطنية حكم عدد 63-2001-3 الصادر بتاريخ 12/07/2001 عن المحكمة الادارية بمكناس  وقد وضع  القضاء الاداري بعض الشروط لممارسة هذا الحق وحتى يعتبر مشروعا :
1-      إخبار السلطات المعنية بالاضراب المراد القيام به وتوقيته
2-      أن يستهدف الاضراب تحقيق مكاسب مهنية أو الدفاع عنها
3-      أن يتم على توجيه من نقابة ذات تمثيلية ومشكلة تشكيلا قانونيا
4-      أن يكون محدد في الزمان
يعني أن الاضراب المفاجئ والاضراب السياسي والاضراب المفتوح في الزمان والاضراب غير المعلن عنه من طرف نقابة قانونية وذات تمثيلية حقيقية كلها تعتبر أنواع غير مشروعة .

[6]  وجاء في اطروحة الاستاذ محمد الشرقاني لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص تحت عنوان (( مدى مشروعية الاضراب العمالي )) جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط السنة الجامعية 1990- 1991 الصفحة 2و 3 ((... يلاحظ أن مبدأ المشروعية بمعنى الملائمة والموافقة للقانون إذا كان قد إحتل مكانه في الفكر الانساني منذ ان بدات المجتمعات في التنظيم ليأخذ بإهتمام الفلاسفة والقانونيين إبتداء من القرن 18 فغن جادبيته كموضوع للبحث والتحليل لم تبرز في نظرنا بشكل واضح ولم تستقطب الاهتمام الخاص للباحثين القانونيين بالمغرب إلا بعد الصرخة التي اطلقها في سنة 1976Jean Deprez  في مقاله الشهير حول معرفة الظاهرة القانونية في الواقع المغربي )).
[7]  مثال (اضرابات عمال المناجم ببريطانيا سنة 1987 حيث هددت رئيسة الحكومة (تاتشر) بإستعمال سلطاتها الاستثنائية ،واضراب نونبر 1987 في فرنسا حين قام العاملون في الملاحة الجوية بالتوقف عن العمل للمطالبة بأن يتم الطيران بثلاثة عاملين عوض إثنين فقط ،والذي صرحت محكمة Bobigny  بعدم مشروعية وهو الاضراب الذي إضطر معه الرئيس F.Mitterand   للتصريح بأن تنظيم ممارسة حق الإضراب يجب أن ترافق وتواكب المبدا الدستوري لحق الاضراب وألا تناقضه ،ونفس الاضراب شنه الربابنة المغاربة سنة 2003 الذي دام مدة طويلة تكبدت معه الخطوط الملكية خسائر مالية جسيمة وانشات لجنة تحقيق برلمانية للبحث في القضية .

[8]  ذهب روسكو في تعريفه للقانون أنه (( علم الهندسة الاجتماعية الذي يتحقق من خلاله تنظيم العلاقات الانسانية في المجتمع المنظم سياسيا ،او انه كما يعبر عنه أحياما أخرى " الضبط الاجتماعي " عن طريق الاستخدام المطرد لقوة المجتمع المنظم سياسيا )) علم الاجتماعي القانوني الاسس والاتجاهات لمؤلفه الدكتور محمود ابوزيد دار غريب للطباعة .
[9]  ذكره الاستاذ محمد شرقاني  في المرجع السابق .
[10]  وأورد مثال عن الازمة النقابية التي حصلت في بداية الاستقلال عند تدشين التعددية النقابية في عهد حكومة عبد الله ابراهيم سنة 1960.
[11]  قدم مشروع قانون تنظيم ممارسة حق الاضراب ،يحتوي على خمسة ابواب تتضمن 30مادة وأن مواد الباب الخامس المتعلقة بالمقتضيات الزجرية بقيت للتدارس مع الاطراف المعنية ( نص المشروع نشرته جريدة رسالة الأمة بعددها 6946ليوم الثلاثاء 24ماي 2005.