mercredi 26 juin 2013

تعليق على القرار التعسفي بمنع نادي قضاة المغرب من التأسيس بتاريخ 20غشت 2011


تعرض الجمع التأسيس يوم 20غشت 2011 من المنع من استعمال القاعة التي إكتراها من المدرسة الوطنية للصناعة المعدنية ،بقرار شفوي صادر من وزارة الداخلية ،وبتنفيد من أعوانها ،وهذه وجهة نظر العمل القضائي الاداري المغربي في المواقف التي تتخذها الادارة بدون قرارات مكتوبة معللة ،كسابقة قضائية وقعت بالدارالبيضاء لأحد المواطنين الذي إتخدت الادارة موقفا سلبيا(بقرار شفوي ) من تنفيذ حكم قضائي نهائي قضى للمواطن بتعويضات عن الطرد التعسفي من شركة يملكها شخص ينتمي لحزب وطني .


والملاحظ عمليا أن القرارات المتسمة بالشطط في إستعمال السلطة تكونا غالبا شفوية ولايمكن إعطاء قرار كتابي بشأنها لعلم مصدريها بعدم مشروعيتها.
وحيث يبقى هنا أن نتسائل عن الأجل الذي قدمت فيه الدعوى هل إحترمه المدعي أم أنه كان عليه حين عدم جواب السيد وزير العدل بعد مرور 60 يوما أن يتقدم بدعواه أمام المحكمة ؟ .
الواقع أن القرارات السلبية تتجدد يوما عن يوم مادام أن موقف الجهة الإدارية لم يتغير ,ولا يمكن لهذا النوع مـن القرارات أن تتحصن بمرور الأجل, وبالتالي فإن الدفع المثار بسقوط حق الطعن لمرور الأجل غير وارد في هذه النازلة .
وحيث يبقى أن العمل السلبي للسيد رئيس المحكمة ل…والسيد وكيل الملك لديها بعدم تنفيذ الحكم الصادر لفائدة المدعي هل يدخل ضمن الأعمال القضائية أم ضمن الأعمال الإدارية بإعتبار إزدواجية المهام المنوطة بهم , إن الموقف السلبي لا يدخل ضمن أي عمل من الأعمال المذكورة لا القضائية ولا المهام الإدارية بل يخرج عن ذلك ويشكل انحرافا في السلطة إذ الغاية من اللجوء إلى القضاء ليس هو إقرار الحق بل أخد هذا الحق والذي لا يتأتى إلا بواسطة التنفيذ هـــذه المرحلة هي التي تعطي للأحكام قيمتها ,ولا يوجد أي نص قانوني يبرر تأخير التنفيذ لحكم نهائي  مند تاريخ محضــر الإمتناع الأول المؤرخ في 13 ماي 1992 إلى سنة 1995 وحتى الآن الشيء الذي يعتبر معه هذا الموقف السلـبي متسما بعدم المشروعية .
المملكة المغربية
المحكمة الإدارية بالدارالبيضاء                          
المنطقة الوسطى 
القضية عدد 118/94غ                                       


رأي المفوض الملكي
في القضية عد118/1994 إلغاء
                             المقامة بين:
-السيد….عاطل حاليا الساكن ب…..الدار البيضاء النائب عنه ذ/ …..محامي بهيئة الدار البيضاء
                             ضــــد
                 -السيد رئيس المحكمة الإبتدائية ب……الدار البيضاء
                 -السيد وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية ب…..الدار البيضاء
                 -السيد وزير العدل وزارة العدل بالرباط
                 -السيد الوزير الأول الوزارة الأولى بالرباط
                                                           الوقائع
بناءا على المقال الإفتتاحي المقدم من طرف نائب العارض أعلاه إلى كتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 11 أكتوبر 1994 والمعفى من أداء الرسوم القضائية بقوة القانون والذي يعرض فيه أن المحكمة الإبتدائية ب…قضت له في مواجهة شركة ….بمجموعة من التعويضات في إطار نزاعات الشغل ملف إجتماعي عدد…حكم بتاريخ …. وأن مصلحة التنفيذ للمحكمة المذكورة باشرت عمليات تنفيد الحكم إلى أن وصلت إلى مرحلة البيع بالمزاد العلني لآلة في ملك المنفذ عليها حيث تصدى ممثل الشركة لعملية البيع بطرد مأمور التنفيذ والمتزايدين وأنجز على اثر ذلك محضرا امتناع مؤرخ في 13-05-1992 وفي محاولة ثانية للبيع بالمزاد العلني تم من جديد التصدي لعمليات البيع من طرف المسؤول على الشركة المذكورة أنجز على اثر ذلك محضرا ثانيا للإمتناع مؤرخ في 26-04-1993 وإنه على اثر كل امتناع تقدم العارض بشكاية إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة المعنية بالأمر من أجل تحقير مقرر قضائي وإهانة موظف –شكاية بتاريخ …سجلت تحت عدد….وتم حفظها بتاريخ …لعدم قيام ما يستوجب البحث ,وشكاية بتاريخ …لم يتم ترقيمها لحد الساعة ولم يتخد فيها أي إجراء, وإنه بتاريخ …تقدم العارض بكتاب إلى السيد رئيس المحكمة الإبتدائية يطلب فيه تنفيد الحكم بواسطة القوة العمومية إلا أن هذا الطلب لم تتم الإستجابة له إلى غاية يومنا هذا بحيث لازال الحكم المذكور ينتظر التنفيد .
وأن العارض أمام هذا الموقف اللاقانوني بعث بعدة رسائل إلى السيد وزير العدل ملتمسا منه إصدار أوامره للسيد رئيس المحكمة قصد تنفيذ الحكم بواسطة القوة العمومية وإلى السيد وكيل الملك قصد اتخاد ما يلزم من تدابير بشأن الشكايتين التي تقدم بهما العارض من أجل تحقير مقرر قضائي .
وأن آخر رسالة بعث بها العارض للسيد وزير العدل كانت مؤرخة
في 02-05-1994 توصلت بها وزارة العدل بتاريخ 09-05-1994.
وقد كاتب العارض السيد الوزير الأول بوصفه أعلى هيئة بعد وزارة العدل يلتمس منه التدخل لكي يأخذ القانون مجراه الطبيعي وذلك بتنفيذ الحكم الصادر لفائدة العارض والذي لم تتمكن الجهات المعنية بالأمر من تنفيذه المنفذ عليها ورغم أن هذه الأخيرة تتوفر على ممتلكات تم حجزها قانونا وبصفة رسمية .
وحيث إن رفض السلطات المعنية بالأمر تطبيق القانون يعتبر قرارا إداريا يتميز بالشطط في استعمال السلطة ويستوجب إلغاؤه.
وحيث إن ما يرمي إليه المقال هو إلغاء هذا القرار الإداري مع الحكم على الجهات المعنية بإصدار أوامرها قصد تنفيذ الحكم الصادر لفائدة العارض بواسطة القوة العمومية .
لذلك يلتمس التصريح بأن عدم تسخير القوة العمومية من طرف رئيس المحكمة الإبتدائية لتنفيذ الحكم الصادر بتاريخ 11-11-1991 ملف إجتماعي عدد164-90 ملف التنفيذ عدد ….بناء على طلب العارض يعتبر شططا في استعمال السلطة وسماع التصريح بأن عدم اتخاد التدابير اللازمة بخصوص الشكاية التي تقدم بها العارض في مواجهة المسؤول على المنفذ عليها
 بتاريخ 04-05-1993يعتبر شططا في استعمال السلطة وسماع التصريح بأن عدم استجابة السيد وزير العدل لتظلم العارض وطلب تدخله لإصدار الأوامر بقصد تنفيذ الحكم يعتبر كذلك شططا في استعمال السلطة والحكم بإلغاء القرارات المذكورة المتسمة بالشطط والحكم على المطلوب ضدهم جميعا بتنفيد الحكم الصادر بتاريخ 11-11-1991 في الملف الاجتماعي عدد 164-90 ملف التنفيذ عدد 771-586-92 والبث في الصائر طبقا للقانون .
وبعد استدعاء الطرفين بصفة نظامية أجاب السيد الوكيل القضائي بمذكرة مؤرخة في فاتح دجنبر 1994 جاء فيها أن عريضة الطعن معيبة شكلا للأسباب التالية منها خرق مقتضيات الفصل 21 من القانون  90-41 حيث إن السيد …..يطعن في مقرر ضمني بالرفض وأن الفصل المذكور يشترط لقبول عريضة الطعن بالإلغاء إرفاق نسخة من القرار الصادر بالرفض أو نسخة من وثيقة تشهد بإيداع التظلم إن كان رفضه ضمنيا .
وحيث إن هذا الشرط جعل منه المشرع شرط صحة لقبول الطعن بالإلغاء كما هو ثابت من خلال قرارات الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى منها قرار عدد 512 الصادر بتاريخ 13-09-1984 وبما أن الطاعن لم يرفق عريضته بنسخة من المستند المذكور فإن طعنه يكون غير مقبول شكلا .
وحيث إن القضاء ذهب أبعد من ذلك حين اشترط ضرورة إثبات المتظلم لتسلم الإدارة تظلمه وإثبات تاريخ التسلم أيضا لضبط احتساب أجل الطعن .
وحيث إن الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى قد أصدرت بتاريخ 07-04-1988 قرار تحت عدد 84 في هذا الشأن وحيث ورد في عريضة المدعي أنه تقدم بعدة شكايات وتظلمات إلى الأطراف المطلوبة في الإلغاء وحيث إن التواريخ المشار إليها ترجع إلى السنوات 92-93 وبداية 1994 وحيث إن المعني بالأمر لم يتقدم بطعنه إلا بتاريخ 11 أكتوبر 1994 كما هو ثابت من خلال طابع صندوق المحكمة وإن حقه في الطعن قد سقط لمرور الأجل المنصوص عليه في الفصل المشار إليه أعلاه .
وحيث إن الطاعن يطلب إلغاء مقرر ضمني صادر عن السيد الوزير الأول وأن الفصل 16 من نفس القانون يقضي بأن المحكمة الإدارية التي ترفع إليها دعوى لها إرتباط بدعوى تدخل في إختصاص المجلس الأعلى ابتدائيا وانتهائيا تكون ملزمة بالحكم تلقائيا أو بطلب أحد الأطراف بعدم اختصاصها مع احالة الملف بأسره إلى المجلس الأعلى الذي يصبح هو المختص للنظر في النزاع برمته .
وحيث إن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء والحالة هاته قد أصبحت غير مختصة للنظر في هذه الدعوى بسبب الإرتباط لذلك يلتمس الحكم بعدم قبول الطعن لخرق مقتضيات الفصلين 21  و23 من القانون رقم 90/41 وعند الإقتضاء الحكم بعدم الإختصاص لوجود الإرتباط بطلب يختص المجلس الأعلى وحده للنظر فيه إبتدائيا وإنتهائيا .
وعقب نائب المدعي بمذكرة بتاريخ 04 يناير 1995 أرفقها بصورة من الحكم الصادر بتاريخ 11/11/1992 ملف 164/90 وصورة من محضر إمتناع ملف التنفيذ 771/586/92 وصورة شكاية من أجل تحقير مقرر قضائي وإهانة موظف بتاريخ 19/5/1992 ملف 742ش 92 بتاريخ 03/06/1992 وصورة شكاية موضوعة لدى وكيل الملك لدى ابتدائية مرس السلطان الفداء يوم 4/5/1993  صورة رسالة موجهة إلى السيد وزير العدل مؤرخة في 16نوفمبر 1992 وصورة لطلب تنفيذ حكم بواسطة القوة العمومية بتاريخ 8/9/1993 وضعت بمكتب التنفيذ بتاريخ 9/9/1993 صورة من شكاية موجهة إلى السيد وزير العدل بتاريخ 01/02/1994 مع صورة  من إشعار بالإستيلام بتاريخ 3فبراير 1994 مضمون068 صورة من رسالة موجهة إلى السيد وزير العدل مؤرخة
في 02/05 /1994 مع صورة من إشعار  بالإستيلام بتاريخ 9مايو 1994 مضمون عدد160 .
والتمس تفاديا لأي إشكال بخصوص الإختصاص النوعي للمحكمة إخراج السيد الوزير الأول من هذه الدعوى ويلتمس الإشهاد على ذلك .
الــرأي القانوني
إن الطلب المقدم إلى هذه المحكمة يرمي إلى الحكم بأن عدم تسخير القوة العمومية من طرف السيد رئيس المحكمة الإبتدائية لتنفيذ الحكم الصادر بتاريخ 11/11/1991 ملف إجتماعي عدد 164 /90 ملف التنفيذ عدد 771/586/92 بناء على طلب  العارض يعتبر شططا في إستعمال السلطة وأن عدم اتخاد التدابير اللازمة بخصوص الشكاية التي تقدم بها العارض في مواجهة المسؤول على المنفذ عليها بتاريخ 04/05/1993 يعتبر شططا في إستعمال السلطة والحكم بأن عدم إستجابة السيد وزير العدل لتظلم العارض وطلب تدخله لإصدار الأوامر بقصد تنفيذ الحكم يعتبر كذلك شططا في إستعمال السلطة ,والحكم بأن عدم إستجابة  الوزير الأول لطلب العارض الرامي إلى تدخله  من أجل إصدار الأوامر  اللازمة لتنفيذ الحكم يعتبر كذلك شططا والحكم بإلغاء القرارات المذكورة المتسمة بالشطط والحكم على المطلوب ضدهم جميعا بتنفيذ الحكم الصادر بتاريخ 21/11/1991 في الملف الإجتماعي عدد 164/90 ملف التنفيذ عدد 771/586/92 والبث في الصائر طبق للقانون.
وحيث دفع السيد الوكيل القضائي بخرق الدعوى لمقتضيات الفصل 21 من القانون 90/41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية لعدم إرفاقه بنسخة من القرار الصادر بالرفض أو بنسخة من وثيقة تشهد بإيداع التظلم إن كان رفضه ضمنيا .
والملاحظ عمليا أن القرارات المتسمة بالشطط في إستعمال السلطة تكون غالبا شفوية ولايمكن إعطاء قرار كتابي بشأنها لعلم مصدريها بعدم مشروعيتها .
أما الدفع المثار هنا فإن المدعي أدلى رفقة مذكرته المؤرخة في 4 يناير 1995 والمبلغة للسيد الوكيل القضائي بتاريخ 27 فبراير 1995 والسيد وزير العدل بنفس التاريخ والسيد الوزير الأول يوم 28 فبراير 1995 للتعقيب قبل أجل 8/3/1995 وبصورة مت التظلم الموجه للسيد وزير العدل بتاريخ 9/11/92 الذي لم يتم الجواب عنه وصورة من تظلم ثاني موجه إلى السيد وزير العدل  بتاريخ 1/2/94 والذي لم يتم الجواب عنه  مع الإشعار بالتوصل وصورة من تظلم ثالث موجه إلى السيد وزير العدل بتاريخ 2/5/94 والذي عرف نفس المآل مع الإشعار بالتوصل .
وحيث إنه يبقى هنا أن نتسائل عن الأجل الذي قدمت فيه الدعوى هل إحترمه المدعي أم أنه كان عليه حين عدم جواب السيد وزير العدل بعد مرور 60 يوما أن يتقدم بدعواه أمام المحكمة.
الواقع أن القرارات السلبية تتجدد يوما عن يوم مادام أن موقف الجهة الإدارية لم يتغير  وبالتالي فلا يمكن لهذا النوع من القرارات أن تتحصن بمرور الأجل مما يكون الدفع المثار بسقوط حق الطعن لمرور الأجل غير وارد في هذه النازلة .
وحيث إن إدخال السيد الوزير الأول في هذه الدعوى ليس بغاية الطعن في مقرر تنظيمي أصدره في إطار سلطته التنظيمية بل إن الدعوى ضد الدولة لاتصح إلا إذا وجهت ضد السيد الوزير الأول بإعتباره مسؤولا عن أعمال الحكومة وهذه الأخيرة مسؤولة عن أعمال موظفيها في إطار المهام المنوطة بهم .
وحيث يبقى  أن العمل السلبي للسيد رئيس المحكمة الإبتدائية ...والسيد وكيل الملك لديها بعدم تنفيذ الحكم الصادر لفائدة المدعي هل يدخل ضمن الأعمال القضائية أو الأعمال الإدارية بإعتبار ازدواجية المهام المنوطة بهم, الواقع أن هذا الموقف السلبي لا يدخل ضمن أي عمل من الأعمال المذكورة لا القضائية ولا المهام الإدارية بل يخرج عن ذلك ويشكل انحرافا في السلطة .إذ الغاية من اللجوء إلى القضاء ليس هو اقرار الحق بل أخذ هذا الحق والذي لايتأتى الا بواسطة التنفيذ هذه المرحلة التي تعطي للأحكام قيمتها ولا يوجد أي نص قانوني يبرر تأخير التنفيذ للحكم النهائي منذ تاريخ محضر الإمتناع الأول المؤرخ في 13ماي 1995 وحتى الآن الشيء الذي يعتبر معه هذا الموقف السلبي متسما بعدم المشروعية.
وحيث إنه لاخير ولاتقدم يرجى في أمة لاتحترم قضائها وقراراته .
لـــذلك نـرى
الحكم :
1.    بالغاء القرار السلبي بعدم تسخير القوة العمومية للتنفيذ الحكم الصادر بتاريخ 11/11/1991 ملف اجتماعي عدد....ملف التنفيذ عدد... بسبب الإنحراف في السلطة.
2.    إلغاء القرار السلبي للسيد وزير العدل لعدم تدخله لإصدار الأوامر بقصد تنفيذ الحكم بسبب الإنحراف في السلطة .
3.    إلغاء القرار السلبي للسيد الوزير الأول لعدم تدخله من أجل إصدار الأوامر اللازمة لتنفيذ الحكم المذكور بسبب الإنحراف في السلطة.

وحرر بالمحكمة الإدارية بالدا ر البيضاء
بتاريخ 04/04/1995
المفوض الملكي    محمد رحال عنبر    




تعــلــيق
حيثما يثار أمر إصلاح القضاء إلا تم ربط ذلك بنسبة الأحكام المنفذة لصالح المتقاضين ,فالأحكام المنفذة هي التي تعطي لجهاز القضاء هيبته ,وللحكومة مصداقيتها .
فرسالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري حين يقول له((...ولا ينفع الجهر بحكم لانفاد له ..))توضح الغاية العظمى من وظيفة القاضي, فالتنفيذ هو الذي يمنح لأحكام القضاة الحياة ,وبدونه لاقيمة للحكم ولا معنى لوجود جهاز القضاء .
والقضية المذكورة  تثير عدة إشكالات قانونية حاول المفوض الملكي منا قشتها حتى تتضح للمحكمة السبيل للخروج بقرار يشكل احدى لبنات مراقبة المشروعية على الأعمال الإدارية  .وأول هذه الإشكاليات هي هل هناك موجبات قانونية تلزم المتضرر من قرار إداري أن يدلي بنسخة من القرار المطعون فيه ؟وماهو الجزاء في حالة عدم الإدلاء به؟ثانيا الفرق بين القرارات السلبية والرفض الضمني ؟ثالثا الأجل القانوني لتقديم دعوى الإلغاء في القرارات السلبية , رابعا الفرق بين الخطأ الشخصي لأعوان الدولة والخطأالمرفقي ,ولن نخوض هنا في مسألة إختصاص المحكمة الإدارية النوعي بالطعن في قرار سلبي إتخده الوزير الأول ووزير العدل إعتبار أن الإمتناع هو قرار سلبي مخالف للشرعية والقانون ,؟ فهو باطل وهو والعدم سواء.
دفع المدعى عليه في هذه القضية بعدم ارفاق مقال الدعوى بنسخة من القرار المطعون فيه ,والتمس عدم قبول الدعوى .
مع العلم أن المدعي يطعن في موقف سلبي للجهاز المشرف على تنفيذ الأحكام , فالتظلمات التي توجه بها الطاعن الى الجهات المسؤولة عن جهاز القضاء , قصد تنفيذ الحكم الصادر لمصلحته ومرور الأجل الممنوح للإدارة قصد الجواب ,ومع ذلك لم يتوصل بأي جواب فهذا الموقف كاف وحده لإستنتاج موقف الإدارة السلبي من تظلمه, وهو مايسمى بالقرار الضمني برفض الإستجابة للتظلم وهذا الموقف درج الفقه والقضاء الإداري على اعتباره ,قرارا اداريا متسما بعدم المشروعية لمخالفته للنظم التي سنتها الإدارة بنفسها أوتقتضيها صيرورة المرفق العام,ولا سبيل للمتضرر من القرار في الحصول على نسخة منه وهذا ما أشار إليه المفوض الملكي في مناقشته الكتابية ,بكون أغلب الأعمال الإدارية المخالفة للنظم التي سنتها الإدارة تكون شفوية تتقادفها الرياح ولأنها تجد حيزها في الهواء ,ولايمكن إعطاء حجة عليها مكتوبة لأنها ستستعمل ضد مصدريها إذ يعلمون أنها مخالفة للنظم والقوانين ,ولايمكن في النازلة المشار إليها أعلاه تكليف الطاعن بشيء يستحيل حصوله عليه وإلا أصبح الأمر يدور في حلقة مفرغة لانهاية لها وبالتالي يفقد القضاء الإداري أهميته في كبح جماح الإدارة المتعسفة  .
وقد أوضح الدكتور خميس السيد إسماعيل في كتابه ((دعوى الإلغاء ووقف تنفيذ القرار الإداري وقضاء التنفيذ وإشكالاته والصيغ القانونية أمام مجلس الدولة مع المبادئ العامة للقضاء المستعجل)) الطبعة الأولى  سنة 1992ـ1993 .
((إذا تظلم أحد العامليين للإدارة بسبب بطلان أحد القرارات التي تضر بمركزه القانوني وتسلبت الإدارة من الرد عليه في المدة القانونية ,فيفسر ذلك أن الإدارة أصدرت قرارا سلبيا برفض تظلمه ,ويجوز الطعن في هذا القرار السلبي أمام المحكمة المختصة بمجلس الدولة ,علما بأن التظلم يفتح له ميعاد جديد ستون يوما لرفع دعوى الإلغاء أما إذا قررت الإدارة أن الموضوع  قيد البحث فيظل الميعاد منفتحا حتى يبلغ العامل بنتيجة البحث ,بشرط أن تكون ملتزمة بالرد . وتكون قد إتخدت موقفا إيجابيا في موضوع البحث .
وقد أوضحت محكمة القضاء الإداري ذلك في حكمها الصادر في 18 أبريل 1980 حيث تقول ((عدم إستجابة رئيس الوزراء لإقتراح المدعية بتفسير القانون لا ينطوي على قرار سلبي لأن القرار السلبي هو الذي يتمثل في الإمتناع عن إتخاد إجراء كان من الواجب على جهة الإدارة اتخاده طبــقا للقوانين واللوائح )).
ومن هنا عرف الدكتور إسماعيل السيد خميس في نفس المرجع المذكور أعلاه القرار السلبي  ((بأنه ذلك القرار الذي تمتنع الإدارة عن إتخاده وكان عليها أن تتخده طبقا للقوانين واللوائح )).
ويضيف الدكتور بنفس المرجع أعلاه على أن مجلس الدولة الفرنسي ابتدع حيلة قانونية مفادها اعتبار سكوت الإدارة عن التصرف فيما يقدمه الشخص من تظلم هو بمثابة قرار سلبي برفض التظلم يجوز الطعن فيه أمام القضاء الإداري.
وقد أخد مجلس الدولة المصري بهذا الاتجاه حيث نص في المادة 24 من قانون 47 لسنة 1972على ذلك حيث نصت الفقرة الأخيرة من هذه المادة على مايلي :
((....ويعتبر مضي ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه)).
كذلك نصت الفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من القانون المذكور على مايلي :
((يعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاد قرار كان من الواجب عليها اتخاده وفقا للقوانين واللوائح)).
وكثيرا ما يقع الخلط بين القرار السلبي والقرار الضمني ,فالقرار السلبي هو كما جاء في التعريف السابق هو إمتناع الإدارة عن إتخاد قرار أوجبه القانون ,في حين أن القرار الضمني هو موقف إيجابي تتخده الإدارة إلا أنها لا تفصح صراحة عن إرادتها بل تستنتج ضمنيا ,وهو بذلك يعتبر قرار إداري يخضع للقواعد العامة للقرارات الإدارية.
ويقول الدكتور خميس السيد في نفس المرجع ((....ومن القرارات الضمنية مايعد قرار غير مشروع ,ومن أمثلة ذلك القرارات التي تخفي في طياتها جزاء مقنعا فمثل هذا القرار يعامل معاملة القرار التأديبي الصريح من حيث الإختصاص به ,ومن حيث رقابة مشروعيته ,لأن مثل هذا القرار يؤدي إلى حرمان صاحب الشأن من الضمانات التأديبية .ومن أهم الضمانات التي يحققها القانون في مواجهة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه وسماع دفاعه وضرورة تناسب العقوبة مع الذنب الإداري )).
وقد قضت محكمة القضاء الإداري  المصري في 26 يناير سنة 1953  س7 ص 371 نفس المرجع المذكور الصفحة 24 بمناسبة النقل المكاني حيث تقول )) ....إذا خرج النقل عن هذا المحيط وتباعد عن هذا الهدف القويم ـ صالح المرفق ـ ودلت الظروف والملابسات على أنه ينطوي على عقوبة تأديبية يصير في الواقع من الأمر جزاء لاينص عليه القانون ,ويكون والحالة هذه معيبا غير قائم على سبب صحيح وواقعة مخالفة للقانون )).
وفي حكم آخر اشترطت نفس المحكمة في حكمها في 11 فبراير 1953 ص 369 في موضوع النقل النوعي ما يلي ))  ألا يكون قرار النقل متضمنا جزاء تأديبيا مقنعا ينضح بعدم الرضا والسخط عليه ويحمل في طياته تـنـزيلا في الوظيفة أو في الدرجة أو في أي جزاء آخر مما لا يجوز توقيعه على الموظف إلا لذنب اقترفه ,وبعد إتباع الإجراءات التي قد يستوجبها القانون وظروف الحال وملابساته ..)).
وقد أثيرت في القضية المعروضة أعلاه مسألة الأجل القانوني لرفع النزاع إلى القضاء الإداري ,وذلك كون الطاعن بعد مرور سنة 1992 و1993 لم يتقدم بطعنه إلا سنة 1994 .وبغض النظر على الوضعية الجديدة التي أصبح يعرفها القضاء الإداري المغربي بالتحول من إحتكار الطعن بالإلغاء بسبب الشطط في إستعمال السلطة من طرف الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى إلى تعميم المراقبة القضائية على أعمال الإدارة  على مختلف المحاكم الإدارية المحدثة , فإن وقائع القضية تتلخص في كون المستفيد من الحكم توجه بعدة تظلمات لعدة جهات معنية دون الحصول على نتيجة ,وأن إنتظاره لعدة سنوات لم يلق أي جواب من أية جهة وذلك لكون المسألة عرفت غموضا شديدا لتعدد المساطر التي تناسلت بعد محاولة التنفيذ .فهل بمرور المدة القانونية يتحصن القرار السلبي للإدارة و يكتسب حجيته بمرور المدة إستنادا على قرينة  الحفاظ على صحة الأعمال الإدارية ,وإعطاها قوة النفاذ وعدم تعرضها لإمكانية الطعن بعدم المشروعية مستقبلا ؟أم أن القرارات المنعدمة والتي يكون فيها عدم المشروعية ظاهرا لايمكن أن تتحصن ولو بمرور المدة المـحددة قانونا ؟.
هنا يعرف الفقه الإداري القرار المعدوم ((بكل قرار بلغت المخالفة فيه حدا من الجسامة بحيث تقطع كل علاقة بين القانون بمعناه الواسع وبين القرار الإداري ,مما يؤدي إلى فقد صفته الإدارية وإعتباره عملا ماديا صرفا ,وإعتبار تنفيذه عملا من أعمال الغصب والعدوان ....)) نفس المرجع ص 25.
ويترتب على هذا المفهوم الذي أعطاه الفقه الإداري للقرارات المنعدمة ,عدة آثار أهمها هو أن االفعل المعدوم قانونا لاتلحقه حصانة ولايزيل عيبه فوات ميعاد الطعن فيه ((محكمة القضاء الإداري بمصر بتاريخ 5/12/1954 في الدعوى رقم 1322لسنة 3 ق)).
فموقف وزير العدل السلبي ,وذلك بعدم إعطاء تعليماته لوكيل الملك بإستعمال القوة العمومية التي هي تحت إمرته قصد تنفيذالحكم الصادر لفائدة المدعي  ,مخالفا بذلك القوانين والنظم التي من أجلها تم إحداث السلطة القضائية ,يعتبر قرارا سلبي غير مشروع حسبما أوضحه تقرير المفوض الملكي ولايمكنه أن يتحصن بمرور المدة .
إضافة إلى أن مثل هذا القرار يدخل ضمن زمرة القرارات المستمرة ,والتي يترتب عليها عدم إغلاق ميعاد الطعن ويجوز الطعن فيها ما بقي إستمرارها قائما ,وفي النازلة أشار تقرير المفوض الملكي إلى كون موقف الإدارة السلبي ولو بعد مرور عدة سنوات وخلال إجراءات الدعوى الإدارية لم يتغير.
وقد إعتبر القضاء الإداري المصري في الدعوى عدد3123 لسنة 35 قضائية ((أن قرار رئيس الجمهورية رقم 493 لسنة 1981 بشأن التحفظ على بعض الأشخاص من القرارات المستمرة وأنها كالقرارات السلبية يجوز الطعن عليها في أي وقت دون التقيد بالميعاد المحدد لرفع دعوى الإلغاء)).
يبقى هنا أن نشير إلى أن طبيعة مهام كل من رئيس المحكمة ووكيل الملك هي ذات طابع مزدوج فهناك أعمال ذات الصبغة القضائية  والتي لا يجوز الطعن فيها لدى المحاكم الإدارية ,وهناك أعمال ذات صبغة إدارية تتعلق بسير مرفق العدالة والتي تخضع لمراقبة القضاء الإداري .
وقد وضع الفقه معيارا للتميز بين طبيعة كل من هذين العملين ,فمتى كان الأمر يتعلق بالبث في خصومة بين طرفين فهو عمل قضائي ,ولو تعلق الأمر بالتهيئ لها كإجراء معاينة أو إستجواب وغيره ,وكل ماتعلق بغير ذلك فهو عمل إداري ,كالإشراف على الموظفين حسب مقتضيات الظهير المتعلق بالوظيفة العمومية ,والسهر على حسن سير مرفق العدالة .
أما الموقف السلبي لكل من رئيس المحكمة  ووكيل الملك بها ,المتعلق بعدم تنفيذ مقتضيات الحكم الصادر من طرف المحكمة التي يشرفون عليها ,يعد موقفا مخالفا للقوانين والنظم التي من أجلها وجد مرفق العدالة وبالتالي لايدخل ضمن أي من العملين المشار إليهما أعلاه ,كما تم توضيح ذلك في تقرير المفوض الملكي .
وهنا نستخلص من كون الموقف أعلاه ,والذي يشكل خطأيتمثل قي تنفيذ حكم نهائي فهل يعد في هذه النازلة خطأ شخصي يمكن نسبته إلى كل من رئيس المحكمة ووكيل الملك بها؟ بإعتبارهما معنيان بالتنفيذ أم أن الأمر يدخل ضمن الأخطاء التي يمكن نسبتها إلى المرفق العام ؟.
لازال القضاء الإداري المغربي يتردد حول مضمون مسؤولية الموظف شخصيا عن خطأه ,ومضمون مسؤولية المرفق عن الأخطاء التي يرتكبها العاملون لديه .
فالفصل الثامن من القانون رقم 90-41  ينص  (( تختص المحاكم الإدارية ,مع مراعاة أحكام المادتين 9و11من هذا القانون ,بالبث ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة وفي  النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية ودعاوي التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام,ماعدا الأضرار التي تسببها في الطريق العام مركبات أيا كان نوعها يملكها شخص من أشخاص القانون العام....)).
وذهب المجلس الأعلى في قرار الغرفة المدنية رقم 2391 بتاريخ 26/5/1994   الصادر في الملف المدني عدد 3804/90 قضاء المجلس  الأعلى عدد48 يناير 1996 ص97 ).
((إنه طبقا للفصل 79 من قانون الإلتزامات والعقود فإن مسؤولية الدولة الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها أو من الأخطاء المصلحية لمستخدميها لاتفترض وإنما لابد من إثبات الخطأ المصلحي المنسوب إلى موظفيها ...لهذا فإن إعتماد المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه في تحميل الدولة مسؤولية ماحدث للمطلوب من ضرر على مجرد أن إدارة المستشفى ...امتنعت من تمكين الخبير المعين من طرف المحكمة من الإطلاع على الملف الطبي للمتضرر المطلوب وان ذلك يشكل قرينة على ثبوت الخطأالمصلحي لأطباء المستشفى المذكور غير كاف وكان على المحكمة في هذه الحالة أن تجبر ادارة المستشفى بشتى الوسائل حتى ولو اقتضى الأمر انتقالها شخصيا رفقة الخبير المعين من طرفها إلى المستشفى المذكور قصد الإطلاع على الملف الطبي المذكور لتقف على الحقيقة وبالتالي التأكد من ثبوت الخطأ المصلحي للدولة أو عدم ثبوته )).
وذهب أيضا المجلس الأعلى في قراره رقم 235 الصادر بتاريخ 11/3/1999 في الملف عدد 590 /98
((إمتناع الإدارة من تنفيذ حكم أو قرار قضائي إداري قضى بإلغاء مقرر عزل موظف لا يخول هذا الأخير إمكان إجبارها على التنفيذ عن طريق الغرامة التهديدية .
يمكن للمعني بالأمر أن يلجأ إلى القضاء الإداري للإدلاء بمحضر الإمتناع عن التنفيذ وطلب التعويض عن الضرر الناتج نشاط من نشاطات أشخاص القانون العام في إطار الفصل 8 من قانون 90/41 .
ويرى الفقه المصري أن إمتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم الصادر من القضاء الإداري يعتبر بمثابة قرار سلبي يجيز لذوي الشأن الطعن فيه أمام مجلس  الدولة .
هذا وان المعيار المعتمد في حالة الإمتناع عن تنفيذ الحكم أو تنفيذه تنفيذا خاطئا هو إعتبار الموظف مسؤول شخصيا, في حالة إرتكابه خطأ شخصي يستوجب تحريك دعوى مدنية للمطالبة بالتعويض عن الأضرار ,وذلك طبعا بعد التأكد من وجود عنصر الخطأ والضرر والعلاقة السببية .
وهذا لايعفي الإدارة الوصية من المسؤولية في إطار مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع متى توفرت الشروط القانونية  ,منها مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع بالنسبة للأضرار التي يحدثها تابعه بعمله الغير المشروع ,في إطار أداء مهامه الوظيفية أو بسببها ,وقيام رابطة التبعية متى كانت للمتبوع سلطة فعلية في رقابة وتوجيه التابع .
ويعلق الأستاذ سليمان الطماوي  قائلا :بأن المسؤولية عن التعويض تترتب في حق الموظف الإداري شخصيا إذا وضح أن امتناعه عن التنفيذ قام على سوء نية أو كان مدفوعا بشهوة شخصية ,فضلا عن مسئولية الجهة الإدارية التابع لها,والمسؤولية في ذلك تقع على الرئيس المسؤول عن التنفيذ وليس على الموظف المكلف به حيث يسأل عن التعويض .
وتقول محكمة القضاء الإداري المصري في حكمها الصادر في 22 مايو 1951 س55 رقم 276 ما يلي :
(( إن إصرار الحكومة على عدم تنفيذ الحكم الصادر لصالح المدعي ينطوي على معنى إمتهانه والإخلال بكرامته مما يجعله ذا حق في تعويضه ادبيا وماديا عن هذا الضرر)).
وترى نفس المحكمة في قرارها المؤرخ في 29/6/1952 س 6 القضية س5 ق ((إن امتناع الإدارة عن تنفيذ حكم قضائي واجب النفاذ طبقا لقانون مجلس الدولة هو مخالفة قانونية صارخة تستوجب مساءلة الحكومة عن التعويضات ,لأنه لا يليق بحكومة في بلد متحضر أن  تمتنع عن تنفيذ الأحكام النهائية بغير وجه حق قانوني ,لما يترتب على هذه المخالفة الخطيرة من إشاعة الفوضى وفقدان الثقة في سيادة القانون )).
     ويبدوا أن الحدث الجديد في القضاء المغربي هو الذي جعل الإدارة المغربية من أسفل القاعدة إلى أعلى الهرم الإداري تتمسك بعدم إعتدادها بالأحكام الصادرة ضدها  ,وحتى تتعود على هذا المولود الجديد الذي يريد وضع أعمالها تحت
مراقبته ,لابد من الصبر والتضحية حتى تتغير هذه النظرة للأمور ,إذ أن تمسك المشرع المغربي بوحدة القضاء ,جعله يخضع تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة لمقتضيات المسطرة المدنية وليس لمقتضيات خاصة تؤخد بعين الإعتبار مبدأعدم الموازنة الذي تقوم عليه الأعمال الإدارية  .
وهذا ما يمكن أن نستشفه من الحوار الذي أعطاه وزير العدل للقناة الثانية في برنامج وجه وحدث حين قال ((فإلى جانب السلطة القضائية ,هناك كذلك المجتمع المدني الذي تنبثق منه هذه الأطر وهؤلاء المسؤولون والذين لا يلبثون أمام تكرار النازلة أن يسايروا ما تفرضه الأخلاق الجديدة والأعراف التي نتوخى خلقها من وراء القضاء الإداري وإجتهاد القضاء الإداري )).
في حين أن القانون المصري يقرر المسؤولية الإدارية على أساس أن عدم تنفيذ حكم هو تصرف غير مشروع ,ويشكل خطأ من جانب الإدارة الذي يستلزم التعويض عنه لفائدة المتضرر ,فضلا عن تقرير المسؤولية الشخصية للموظف الممتنع عن التنفيذ على إعتبار أن قراره هذا هو قرار سلبي خاطئ .
بل إن الإجتهاد القضائي المصري في هذا الباب ذهب إلى أبعد الحدود حينما أقر بالمسؤولية الشخصية للوزير بإعتباره ((المدين الأصيل )) لكونه موقفه السلببي هو الذي أحدث الضرر للغير وهذا ما أشار إليه المفوض الملكي في تقريره ,أما الحكومة فهي مدينة بصفة تبعية لإهمالها في الرقابة والإشراف .
كما تم إقرار  المسؤولية الجنائية ,وتجريم الإمتناع عن تنفيذ الأحكام  ,بمقتضى الدستور الذي جاء بقاعدة دستورية هي ((الأحكام تصدر وتنفذ بإسم الشعب ويكون الإمتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العمومين جريمة يعاقب عليها القانون)).
 أما فيما يخص الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى فقد ذهبت إلى القول في قضية أبو القاسم العلوي ضد وزير الداخلية بتاريخ 24/4/1967  ((إن عدم إعتبار الإدارة للأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به  ,والمختومة بالصيغة التنفيذية يعد ماعدا في ظروف إستتنائية خرقا لقوانين التنظيم الأساسية والإجراءات القضائية التي بإحترامها يحترم النظام العام ,وأن خرقا من هذا النوع يمكن أن يكون أساسا لطلب الإلغاء وطلب التعويض معا طبقا للقواعد الخاصة بكل منهما ...)).
وهذا ما تبناه التصريح الرسمي للحكومة أن تكرار النازلة سيؤدي إلى تعود الإدارة على صدور الأحكام ضدها ,وبالتالي إلى إستجابتها إلى التنفيذ, بدل النص صراحة على معاقبة كل عون من أعوان الإدارة إمتنع أو تقاعس على التنفيذ.
 والخطأ المثمتل في التأخير في تنفيذ الحكم النهائي ينسب إلى المرفق العام لا إلى الموظف الموكول له مهمة التنفيذ –مسؤولية الدولة طبقا لمقتضيات الفصل 79 من قانون الإلتزامات والعقود .فدولة الحق والقانون تعني خضوع كافة مؤسسات الدولة للقوانين التي سنتها السلطة التشريعية والإتفاقات والمعاهدات المصادق عليها وخضوعها للرقابة القضائية ((ولاقيمة لمبدأ الشرعية ما لم يقترن بمبدأ احترام القضاء و قراراته )).
والقضاء المصري أوجب على الجهة الإدارية أن تقوم بتنفيذ الأحكام في وقت مناسب من تاريخ صدورها وإن تقاعست أو امتنعت دون وجه حق عن هذا التنفيذ في وقت مناسب اعتبر هذا الإمتناع بمثابة قرار سلبي مخالف للقانون يوجب لصاحب الشأن التعويض ((محكمة القضاء الإداري في القضية 6200 جلسة 30 يونيو 1957 وفي القضية 1655جلسة 20 يونيو 1968 وفي حكمها الصادر في القضية 1076 حيث وصل التأخير في التنفيذ إلى أربع سنوات أوضحت المحكمة الإدارية العليا بقولها ((فإذا تراخت الجهة الإدارية في تنفيذ الحكم مدة طويلة دون مبرر من الواقع والقانون تكون قد تمادت في الإمتناع عن تنفيد حكم قضائي نهائي الأمر الذي يقطع بقيام عنصر الخطأ الموجب لمساءلتها عن تعويض مانجم عنه مــن أضرار )).
وقد ذهب مجلس الدولة الفرنسي في قضية شوبيرويوى حيث تأخر تنفيد الحكم عشر سنوات وفي قضية كوشطو وديمون وفي قضية لوستريا شابيل حيث تأخر تنفيد الحكم القاضي بمنح الترخيص لمدة سنتين إلى القول بما معناه أن على الإدارة اتخاد المبادرة لتنفيذ الأحكام في الوقت المناسب من صدورها قابلة للتنفيذ فإن هي تقاعست أو امتنعت دون وجه حق عن التنفيذ في الوقت المناسب اعتبر ذلك خطأ في حقها تساءل عنه بالتعويض  .
وذهب مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الصادر بتاريخ 2 فبراير 1938 قضية …..إلى القول بمسؤولية الدولة بالتعويض عن التماطل في تنفيد الأحكام القابلة للتنفيذ شرط أن لا يكون للتأخير في التنفيذ مايبرره.
وذهبت محكمة القضاء الإداري في القضية 922 جلسة 18/11/1953 إلى القول إذا كان التأخير في التنفيذ (( يرجع إلى تبادل المكاتبات بين الوزارة ووزارة المالية وديوان الموظفين للرجوع إليها في شأن تنفيذ هذه الأحكام ولم يكن التأخير نتيجة تقصير من الوزارة …يكون طلب التعويض على غير أساس من القانون متعينا
 رفضه )).
وذهبت في حكم آخر في القضية عدد 607و605 جلسة 51/04/1953 إلى القول ((فالتأخير لا ينبغي أن يتجاوز مجرد تسلسل الإجراءات الإدارية العادية بحيث لا يشوبها تعسف ظاهر ورغبة متعمدة في تعطيل تنفيذ الحكم أو تحد لأمر القضاء بل مرجعها إلى نظام الروتين العادي وما يتسم به من بطئ ومبالغة في الحيطة مبالغة قد لا تخلو من التعقيد)).
هذا هو موقف القضاء الفرنسي والمصري من مسؤولية الدولة بالتعويض عن التراخي والتباطئ في تنفيد الأحكام الواجبة النفاذ.
أما في المغرب فإن الإرادة السياسية قد عزمت على أن تعطي لأحكام المحاكم
قيمتها ,ويتجلى ذلك في منشور الوزير الأول الذي وجهه إلى السادة الوزراء بتاريخ 17 مارس 1993((وهو تاريخ سابق على رفع هذه النازلة إلى المحكمة الإدارية بالدار البيضاء))والذي أثار فيه  الإنتباه ((إلى ان بعض الوزارات بصفتها الأصلية أو بإعتبارها وصية ,وكذا بعض الجماعات المحلية والوكالات التي تحت وصايتها لا تنفذ الأحكام والقرارات النهائية الحائزة لقوة الشيء المقضىبه ))وأضاف ((فضمانا لتحقيق هذا المبتغى أهيب بكم إلى إعطاء تعليماتكم للمصالح المختصة بضرورة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة والمؤسسات التابعة لها حتى يتسنى للمحاكم القيام بمهامها على الوجه الأكمل ويطمئن المتقاضون بربوع المملكة على حقوقهم )).
هذا بالنسبة للأحكام الصادرة ضد الإدارة لفائدة الأطراف العادية ,أما في نازلتنا فإن السلطة الإدارية المفروض فيها السهر على تنفيذ الأحكام الصادرة عن مرفق العدالة الذي تشرف عليه بين الأفراد العادية هي التي تعرقل التنفيذ لغايات سياسية وحماية أصحاب النفوذ , لذا فإن اللجوء إلى مؤسسة والي المظالم ستكون أفضل في حالة تأييد الحكم الصادر من طرف الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى .
إنتهى بحمد الله يوم الجمعة 29 غشت 2003 :إنجاز محمد رحال عنبر المفوض الملكي سابقا بالمحكمة الادارية بالدارالبيضاء ورئيس غرفة بالمجلس الاعلى حاليا والله ولي التوفيق .
  وختاما : أن هذا الموقف يمكن تطبيقه على كل من تحدى إرادة الشعب المغربي التي تقررت بمصادقته على الدستور الجديد والذي ينص في فصله 111 على ان للقضاة المغاربة الحق في تأسيس جمعيات للدفاع عن حقوقهم واستقلالهم .



صحبة ملف منع نادي قضاة المغرب من عقد جمعهم التأسيس من طرف وزارة الداخلية يوم  19رمضان الابرك 1432 الموافق   20غشت 2011.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire