jeudi 2 mai 2013

ثقافة الاحتجاج بين الواقع والقانون : من إنجاز محمد عنبر رئيس غرفة بمحكمة النقض بحث منشور بمجلة الاشعاع عدد28 تصدرها هيأة المحامين بالقنيطرة



بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على نيبيا محمد صلى الله عليه وسلم .
الحمد لله ،
مـقـدمة :
يقصد بالاحتجاج هنا ذلك الشكل من الأشكال الملموسة للتعبير عن الرأي ، أو ما يسمى في التعريف الحقوقي بحرية التعبير [i] ،والمنصوص عليها في الميثاق العالمي لحقوق الانسان المؤرخ في 10دجنبر 1948 بالمادة 19 التي جاء فيها (( لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة ،وفي إلتماس الأنباء والأفكار ،ونقلها إلى الآخرين بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود ،والمضمونة أيضا بنص الدستور لسنة 1996 الصادر الأمر بتنفيذه بموجب الظهير الشريف رقم 157.96.1 المؤرخ في 23جمادى الأولى 1417 الموافق 7أكتوبر 1996، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4420بتاريخ 10/10/1996 في فصله التاسع والذي جاء فيه :
يضمن الدستور لجميع المواطنين :
أـ حرية التجول وحرية الإستقرار بجميع أرجاء المملكة .
ب ـ حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله ...إلخ
ونص الدستور الحالي الذي صادق عليه الشعب المغربي بتاريخ فاتح يوليوز 2011 بشكل متطور على حرية الرأي و التعبير  وخصص لها اربعة  فصول 25إلى 29  .
وقد تتخذ أشكال الاحتجاج أو الاعتراض عدة صور ،حسب كل حالة سواء فردية أو جماعية ،وسواء صادرة عن محكومين فيما يخصهم ،او في مواجهة الحاكمين .
والذي يهمنا من هذا البحث هو صور الاعتراض الموجه إلى الحاكمين من طرف المحكومين نتيجة تعامل هؤلاء مع الادارة وتوقف مصالحهم على يد القائمين عليها والاعتراض الواقع بين الحاكمين في علاقة المرؤوسين برؤسائهم .
فهل حرية التعبير عن الرأي أو حق انتقاد الخدمات التي تقدمها السلطة العامة لها حدود أم لا ؟ وهل هناك حماية للمواطن من تعسف الإدارة حين إستعمال حريته في التعبير ؟
إن اغلب المواطنين يتعرضون يوميا لإنتهاكات لحقوقهم من طرف الادارة [1]، إذ ان التعتيم والتحصين الذي بنيت عليه علاقة الإدارة بالمحكومين من جهة ،وثقافة اللامبالاة والخوف التي زرعت  في النفوس  من جهة اخرى إضافة للإنشغال بكسب المعيشة بعيدا عن كل التعقيدات المسطرية التي قد تجر لما لاتحمد عقباه ،كل ذلك جعل المرء يشعر بكونه خارج مجال الشأن العام ،ويتفادى صعوبة اللجوء إلى المرافق الإدارية ما أمكن .
حق الاحتجاج في الاسلام
ولا بد أن نقف هنا على ماجاءت به الشريعة الاسلامية السمحاء والسنة النبوية الشريفة وعمل الصحابة رضوان الله عليهم ،قبل  التطرق إلى ماجاءت به القوانين الوضعية .
فقد قال عز وجل : ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون على المنكر )) كما قال سبحانه وتعالى ((...كنتم خير أمة أخرجت للناس ،تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ...)) وقال تعالى ((....وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ...)).
فالشريعة الاسلامية تبيح إبداء الراي بكامل الحرية ،وقوة الإيمان تقاس بمدى شجاعة الفرد في التعبير عن رايه .
فما نظام الحسبة في الاسلام وولاية المظالم اللذين تم إحياؤهما امام موجة حقوق الانسان إلا تطبيق لقوله تعالى في الآيات الكريمة ،فالحسبة هي إحدى صور الاحتجاج والإعتراض [2]  




2 جاء في إستجواب أجرته الأسبوعية ( الأيام ) مع الاستاذ عبد الرحيم برادة (( ...... في حين ان المغاربة في حاجة إلى رجال المطافئ ينقدونهم من النيران التي تطلقها عليهم الإدارة ،إن المغاربة يعانون مشاكل يومية لا تعد ولاتحصى في علاقاتهم اليومية مع الادارة ،بحيث ينبغي ان يوفر لهم القانون من يدافع عن حقوقهم في كل إدارة ،بل في كل مكتب من مكاتب الادارات لكي يحصلوا على حل لمشاكلهم على الفور وليس بعدة عدة شهور أو سنوات ،إنه يقع حل مشكل علاقة المغربي بإدارته إلا على اساس ثقافة جديدة ثورية تجعل منه صاحب السيادة بحيث تصبح الإدارة حقيقة خادمته وليس العكس .
[2]  الاحتجاج أو الاعتراض هو إحدى صور الإختلاف ،والذي عرفه الدكتور طه جابر العلواني في كتابه أدب الاختلاف في الاسلام ((... الإختلاف والمخالفة أن ينهج كل شخص طريقا مغايرا للآخر في حاله أو في قوله ،والخلاف أعم من الضد لأن كل ضدين مختلفين وليس كل مختلفين ضدين ،ولما كان الإختلاف بين الناس في القول قد يفضي إلى التنازع ،استعير ذلك للمنازعة والمجادلة ،قال تعالى (( فإختلف الأحزاب من بينهم ...)) سورة مريم 37(( ولايزالون مختلفين ..)) سورة هود 118 (( إنكم لفي قول مختلف )) الذاريات 8 ((إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون )) سورة يونس 93 وعلى هذا يمكن القول ان الخلاف والإختلاف يراد به مطلق المغايرة في القول أو الراي أو الحالة أو الهيأة او الموقف .


1.      عرفت المحكمة الاوربية لحقوق الانسان حرية التعبير ( لايهم فقط الأخبار والأفكار التي يمكن تلقيها بارتياح أو بصفتها غير مؤدية أو لا مبالية بل أيضا تلك الافكار التي تؤدي وتصدم وتقلق ) عن أسبوعية الصحيفة العدد101   21/27 فبراير 2003.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire