mercredi 19 juin 2013

صلة الرحم مع قاض معتصم



صلة الرحم مع قاض معتصم
كثيرا من اشكر الله على أنه من علي بنعمة الانتماء إلى النادي، ويلهج لساني بالثناء على أني داخله لا أمثل سوى نفسي، عاريا من أية سلطة، حرا من أية إكراهات، فقد باتت للعضوية داخل اللجان والأجهزة ضريبة مهينة يؤديها المرء من ماء وجهه ومن سمعته التي ينهشها البعض على هذه الصفحة صباح مساء.
ولأنني لست من الشكلانيين الجدد، ولا قدرة لي على استنطاق المبادرات لتكشف عن النوايا والخطط والاستراتيجيات، فقد انطلقت خاليا البال إلا من رغبة جامحة في الالتقاء بمن ملأ دنيا العدل وشغل أناس القضاء، في معانقة ومكاشفة قاض ليس كباقي القضاة، فقد ألح علي هاتف داخلي أرقني : إذا كنت عاجزا على السير مع عنبر في نفس المسار فعلى الأقل لأسأله عن مشاق الطريق، وإذا كان التاريخ لا يصنعه الرجال فعلى الأقل لأحظى بشرف ادعاء أن من كتبه صديق، فهل تعرفون ما معنى أن يقال : فلان كان لعنبر رفيق.
المهم أنني ألفيته كما عهدته بسام المحيا وضاء الجبين، منشغلا بلحوق صلاة العصر مع الجماعة، فابتهلتها فرصة ليطمئن قلبي بسؤاله حول ما إذا اعتصامه مؤيدا بإشارات من السماء، فكان جوابه أنه استخار الله في جوف الليل بركعتين، ودعا أنني مظلوم فانتصر، فهل يرد الله دعاء المخبتين؟؟؟
نريد أن نفهم الأسباب الحقيقية التي دفعتك إلى الاعتصام؟ لماذا لم تعرض الأمر على المجلس الوطني؟ ما هي طبيعة التهديدات التي تعرضت لها؟ ما هو مآل الملف المعروض على المجلس؟ ما هي أشكال التضامن التي تراها مناسبة لنخوضها معك؟
أسئلة كثيرة طرحها زملاء ضمهم لقاؤنا الحميمي بالمستشار في نزاهة فكرية عالية، وبحب صادق وقاس في نفس الآن، بدون خلفيات مضمرة ولا حسابات معلنة. مداخلات عكست ارتباطا صوفيا بمبادئ النادي، وحرصا قويا على وحدته، وخوفا مشروعا على مستقبله.
أصغى الجميع للجميع، وأفرغ كلنا ما في جوفه من عبارات الثناء والإشادة بنزاهة وجرأة عريس اللقاء المصحوبة بتأكيدات التضامن اللامشروط مع عدالة قضيته.
وعلى غير المعهود فيه من حدة في القول وشدة في التعبير، تكلم العنبر كأب حريص على أسرته، خبير بدسائس مهنته، مستحضرا للحرج الذي قد يقع فيه قضاة النادي لو زج بهم في ساحة معركته. ولأنه رجل من زمن الفروسية لم يشأ أن يستغل رئاسته لآخر مجلس وطني في استصدار قرار داعم لمبادرته، أو يحسب عليه أنه قسم قضاة النادي إلى فسطاطين.
وأنه الآن معتصم بالشرعية الدستورية للدفاع عن استقلاليته، فللقضاء ملك يحميه. وأنه يشكر من تضامن معه ولو بقلبه، ولا يحمل أي ضغينة لمن نكص عن دربه، وأن سيفه مسلول في وجه عداته، فإن انتصر عمت غنيمته على إخوته، وإن انهزم فسيستأسد الخوف لاقتلاع النادي من جرأته...وختم بالجهر: لا تسقطوا السيف من يدي فإن كنتم تعتقدون أنني جزء من المشكل فلا تنتظرون أن أتراجع لأكون جزءا من الحل.
كنت أصيخ السمع إليه وهو يسمو فيتضاءل حجمي، ولست أدري كيف استرجعت في تلك اللحظة مقولة الصوفي عبد الجبار النفري: خاطر ففي المخاطرة النجاة..
كان بحق لقاءا، دافئا، مليئا بالمحبة والمودة والضحك الجميل..فطوبى لمن وصل الرحم بقاض معتصم.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire