vendredi 5 avril 2013

الجزء الثالث ((باب اخبار قرطبة وقضاتها قبل الخلفاء))


                                 باب اخبار قرطبة وقضاتها قبل الخلفاء
ذكر القاضى مهدى بن مسلم
قال محمد فمن قدماء قضاة قرطبة الذين قضوا بها للامراء العمال الولاة القواد قبل دخول الخلفاء رصى الله عنهم الاندلس مهدى  بن مسلم وهو من ابناء المسالمة من اهل الدين والعمل والورع استقضاه عليها عقبة بن الحجاج السلولي
حدثني احمد بن فرج بن منتيل قال حدثني ابو العباس احمد  بن  عيسى بن محمد المقرى بمدينة  تنيس قال ولى الاندلس عقبة بن الحجاج السلولي فكان صاحب جهاد ورباط وذا نجدة وباس ورغدة في نكاية المشركين وكان اذا اسر الاسير لم يقتله حتى يعرض عليه الاسلام حينا ويرغبه فيه ويبصره بفضله ويبين له عيوب دينه الذي هو عليه فيذكر انه اسلم على يده بذلك الفعل الف رجل وكان قد اتخذ بالاندلس مقرا مدينة يقال لها اربونة وكان قد عرف مهدى بن مسلم بالعلم والدين والورع فكان قد استخلفه على قرطبة وامره بالقضاء بين اهلها وكان قد عرفه مع ذلك بالبلاغة والبيان فلما اراد توليته قال له اكتب عهدك عنى لنفسك فكتب المهدى
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما عهد به عقبة بن الحجاج الى مهدى بن مسلم حين ولاه القضاء عهد اليه بتقوى الله وائثار طاعته واتباع مرضاته في سر امره وعلانيته مراقبا له مستشعرا لخشية الله معتصما بحبله المتين وعروته الوثقى موفيا بعهده متوكلا عليه واثقا به متقيا منه فان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون
وامره ان يتخذ كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى اللع عليه وسلم اماما يهتدى بنورهما وعلما يعشو اليهما وسراجا يستضى بهما فان فيهما هدى من كل ضلالة وكشفا لكل جهالة وتفصيلا لكل مشكل وابانة لكل شبهة وبرهانا ساطعا ودليلا شافيا ومنارا عاليا وشفاء لما الكذوب وهدى ورحمة للمومنين
وامره ان يعلم انه لم يختره لمصالح العباد والبلاد وتولية القضا الذي رفع الله قدره واعلى ذكره وشرف امره الا لفضل القضاءء عند الله جل جلاله لما فيه من حياة الدين واقامة حقوق المسلمين :.واجرا الحدود مجايها على من وجبت عليه واعطاء الحقوق من وجبت له ولما رجا عنده فيما يمضيه ويتقدم فيه ويحكم به من ائثار حق الله عز وجل وطلب الزلفة لديه والقربة اليه وان يحاسب نفسه في يومه وغده فيما تقلد من الامانة الثقيل حملها الباهض عبوها فانه محاسب وموعد وموعود:.
وامره ان يواسى بين الخصوم بنظره واستفهامه ولطفه ولحظه واستماعه وان يفهم من كل احد حجته وما يدلى به بكل عيى اللسان ناقص البيان فان استقضاء الحجة مايكون به لحق الله تعلى عليه قاضيا وللواجب فيه راغبا فقد يكون بعض الخصوم الحن بحجته وابلغ في منطقه واسرع في بلوغ المطلب والطف حيلة في المذهب واذكى ذكاء واحضر جوابا من بعض وان كان غير الصواب مرماه وخلاف الحق منهاه فان لم يتعاهد القاضي مثل هذا ويجعله من القربات الى الله عز وجل بالتحفظ والتيقظ والاسترابة والاحتراس من اهل الخب واللدد والعناد والتلبس بشهادة الزور وتحيف الحقوق اهلك القوى الضعيف واقتطع حقه وغلب عليه وفى تقدم القاضى في النظر في ذلك والمراعات له واحتساب ثواب الله فيه اثبات الحق ..............الباطل ان الباطل كان زهوقا
وامره ان يكون وزراوه واهل مشورته والمعينون له على امر دنياه واخرته اهل العلم والفقه والدين والامانة ممن قبله وان يكاتب من كان في مثل هذه الحال المرضية ممن في غير ناحيته ويقابل اراء بعضهم ببعض ويجهد نفسه في اصابة الحق فان الله جل ثناوه يقول في كتابه الناطق على لسان نبيه الصادق محمد عليه السلام وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله :.
وان يكون حجابه واعوانه ومن يستظهر به على ما هو بسبيله اهل الظهارة والعفاف والطلب لانفسهم والبعد من الدنس فان افعالهم منسوبة اليه ومنوطة لديه فاذا اصلح ذلك لم يلحق عيب ولم يعلق به ريب ان شاء الله :.
وامره ان يديم الجلوس والقعود لمن استرعاه الله امره وقلده شانه واسند الحكم له وعليه ويقل السامة منهم والتبرم بهم ويصرف اليهم قلبه وذهنهوشغله وفكره وفهمه ولسانه بما يوسعهم به عدلا وانصافا واصلاحا واستصلاحا فان في ذلك قوة لمنتهم واحياء لتاميلهم وتحقيقا لجميل ظنونهم وثقة منهم بورعه ونزاهته وطيب طعمته فان فيهم الضعيف عن التودد والزمن الثقيل وعليه في كل وقت التعهد ووهنا لاهل التلدد والفجور والتقحم في ملتبسات الامور وان يكون قعوده لهم وتصرفه في النظر بينهم بنشاط وقاة فتور ليكون ذلك اقوى له واتقن لما يحكمه ويبرمه من سياستهم وتدبيرهم ان شاء الله :.
وامره ان يسمع من الشهود شهاداتهم على حقها وصدقها ويستقصيها حتى لايبقى عليه شى منها ومن المزكين تزكيتهم ويكثر البحث والفحص عن امورهم اجمعين ويسئل عنهم اهل الصلاح والدين والامانة والثقة والرعة ممن يعرفهم ويبطن احوالهم ولايعجل بامضاء حكم حتى يستقصي حجج الخصوم وبياناتهم ومزكيهم ويضرب لهم الاجال ويوسع فيها عليهم حتى تنجلى له حقايق امورهم وتنكشف له اغطيتها فاذا اتى عليها علما وايقنها ايقانا لم يوخر الحكم بعد اتضاحه وظهوره وثبوته عنده وعند من يشاوره من فقهائه
وامره ان يطالع بكتبه في الحوادث التى يحتاج فيها الى الموامرات فيما اشكل عليه واستغلق له واحتاج اليه في النوازل ابراهيم بن حرب القاضى ليرد عليه منه مايعمل به ويمتثله ويقتصر عليه ويصير اليه لتكون موارد اموره ومصادرها ومبتدا فواتحها بالتسديد مقرونة خواتمها بالتاييد ان شاء الله
هذا عهدى اليك وامرى اياك واسنادى اليك ما اسنده وتفويضى اليك مافوضت فان تعمل بهم وثرا لرضا الله وطاعته قائما بالحسبة موديا حق الامانة يكن حجة بين يديك وظهرا لك وان لم تعمل به يكن حجة عليك وانا اسئل الله ان يعينك ويقويك ويرشدك ويوفقك ويسددك انه خير موفقا ومعين وصلى الله على محمد
قال محمد احمد بن فرج فقلت لاحمد بن عيسى لقد عظمت همتك اذ حفظت مثل هذا وشبهه من الاخبار القديمة فقال حفظت هذا زمن الصبا عن جد لى عمر نحو عمرى وكان من احفظ الناس لاخبار المغرب وافتتاحه واخبار بنى امية عندكم ولقد كان عندى من كتبه اخبار حسان غريبة فذهبت بحريق كان في منزلى ولقد بلغنى ان بعض من عندكم من بنى الاغلب او غيرهم من الشعية ادعى هذا العهد وكتب به نصا الى بعض ولاة القضاء وما هو الا لمهدى بن مسلم هذا عندى قديما احفظه زمن الصبا عن جدى فهل عندكم له ذكر فقلت له ماسمعت به عندنا ولا باسم مهدى هذا فقال لي قد سألت غيرك من اهل بلدك فلم يكن يعرفه فيا عجمى كيف درس خبره عندكم لاكنى اظنه لم يعقب فاضمحل خبره بالفتن التي دارت في بلدكم 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire